انتهاكات إسرائيلية| تأجيل مصير أهالي الشيخ جراح.. وشكاوى من الإهمال الطبي والانتهاكات ضد الأسرى
سيتعين على الفلسطينيين الذين يواجهون الإخلاء من حي الشيخ جراح في القدس أن ينتظروا حكما سيحدد مصيرهم، بعد انتهاء مناقشة في المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء أمس الاثنين، دون اتخاذ قرار نهائي.
وتقدمت أربع عائلات فلسطينية بالتماس إلى المحكمة العليا للاستماع إلى استئنافهم والسماح لهم في النهاية بالبقاء في منازلهم في الحي الواقع بالقدس الشرقية حيث يطالب مستوطنون إسرائيليون بملكية الأرض. ويحاول القضاة التوصل إلى حل وسط ينزع فتيل التوتر الناجم عن قضية ساهمت في اندلاع حرب استمرت 11 يوما بين النشطاء في غزة وإسرائيل.
وكان أحد الاقتراحات هو أن تعترف العائلات الفلسطينية بملكية الإسرائيليين بينما يظلون مستأجرين تحت الحماية. وقال محامي العائلات سامي أرشيد إن الاقتراح غير مقبول وإنهم ينتظرون أن تحدد المحكمة العليا موعدا لمواصلة الجلسات على أمل أن يؤدي ذلك إلى نقض حكم محكمة أدنى قضى بالإخلاء.
وقال أرشيد للصحفيين خارج المحكمة في القدس “ما زلنا نأمل أن توافق المحكمة على السماح لنا بالاستئناف وقبول الاستئناف وإلغاء أوامر الإخلاء الصادرة بحق العائلات الأربع التي دافعنا عنها اليوم في المحكمة”. واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تعترف بها الأمم المتحدة.
وأغلبية سكان حي الشيخ جراح من الفلسطينيين لكن المستوطنين الإسرائيليين انتقلوا إلى المنطقة قرب موقع يقدسه المتدينون اليهود على أنه قبر أحد كبار الكهنة القدامى.
ويشكك الفلسطينيون في شرعية الوثائق الإسرائيلية المزعومة، ويستأنفون ضدها. وبينما كان القرار النهائي للمحكمة العليا يلوح في الأفق في وقت سابق من هذا الصيف، اكتسبت حملتهم زخما واهتماما دوليا. وبلغ ذلك ذروته وسط تصاعد التوتر بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير، والاحتجاجات الفلسطينية على حملات الشرطة الإسرائيلية على باب العامود والمسجد الأقصى.
وقالت العائلات الأسبوع الماضي إنها تلقت رأيا جديدا من خبير قانوني إسرائيلي يدعم موقفهم بأن لديهم حقوق ملكية كاملة لمنازلهم لأن الحكومة الأردنية منحتهم الملكية عندما كانت تسيطر على القدس الشرقية من عام 1949 إلى عام 1967.
واكتسبت القضية أهمية أكبر لأن الفلسطينيين يرون في حي الشيخ جراح رمزا لنزع الملكية والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. وتعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية لكن إسرائيل ترفض ذلك وتتذرع بالروابط التاريخية والدينية بالأرض التي أقيمت عليها المستوطنات. وصورت الحكومة الإسرائيلية قضية الشيخ جراح على أنها نزاع على الملكية ونشرت شرطة مكافحة الشغب واستخدمت مدافع المياه لفض المظاهرات في المنطقة خلال الاحتجاجات.
انتهاكات ضد الأسرى
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل انتهاكاته وممارساته الوحشية ضد شعبنا، وأبرزها أسرانا داخل السجون، ويتعمد اللجوء إلى سياسة الإهمال الطبي داخل المعتقلات ويمعن بانتهاك حقوق الأسرى المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية، والمتعلقة بحقهم في تلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة.
وكشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير أصدرته اليوم الثلاثاء، أن الأسير ناهض الأقرع (52 عاما) من رام الله، يواجه أوضاعا صحية صعبة داخل ما يسمى “مستشفى الرملة”، وجرى اعتقاله وإحدى قدميه مبتورة، وبعد زجه داخل سجون الاحتلال تم اهماله طبيبا، ما أدى لإصابة ساقه الأخرى بـ”الغرغرينا”، وعلى إثرها خضع لعملية جراحية لبتر ساقه في مستشفى “آساف هروفيه”، ولا يزال الأسير يشتكي حتى اللحظة من أوجاع حادة في كلتا قدميه وفي كافة أنحاء جسده، في حين تكتفي عيادة الرملة بتقديم المسكنات القوية له دون علاجه بالشكل الصحيح.
