جيسي كيلي زوجة كريم عنارة تكتب لنيويورك تايمز عن تفاصيل اعتقاله: عندما تحول نشطاء حقوق الانسان لورقة تفاوض مع بايدن
أنا وكريم اتممنا مراسم زواجنا في وزارة العدل قبل شهرين لنبدأ حياة جديدة.. هذه الحياة تداعت بسرعة يوم الاثنين 16 نوفمبر
قبل يومين من القبض عليه قال لي في مكالمة تليفونية “أحبك.. الضباط اقتحموا منزل والدتي”.. انقبضت معدتي وبدأت ارتجف
صدمني خبر القبض عليه بينما كنت أقود دراجة عائدة من زيارة طبيب الأسنان إلى منزلي في لندن ترجلت وبدأت أبكي
ليس مصادفة أن يتم القبض على كريم وزملائه بينما يترك الرئيس ترامب منصبه وتستعد إدارة بايدن لتولي السلطة
تريد الحكومة المصرية إرسال رسالة أن حلفاءها الدوليين الذين ينتقدون اوضاع حقوق الإنسان لن يجرؤوا أبدًا على الدفاع عن النشطاء
ترجمة – نور علي
فاتني الاتصال الأول من كريم، كنت أشاهد التلفاز، وكان هاتفي صامتًا. في اليوم السابق ، تم اعتقال أحد زملاء زوجي من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – إحدى آخر منظمات حقوق الإنسان المتبقية في مصر -. لكن كريم طمأنني: كان يأخذ استراحة لبضعة أيام على الشاطئ. قال لا داعي للقلق، هو دائما يقول لي ذلك.
قبل شهرين تزوجنا أنا وكريم عنارة في وزارة العدل بالقاهرة. كلما دخل كريم مباني حكومية ، كان يشعر بالتوتر – وهذا أمر مفهوم. إنه مدافع عن حقوق الإنسان في بلد تم فيه اعتقال حوالي 60 ألف شخص كسجناء سياسيين. استغرق تنظيم حفل الزفاف شهوراً، وكان التوقيع على الزواج بوزراة العدل هو العقبة البيروقراطية الأخيرة . عندما كنا على وشك التوقيع على عقد الزواج ، تعطل سيستم الكمبيوتر وحذرنا مسؤول في وزارة العدل أن الأمر قد يستغرق ساعات أو أيام حتى يعمل مرة أخرى. كانت تأشيرتي المصرية ستنتهي في اليوم التالي ؛ وهو ما يعني أننا سنواجه تأجيلا طويلا كان سيعيدنا إلى المربع الأول. لكن السيستم عاد للعمل مرة أخرى بعد بضع دقائق، فيما بدا أنها علامة، خرجنا من المبنى كزوج وزوجة، مستعدين لبدء حياة جديدة.
عندما رددت أخيرًا على مكالمة كريم يوم الاثنين، 16 نوفمبر، تداعت تلك الحياة بسرعة، أخبرني كريم أن فريقًا من ضباط الشرطة كانوا قبل قليل في منزل والدته لاعتقاله، قال بصوت متكسر: “أنا آسف للغاية، كان يجب أن أغادر مصر عاجلاً، أنا أحبك كثيراً”. شعرت بانقباض في معدتي وبدأت أرتجف.
بعد يومين، وصلت قوات أمن الدولة إلى مطعم على شاطئ البحر حيث كان كريم يأكل – كان أحد المطاعم المفضلة لديه لأن لديه آيس كريم جوز الهند – وأخذوه بعيدًا، صدمني الخبر بينما كنت أقود دراجة عائدة من زيارة طبيب الأسنان إلى منزلي. ترجلت من على دراجتي وبدأت أبكي.
في وقت لاحق من ذلك المساء فقط، أدركت أن هناك صلة مباشرة بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية وبكائي على جانب الطريق في شرق لندن.
بصفته مدير وحدة العدالة الجنائية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أمضى كريم سنوات في توثيق الاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدامات الجماعية التي نفذتها الحكومة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. قام كريم بهذا العمل في نفس الوقت الذي عرضت فيه الولايات المتحدة على السيسي المساعدة والسلاح والدعم السياسي.
ليس من قبيل المصادفة أن يتم القبض على كريم في الوقت الذي كان فيه الرئيس ترامب – الذي وصف السيسي ذات مرة بأنه “الديكتاتور المفضل” – في طريقه لترك منصبه ، وتستعد إدارة بايدن لتولي السلطة.
اعتقال كريم هو محاولة متعمدة واستفزازية “لتحريك الوضع” قبل تنصيب جو بايدن، خاصة وأن السيد بايدن تعهد بأنه: “لا مزيد من” الشيكات على بياض “للسيد السيسي. أما الحكومة المصرية فتحاول إثبات أن هذه التهديدات لن تمنعها من اعتقال حتى أبرز النشطاء في مصر.
كريم ، و زملائه محمد بشير وجاسر عبد الرازق – مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- يتم استخدامهم كبيادق في لعبة حافة الهاوية الجيوسياسية. وجميعهم محتجزون في طرة، أحد أكثر السجون المصرية شهرة، حيث تحذر منظمة العفو الدولية من أن الظروف “قاسية” و”غير إنسانية”. لكن اعتقالهم بالنسبة لشركائهم وأصدقائهم العديدين في جميع أنحاء العالم الذين حشدوا للمطالبة بحريتهم، ليس لعبة.
يوم الاثنين ، سُمح لجاسر لفترة وجيزة بمقابلة محاميه وأبلغهم بأنه محتجز في الحبس الانفرادي في زنزانة باردة دون ملابس شتوية ، وينام على سرير معدني بدون مرتبة ؛ وتم حلق شعره. أما كريم فمنذ دخوله طرة الخميس الماضي ، لم نتواصل معه بعد.
كريم شجاع ورحيم ومهتم بشدة بحرية ورفاهية مواطني بلده، وهو الشخص الذي يجب أن تبني مصر مستقبلها من حوله. وبدلاً من ذلك ، يواجه هو وزملاؤه تهماً ملفقة، بما في ذلك اتهامات سخيفة بالانتماء إلى جماعة إرهابية، ونشعر بالرعب من أنهم قد ينضمون قريبًا إلى الأعداد المتزايدة باستمرار لأولئك الذين يختفون في سجون مصر إلى أجل غير مسمى.
حظي العمل الذي تقوم به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بإشادة دولية، وفي وقت سابق من هذا الشهر استضافت المنظمة دبلوماسيين من 13 دولة غربية ، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وكندا، لإطلاعهم على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر. حاول كريم التقليل من أهمية الاجتماع بالنسبة لي، لكني استطعت أن أقول إنه متحمس؛ في ذلك الصباح أرسل لي صورة للبدلة التي كان يرتديها، يبدو الآن أن هذا الاجتماع كان الدافع وراء الاعتقالات اللاحقة. الحكومة المصرية تريد إرسال رسالة مفادها أنه على الرغم من التشدق بالكلام بشأن مخاوف حقوق الإنسان، فإن حلفائها الدوليين – بمن فيهم السيد بايدن وإدارته الجديدة – لن يجرؤوا أبدًا على الدفاع عنهم.
كان كريم يخطط للانتقال إلى لندن في العام المقبل للعيش معي، لم أستطع الانتظار حتى يكون بجانبي. على الجانب الآخر فإن السياسيين عندما يواجهون انتقادات بالتقرب من الطغاة، غالبًا ما يدافعون عن أنفسهم بالإصرار على أن هذا هو ثمن القدرة على ممارسة التأثير عندما يكون الأمر مهمًا. هذا التأثير مهم الآن.
جيسي كيلي – مخرجة
Pingback: سكارليت جوهانسن تطالب بالإفراج عن قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – مصر 360