مأساة المانش| توقيف 5 مشتبه بهم في غرق زورق المهاجرين.. ومجموعات إنسانية تهاجم سياسات حكومات أوروبا
تواصلت تبعات مأساة غرق زورق المهاجرين الذي أودى بحياة 27 مهاجرا في كاليه في بحر المانش، حيث أعلنت السلطات الفرنسية توقيف 5 أشخاص، يشتبه بارتباطهم بالفاجعة التي وقعت أمس الأول الأربعاء، داعية دول الجوار لزيادة التعاون في التصدي لعمليات الإتجار بالبشر والتهريب.
وقال مسؤولون فرنسيون إنه من بين الغرقى 17 رجلا وسبع نساء – واحدة منهن كانت حاملاً – و3 أطفال، وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان سابقا إن القارب كان يحمل على متنه 34 شخصا.
وأُنقذ شخصان – وهما في حالة حرجة ويتلقيان العلاج في أحد المستشفيات الفرنسية. وقال وزير الداخلية الفرنسي إن أحدهما عراقي والآخر صومالي.
وكان قارب صيد قد أطلق صفارة الإنذار بعد ظهر الأربعاء عندما رصد عدة أشخاص في البحر قبالة سواحل فرنسا، وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هذه أكبر خسارة في الأرواح في القنال منذ عام 2014.
كان وزير الداخلية الفرنسي أعلن عن توقيف 4 مشتبه بهم، وأن 2 منهم سيمثلان أمام المحكمة في وقت لاحق، وأضاف الوزير من كاليه “أريد أن أقول من هذا المكان إن المسؤولين عن هذا الوضع المؤسف هم المهربون”، داعيا إلى “رد دولي منسق وقاس على هذه المأساة التي تؤثر فينا جميعا”.
وفي ما يتعلق بالمشتبه به الخامس، قال الوزير لمحطة “آر تي أل” المحلية إن سيارته مسجلة في ألمانيا، وأنه اشترى زوارق مطاطية قابلة للنفخ في ألمانيا، كاشفا عن أن فرنسا اعتقلت 1500 مهرب منذ بداية العام.
وقالت المدعية العامة في ليل، كارول إتيان، لوكالة أسوشيتيد برس، إن المسؤولين ما زالوا يعملون لتحديد هويات الضحايا وأعمارهم وجنسياتهم، وإن التحقيق قد يشمل دولا عدة.
بدوره، أورد دارمانان “إنه يوم حداد عظيم لفرنسا وأوروبا وللبشرية أن ترى هؤلاء الناس يموتون في البحر”، وانتقد “المتّجرين المجرمين” الذين دفعوا الآلاف للقيام بتلك الرحلة الخطرة.
ودعا وزير الداخلية كلا من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا لتقديم المزيد من المساعدة لفرنسا لمنع رحلات الهجرة غير الشرعية والتصدي لأنشطة الإتجار بالبشر.
وقال دارمانان “إنها مشكلة دولية .. نقول لأصدقائنا البلجيكيين والألمان والبريطانيين أن عليهم مساعدتنا في محاربة المهربين الذين يعملون على المستوى الدولي”.
وشدد على أنه على فرنسا وبريطانيا العمل سويا، ملقيا باللوم على لندن لعدم قيامها بما يكفي لردع المهاجرين قائلا “هناك إدارة سيئة للهجرة (في بريطانيا).
في المقابل، طلب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعادة جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى إنجلترا آتين من فرنسا، غداة مأساة المانش.
وكتب جونسون في رسالة إلى ماكرون نشرت على تويتر “أقترح أن نتوصّل إلى اتفاق إعادة قبول ثنائي للسماح بعودة جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون المانش”.
وإذ ذكّر بأنّ “الاتّحاد الأوروبي أبرم اتفاقيات إعادة قبول مع دول مثل بيلاروسيا وروسيا الاتّحادية”، أعرب جونسون عن “الأمل في إمكانية إبرام مثل هذه الاتفاقية أيضاً مع المملكة المتحدة قريباً”.
وشدّد رئيس الوزراء البريطاني على أنّ “هذا الإجراء سيكون له تأثير فوري وسيقلّل بشكل كبير – إن لم يكن سيوقف تماماً – عمليات العبور، وينقذ الأرواح من خلال كسره بالكامل نموذج عمل العصابات الإجرامية” التي تهرّب هؤلاء المهاجرين.
وتأتي رسالة جونسون في وقت أبدت فيه بريطانيا وفرنسا رغبتهما في تعزيز الجهود المشتركة لتفكيك شبكات تهريب المهاجرين غداة مصرع 27 مهاجراً على الأقل غرقاً قبالة السواحل الشمالية لفرنسا خلال محاولتهم بلوغ إنجلترا.
في المقابل، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء البريطاني من استغلال أزمة المهاجرين سياسيا، وقال قصر الإليزيه في بيان بعد محادثة هاتفية بين الرجلين في ساعة متأخرة الأربعاء، إن ماكرون أبلغ جونسون أن لدى فرنسا والمملكة المتحدة “مسؤولية مشتركة”، وأضاف بأنه “يتوقع من البريطانيين التعاون التام والامتناع عن استغلال وضع مأساوي لأهداف سياسية”.
نقل الجثث إلى ميناء كاليه
ووفقا لجان مارك بويسيسو، رئيس موانئ مدينتي كاليه وبولوني، خلال حديثه لوكالة أسوشيتد برس “كنا ننتظر حدوث شيء كهذا”، نظرا للارتفاع الملحوظ بأعداد الأشخاص الذين يخاطرون بعبور المانش باتجاه السواحل البريطانية.
ومع وصول ضحايا الفاجعة، تظاهر ناشطون خارج ميناء كاليه ليل الأربعاء، متهمين الحكومة بعدم القيام بما يكفي للاستجابة لاحتياجات المهاجرين.
ويعيش مئات الأشخاص في ظروف معيشية مأساوية ومحفوفة بالمخاطر على طول الساحل الفرنسي (شمال)، حيث يعانون إضافة إلى نقص البنى التحتية وأماكن الإقامة اللائقة، من دوريات الشرطة المنتظمة وعمليات الإجلاء شبه اليومية.
وألقت مجموعات إنسانية تعمل مع المهاجرين في المنطقة باللوم على الحكومات الأوروبية وسياسات الهجرة المتشددة (بشكل متزايد) التي تتبعها. وقال نيكولاي بوسنر من مؤسسة يوتوبيا 56 الخيرية الفرنسية “المملكة المتحدة ليست خيارا، إنها ملجأ، مكان يفر إليه الأشخاص هربا من قلة الترحيب في أوروبا”.