وأضافت، ان الأسير الأقرع بات مؤخرا يعاني من مشاكل بالرئتين ومن المتوقع أن يتلقى الأكسجين بشكل دائم، ويعتبر من الحالات المرضية الأصعب القابعة داخل معتقلات الاحتلال، ويقبع بشكل دائم داخل مستشفى “الرملة”، علما أن الأسير معتقل منذ عام 2007 ومحكوم بالسجن ثلاثة مؤبدات، وهو أب لأربعة أبناء.
يذكر أن هناك 14 اسيرا يقبعون حاليا في مشفى سجن الرملة، وجميعهم بحاجة ماسة لمتابعة طبية حثيثة، لكن إدارة المشفى تتعمد استخدام أسلوب المماطلة بتقديم العلاج لهم، واهمالهم صحيا من الناحيتين النفسية والجسدية.
ووثق تقرير الهيئة حالة مرضية تقبع بمعتقل “مجدو”، وهي حالة الأسير إياد نظير عمر (39 عاما) من مخيم جنين، والذي يواجه وضعا صحيا صعبا ومقلقا، فبعد الفحوصات الطبية التي أجريت له في مشفى “العفولة”، تبين إصابته بورم بالدماغ، والذي أصبح يؤثر عليه في الآونة الأخيرة وعلى صحته، ويعاني من دوخة مستمرة وعدم اتزان بالحركة ومن مشاكل بالنظر، وهو بانتظار تحويله لإجراء عملية جراحية في رأسه خلال الشهر الجاري بمستشفى “نهاريا”.
والأسير عمر معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسجن لـ 25 عاما، وخلال سنوات اعتقاله فقد والديه وحرمه الاحتلال من وداعهما.
مطالبات أمريكيةبإغلاق منظمات مولت الاستيطان
في سياق متصل، تقدمت مجموعة من أعضاء الكونجرس، بمذكرة لوزارة الخزينة الأمريكية لإغلاق منظمات مولت الاستيطان بمئات ملايين الدولارات.
ووقع على المذكرة التي حصلت “وفا” على نسخة منها، رسميا لوزارة الخزينة، سبعة من اعضاء الكونغرس يطالبون فيها الوزارة بالمراجعة القانونية لوضع مؤسسات غير ربحية معفاة من الضرائب مقرها في الولايات المتحدة الاميركية وتجمع التبرعات لبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطالبت المذكرة بإغلاق هذه المؤسسات والمنظمات الاميركية ومحاكمة القائمين عليها بتهم خرق القانون الأمريكي.
ووقع على المذكرة كل من النواب: رشيدة طليب، وكوري بوش، وألكساندرا أوكاسيو كورتيز، وأندريه كارسون، ومارك بوكان، وبيتي ماكولوم وايان بريسلي، ووجه الخطاب إلى وزيرة الخزانة جانيت بلين، وبحكم القانون الأمريكي فإن على وزيرة الخزانة عليها الرد على المذكرة ضمن مهلة لا تتجاوز الـ 30 يوما.
وطالبوا بالتحقيق بالوضعية القانونية واغلاق مؤسسات تمول الاستيطان اهمها الصندوق المركزي لإسرائيل (CFI) ومقره الولايات المتحدة ومسجل في ولاية نيويورك.
وقالت المذكرة: إن الصندوق من بين عدة مجموعات مقرها الولايات تجمع تبرعات لنزع ملكية الفلسطينيين وتشريدهم لإفساح المجال للمستوطنين الإسرائيليين اليهود للاستلاء على ممتلكاتهم.
وأوضحت أن الحالة غير الربحية لهذه المؤسسات المعفاة من الضرائب تعني أن المانحين يتلقون شكلاً من أشكال الدعم من الحكومة الأمريكية في جهودهم لتعزيز حركة الاستيطان، مشيرة إلى أنه على سبيل المثال، تُظهر التقارير الأخيرة أن الصندوق وفر تمويلًا غطى تقريبا كامل ميزانية مؤسسة صندوق الأراضي الإسرائيلي، وهي المؤسسة التي كانت القوة الدافعة وراء عمليات الإخلاء القسري للعائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة.
