كواليس أصعب أسبوع بمستشفيات سوهاج.. د. أحمد حسين يُحقق في زيادة إصابات كورونا بالمحافظة: (معايشة وشهادات لأطباء ومرضى عن الأزمة)
هنا سوهاج.. مواطنون فوق الأرصفة وفيروس لا يرحم وفريق طبي يبحث عن دعم وتراجع الاهتمام بالإجراءات الاحترازية
مصدر طبي: الوزارة أحصت ضمن تعداد أجهزة التنفس الصناعي 10 أجهزة لا تعمل لعدم وموجودة بوحدتي رعاية أمومة وطفولة
الفريق الطبي يعاني من الإجهاد.. وأطباء يؤكدون احتياجهم إلى دعم نفسي من المتخصصين حتى يستطيعوا المقاومة
طبيب بسوهاج التعليمي: اللي مش مصاب بكورونا من الأطباء والتمريض اللي معملوش مسحة والباقي كله اتصاب خلال الـ 3 شهور الماضية
تحقيق- د. أحمد حسين
تعيش سوهاج وضعًا بالغ الصعوبة بسبب تفشي فيروس كورونا، وقلة الأماكن المتاحة في مستشفيات العزل، ومع التقديرات الكبيرة لأعداد الإصابات والتقليل الرسمي من حجم الأزمة، كان لنا هذه المعايشة لمدة أسبوع بين أكثر من مستشفى لنتعرف أكثر على حقيقة الأوضاع ونستمع للفريق الطبي ولأهالي المرضى في أصعب أسبوع بمستشفيات سوهاج التي يكافح العاملون فيها بكل قوة الفيروس القاتل وسط ظروف بالغة الصعوبة.
وزارة الصحة والسكان أصدرت في الآونة الأخيرة، عدة تصريحات وبيانات رسمية تتناول فيه الوضع الصحي في محافظة سوهاج والمرتبط بجائحة كوفيد، ففي مساء الثلاثاء 20 أبريل الجاري صرح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة خالد مجاهد خلال مداخلة ببرنامج” على مسوؤليتي” ذكر فيها أن الزيادة في أعداد إصابات كورونا بسوهاج طفيفة وأنه تم زيادة عدد أسرة الأقسام الداخلية المخصصة لحجز مرضى كورونا من 555 إلى 1482 سرير، وزيادة أسرة الرعاية المركزة من 100 إلى 166 سرير أما أجهزة التنفس الصناعي فقد تم زيادتها من 48 إلى 58 جهاز تنفس صناعي.
وفي اليوم التالي الأربعاء 21 أبريل أصدرت وزارة الصحة والسكان بيانًا رسميًا أكدت من ضمنه ما ذكره مجاهد في المداخلة الفضائية من توافر 1100 سرير داخلي و82 سرير عناية مركزة و23 جهاز تنفس صناعي شاغرين بالمستشفيات في محافظة سوهاج لاستقبال مرضى فيروس كورونا، وناشدت وزارة الصحة والسكان في نهاية البيان وسائل الإعلام المختلفة ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بعدم تداول أي معلومات دون الرجوع للمصادر الرسمية بالوزارة لعدم نشر معلومات مغلوطة تؤدي إلى إثارة البلبلة لدى الرأى العام، كما أكدت الوزارة في ختام البيان الرسمي حرصها على إطلاع الرأي العام على الوضع الوبائي بكافة المحافظات بكل شفافية.
في المقابل تناولت وسائل الاعلام المختلفة أخبارًا عن وضع كارثي بمحافظة سوهاج لعدم قدرة المستشفيات بها على إستيعاب مرضى كورونا والتي تفاقمت أعدادهم، كما تنشر صفحات التواصل الإجتماعي التي تتناول أحوال محافظة سوهاج إستغاثات متكررة لأهالي مرضى تناشد المستشفيات إستقبال حالات ذويهم.
كما نُشر فيديو تم تصويره الأحد 18 أبريل بحسب الصفحة ومنسوب إلى مستشفى حميات سوهاج يوضح تكدس المرضى على مقاعد الإنتظار داخل المستشفى في إنتظار أماكن شاغرة لحجزها، إضافة إلى نداءات أطباء سوهاج لنقيبهم والمسوؤلين التنفيذين بالمحافظة للتدخل، وطالب البعض تدخل أعضاء مجلس النواب.
