أزمة الغواصات.. ألمانيا تعرب عن تضامنها مع فرنسا: القرار كان مزعجا ومخيبا للآمال
أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الثلاثاء عن تضامن بلاده مع فرنسا بشأن إلغاء أستراليا عقدا ضخما لشراء غواصات منها.
وقال ماس للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في إشارة إلى عقد اتفاق «أوكوس» بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، والذي أدى لإلغاء صفقة ضخمة لشراء أستراليا غواصات من فرنسا: «ما نراه هناك جعل الكثير من الأمور أكثر صعوبة. أخشى أن يظل الأمر أكثر صعوبة لفترة طويلة.. أتفهم غضب أصدقائنا الفرنسيين.. إن ما تقرر والطريقة التي اتخذ بها القرار كان مزعجا ومخيبا للآمال وليس فقط لفرنسا».
وأطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تحالفا جديدا الأسبوع الماضي، يهدف على ما يبدو إلى مواجهة تهديد عسكري من الصين في المحيطين الهندي والهادئ.
وأسفر الاتفاق صفقة غواصات بقيمة 37 مليار دولار بين أستراليا وفرنسا، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة في باريس. وسحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سفيري بلاده مؤقتا من الولايات المتحدة وأستراليا – وهو إجراء غير معتاد للغاية بين الأصدقاء والحلفاء.
وحتى الآن كانت الحكومة الألمانية متحفظة للغاية بشأن التعليق على هذا التحالف. وأدلى ماس الآن بتصريحات أكثر وضوحا في نيويورك.
ودافعت أستراليا، الأحد، عن تخليها عن صفقة غواصات فرنسية، وقالت إن الحكومة عبرت عن قلقها لباريس لأشهر، في وقت أعلن فرنسا أن اتصالا مرتقبا سيجري بين الرئيس الاميركي جو بايدن نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وقال غابرييل أتال، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، الأحد، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب التحدث إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد إلغاء أستراليا لصفقة غواصات مع فرنسا لصالح الولايات المتحدة، لافتا إلى أن «مكالمة هاتفية ستجري (بينهما) في الأيام المقبلة».
ووفقا لموقع «فرانس 24»، قال المتحدث لقناة «بي أف أم تي في» إن ماكرون «سيطلب توضيحا»، مضيفا «نريد تفسيرات حول ما يبدو تقويضا كبيرا للثقة»، وذلك بعدما استدعت فرنسا الجمعة سفيريها في الولايات المتحدة وأستراليا ردا على قرار كانبيرا.
وأثار إلغاء العقد، الذي أُبرم في 2016 غضب باريس التي تؤكد أن حلفاءها لم يتشاوروا معها. غير أن الحكومة الأسترالية تقول إنها أوضحت مخاوفها منذ شهور.
وأردف أتال أنه بعد «الصدمة» الأولية لإلغاء الصفقة، يجب إجراء مناقشات بخصوص بنود العقد، لا سيما تعويض الجانب الفرنسي.
وتخلت أستراليا عن اتفاق 2016 مع مجموعة نافال الفرنسية لبناء أسطول من الغواصات التقليدية، وأعلنت يوم الخميس خطة لبناء ما لا يقل عن ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية باستخدام التكنولوجيا الأميركية والبريطانية في شراكة أمنية ثلاثية.
وأثارت هذه الخطوة غضب فرنسا حليفة الولايات المتحدة وبريطانيا في حلف شمال الأطلسي ودفعتها لاستدعاء سفيريها لدى واشنطن وكانبيرا، كما أثارت حفيظة الصين، القوة الكبرى الصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وتمسّكت كانبيرا بموقفها فيما اتّهمتها فرنسا بالخيانة. وأصر موريسون على أنه سبق أن طرح مخاوف مع فرنسا حيال غواصاتها، وفقا لموقع قناة «الحرة» الأمريكية.
وقال للصحافيين في سيدني «أعتقد أنه كان لديهم جميع الأسباب ليعرفوا أن مخاوف جدّية وعميقة راودتنا بأن الإمكانيات التي تملكها غواصات من فئة +أتاك+ لن تتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية وأوضحنا بشكل تام أننا سنتّخذ قرارا مبنيا على مصلحتنا الوطنية».
وجاءت تصريحاته بعدما خرج وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن الأعراف الدبلوماسية في تصريحات موجّهة إلى كل من أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، المنضوية كذلك في اتفاق أمني ثلاثي أُعلن الأربعاء وأدى إلى نشوب الخلاف.
ووصفت باريس إلغاء الصفقة بأنه طعنة في الظهر وقال وزير الخارجية جان إيف لودريان إن العلاقات مع الولايات المتحدة وأستراليا في «أزمة».
وأفاد لودريان في تصريحات لمحطة «فرانس2» التلفزيونية «لقد حصل كذب، حصلت ازدواجية، حصل تقويض كبير للثقة، حصل ازدراء، لذا فإن الامور بيننا ليست على ما يرام».
وأضاف أن استدعاء السفيرين لأول مرة في تاريخ العلاقة بين البلدان الثلاثة «رمزي جدا» وللتأكيد على «أننا نشعر باستياء كبير وأن هناك فعلا أزمة خطيرة بيننا».
وبينما أشار رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون إلى أنه يتفهم خيبة أمل فرنسا، إلا أنه قال «لست نادما على قرار تفضيل مصلحة أستراليا الوطنية ولن أندم إطلاقا عليه».
وكانت قيمة العقد الفرنسي لتزويد أستراليا بغواصات تقليدية تبلغ 50 مليار دولار أسترالي (أي ما يعادل 36,5 مليار دولار أميركي أو 31 مليار يورو) عندما تم التوقيع عليه عام 2016.
من جهته، قال وزير الدفاع الأسترالي بيتر دوتون اليوم الأحد إن أستراليا كانت «صريحة ومنفتحة وصادقة» مع فرنسا بشأن مخاوفها.
ونقل موقع «سكاي نيوز أستراليا» عن دوتون قوله: «ما قيل عن أن الحكومة الأسترالية لم تعلن عن المخاوف سلفا يتحدى ببساطة وبصراحة ما هو موجود في السجلات العامة وبالتأكيد ما قالوه علنا على مدى فترة طويلة من الزمن».
وأحجم عن الكشف عن تكلفة الصفقة الجديدة وقال «لن يكون مشروعا بتكلفة رخيصة».
زكان الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس شدد السبت على التزام الولايات المتحدة «الراسخ» حيال تحالفها مع فرنسا.
وقال: «نأمل أن نواصل مناقشة هذه المسألة على أعلى مستوى في الأيام المقبلة، بما في ذلك خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل»، وهي مناسبة سيحضرها كل من لودريان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.