في ثاني مؤتمر خلال 5 أيام.. سفارة أوكرانيا بالقاهرة تُطلق «صيحة فزع» من مخاطر كارثة نووية جراء الحرب الروسية: الوضع خطير جدًا
أوكرانيا: لم نتقدم رسميا بعد بطلب لتشكيل قوات دولية محايدة لتأمين المحطات النووية.. ونشكر مصر لموقفها ضد العدوان أمام الأمم المتحدة
كتب- كارم يحيى
عقدت السفارة الأوكرانية في القاهرة ثاني مؤتمر صحفي لها اليوم الخميس، في غضون خمسة أيام، وأطلقت ما يمكن وصفه بـ”صيحة فزع” تحذر من كارثة نووية في أوكرانيا والقارة الأوروبية بأسرها جراء المخاطر الحربية التي تتعرض لها المفاعلات الذرية على الأراضي الأوكرانية، كما وجه رئيس البعثة الدبلوماسية القائم بالأعمال رسولان نيشاي، خلال المؤتمر الشكر للحكومة المصرية لدعمها وتصويتها إلى جانب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة الماضية الذي يدين العدوان الروسي، ويدعو لانسحاب غير مشروط من كامل أراضي أوكرانيا المعترف بها دوليا.
وكانت السفارة الأوكرانية عقدت أول مؤتمر صحفي لها بعد اندلاع الحرب الأحد الماضي، إلا أن المؤتمر الثاني هذا شهد حضورا مكثفًا لمندوبي الصحافة في مصر، وبخاصة ممثلي الأجنبية الدولية. كما تميز كذلك بحضور ممثلين عن سفارات الولايات المتحدة وعديد من الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا والمملكة المتحدة ورومانيا واليونان، وممثل لبعثة الاتحاد الأوروبي في القاهرة.
واللافت أن السفارة الروسية في القاهرة لم تعقد مؤتمرا صحفيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، واكتفت بإصدار بيان في اليوم ذاته خصصته لوجهة نظر موسكو بشأن تطور الأحداث في منطقتي ” دونيتسك” و”لوجانسيك” التي اعترفت بهما روسيا منفردة مؤخرا كجمهوريتين. وجاء في بيان السفارة الروسية وفق حسابها الرسمي على صفحات التواصل الاجتماعي أن القوات المسلحة الأوكرانية تقوم بالتنكيل بشعبي الجمهوريتين على مدى ثمان سنوات.
وأضاف: “النظام الحاكم في كييف يتصرف وفق التوجهات الأمريكية التي تحاول محو اللغة الروسية وإعادة كتابة التاريخ لمحو الذاكرة والأخوة بين الشعبين الروسي والأوكراني”. وأكد البيان على أن المواجهة بين روسيا وما وصفه بـ” القوى القومية” في أوكرانيا لامفر منها.
مخاطر نووية على أوروبا
وفي بداية المؤتمر الصحفي بسفارة أوكرانيا قام دبلوماسيوها بتوزيع بيان باللغة الإنجليزية أورد معلومات تدعو للقلق بشأن أحوال المحطات النووية في أراضي بلادها مع دخول الغزو الروسي أسبوعه الثاني.
وأشار البيان إلى ما وصفه بـ” فقدان السيطرة ” على العديد من منشآت مفاعل “شيرنوبل” الشهير بالتسرب الإشعاعي الكارثي عام 1986. وأضاف أن “محطة شيرنوبل والعاملين بها هم رهائن الآن في أيدي الجنود الروس”. ونبه البيان أيضا إلى كارثة تحيق بواحدة من أكبر محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية في أوروبا تدعى ” بيرجوفو” بضواحي العاصمة كييف بعد اصابتها يوم 27 فبراير بصاروخ روسي. كما حذر البيان من ارتفاع مستويات الإشعاع الذري في العديد من مناطق أوكرانيا حاليا.
وردا على سؤال لنا عن احتمال طلب كييف قوات دولية محايدة لتأمين محطات الطاقة النووية إذا كان الأمر على هذا النحو من الخطورة، قال “نيشاي”:”نرحب بكل الجهود من جانب شركائنا والدول المجاورة لتأمين المحطات النووية لأن الوضع خطير جدا “. ولما عدت لأسأل عن هل تقدمت حكومته رسميا بطلب للأمم المتحدة أو أية جهة بهذا الشأن؟، أجاب:” لم نتقدم بعد”.
وأشار إلى أن أوكرانيا تخلت طوعا عن ترسانتها من السلاح النووي في مطلع التسعينيات مع إنها كنت ثالث قوة ذرية في العالم .