وفي مداخلة النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب مع عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” مساء الأحد الماضي، أكد على وجود تزايد في أعداد المصابين بكورونا بسوهاج.
ودلل سالم على عدم قدرة المستشفيات على استيعاب تلك الزيادات بتواصل الأهالي الدائم معه لتوفير أماكن لذويهم بالمستشفيات والذي بدوره يتواصل مع مديري المستشفيات ليكتشف عدم وجود أسرة شاغرة.
وزارة الصحة والسكان أصدرت الجمعة الماضية، بيانًا رسميًا تؤكد فيه عدم صحة ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الوضع الوبائي لفيروس كورونا بمحافظة سوهاج، وتؤكد توافر كافة الخدمات الطبية لمرضى فيروس كورونا بالمحافظة، وتؤكد وزارة الصحة في البيان على توافر 950 سريرًا داخليًا و70سرير عناية مركزة و18 جهاز تنفس صناعي شاغرين بالمستشفيات في محافظة سوهاج لاستقبال مرضى فيروس كورونا.
على غرار السؤال الشهير للفنان توفيق الدقن للفنان عبد المنعم إبراهيم “العلبة دي فيها إيه”، تصدر وزارة الصحة ومسؤوليها تصريحات تؤكد فيها إتساع المستشفيات وإحتواءها على أسرة شاغرة جاهزة لإستقبال المرضى، وتُكذب الوزارة روايات تكدس المستشفيات، وتدعو وزارة الصحة المواطنين لتصديق بياناتها وعدم الإنصياع لما يخالف رؤيتها، مثلما أرغم الفنان الدقن عبد المنعم إبراهيم على الإعتراف أن “علبة الخاتم” اتسعت لتحوي “فيل”، ما دفعني إلى معايشة الواقع في المستشفيات والتواصل مع العديد من المصادر الطبية بها لمدة أسبوع لمعرفة الحقيقة.
بعيدًا عن يانات الصحة.. هذه هي الأعداد الحقيقية لأسرة الرعاية المركزة
إضافة إلى 17مستشفى كانت خصصتهم وزارة الصحة لعزل مرضى كوفيد تم أيضًا تخصيص معهد القلب والجهاز الهضمي ليصل عدد المستشفيات المخصصة لإستقبال مرضى كورونا بسوهاج مستشفى، ستة مستشفيات فقط التى تحتوي على أسرة رعاية مركزة بإجمالي 68 سرير تحتوي مستشفى سوهاج العام منهم على 30 سرير، مستشفى حميات سوهاج تضم 8أسرة، مستشفى الهلال للتأمين الصحي 10 أسرة، مستشفى الصدر 3 أسرة، مستشفى سوهاج التعليمي 7 أسرة بينما معهد القلب والجهاز الهضمي يضم 10 أسرة رعاية مركزة، أما مستشفيات سوهاج الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي تضم 10 أسرة عناية مركزة.
في حين ذكرت وزارة الصحة وجود 166 سرير رعاية مركزة في المستشفيات التابعة لها فقط.
وعلى مدار الأيام الخمس الماضية لا يوجد سرير واحد رعاية مركزة شاغر في أيًا من المستشفيات الست التي تضم تلك الأسرة، بل توجد حالات على قائمة الإنتظار لدخول الرعاية المركزة، ففي مستشفي الحميات توجد 5 حالات من المرضى وبمستشفى الهلال حالة واحدة و بمعهد القلب حالتين، جميعهم يتنظرون شفاء أو موت شاغلي أسرة الرعاية من المرضى ليحلوا محلهم..في حين أكدت وزارة الصحة يوم الأربعاء 21 أبريل وجود 82 سرير رعاية مركزة شاغر ويوم الجمعة 23 أبريل أكدت الوزارة وجود 70 سرير عناية مركزة شاغر.
