ضحايا لم يصبهم الفيروس.. 3 من عاملات المنازل يروين حكايتهن مع كورونا : وقفت حالنا والناس بطلوا يشغلونا ولو بنص الأجر

أم رحمة: بقيت أقول للناس شغلوني بنص الأجر.. وعايشين على حاجات أمي بعتتهالي من البلد بس مصيرها هتخلص

فرح: الناس بتخاف تشغلني عشان بأدخل بيوت كتير وممكن أنقل لهم المرض.. أنا كمان زي زيهم خايفة على نفسي

زينب: كنت باشتغل في 4 بيوت اتنين بطلوا يكلموني.. واتنين أدوني أجر أسبوعين مقدم وقالوا لي اعتبريهم أجازة وهنكلمك بعدها

كتب- أحمد رمضان

“قولت للناس اللي بتقولي أن ظروفها صعبة، إني ممكن اساعدهم بنص الفلوس مش مشكلة، عشان كلنا نعرف نعيش ونعدي الأيام دي، في ناس اعتذرت برضو وناس أقل وافقوا”. هكذا تجسد أم رحمة أزمة عاملات المنازل في ظل كورونا. أم رحمة ثلاثة من العاملات التقتهم درب للحديث عن أوضاعهن في ظل كورونا وكيف يواجهن متاعب الحياة.

يزيد من أزمة عاملات المنازل في مصر، ليس فقط اعتمادهن على دخلهن اليومي كعمالة غير منظمة، ولكن أيضا غياب أي قانون منظم لعملهم أو نقابة تقدم لهم الدعم والمساعدة، في الوقت الذي تحاول فيه منظمات حقوقية واجتماعية تقديم مشاريع قوانين لتأسيس نقابة تساعد آلاف العاملات في مختلف المحافظات.

رصد “درب” قصة حارس عقار تساعد زوجها في المعيشة، من خلال عملها في المنازل، وفتاة تتولى أمر أسرتها بعد وفاة الأم وتضرر عمل الأب، في محاولة لإلقاء الضوء على هذا القطاع الذي يضم يحتاج إلى حلول حقيقية لإنقاذه من شبح الغرق في ضيق الحال.

“الست أم رحمة”، صاحبة الـ48 عاما، قالت إنها لم تشعر بمدى تأثير إجراءات مواجهة فيروس كورونا إلا مؤخرا، مع تصاعد المخاوف من أي تجمعات أو اختلاط ومطالبة المواطنين بالبقاء في المنازل.

تقول “جوزي شغال حارس عقار، بنعيش على اللي بيطلع له من شرا حاجة للسكان أو توصيل طلب، وكمان على اللي بيطلعلنا من شغلي في المنازل، لأني بساعد الناس في التنضيف”.

تقول “في الأول ماكناش مركزين أوي، كانوا بيقولوا فيروس وناس تقول زيه زي البرد والأنفلونزا وكنا شغالين، ولكن بعد شوية الموضوع بقى صعب، وبقى الناس يطلبوني أقل من الأول”.

حاولت أم رحمة إيجاد حلول لمواجهة انخفاض معدلات عملها بعد زيادة معدلات التأثر الاقتصادي بالأزمة، وتواصلت مع المنازل التي كانت تعمل لديها ولكن كان الرد يأتي دائما “ظروفنا صعبة دلوقت وكلنا متأثرين”.

وفي طريقها لحل الأزمة، تقول أم رحمة “قلت للناس اللي بتقولي أن ظروفها صعبة، إني ممكن اساعدهم بنص الفلوس مش مشكلة، عشان كلنا نعرف نعيش ونعدي الأيام دي، في ناس اعتذرت برضو وناس أقل وافقوا”.

وتواصل “بعد ما كنت بشتغل تنضيف مرتين أو 3 مرات في الأسبوع، دلوقت بقالي أسبوعين مارحتش غير شقتين بس، وأهو عايشين على شوية حاجات أمي بعتتهالي من البلد، بس مش هنقدر نستحمل كدة”.

أم رحمة ليست وحيدة فعاملات المنازل كان لهن نصيب من التضرر، فبين ضيق الحال المفاجئ الذي أصاب الملايين، أو الخوف من انتقال العدوى لمن لازالوا قادرين على التصدي لتأثير الوضع الاقتصادي، كانت عاملات المنازل في المنتصف غير قادرين على إنقاذ أنفسهن أو أسرهن.

فرح إبراهيم (اسم مستعار) تروي قصة ثانية لمعاناة عاملات المنازل، ولكن هذه المرة في الدقي والمهندسين، واجهت فرح – 29 سنة – نفس الأزمة السابقة، انخفاض العمل وقلة الدخل اليومي، ولكن هذه المرة ليست بسبب تأثر الأسر من الإجراءات الاقتصادية.

فرح، لم تكمل تعليمها بعد الشهادة الإعدادية، تقول أنها منذ سنوات وهي تعمل في هذه الوظيفة، مساعدة السيدات في تنظيف بيوتهن، ولأنها من سكان منطقة إمبابة، فإن عملها في الدقي والمهندسين على اعتبار أنها المنطقتين الأقرب لمنزلها.