إعادة المصريين والسائحين الأوكران
وقال القائم بالأعمال أن أول طائرة تحمل المصريين العائدين من أوكرانيا وصلت أمس إلى القاهرة، وأن هناك جهودا جارية من أجل تنظيم أفضل لإعادة المصريين بما في ذلك طلبة الجامعات مع السلطات المصرية بالقاهرة وسفارتها في كييف، بعدما انتقل العاملون بها إلى مدينة “لفيف” في أقصى الغرب الأوكراني تجنبا لمخاطر القصف على العاصمة كييف. وكان “نيشاي” صرح في المؤتمر الصحفي السابق أنه يقدر عدد المصريين حاليا في أوكرانيا بحوالي 6000 شخص بينهم 3500 طالبا. وأوضح الدبلوماسي الأوكراني في المؤتمر الصحفي الأخير أن أولوية عبور الحدود الأوكرانية إلى دول الجوار هي حاليا للأطفال والنساء. وأكد قائلا:”خلال الأيام المقبلة نتوقع تنظيما أفضل لإعادة المصريين والعرب الآخرين”.
كما وجه “نيشاي” الشكر لوزراتي الخارجية والسياحة في القاهرة لتعاونهما في استضافة السائحين الأوكران العالقين في مصر في فنادق (3 نجوم) إلى حين إعادتهم عبر دول الجوار (رومانيا و بولندا وسلوفاكيا). وقدر عددهم حاليا بنحو 20 ألفا.
ذوو الأصول الروسية في الجيش يقاتلون الغزو
وردا على سؤال آخر عن تركيبة الجيش الأوكراني الذي يقاتل حاليا الغزو وهل به قيادات وجنود من أصول روسية؟، أجاب :”نحن خرجنا من الاتحاد السوفيتي إلى الاستقلال منذ نحو 30 عاما فقط، وكانت ومازالت العائلات مختلطة..وأنا شخصيا والد زوجتي رحمه الله من أصول روسية.. والمؤكد أن بجيشنا المدافع حاليا عن وطنه قيادات وجنود من أصول روسية، لكنهم وكلنا في النهاية مواطنون أوكران”.
وردًا على تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الداعية للجيش الأوكراني للاستيلاء على السلطة والإطاحة بحكومة الرئيس “زيلنيسكي” قال إن بوتين لديه أفكار قديمة تعود لماضي الإمبراطورية القيصرية، كما وجه التحية للمواطنين الروس الذين يحاولون الاحتجاج في عشرات المدن في بلادهم ضد غزو أوكرانيا مطالبين بإيقاف الحرب.
وأضاف قائلا:”نعم يوجد مواطنون روس يفضلون القيم الديمقراطية تمامًا مثلنا في أوكرانيا”.
المحكمة الدولية مشوارها طويل
وردا على سؤال بشأن ما قامت به كييف مؤخرا من اللجوء لمحكمة العدل الدولية، قال نيشاي:”هذه قضية ستأخذ وقتا في المستقبل، وقت طويل وإجراءات معقدة، لكن أحب الإشارة إلى أن 39 دولة انضمت إلى طلب الحكومة الأوكرانية بتحريك الدعوى أمام المحكمة الدولية”.
وأضاف: الأولوية الآن هي لإيقاف الحرب ولتشكيل تحالف دولي واسع ضد العدوان، وهو ما تحقق بتصويت 141 دولة أمس ضده في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعدما كانت القائمة تضم 83 دولة فقط.
وأشار إلى انتشار أعمال المقاومة المسلحة الشعبية في مختلف أنحاء أوكرانيا، وقال أن المدن والقرى الصغيرة فقط هي التي سقطت في أيدي الغزاة الروس بعد مرور أسبوع كامل من الحرب، فيما كانت موسكو تعتقد بأن العاصمة والمدن الكبرى ستسقط في ساعات.
قائمة خسائر للجيش الروسي
وقبيل إنطلاق المؤتمر الصحفي، وزعت السفارة الأوكرانية بيانا بما وصفته بـ”مجموع خسائر الجيش الروسي بالأرقام الأولية حتى 2 مارس 2022″. وقد تضمن 5840 من الجنود قتلى وأسرى، وعلما بأن آخر رقم للمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية في موسكو الليلة الماضية لم يتجاوز 500 قتيل. كما تضمنت قائمة سفارة أوكرانيا خسارة الروس 30 طائرة و31 مروحية و211 دبابة و862 مركبة قتال مصفحة وغيرها.