نقص أجهزة التنفس الصناعي.. مشكلة تبحث عن حل
وعن أعداد أجهزة التنفس الصناعي فتضم مستشفى سوهاج العام 18 جهاز، مستشفى حميات سوهاج 4 أجهزة، مستشفى الصدر 3 أجهزة، مستشفى الهلال 8 أجهزة، مستشفى سوهاج التعليمي 7 أجهزة أما معهد القلب و الجهاز الهضمي تحتوي على 10 أجهزة منهما إثنان خارج الخدمة لعطلهما، بإجمالي 48 جهاز تنفس صناعي، أما مستشفيات سوهاج الجامعي فتمتلك 5 أجهزة تنفس صناعي.
مصدر طبي مسوؤل قال لـ(درب) إن الوزارة أحصت ضمن تعداد أجهزة التنفس الصناعي 10 أجهزة موجودة بوحدتي رعاية الأمومة والطفولة بقريتي جزيرة شندويل وشطورة، وهذه الأجهزة العشرة لا تعمل لعدم وجود شبكة غازات بأي من الوحدتين، وهذا ما يفسر تصريح وزارة الصحة عن زيادة عدد أجهزة التنفس الصناعي من 48 إلى 58 جهاز.
خدعة زيادة أعداد أسرة الداخلي..يعوقها نقص الأكسجين
مصادر طبيبة متعددة مسؤولة بمستشفيات سوهاج، أكدت أن اللجنة الوزارية التي كلفتها وزيرة الصحة من ديوان الوزارة للسفر إلى سوهاج وإدارة الأزمة بها، أصدرت إليهم تعليمات بزيادة أعداد أسرة الأقسام الداخلية المخصصة لحجز مرضى كورونا بتلك المستشفيات، ففي مستشفى المراغة تم زيادتها من 20 إلى 40 سرير، وفي مستشفى سوهاج العام من 60 إلى 100 سرير، ومستشفى سوهاج التعليمي من 60 إلى 120 سرير، ومستشفى الهلال من 50 إلى 60 سرير ومعهد القلب والجهاز الهضمي من 29 سرير إلى 40 سرير بالأقسام الداخلية.
وعن أسباب التحفظ على زيادة عدد أسرة الحجز لمرضى كورونا، أجمع كل من تواصلت معه في المستشفيات المختلفة بسوهاج، أن مشاكل ذلك تكمن في جانبين، الأول هو صعوبة توفير الأكسجين الذي يتم إستهلاكه بمعدل عالي في مرضى كورونا، فالمريض الواحد يستهلك معدل 6 أسطوانات أكسجين يوميًا، كما أكدوا على صعوبة تعبئة إسطوانات أو “تنكات الأكسجين بالمستشفى” نتيجة الضغط الشديد على “شركة آمون” المصنعة للأكسجين بمحافظة سوهاج والتي أكد كثير من الأطباء بالمستشفيات على مخاطر تأخر إمداد المستشفيات بالأكسجين.
أما الجانب الثاني في صعوبات زيادة أعداد الأسرة، هو العامل البشري فالفريق الطبي يعاني من الإجهاد فضلًا عن قلة عدده الأمر الذي يعرضه إلى الإنهيار نتيجة الأعباء الناتجة عن زيادة الأسرة.
أكثر من مصدر داخل مستشفى سوهاج العام أكد لنا أنه تم الضغط على الشركة المنفذة لشبكة الغازات بالمستشفى للتصريح باستخدام 85 مخرج أكسجين حتى يُتمكن من زيادة عدد الأسرة، وتذكر المصادر أن الشركة أوصت عند انتهاءها من إنشاء شبكة الغازات بعدم استخدام أكثر من 45 مخرج أكسجين وذلك حتى يصل الأكسجين للضغط والتركيز المناسب للمريض، وأكد الأطباء أن زيادة عدد المخارج تحتوي على خطورة عدم وصول الأكسجين للمرضى بالضغط المطلوب، يُذكر أن مستشفى سوهاج الجامعي خصصت أيضًا 60 سرير لحجز مرضى كورونا بالأقسام الداخلية.
