إضراب عام عن العمل ومئات الآلاف يتظاهرون في ميانمار احتجاجا على الانقلاب العسكري.. والجيش يرد بفرض الطوارئ في 7 مدن
بي بي سي
قال موقع تلفزيونات بي بي سي أنه تم إعلان الأحكام العرفية في أجزاء من مدينة ماندالاي، ثاني أكبر مدن ميانمار اليوم الاثنين، بعد أن احتشد مئات الآلاف في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على الانقلاب.
وقالت السلطات في بيان إن الأوامر تشمل 7 بلدات في ماندالاي، وتمنع السكان من الاحتجاج أو التجمع في مجموعات يزيد عدد أفرادها على 5، وسيسري حظر التجول من الساعة 8 مساء حتى 4 صباحا.
كما صدر إعلان مماثل في بلدة في الجنوب، ومن المتوقع أن تتوالى إعلانات متعلقة بمواقع أخرى الليلة.
وقال البيان الذي صدر في ماندالاي إن “الأمر سيظل ساريا حتى إشعار آخر”.
وأضاف: “بعض الناس … يتصرفون بطريقة مقلقة يمكن أن تضر بسلامة الجمهور وتنفيذ القانون. ومثل هذه السلوكيات يمكن أن تؤثر في الاستقرار، وسلامة الناس.. ولهذا السبب يحظر التجمع والتحدث علنا والاحتجاج باستخدام المركبات والمسيرات “.
وأصدر جنرالات ميانمار تحذيرا شديد اللهجة من خروج المزيد الأفراد من الاحتجاجات، بعد أن تسارعت وتيرة المظاهرات المناهضة للانقلاب في البلاد.
وكان مئات الآلاف قد نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بالإفراج عن الزعيمة المخلوعة أونغ سان سو تشي.
وفي مواجهة موجة التحدي الجريئة على نحو متزايد، حذرت محطة تلفزيون إم آر تي في الحكومية من أن معارضة المجلس العسكري غير قانونية وأشار إلى شن حملة قمع محتملة.
وقال بيان تلاه مذيع في القناة “يجب اتخاذ إجراءات وفقا للقانون بخطوات فعالة ضد المخالفات التي تعكر صفو الدولة والأمن العام وسيادة القانون وتمنعها وتدمرها”.
وامتنع المجلس العسكري حتى الآن عن استخدام القوة المميتة في مواجهة المظاهرات التي تجتاح معظم أنحاء البلاد، ولكن شرطة مكافحة الشغب استخدمت مع تزايد الضغط خراطيم المياه في محاولة لتفريق الآلاف المتجمعين في ناي بي تاو.
واحتجز الجيش الأسبوع الماضي سو تشي وعشرات من الأعضاء الآخرين في حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي تنتمي إليه، ما أنهى عقدًا من الحكم المدني وأثار إدانة دولية.
وتغلب عشرات الآلاف من الأشخاص على حظر الإنترنت على مستوى البلاد للتجمع في عطلة نهاية الأسبوع في أول موجة كبيرة من معارضة الانقلاب
وبدأت اليوم الاثنين احتجاجات في جميع أنحاء البلاد مصحوبة بإضراب عن العمل على مستوى البلاد.
وتدفقت في يانجون، العاصمة التجارية للبلاد، الحشود على الطرق الرئيسية بالمدينة، ما أدى إلى شل حركة المرور .
وردد المتظاهرون هتافات “تسقط الدكتاتورية العسكرية”، و “أطلقوا سراح داو أونغ سان سو تشي”، مشيرين برفع ثلاثة أصابع كرمز إلى حركتهم، وأطلقت أبواق السيارات.
واكتسبت الدعوات إلى الإضراب على مستوى البلاد زخما خلال عطلة نهاية الأسبوع، حين انسحب عمال النسيج وموظفو الخدمة المدنية وموظفو السكك الحديدية من العمل في المركز التجاري.
ومن بين المتظاهرين معلمون، ومحامون، وموظفو بنوك، وموظفون حكوميون. وسار حوالي ألف معلم من بلدة في يانغون باتجاه معبد سولي باغودا في قلب المدينة الرئيسية في ميانمار.
وقال أحد المتظاهرين، وهو عامل في مصنع للملابس يبلغ من العمر 28 عاما، ويدعى هنين ثازين، لوكالة فرانس برس “هذا يوم عمل، لكننا لن نعمل حتى إذا خفضت رواتبنا”.
وانضم عامل البناء شيت مين، البالغ 18 عاما، إلى مسيرة يانجون، قائلاً إن ولاءه لسو تشي يفوق المخاوف بشأن وضعه المالي.
ونقلت عنه وكالة فرانس برس قوله: “أنا عاطل عن العمل منذ أسبوع بسبب الانقلاب العسكري، وأنا قلق على بقائي”.
وسارت بالمثل حشود كبيرة في ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وقد أمسك كثير من المتظاهرين بصور سو تشي وأخذوا يلوحون بالأعلام الحمراء.
من جانبها استخدمت الشرطة في مدينة ناي بي تاو، عاصمة ميانمار، خراطيم المياه في مواجهة العمال الذين بدءوا إضرابا على مستوى البلاد احتجاجا على الانقلاب العسكري.
ويظهر أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت المتظاهرين وهم يفركون أعينهم ويساعدون بعضهم البعض بعد غمرهم بالماء.
وقال كياو زيار أو، الذي صور مقطع الفيديو، لبي بي سي إن مركبتين من خراطيم المياه رشتا المتظاهرين “بدون تحذير مسبق” بينما “كان الحشد يتظاهر بشكل سلمي أمام الشرطة”.
وأضاف أنه بحلول ظهر الاثنين، كان الوضع “هادئا تماما”، إذ استمرت الحشود في التجمع، لكن عربات خراطيم المياه كانت لا تزال موجودة.
ولم ترد تقارير حتى الآن عن وقوع أعمال عنف.
وتولت ردود الأفعال على الإنقلاب العسكري، فمن جانبه قاد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دعوات عالمية للجنرالات للتخلي عن السلطة.
ودعا البابا فرانسيس، اليوم الاثنين، إلى الإفراج الفوري عن الزعماء السياسيين المسجونين.
وقال أمام تجمع للدبلوماسيين “الطريق إلى الديمقراطية الذي بدأ في السنوات الأخيرة انقطع بفظاظة بسبب الانقلاب الذي وقع الأسبوع الماضي”.
وأضاف: “أدى ذلك إلى سجن قادة سياسيين مختلفين، وآمل أن يفرج عنهم على الفور تشجيعا للحوار الصادق”.
وقال مبعوث بريطانيا إلى مجلس حقوق الإنسان الاثنين إنه قدم طلبا لعقد جلسة خاصة للمجلس التابع للأمم المتحدة لمعالجة الأزمة في ميانمار ، حيث استولى الجيش على السلطة قبل أسبوع.
وقال السفير جوليان بريثويت إن طلب بلاده “يأتي استجابة لحالة الطوارئ التي فرضها الجيش في ميانمار والاحتجاز التعسفي للسياسيين المنتخبين ديمقراطيا والمجتمع المدني”.
وأضاف أن هذا له عواقب خطيرة على حقوق الإنسان في البلاد.
وحث المشرعون في جنوب شرق آسيا جيش ميانمار على احترام حقوق الشعب في الاحتجاج.
وكان الجيش قد استولى على السلطة في الأسبوع الماضي بعد أن ادعى دون دليل أن الانتخابات السابقة كانت مزورة.
وأعلن الجيش حالة الطوارئ لمدة عام في ميانمار، المعروفة أيضا ببورما، وسلمت السلطة إلى القائد العام للقوات المسلحة مين أونغ هلاينغ.
ووضعت سو تشي وكبار قادة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، ومن بينهم الرئيس وين مينت، قيد الإقامة الجبرية.
وحل الجيش محل الوزراء والنواب، بما في ذلك وزارات المالية والصحة والداخلية والشؤون الخارجية.
كما حظر الوصول إلى فيسبوك، الذي يستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، وتويتر وانستغرام، لكن الخدمة أعيدت مرة أخرى بشكل غير منتظم.
لكن تلك الإجراءات لم توقف الاحتجاجات الكبيرة على مستوى البلاد يومي السبت والأحد، وهما اليومان اللذان شهدت فيهما البلاد أكبر احتجاجات منذ ما يسمى بثورة الزعفران في عام 2007، عندما انتفض الآلاف من الرهبان في البلاد على النظام العسكري.