في وداع وحيد حامد.. فنانون ومثقفون وشخصيات عامة يودعونه: موهبة أقوى من القمع.. (عن رجل أحب الناس وأحب أيامه)
إبراهيم عبد المجيد: ركب الصعب ليقدم لنا فنًا راقيًا.. وعزت القمحاوي: نسينا أنه واحد من أصحاب الكلمات الرشيقة في المقال
يسري نصر الله: موهبته وإحساسه بالناس كانت أقوى من أي قمع.. أحمد فوزي: كان نصيرا للتحرر والتقدمية ومؤمن بحق الإنسان في حياة كريمة
جمال عيد: كنا بنحترمك واحنا متفقين.. وبنحبك واحنا مختلفين.. البقية في حياة الملايين اللي حبوه وحبوا إبداعه
أكرم إسماعيل: كان أهم الشبابيك المفتوحة على الواقع الاجتماعي من أرضية تقدمية.. وانتزع مشروعه مساحة من الأجهزة.. وداعًا يا عم وحيد
كتب – أحمد سلامة
نعى عدد من الفنانين والروائيين والشخصيات العامة الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، والذي غيبه الموت صباح اليوم عن عمر ناهز 77 عامًا.
كتب نجله مروان حامد، في صفحته الرسمية بـ”فيس بوك”: “إنا لله وإنا إليه راجعون. تُوفي إلى رحمة الله- تعالى- أبي الغالي الكاتب الكبير وحيد حامد. البقاء والدوام لله وحده”.. مشيرا إلى أن صلاة الجنازة ستقام في مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد بعد صلاة الظهر.
وقال الأديب إبراهيم عبد المجيد “وحيد حامد يترجل هو الذي ركب الصعب ليقدم لنا فنا راقيا.. وحيد حامد يرحل ليمتلئ الفراغ بالذكريات من أفلامه ولقاءاته وكتاباته.. يارب تغمده برحمتك لقد أسعد الملايين عبر الزمان وسيظل يسعدهم.. إذا كنت ناسيًا أو لم تعاصر وحيد حامد منذ بداياته بفيلم طائر الليل الحزين عام 1977 فادخل علي ويكيبيديا وانظر كم الأفلام والمسلسلات والمتثيليات الإذاعية والمسرحيات وموضوعاتها الجريئة وسيقف أمامك سؤال (شوف كنا فين وبقينا فين ياقلبي)”.
فيما قال الروائي عزت القمحاوي “لم يكن كاتب دراما متميزًا فحسب، لكن الصحافة ماتت قبله فنسينا أنه واحد من أصحاب الأقلام الرشيقة في المقال، كتب في كل ما يهم الناس، وآخر قضاياه الكبيرة كان كشفه شبكات الفساد في مستشفى التبرعات الفخم، وأغلقت القضية على صديدها، ثم غمر الصمت كل شيء”.
وعبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، نعت الفنانة هند صبري الكاتب الراحل قائلة “أهم مؤلفي السينما العربية عبر خمسين عاما. عبرت أعماله عن كل قضايا الانسان العربي. وهو واحدا ممن جعلونا نحب السينما. شرفت بالعمل معه وقبلها كنت من عشاق أعماله، رحم الله الاستاذ #وحيد_حامد وخالص العزاء لأخي مروان حامد والأسرة الكريمة وأسرة الفن العربي كله”.
أما الفنانة كنده علوش فقد قالت “البقاء لله في الأستاذ العظيم وحيد حامد المبدع الكبير الذي فتح بكتاباته للسينما العربية آفاق جديدة ومختلفة وخلف وراءه روائع خالدة لن تنسى.. الأستاذ وصاحب الفكر التنويري الذي نهل منه كل صناع وعشاق السينما في مصر والعالم العربي.. عزائي لابنه الصديق الأستاذ مروان حامد ولكل محبيه وعشاقه”.