الفريق الطبي.. موت وإصابة وإنهاك وإنهيار
“اللي مش مصاب من الأطباء والتمريض هم اللي معملوش مسحة، والباقي كله إتصاب بكورونا في المستشفى خلال الـ 3 شهور”، هكذا تحدث أحد الأطباء بمستشفى سوهاج التعليمي عن النسبة الكبيرة في إصابة الطاقم الطبي بالمستشفى، والتي قدرها طبيب آخر بنفس المستشفى بـ90% من الطاقم الطبي، مؤكدًا أن هناك أقسام تخصصية أُصيب طاقهما بالكامل وهي العظام والرمد والنساء.
3 أطباء بالمستشفى أكدوا إصابة مدير عام المستشفى ونائبه وأعضاء السكرتارية الخاصة به خلال الأسبوعين الماضيين، وفي مستشفى المراغة أًصيب 11 عضوا بالفريق الطبي شملوا صيدلي وطبيبتان أطفال وطبيب أطفال وطبيب عصبية ونفسية إضافة إلى 6 من أعضاء هيئة التمريض.
العديد من الأطباء في مستشفيات سوهاج العام وحميات سوهاج والهلال ومعهد القلب والكبد، أكدوا تعرضهم لضغوط نفسية رهيبة نتيجة العمل في كورونا لطبيعته وخطورته ومن جهة أخرى نتيجة فشل الإدارة المركزية المتمثلة في مديرية الصحة بسوهاج ووزارة الصحة في أن تصدر قرارات مقبولة التنفيذ ولا تضر المريض.
وقال أطباء -فضلوا عدم ذكر اسمهم- إن يحتاجون إلى دعم نفسي من المتخصصين حتى يستطيعوا المقاومة، أما عن المقابل المادي فيقدر من وزارة الصحة بـ 375 جنيه مقابل يوم عمل الطبيب بمستشفيات العزل واأكد لي أطباء مستشفى سوهاج العام أنهم تقاضوا مقابل عملهم في شهر يونيه الماضي منذ أسبوع واحد فقط.
يذكر أنه إستشهد 5 أطباء بمحافظة سوهاج في الأسبوع الثاني من شهر أبريل الجاري نتيجة إصابتهم بكورونا.
تحدي.. ولعبة تصوير أسرة شاغرة
الواقع داخل مستشفيات سوهاج مغاير تمامًا لكل الروايات الرسمية في بيانات وزارة الصحة، وأمام النقص الشديد في الأماكن والمعدات، أعلنت تحديًا أن تقوم وزارة الصحة بتصوير أسرة العناية المركزة الشاغرة، وكذلك أجهزة التنفس الصناعي الشاغرة بمستشفيات سوهاج وعرضها على المواطنين، وتحديًا لإدارات مستشفيات سوهاج أن تعلن عن أعداد تلك الأسرة والأجهزة الشاغرة بها، ويوم الخميس 22 أبريل الجاري والتالي لإعلاني التكذيب والتحدي، قامت لجنة من مديرية الصحة بسوهاج بالحضور إلى مستشفى سوهاج العام، وقاموا بتصوير أسرة عناية مركزة وأجهزة تنفس صناعي شاغرة بالمستشفى.
روى أكثر من طبيب لـ”درب” عن إنزعاج اللجنة ورفضها لرغبتهم نقل المرضى المحتاجين لعناية مركزة والمكدسة بهم قسم الأستقبال والأقسام الداخلية، وذلك حتى تقوم اللجنة بإلتقاط صور للأسرة شاغرة ونشرها على الصفحة الرسمية لمديرية الصحة على (الفيس بوك).
مواطنون يستغيثون ورجل أمن يمنع التصوير
على أرصفة المستشفيات ينتظر العديد من أهالي المرضى خاصة في حميات سوهاج خلو سرير عناية لتنويم مرضاهم المنتظرين على مقاعد الاستقبال الرخامية بكمامات أكسجين.
أحد الأشخاص قال لنا إنه مريضه متواجد بالاستقبال منذ أمس، وأشار إلى بجار له على الرصيف بأن مريضه له يومان، كما أشار إلى أسرة مستظلة بمظلة على نفس الرصيف بأن لهم ثلاثة أيام، كان هذا بعد أن عرفتهم بي وأطلعتهم على إثبات هويتي، وطلبت أن أسجل معهم حوارًا مصور للنشر يحكوا فيه معاناتهم، وبعد مرور أقل من نصف دقيقة من حديث المواطن لمحت أحد أفراد أمن المستشفى يخرج من داخلها ومارًا من خلفي وحاول أن يختطف الهاتف المحمول من يدي.
