هيومن رايتس ووتش: غارات إسرائيل في مايو على أبراج غزة قد ترقى إلى جرائم حرب
نشرت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الاثنين، تقريرا اعتبرت فيه أن الغارات الجوية الجيش الاحتلال الإسرائيلي التي دمرت مبان شاهقة في مدينة غزة أثناء القتال في شهر مايو الماضي قد ترقى إلى جرائم حرب، لافتة إلى أنها شردت عشرات العائلات.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها الذي جاء تحت عنوان «غارات إسرائيل في مايو على الأبراج»، إن الغارات الجوية الإسرائيلية التي دمرت أربعة مبان شاهقة في مدينة غزة أثناء القتال في مايو 2021 يبدو أنها انتهكت قوانين الحرب وقد ترقى إلى جرائم حرب. كما أصابت الهجمات المباني المجاورة بأضرار، وشرّدت عشرات العائلات، وأغلقت عشرات الشركات التي كانت توفر سبل العيش لكثير من الناس.
وأشارت المنظمة إلى أنه بين 11 و15 مايو هاجمت القوات الإسرائيلية أبراج هنادي، والجوهرة، والشروق، والجلاء في حي الرمال المكتظ بالسكان، بدعوى أن الفصائل الفلسطينية المسلحة استخدمت الأبراج لأغراض عسكرية «لكنها لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم».
وقال ريتشارد وير، الباحث في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: «تسببت الغارات الإسرائيلية غير القانونية على ما يبدو على أربعة أبراج في مدينة غزة بأضرار جسيمة ودائمة لعدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين عاشوا، وعملوا، وتسوقوا، واستفادوا من الأعمال التجارية الموجودة هناك».
وأضاف مشددا: «على الجيش الإسرائيلي أن يقدم علنا الأدلة التي يقول إنه اعتمد عليها لتنفيذ هذه الهجمات».
بين مايو/أيار وأغسطس/آب،
ووفق التقرير، قابلت «هيومن رايتس ووتش» عبر الهاتف – بين مايو وأغسطس – 18 فلسطينيا كانوا شهودا وضحايا للهجمات على الأبراج وبينهم سكان، وأصحاب أعمال، وموظفون، فضلا عن الموجودين في المباني المجاورة المتضررة. كما راجعت مقاطع فيديو وصور التُقطت بعد الهجمات، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وجماعات فلسطينية مسلحة.
ضمت الأبراج عشرات الشركات، ومكاتب وكالات أنباء، والعديد من المنازل. قال جواد مهدي (68 عاما)، صاحب برج الجلاء والذي عاش هناك مع عشرات من أفراد أسرته: «كل هذه السنوات من العمل الشاق، كانت مكانا للعيش والأمان والأولاد والأحفاد، كل تاريخنا وحياتنا دمرا أمامنا… كأن أحدا يمزق قلبك ويرميه»، بحسب ما نقل التقرير.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الآثار طويلة المدى للهجمات تتجاوز التدمير الحالي للمباني. فُقدت العديد من الوظائف مع إغلاق الشركات، وتهجّرت العديد من العائلات.
ونقل التقرير عن محمد قدادة (31 عاما)، وهو رئيس شركة تسويق رقمي تقع في برج هنادي، قوله إن الموظفين الـ 30 المتضررين من بينهم أشخاص «يعيلون عائلاتهم، وغيرهم حديثو الزواج، وآخرون يعيلون أهاليهم المسنين، ولديهم أقارب لديهم أمراض ويحتاجون إلى دعم مالي. لن يجدوا عملا آخر لأن المعدات التي امتلكوها ومكنتهم من العمل والتصميم والإنتاج دُمّرت تماما. فكيف يمكنهم العمل؟».
أكدت إسرائيل أن الأبراج العالية كانت تضم مكاتب للفصائل الفلسطينية المسلحة، منها مقار لبعض الوحدات والاستخبارات العسكرية وفي أحد الأبراج مكاتب ضمت “المعدات التكنولوجية الأكثر قيمة بالنسبة حماس” لاستخدامها ضد إسرائيل.
وأكدت «هيومن رايتس ووتس» أن دولة الاحتلال لم تعلن عن أي معلومات تدعم ادعاءاتها بأن الأبراج العالية كانت تضم مكاتب للفصائل الفلسطينية المسلحة، منها مقار لبعض الوحدات والاستخبارات العسكرية.
وشددت المنظمة أنها لم تجد أي دليل على أن أعضاء الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية كان لهم وجود حالي أو سابق في أي من الأبراج وقت الهجوم عليها. حتى لو تحقق مثل هذا الوجود، يبدو أن الهجمات تسببت بضرر غير متناسب متوقع للممتلكات المدنية.
وأشارت المنظمة إلى أنها في 30 مايو الماضي طلبت تصاريح لباحثين كبار لدخول غزة لإجراء مزيد من التحقيقات في الأعمال العدائية، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلب في 26 يوليو.
وترفض السلطات الإسرائيلية منذ 2008 السماح لموظفي «هيومن رايتس ووتش» الدوليين بدخول غزة، باستثناء زيارة واحدة في 2016، بحسب ما أفاد تقرير المنظمة.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» إنه «بالإضافة إلى الأضرار والدمار الذي لحق بالأبراج ومكاتبها ومساكنها، من المتوقع أن يكون للهجمات آثار لها تداعيات مختلفة، كالضرر بالمدنيين والأعيان المدنية بسبب الهجوم غير المباشر أو الفوري»، لافتة إلى أن هذه الآثار «تشمل النزوح، وتدني مستوى المعيشة، وإعاقة الحصول على المأوى والرعاية الصحية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء، وكلها تؤثر على حقوق الإنسان الأساسية».
وطالبت المنظمة – في تقريرها – السلطات القضائية في الدول الأخرى أن تحقق وتقاضي، بموجب القوانين الوطنية، المتورطين بشكل موثوق في جرائم خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، وشددت على الأطراف المتحاربة الامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان بسبب الضرر العشوائي بالمدنيين الذي يمكن توقعه. على الدول أيضا دعم إعلان سياسي قوي يعالج الضرر الذي تسببه الأسلحة المتفجرة للمدنيين ويلتزم بتجنب استخدام الأسلحة التي لها آثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان.