أبو الغار يرفض كوبري البازيليك وهدم قصر برسوم باشا: قرارات تُحول منطقة جميلة لقبيحة.. كيف تخالف الحكومة القانون وتحبس المواطنين إذا خالفوه؟
أبو الغار: مشروعات الكبارى داخل المدن تتم بحسن نية.. ورأى مجموع الخبراء مهم فى كل ما يخص مستقبل الوطن
كتب: عبد الرحمن بدر
علق الدكتور محمد أبو الغار، أستاذ طب النساء والكاتب والمفكر، على الجدل الدائر حول كوبري مصر الجديدة الذي يهددي مباني تاريخية وأثرية.
وقال أبو الغار في مقال اليوم بصحيفة المصري اليوم بعنوان (القاهرة تطلب الرحمة والحفاظ على التاريخ)، إنه يقام فى القاهرة عدد كبير من مشروعات البنية التحتية، الكثير منها كبارى علوية تقام وسط مبان وشوارع قديمة، وتحولت أحياء سكنية إلى طرق سريعة بالقرب من النوافذ والبلكونات.
وتابع: “هناك مجهود كبير يُبذل فى إنشاء شبكة طرق حديثة، ولكن الجميع يعلم أن شبكة الطرق التى تقام فى الصحراء أو بين مدن فى الخلاء أمر مهم ومطلوب، أما داخل المدن فهناك حذر كبير من ذلك لأهمية الناحية الجمالية، وكذلك الحفاظ على التراث بجميع أنواعه وترك مساحات خضراء. هناك أمثلة كثيرة كمشروع كوبرى الفردوس الذى دمر الكثير من المقابر الأثرية المهمة”.
وأضاف أبو الغار: “تم تدمير أجزاء من حى مصر الجديدة وثبت وجود مشاكل كبرى بعد بناء بعض الكبارى، بالإضافة إلى أنه لا يمكن بناء طريق سريع داخل مدينة بين البيوت، فإن هذه المنطقة الجميلة تحولت إلى منطقة قبيحة، وخطرة على السكان الذين يعبرون الشوارع”.
وقال أبو الغار: “الآن تنوى الهيئة بناء كوبرى فى منطقة جميلة وهى البازيليك فى مصر الجديدة، وحسب تقرير المهندس سيف أبوالنجا، أمين عام جمعية المعماريين، فإن الكوبرى سوف يدمر أجزاء تراثية بنظام معمارى متميز منذ عام 1905 وعمارات ذات طراز فريد، والكنيسة الأرثوذكسية العريقة، ومقبرة البارون أمبان، وكنيسة البازليك، وسيكون كوبرى كارثيًا يشوه الميدان ويعطل المرور الذى لا توجد به مشكلة فى هذه المنطقة. بالإضافة إلى ذلك فهو مخالفة واضحة للقانون 119 للبناء. فكيف لحكومة أن تخالف علانية قانون البناء، وفى نفس الوقت تحاسب المواطنين وتسجنهم فى حالة مخالفته؟!”.
وتابع: “ومن ضمن الخطط، هدم القصر الأسطورى الذى بناه برسوم باشا حنا عام 1864 وعمره 167 عامًا فى العباسية، على مساحة 1600 متر مربع، وهو تحفة معمارية من الخارج والداخل، ومسجل فى الآثار برقم 0317000109. دبى، التى يعتبر بعض المسؤولين أنها تحفة معمارية يريدون تقليدها، تتمنى مثل هذا القصر ليكون مزارًا عندهم”.
وأضاف أبوالغار: “أعتقد أن كل مشروعات الكبارى داخل المدن تتم بحسن نية وبرغبة فى تحسين المواصلات، ولكن حسن النية لا يكفى، رأى مجموع الخبراء مهم فى كل ما يخص مستقبل الوطن، والحوار المجتمعى والرأى الشعبى يجب أن يُؤخذ فى الاعتبار”.
يذكر أن مبادرة تراث مصر الجديدة دشنت، حملة توقيعات اعتراضا على مشروع إنشاء الكوبري المزمع إقامته في قلب المنطقة التاريخية والتراثية بمصر الجديدة، بمحيط ميدان البازيليك، واصفين إياه مشوه ومدمر لقلب مصر الجديدة التراثية، مطالبين المسؤولين بتغيير المسار وإيجاد حلول بديلة لأغراضه وتبنى فكر تطويري يحافظ على عراقة المناطق التراثية.
وقال الموقعون على الحملة من أهالي المنطقة إنهم إذ يثمنون المجهودات المبذولة من الدولة لتحسين السيولة المرورية في القاهرة، والتى كان لها أثر كبير فى المحاور الرئيسية، لا يمكنهم إنكار أن منطقة مصر الجديدة لها من خصوصية ثقافية وتاريخية لا يمكن التغاضي عنها عند القيام بأي تطوير أو اقتراحات لحلول.
وعبر الأهالي عن الرفض والانزعاج الشديدين للغالبية العظمى من سكان مصر الجديدة بخصوص هذا الكوبري أن أقيم سوف يدمر هذه المنطقة التراثية المميزة والتى تعد قلب حي مصر الجديدة، بالإضافة للتأثير السلبي على جودة الحياة في هذا الحي العريق والتأثير البيئي والأمني الكارثيين.
وأضاف البيان: “لقد عانينا نحن سكان مصر الجديدة كثيرا خلال الـ15 شهرا الماضيين في صمت خلال تشييد منظومة الكباري التي ساهم أغلبها في تحقيق سيولة مرورية للسيارات العابرة من مصر الجديدة، كما احتملنا بأسى شديد التفريط في مترو مصر الجديدة التراثي و96 فدانا، من المناطق الخضراء والأشجار في الحي وكثير من ذكرياتنا المشتركة من أجل مشاريع الطرق القومية”.
وتابع: “نحن نحتمل بصعوبة كل يوم الزحام المستجد الذي سببه افتتاح محال ومطاعم مخالفة أسفل الكباري الجديدة، لكننا مصدومين من مفاجئة وسرعة الشروع في إقامة كوبري بهذا الحجم في قلب المنطقة التراثية بدون حوار مجتمعي مسبق، حيث لا يوجد احتياج حقيقي له، كما أننا مندهشون لعدم وجود شفافية أو خطة واضحة أو دراسة للأثر البيئي، حيث أن كل هذه المسارات المقترحة تم توسعتها بالفعل منذ أقل من عام عندما تم نزع خطوط المترو، وهي تتمتع اليوم بسيولة مرورية عالية في كل أوقات النهار والليل على مدار الأسبوع”.
وشدد سكان مصر الجديدة على أن المشروع المزمعة إقامته سوف يدمر أكبر وأهم ميدان في مصر الجديدة (ميدان البازيليك) وأكبر وأقدم محور تاريخي بالحي (شارع الأهرام)، بالإضافة للتأثير السلبي على الخدمات من مدارس ومستشفيات وعدم مراعاة إقامته بمحاذاة 3 كنائس مئوية شيدت في بداية القرن الماضي ومئات المنازل والعمارات التي ستتأثر بمزيد من التلوث بسبب عادم السيارات والأنشطة التجارية التي ستختفي أسفل ظلام هذا الكوبري الغير مفهوم والغير مقبول.
ولفتوا إلى أنه تم تسجيل هذه المنطقة التراثية كفئة “أ” لذا هذا المشروع مخالف تماما لاشتراطات منطقة مصر الجديدة التراثية التي نشرت بقرار السيد رئيس الوزراء في يناير 2014، كما أنه مخالف لقانون حماية المناطق التراثية، إلى جانب كل أعراف حماية التراث والتخطيط العمراني والإرتقاء بالمدينة.
وطالب الأهالي بإعادة النظر في المشروعات، مقترحين توجيه هذه الميزانية إلى تحسين مدارس ومستشفيات شرق القاهرة أو ترميم المباني التراثية في حيينا العريق واستخدام حلول بديلة أقل تكلفة (أو بدون تكلفة في بعض الأحيان) إن كان الهدف تحقيق سيولة مرورية أكثر مما هو قائم بالفعل في شارع عثمان بن عفان وعلى سبيل المثال (بترتيب الأولويات وسهولة التنفيذ).
وشملت المقترحات منع المواقف العشوائية للميكروباصات في ميدان صلاح الدين وميدان البازيليك، والتحكم في مسارات هذه المركبات التي ظهرت كبديل لتوقف خدمة مترو مصر الجديدة – مجرد إنفاذ للقانون، ومنع وإغلاق كل المحال والمطاعم المخالفة التي تحتل الأرصفة وأجزاء من الشارع وتسبب الزحام مثل المطعم ناصية عثمان بن عفان وشارع سيدي جابر – أيضا” مجرد إنفاذ للقانون.
كما اقترح الأهالي تحويل مسارات شوارع عثمان بن عفان وهارون الرشيد لإتجاه واحد لسيولة أكبر، وإقامة جراجات تحت الأرض في ميدان صلاح الدين بنظام الـcut & cover الغير مكلف بوجود مساحات كافية لمنازل ومخارج هذه الجاراجات، ومن ثم إنفاذ منع انتظار السيارات على جانبي شارع عثمان بن عفان، بالإضافة إلى كثير من الحلول الأخرى.