وبعد مشادات كلامية وحضور رجلي شرطة أحدهما يرتدي الزي الشرطي أعقبتها مشادات أخرى، وقام أحدهما بابلاغ مأمور قسم الشرطة التابع له المستشفى والذي حاورني على هاتف رجل الشرطة بأسلوب لبق ومهذب واندهش عندما أخبرته أني أسجل مع المواطنين في الشارع خارج المستشفى فقد أخبره رجل الشرطة أني أقوم بالتصوير داخل المستشفى، وانصرفت بعد أن أخبرني رجل الشرطة أن إدارة المستشفى ستحرر محضرًا ضدي، وأخبرته أني أيضًا سأقوم بتحرير محضر ضد شركة أمن المستشفى لقيام فردها بتصرفات غير مسوؤلة ومخالفة للقانون ونطاق عمله، كان ذلك حوالي الساعة الثالثة بعد ظهر أمس الجمعة 23 أبريل.
رحلة البحث عن سرير في مستشفى حكومي
“يوم الأثنين 19 أبريل بعد الظهر، الدكتور في العيادة الخاصة بعد ما اطلع على الأشعة المقطعية لوالدتي، قالي عندها كورونا وحولني على مستشفى الحميات، وهناك قالولي هتقعد تستنى دورها زي الناس الي مستني في أماكن الإنتظار، كل عيان حاطينلها أكسجين ومعاه واحد مرافق، ياما تشوف مكان في مستشفى العام أو الصدر، أنا روحت سألت في مستشفى التعليمي برده قالولي مفيش أماكن، فروحت مستشفى سوهاج العام كانت معاملتهم أحسن بس مكنش فيه مكان وقعدت والدتي على أكسجين في قسم الإستقبال من الساعة 3 لغاية الساعة 12 بالليل لما فضي مكان في القسم الداخلي”، كانت هذه رواية مواطن لي نجح في حجز والدته المريضة بكوفيد بمسشفى حكومي.
أما الرجل المسن والذي يحتاج إلى سرير عناية مركزة بجهاز تنفس صناعي، فحتى كتابة تلك السطور لم يفوز بأحد أسرة العناية في المستشفيات الحكومية، ويحكي ابنه المعاناة قائلا:”والدي 66 سنة مريض ضغط وسكر واتصاب بكورونا، يوم السبت الماضي 17 أبريل روحنا به مستشفى الحميات عملوله مسحة بس مكنش فيه مكان في العناية المركزة، فقالوا لنا يإما ننتظروا دوركم بين قائمة الإنتظار أو تجيبوله اكسجين في البيت، وفعلا روحنا البيت لكن تاني يوم أبويا تعب قوي، لما ملقناش مكان في أي مستشفى حكومي، إضطرينا نروح مستشفى خاص، بس إحنا مش قادرين على المصاريف إحنا بقالنا 6 أيام صرفنا 160 ألف جنيه، يا ريت لو تلاقي مكان في الحكومة ننقله إليه”، بالفعل قمت بالإتصال بزملائي بمستشفيات الحميات والهلال وسوهاج العام ومعهد القلب والكبد وكانت الإجابة في جميعها عدم وجود أسرة شاغرة بل وفي بعضها توجد قوائم إنتظار، وأبلغوني عند خلو سرير سيعلموني.
مستشفى سوهاج الجامعي ترحب بمشاركة الصحة
أبلغني د.محمود فهمي منصور، نقيب أطباء سوهاج، ترحيب أ.د.أحمد عزيز، رئيس جامعة سوهاج، بطلبه أن تتعاون المستشفيات الجامعية مع مديرية الصحة بسوهاج في جائحة كورونا، حيث طلب النقيب أثناء زيارته لرئيس الجامعة الأربعاء الماضي، أن يقوم أعضاء هيئة التدريس بقسم الرعاية المركزة بالمرور على مرضى الرعايات المركزة بمستشفيات مديرية الصحة، ويقدموا المشورة الفنية لزملائهم الأطباء القائمين على الرعايات بتلك المستشفيات.