وأشارت المذكرة إلى أن الصندوق قام بتوزيع 75 مليون دولار على الأقل من التمويل منذ عام 2015 لمستفيدين من المستوطنين لافتة إلى أن الصندوق لعب دورا أساسيا في دعم وتمكين مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني وسهل ارتكاب جرائم دولية مثل النقل القصري للسكان، والاستيلاء غير القانوني وتدمير الممتلكات، فيما شجع حكومات إسرائيل على تشريع نظم قانونية تمييزية وعسكرية واسكانية في الأراضي والممتلكات الفلسطينية من بين انتهاكات أخرى.
ووفقا للمذكرة، يشمل المستفيدون من دعم الصندوق، منظمات المستوطنين التي تتمثل مهمتها في الاستيلاء على الأراضي من الفلسطينيين، مشيرة إلى أن المستوطنين يستعملون مصطلح “استعادة” أراضي بدل استيلاء ضمن هدف دعم إقامة هياكل ومشاريع جديدة لتطوير مستوطنات وتوسيع مستعمرات قائمة أو تطوير أنشطة لغرض منع السكان الفلسطينيين من الوصول إلى الممتلكات أو الأراضي للزراعة أو لأغراض أخرى.
وأضافت، أنه إلى جانب الصندوق هناك مؤسسات أخرى تسهل مصادرة السلطات الإسرائيلية غير القانونية للممتلكات الفلسطينية وتستفيد من إعفاء الولايات المتحدة من الضرائب لتعزيز المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وغيرها من انتهاكات القانون الدولي.
واشتملت الشكوى على تسع مؤسسات تقدم الدعم لمنظمات استيطانية منها وفقا للمذكرة: “صندوق الخليل والمخصص لدعم المستوطنين والجنود الإسرائيليين في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة والهادف للاحتفاظ بمدينة الخليل في أيدي المستوطنين “وتقوية الجهاز الأمني للمستوطنات وينشط مع منظمات الأخرى تؤجج تهجير الفلسطينيين”.
وتابعت المذكرة: “هناك أيضا الصندوق المركزي الإسرائيلي، والأصدقاء الأمريكيون لمركز بيت اليشيفا، ومؤسسة “كمميوت” وصندوق الخليل، وهي تتلقى مزايا ملموسة واعترافًا من وزارة الخزانة الاميركية ومن مكتب خدمة الإيرادات الداخلية (IRS)، بينما تتصرف في تناقض مباشر مع موقف الرأي العام والموقف الحكومي طويل الأمد لحكومة الولايات المتحدة الذي يعارض تطوير وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة.
وطالب الوثيقة بمحاكمة القائمين على هذه المؤسسات إن ثبت تورطهم، علما أن ديفيد فريدمان السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل ابان إدارة ترمب كان رئيس مركز أصدقاء بيت اليشيفا، فيما تشمل ادارة مؤسسة “كمميوت” عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش ويحمل الجنسية الأمريكية وآخرين من اليمين المتطرف.
وقالت: إن هذه النشاطات التي تتم تحت مسمى نشاطات للأغراض الخيرية غير قانونية وتساعد وتحرض على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وحقوق الإنسان المعترف بها دوليا، ويجب أن تكون الكيانات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها ممنوعة من استخدام قانون الضرائب الفيدرالي للمساعدة في ارتكاب انتهاكات ضد الفلسطينيين او انتهاكات مباشرة للقانون الدولي والمبادئ الأساسية وراء القانون الخيري الأمريكي.
وقال موقعو المذكرة: “نشعر ببالغ القلق من منح ميزة حالة الاعفاء من الضرائب لهذه الكيانات يعد انتهاكا لالتزامات القانون الدولي لحكومة الولايات المتحدة بعدم الاعتراف صراحة أو ضمنيًا بانتهاكات القانون الإنساني الدولي أو القواعد القطعية، نظرا لأن التمييز المنهجي المتأصل في سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تنكر حقوق الإنسان الأساسية لجميع الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها يتم الاعتراف به بشكل متزايد على أنه شديد الخطورة لدرجة أنه يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد”.
وطالبوا باتخاذ جميع التدابير اللازمة لزيادة التدقيق والعناية الواجبة على المنظمات مثل CFI لضمان عدم حصول أي كيانات مقرها الولايات المتحدة على حالة الإعفاء الضريبي حيث توجد معلومات موثوقة تؤكد أن نشاطات هذه المنظمات تدعم أفعالها انتهاكات القانون الدولي.