#ضد_إزالة_العوامات_السكنية.. تفاصيل ما يجري على النيل وملاك وخبراء معماريون يرفضون قرارات الإزالة: جزء من تاريخ مصر
مدام إخلاص: سيبوني لما أموت فيها وبعد ما أموت ياخدوها أنا أروح فين وأعمل إيه؟.. بعت اللي رايا واللي ورايا عشان العوامة
سهير حواس: العوامات جزء من تراث نهر النيل وتغطي القبح الذي خلفها.. مندهشة من إزالتها وإنشاء مبان خرسانية تحجب رؤية النيل
أهداف سويف: جميع العوامات السكنية تاريخية وتمثل ثقلاً سياحياً للبلاد وليس العكس ووضعها قانوني تماماً
إحدى السكان: كنا نحصل على تراخيص سنوياً حتى توقفت الدولة عن منحنا الترخيص بدعوى دراسة تقنين أوضاعنا ومؤخرًا رفضت الترخيص
كتبت- ليلى فريد وصحف
«أنا مولودة أصلا في عوامة، وعشت في عوامة وعاملة زي السمك، عمري 88 سنة، لو طلعت بره أموت، ما أقدرش أعيش بره في شقة يتقفل عليا 4 حيطان».
بهذه الكلمات أعلنت مدام إخلاص، إحدى سكان العوامات رفضها لقرار إزالة العوامات، وتضيف في حزن: العوامة كل ما أملك، أنا بعت اللي رايا واللي ورايا عشان العوامة.
وتابعت: «عندي قطط وطيور وكلبة كبيرة زيي، عايزة أموت في عوامتي، سيبوني لما أموت فيها وبعد ما أموت ياخدوها، أنا أروح فين وأعمل إيه، عايزين ياخدوا العوامة ويدفعنا فلوس كمان؟».
يذكر أنه أعلن نشطاء ومعماريون خلال الأيام الماضية رفضهم لإزالة العوامات بالنيل، ودشنوا عدة هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، لرفض قرار الحكومة المصرية المتعلق بإزالة العوامات السكنية الراسية على ضفاف النيل، وهو القرار الذي أثار غضب سكانها الذين أكدوا أنها جزء من تاريخ النهر.
الجدل بشأن العوامات بدأ عقب إرسال إنذارات إلى سكان العوامات تفيد بإزالتها على مرحلتين، ليتم إخلاء النهر في الرابع من يوليو المقبل، بدعوى «مخالفة هذه العوامات شروط الترخيص»؛ وهو الأمر الذي نفاه سكانها، مؤكدين أن «الحكومة هي من رفضت منحهم الترخيص على مدار السنتين الماضيتين».
الدكتورة نعمة محسن، واحدة من سكان العوامات، قالت في تصريحات تلفزيونية، إنهم «كانوا يحصلون على تراخيص سنوياً، حتى توقفت الدولة عن منحهم الترخيص بدعوى دراسة تقنين أوضاعهم»، مضيفة: «الحكومة هي من رفضت منحنا الترخيص رغم محاولاتنا على مدار العامين الماضيين، واليوم تفرض علينا غرامات لتأخرنا في إصدار الترخيص، وتصدر قرارات إزالة بحقنا».
وتابعت: «أصبحت مطالبة بترك مسكنها للإزالة، ودفع مبلغ كبير من المال كغرامة، دون الحصول على أي تعويض من الدولة»، وتتراوح قيمة الغرامات المقررة على السكان بين نصف المليون جنيه، والـ900 ألف جنيه، وفقاً للمعلومات المتداولة من الملاك.
الكاتبة أهداف سويف، التي تقطن إحدى العوامات السكنية، وجهت نداءً بالفيديو على حسابها الشخصي على «فيس بوك»، لإنقاذ العوامات، وقالت، إن «هناك قراراً بإزالة العوامة التي تقطنها في الرابع من يوليو المقبل»، ورداً على تصريحات أنور، أوضحت سويف، أن جميع العوامات السكنية هي عوامات تاريخية شهدت أحداثاً وشخصيات تاريخية، وكان لها دور في ثقافة البلاد، كما أنها تمثل ثقلاً سياحياً للبلاد، وليس العكس بدليل ما يكتبه عنها زوار القاهرة.
مؤكدة أن «وضع العوامات السكنية قانوني تماماً، والجهات المختصة هي من خلقت الوضع غير القانوني بوقف إصدار التراخيص منذ عام 2020».
وذكرت أن «الحكومة اقترحت تغيير نشاط العوامات من سكني إلى تجاري أو سياحي للإبقاء عليها».
وتابعت: «هذا اقتراح غير مقبول، فكيف أترك منزلي وأحوله كافيتريا»، لافتة إلى أن «الجميع كان يدفع الرسوم حتى تمت مضاعفتها بشكل مبالَغ فيه يصل إلى عشرين ضعفاً؛ ولذلك لجأنا إلى القضاء»، رافضة تلميحات المسؤولين باستخدام العوامات في «أغراض خارجة»، وقالت «من يثبت عليه ذلك يجب محاسبته».
الدكتورة سهير حواس، أستاذة التخطيط العمراني، وعضو جهاز التنسيق الحضاري، قالت إن لها ذكريات مع العوامات، مؤكدة: «عشت في واحدة من عوامات الزمالك في منطقة الجبلاية عاماً ونصف العام، خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر، في الخمسينات من القرن الماضي، وشهدت العوامة مولد شقيقي».
وقالت في تصريحات نقلتها صحيفة «الشرق الأوسط»: «كانت من أجمل فترات حياتي»، متسائلة عن السبب وراء إزالة العوامات الآن، في ظل كثير من التعديات التي تشوه منظر النيل.
وتابعت: «هذه العوامات جزء من تراث نهر النيل، كما أنها تغطي القبح الذي خلفها لمن يراها من ناحية الزمالك»، معربة عن دهشتها من «صدور قرار إزالة للعوامات السكنية في الوقت الذي يسمح فيه بإنشاء مبان خرسانية ونوادٍ تحجب رؤية النيل وتشوه منظره».
وتعدّ العوامات السكنية أحد معالم القاهرة، وكانت في السابق تنتشر في مناطق عدة، حتى صدر قرار في ستينات القرن الماضي، بتجميعها في منطقة الكيت كات، وسكن العوامات على مدار تاريخها شخصيات شهيرة وفنانون، بينهم الراقصة بديعة مصابني في فترة الثلاثينات والأربعينات، إضافة إلى عوامة منيرة المهدية، التي قالت عنها إنها «كانت تشهد اجتماعات للحكومة»، كما كان لنجيب محفوظ عوامة عاش فيها نحو 25 عامًا، وكتب فيها روايات عدة من بينها «أولاد حارتنا».