د.فهمي أكد حماس د.عزيز لتنفيذ هذا التعاون، وعليه ينتظر أن تقوم مديرة مديرية الصحة بسوهاج بالتنسيق الرسمي مع جامعة سوهاج، خاصة وأن إجراء هذا التنسيق والتعاون كان من أحد تكليفات اللواء طارق الفقي، محافظ سوهاج في إجتماعه مع قيادات الصحة الثلاثاء الماضي، حسب ما أكد لي نقيب أطباء سوهاج إلا أن أحد القيادات التنفيذية لمسشفيات سوهاج الجامعية أكد لي إستبعاده تقبل د.كريمة حامد، مدير مديرية الصحة بسوهاج للتنسيق والتعاون الجاد مع جامعة سوهاج، وبرر ذلك لغضبها في واقعة سابقة عندما طلبت إحصائيات عن المستشفيات الجامعية بسوهاج والخدمات بها لتعرضها وزيرة الصحة على الرئيس السيسي في إجتماع، فأخبرتها إدارة مستشفيات الجامعة بأن بيانات وإحصائيات هذه المستشفيات سوف يعرضها وزير التعليم العالي في نفس الإجتماع مع الرئيس والذي يضم وزيرة الصحة.
وطلب هذا المسوؤل التنفيذي والذي فضل عدم ذكر إسمه أنه في حالة عدم رغبة مديرة الصحة بالتنسيق مع الجامعة لإشراف أعضاء هيئة التدريس على عنايات الصحة، أن تقوم وزارة الصحة بتزويد المستشفيات الجامعية بعدد من أجهزة التنفس الصناعي وهم على استعداد للتوسع في أسرة العناية المركزة لتصل إلى 30 سرير بدلًا من 10 إذا أمدوهم بأجهزة التنفس الصناعي التي لا تملتك عنايات كورونا بالمستشفى الجامعي سوى خمسة أجهزة فقط منها.
ويضيف: “إحنا عندنا أكثر من 20 عضو هيئة تدريس في قسم الرعاية المركزة و التخدير على أعلى مستوى علمي ومهني”، وعلى المقابل أكد أحد الأطباء المسوؤلين بمديرية الصحة عمل 11 طبيب فقط بعنايات كورونا بمديرية الصحة منهم 3 فقط حاصلين على تخصص الرعاية المركزة.
بيانات الصحة عن سوهاج.. طمأنينة كاذبة
بيانات وزارة الصحة وتصريحات مسوؤليها في وسائل الإعلام المختلفة بعدم كارثية الوضع الصحي المرتبط بكورونا داخل محافظة سوهاج، وإعلانها وجود أماكن شاغرة بالنوعيات المختلفة للأسرة داخل مستشفيات المحافظة، وإنكار الوزارة وتكذيبها لأي حديث يتناول عجز في الأسرة أو نقص في الأجهزة والإمكانيات داخل المسشفيات.
كل ذلك كان له إنعكاسًا ملحوظًا على المواطن السوهاجي، فقد أكسبته طمأنية زائفة جلعت المواطن يرخي من حذره في إتخاذ الإجراءات الوقائية من كورونا مثل إرتداء الكمامات الواقية والتباعد الجسدي واستخدام المطهرات، لاحظت بوضوح هذا التراخي عند رصدي لسلوك المواطنين في المواصلات العامة والمساجد والأسواق والمقاهي خلال الأيام الخمس الأخيرة ومقارنتها بسلوكهم خلال الأسبوع الأول من
رمضان والذي كان يلغه مزيدً من الحرص واليقظة في إتخاذ الإجراءات الوقائية ضد كورونا، الجمعة الماضية، أعلنت مديرية الصحة بسوهاج على صفحتها بـ(فيس بوك) انطلاق فرق التواصل المجتمعي لتوعية مواطني محافظة سوهاج، لكن يبقى الوضع على الأرض بالغ الصعوبة والتعقيد ويحتاج إلى تدخل سريع وحاسم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.