وقال المخرج يسري نصر الله “مافيش كلام يقدر يعبر عن إحساسي بخسارة وحيد حامد.. حزن؟ أكيد. بس هي حاجة بتتجاوز الإحساس بالحزن. زي فقدان بوصلة أو فقدان توازن.. واحد كان بيديني إحساس بالقوة لما يكتب فيلم أو مسلسل ويتعمل وألاقي فيه كل إللي بيوجعني ويوجع ناس كتيرة، وألاقي الموهبة المهولة اللي بيحكي بيها الحاجات دي ويبقى مبهج، وذكي، ولامع، ودمه خفيف. حاسس بالدنيا وحاسس بالناس.. واحد وفي لأصدقائه، ووفي لكل الناس اللي حبت أعماله ومواقفه..واحد دخل في وجدان الناس بموهبته وفنه”.
وأضاف نصر الله “وغصب عن أي حد كان وحيد حامد بيلاقي الطريقة إللي شغله وفنه يشوفوا النور، فنه وموهبته وكرمه عملوله أصحاب كتار جدا، وعملوله أعداء طبعا، كان بيعرف يسحقهم أو على الأقل يحيدهم بفروسيته، وحيد يمكن آخر واحد من الفنانين والمثقفين الكبار اللي موهبتهم وإحساسهم بالناس كانت أقوى من أي قمع، نوع من الفنانين اللي عاش زمن فيه الموهبة والفروسية يتعمل لهم ألف حساب. زمن كان لسة بيشوف وبيسمع.. مع السلامة ومعاك كل الحب يا وحيد.. يا أستاذ وحيد حامد”.
النعي تجاوز الفنانين والأدباء والمخرجين، فتأثير وحيد حامد امتد إلى كثير من الفئات.. لقد دخل الراحل قلوب كل المؤمنين به وبأعماله، ولن يخرج.
الإعلامي شريف عامر، قال في نعيه للراحل الكبير، “المشكلة أنهم لا يعوضون، يتركون مساحة لا يملؤها إلا الفراغ، ثم نهبط بالمعايير، ونرضى بقليل، ونبقى على افتقادهم و وحشتنا”.. فيما قال جمال سلطان “غادرنا الكاتب الفذ، صاحبته في سفرات وندوات فوجدته نقي القلب والضمير، صاحب البريء، والذي أهدانا عبارته الحالمة : إلى عشاق الحرية والعدالة في كل زمان ومكان، ولو كتب هذا السيناريو ورسالة ختامه هذه الأيام ، لصنفوه إرهابيا ، وقضى ما تبقى من عمره في سجن العقرب، يرحمه الله”.
الصحفي والكاتب أنور الهواري نعى الراحل قائلا “أستاذنا النبيل الأصيل وحيد حامد عاش من أجل رسالة، ومات على مبدأ، ولقي وجه ربه معززًا مكرمًا، تقبله الله بوافر رحمته ومثوبته ومغفرته وبره وكرمه، وهذا عزاء خالص لأهله الأقربين وتلاميذه ومحبيه وجمهوره الكريم”.
الإعلامية إيمان أبو طالب قالت “إنا لله وإنا إليه راجعون.. الأستاذ الكبير وحيد حامد في ذمة الله.. ما أصعب أن يرحل عن عالمك صاحب القلم الحر والرؤية الصادقة والفكر المستنير الذي يبني الأمم، الموت مشيئة الله وليس من الرحيل يد ليس في الفجيعة أقسى من الغياب، وليس في الغياب أوجع من رحيل القامات الحقيقية والصادقين في هذا الزمان.. لقد قلت يا أستاذ في تكريمك (أنا أحببت أيامي) ونحن أحببناك وأحببنا أيامك وقلمك وفكرك وصدقك في زمن عز فيه الصادقين”.
بينما قال محمود نصار “وحيد حامد في أواخر لقاءاته التليفزيونية لما كان بيتسأل (ليه مش بنشوف لحضرتك أعمال مؤخراً؟).. الراجل كان بيجاوب بمنتهى الأريحية: (بحكم السن، أنا مَعين الكتابة نضب عندي خلاص).. كنت بحزن كل ما أسمع منه الإجابة دي لأني كنت بحس إنه بيرثي نفسه على الملأ..بس يشاء صاحب المشيئة إن ماتكونش دي أخر ما نفتكره بيه..ويختار لحكايته قفلة شبه كتاباته جداً..كأنه هو اللي كاتبها لنفسه..بجملة واحده فيها من الرقة والبساطه والذكاء تخليها تلمس قلبك وتشبط في دماغك ماتنسهاش..وتطمنك على بطل الحكاية إن قصته خلصت وهو راضي ومبسوط.. (أنا حبيت أيامي)”.
ولم يتوقف نعي الكاتب الكبير عند حدود الروائيين والفنانين، وإنما امتد كذلك إلى الحقوقيين ورموز عدد من الأحزاب السياسية الذين عبروا عن حزنهم العميق لخسارة أحد أبرز صناع السينما.
جمال عيد، المحامي الحقوقي، قال “الله يرحمك، كنت مبدع وفنان، كنت دايما بشوفه صنايعي سيناريو وبيفكرني بفؤاد حداد في الشعر، وفيه أجمل ما في كل إنسان مبدع، عنده موقف بيدافع عنه، سواء اتفق أو اختلف معه الآخرين.. وحيد حامد راح لعاطف الطيب ومحمد خان، كنا بنحبك ونحبهم، كنا بنحترمك واحنا متفقين. وبنحبك واحنا مختلفين.. البقية في حياة الملايين اللي حبوه وحبوا ابداعه.. مع السلامة يا استاذ وحيد.
وكتب الدكتور حسن نافعة “حزنت لرحيل الكاتب الفنان وحيد حامد.. لم نلتقِ وجها لوجه ولكن كانت بيننا حوارات مطولة عبر الهاتف بين الحين والآخر، اتفقنا في أشياء كثيرة واختلفنا في أخرى ولكن الاحترام المتبادل ظل متصلا.. رحم الله وحيد حامد وغفر له واسكنه فسيح جناته.. عزاءي لأسرته ولاصدقاءه ومحبيه”.
المحامي الحقوقي أحمد فوزي، والأمين العام السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي، عبر عن صدمته في الرحيل قائلا “جيل وحيد حامد، اه انا بعتبر نفسي من جيل وحيد حامد مولود أول السبعينات وطفلها، ومراهق الثمنينات، وشاب التسعينات، لم يكن وحيد حامد بالنسبة لجيلنا سينارست أفلام و مسلسلات فقط، بل كان شريك في رسم شخصيات تأثرنا بها كثيرًا، كان حوار وحيد حامد بالنسبة لي الأروع، من إبراهيم الطائر، وأحمد سبع الليل، وأبو المعاطي شمروخ، وخميس سفر الأحلام، لحد مولانا فى فيلم الأولة في الغرام، وبينهم أساطير تانية، كل جملة قالها على لسان كاركتر عنده كنت بستمتع بها، ولم يكن شعبويا، و نصير للتحرر و التقدمية، ومؤمن بحق الإنسان في حياة كريمة يعيش فيها بكرامته الله يرحمك، على قد ما حرضتنا على التفكير و المتعة و الانبساط”.
المهندس أكرم إسماعيل، عضو حزب “العيش والحرية – تحت التأسيس”، كتب يقول “دراما وحيد حامد كانت من أهم الشبابيك المفتوحة على الواقع الاجتماعي المصري من أرضية تقدمية.. وبلا أكليشهات أو حنين.. لكن النجاح مش بس في تقديم الدراما النقدية القاسية من إبراهيم الطائر للبريء للعب مع الكبار والنوم في العسل والمنسي ومعالي الوزير واضحك الصورة تطلع حلوة.. لكن النجاح في فرض ده على أهم نجوم السيما وإقناعهم إن ده مكانهم مش الهلس والحنجله.. واقناع الدولة وأجهزتها بترك المساحة دي لنقدها قدام الناس.. وحيد حامد فرض مشروعه على main stream سينما وانتزع مساحة من الأجهزة في صيغة تحسب له.. الفن والثقافة الجادة عشان يفرض نفسة للدرجة دي في واقع بائس وقمعي زى بلدنا عايز عقول مش بس فنانين.. عقول بتشوف الفرصة وتنتزعها بالموهبة والسياسة والتفاوض وتقنع بيها الجميع.. وحيد حامد هو أحد أهم هذه العقول في الأربع عقود اللي فاتوا إن لم يكن اهمهم.. لكن كل حاجه بنت زمنها وتقييم الناس لازم يتحدد بزمنها مش بأداءها في أزمنة لم تعد تناسبها.. وداعا يا عم وحيد”