“إلى لقاء قريب”.. حكاية طفل من شهداء الثورة مع 11 عاما من إحياء الذكرى: الشهيد سيف الله مصطفى (غرفتك مازالت تملئها رائحة أنفاسك)
الصفحة لم تتوقف يوما منذ 11 عاما عن نشر صور ورسائل والد وأسرة سيف: في ذكرى الثورة وعيد ميلاده والمناسبات التي غاب عنها
مصطفى موسى والد الطفل سيف الله دشن صفحة على “فيسبوك”: انشر عليها رسائل إلى ابني ودعواتي للقائه القريب واذكر الجميع به
والد الطفل الشهيد: أشعر بالسعادة مع دعوات الناس له وقراءة الفاتحة على روحه.. أكمل 27 عاما في الجنة التي سبقني إليها على حصانه
كتب- درب
أتدري يا سيف
غرفتك الصغيرة ما زالت كما هــي منذ رحيلك.. كما تركتهــا
بكل دفئها وملامحها.. بكل نقاءها وصفاءها
بكل رونقها وجاذبيتها، في كل زاوية منها معطرة بأنفاسك الخالدة
في كل ركــن مختــومة بابتسامتــك الســاحــرة
دافـئة هــي من دف قلبك.. وربيعية من ربيع عمرك
غرفتك الصغيرة كما هــي لم يغيّرهــا شيء
لكــن ما ينقصها هو (أنت)
كانت هذه أخر رسائل مصطفى موسى، والد الشهيد الطفل سيف الله مصطفى، الذي استشهد خلال أحداث ثور 25 يناير 2011 وتحديدا يوم 1 فبراير 2011، بعد إصابته بطلق ناري أودى بحياته بعد الوصول إلى المستشفى والبقاء فيها عدة أيام.
رحلة طويلة قضاها الأب في إحياء ذكرى ابنه الذي فارقه وهو طفل صغير لم يكمل الـ16 عاما آنذاك، حيث قرر الأب منذ اللحظة الأولى لاستشهاد ابنه، أن يحيى ذكراه ويمد فيها، فدشن صفحة على “فيسبوك”، باسم “صفحة الشهيد سيف الله مصطفى”، لينشر عليها رسائله إلى ابنه الفقيد.
استشهد سيف الله مساء 1 فبراير 2011، بعد إصابته بطلق ناري في الرأس أثناء مروره أمام قسم شرطة مدينة نصر ثان القريب من منزله، قبل ذلك بـ3 أيام وتحديدا يوم 28 يناير، حيث تلقى رصاصة من “سلاح خرطوش” أودى بحياته على الفور.
ويقول والد الطفل الشهيد في رسالة لابنه: “وحشتني مش قادر أقولك أد أية، كتير قوي حاسس إنك معايا، عشر سنين كإنهم عشر أيام، لسه ربنا لم يأذن نكون مع بعض بس روحك جوايا وحواليا دائما، كلمة وحشتني صغيرة قوي بس ده قدر ربنا ومكتوب علينا وبحمد ربنا دائما وابدا، بس حزين على فراقك قوي”.
ويكمل الوالد: “كان نفسي تكون معايا وجنبي بس سامحني لم يكن بيدي أخليك جنبي، سلام يا حبيب القلب وإلى لقاء قريب كان أم بعيد، ستظل دائما مهري الأسود الذي سبقني إلى الجنة”.
وفي ابريل 2011، نشر المجلس القومي لحقوق الإنسان، تقريره حول تقصي حقائق أحداث ثورة 25 يناير، والذي أشار إلى استشهاد حوالي 846 شهيدا في الفترة من 25 يناير وحتى 16 فبراير (بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك)، إضافة إلى إصابة أكثر من 6 ألاف مواطن.
وجاء في التقرير نفسه، إنه بدى من واقع أرقام الوفيات والإصابات خلال أيام التظاهر في ثورة 25 يناير، أن قوات الأمن استخدمت القوة مع المتظاهرين ولم تلتزم بالتدرج المتعارف عليه في التعامل مع الحالات المشابهة أو الاحتجاجات.
ويعتبر مصطفى موسى، والد الطفل الشهيد أن “يوم 28 يناير 2011 أسوأ يوم في حياته، خاصة وهو اليوم الذي أصيب فيه سيف الله وتم نقله إلى المستشفى وكان ممددا هناك لأيام قبل أن تصعد روحه إلى باريها”.
وأكد مصطفى موسى، أنه على الرغم من مرور 11 عاما على استشهاد نجله، إلا أنه “لا يفارق تفكيره ساعة واحدة، وينتظر قضاء الله وقدره ليلتقي بولده الطفل الشهيد في مكان أخر”، معتبرا أن وفاته كل هذه السنوات “زادت من حبه له”.
كان جاليا أن صفحة الشهيد سيف الله مصطفى، هي الطريقة الوحيدة التي تهدئ من روع الأب وتخفف عليه آثار الألم من فقدان الابن، وذلك ما ظهر في أكثر من رسالة للأب يشكر فيها جميع من يتفاعلون مع الصفحة وصور الطفل الشهيد ويدعون له ويقرؤون الفاتحة على روحه.
وبحسب الوالد، أتم سيف الله مصطفى 27 عاما في 22 نوفمبر الماضي، قائلا “أكمل 27 عاما أكيد أحلى في الجنة، دموعي لا تتوقف ولا تنقطع عليك وعلى فقدانك، لله ما أخذ ولله ما أعطى، وستظل دائما وأبدا حبيبي الصغير مهما عدت السنين.. إلى لقاء قريب”.