تقول فرح لـ”درب”: “في حوالي 5 سيدات بتعامل معاهم من زمان، ما بين مرة أو مرتين في الشهر تنظيف كامل وغسل ملابس، مقابل مبلغ ثابت متفق عليه مسبقا، ولكن الأسبوعين اللي فاتوا اتنين من السيدات رفضوا خوفا من أني أكون مصابة نتيجة أني بدخل بيوت كتير بشكل مستمر”.

وتضيف فرح: “الأجر اللي بحصل عليه بساعد به في مصاريف البيت، والدتي متوفية ووالدي رجل كبير في السجن يعمل في مجال الحدادة ولكنه متأثر هو كمان، ومعايا أخت متزوجة واخت وأخ صغيرين مسئولين مني”.

وأنهت الفتاة حديثها قائلة “مش زعلانة منهم، ما هما لهم حق يخافوا على حياتهم وصحتهم، بس أنا كمان خايفة على نفسي لأني بدخل هنا وهنا وده في خطر عليا، بس الخوف الأكبر هو من ضيق الحال وقلة الفلوس في الأيام اللي مش عارفين هتنتهي امتى”.

في ديسمبر 2018، دعت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان في مصر، إلى ضرورة تقنين أوضاع فئة عاملات المنازل في جلسة حوارية بعنوان “قانون عمل عادل لوقف العنف ضد النساء،”، وذلك ضمن مبادرة “من أجل بيئة عمل آمنة للنساء”.

وأثناء الجلسة النقاشية، قال كمال عثمان، خبير تشريعات العمل بالأمم المتحدة سابقا: “إن مصر لا تمتلك إحصائية دقيقةً خاصة بالعاملات في مجال خدمة المنازل والزراعة البحتة نتيجة غياب نصوص قانونية تحمي وتصون حقوقهن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي”.

لكنه المقترح الذي لم ير النور حتى كتابة هذه السطور، ما يزيد من معاناة العاملات ويضعف موقفهم ويؤثر على حياتهم وحياة ذويهم.

زينب محمود ( اسم مستعار) ايضا تقول أن وضعها ربما يكون أفضل قليلا، فزوجها يعمل، لكن مع ميلاد طفلهما الثاني كانت بحاجة للنزول لمساعدته، ومن خلال معارف أمها فهي تعمل عاملة منازل منذ 30 سنة، استطاعت أن تتفق مع 4 من زبائن والدتها، بحيث تذهب لكل واحد منهم مرة أسبوعية مقابل 200 جنيها في اليوم، وبالفعل ساهمت هذه الأموال في تعدل حالهما، كما قللت من معاناتهما خاصة وأن طفلها الثاني ولد بعيب خلقي يستدعي في القلب يستدعي تدخل جراحي عندما يتم السادسة، لكنه يحتاج لمتابعة مع الطبيب وكانت الاموال التي تحصل عليها تساعدهم في ذلك.

تقول زينب “مع بداية الكلام عن كورونا، قال لي 2 من الزبائن أن الأفضل أني اقعد في بيتي عشان ولادي وانهم مش محتاجين شغل مني، لكن البيتين التانيين كملوا اسبوعين” وتواصل بعدها اتصلت بي واحدة من البيتين الأخرين كتر خيرهم وقالت لي انها اتكلموا مع بعض وقرروا يدوني أجازة أسبوعين، وانهم هيدفعوا لي الفلوس اللي كانوا بيدفعوها مقدم وأدوني فعلا 800 جنيه أجرة اسبوعين من البيتين، وقالوا هيتصلوا بي بعدها حسب الظروف وطمنوني على أنهم مش هيسبوني”

زينب لا تزال خائفة تقول “أنا خسرت نص دخلي، ومش عارفة البيتين التانيين كتر خيرهم هيعملوا ايه، الحقيقة لولا أنهم عملوا كده كان وضعنا بقى صعب، لكن مش عارفة همه ممكن يكملوا قد ايه كل الناس تعبانة” لكنها تعود وتطمئن نفسها وتقول، “همه قالوا لي انهم ملزومين بفلوسي لغاية سنة كاملة ربنا يعدي الأزمة على خير” وتواصل ” الست كلمتني امبارح تاني وطلبت مني أعدي عليها عشان تسجلي في إعانة القوى العاملة، وقالت لي انهم لو قبلوني هيدوني 500 جنيه كل شهر”

ودعت دار الخدمات النقابية والعمالية كافة النقابيين والنشطاء العماليين والمنحازين للقيم الاجتماعية للتضامن مع عمال اليومية غير المسجلين ومساعدتهم فى تسجيل بياناتهم بموقع وزارة القوى العاملة. وحددت الدار الفئات التي تحتاج للتسجيل بخلاف عاملات المنازل فى عمال المقاولات، وعمال الملاحات، وعمال الصيد، وعمال النقل البرى، وعمال المخابز، والباعة الجائلين.. وغيرهم من العاملين باليومية.

حكايات المتضررين من الإجراءات الاقتصادية الأخيرة لمواجهة فيروس كورونا المستجد لا تنتهي، وتعد العمالة غير المنتظمة، التي لا تتقاضى أجرا ثابتا بشكل شهري، من أكثر القطاعات التي تضررت، الجميع يدفع ثمن إجراءات صعبة فرضتها الظروف على العالم ولا أحد يعرف متى تنتهي، ويبقى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *