افتكروهم واكتبوا عنهم.. الصحفي خالد داوود مناضل في الحبس لأكثر من عام جريمته الحقيقية “الحرية”.. الصحافة مش جريمة
كتب – أحمد سلامة
“فخ اصطياد المعارضين”، مسمى أطلقه المتابعون على القضية 488 لسنة 2019، تلك القضية التي يقبع بسببها العشرات رهن الحبس.. وربما كان التوصيف صحيحًا، فالقضية “اصطادت” المعارضين ولم ترحمهم.. قامات وعلامات بارزة في تاريخ النضال الوطني خلال السنوات الماضية باتت لهم الزنازين مُستقرًا ومستودع؛ أساتذة علوم سياسية ونشطاء وحقوقيون ورؤساء أحزاب سابقين.. وصحفيون.
فجر الأربعاء 25 سبتمبر عام 2019، ألقي القبض عليه من منزله بالقاهرة أثناء توجهه لزيارة والده، بعدها تم اقتياده إلى وجهة غير معلومة، ليظهر بعد ساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية، ثم صدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق، ومنذ ذلك الحين يتجدد حبسه.
خالد داوود، الرجل الذي جمع بين النضال الصحفي والنضال السياسي، فكان السجن أولى -في نظر البعض- باحتواء هذا النضال الذي لا يلين.
قائمة الاتهامات الموجهة لداوود شملت مشاركة جماعة إرهابية تحقيق أغراضها، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وضمت القضية إلى جانبه الدكتور حازم حسني، والمناضل العمالي كمال خليل، والمحاميين الحقوقيين عمرو إمام وماهينور المصري، والصحفيين إسراء عبدالفتاح وسولافة مجدي وزوجها حسام الصياد، والناشط محمد صلاح، والباحث إبراهيم عز الدين، وآخرين.
لم تراع الاتهامات أن خالد داوود كان أحد المناضلين ضد استمرار الإخوان في الحكم، ففي فترة حكم الإخوان وحتى ثورة 30 يونيو، كان داوود المتحدث الرسمي لجبهة الإنقاذ المعارضة، التي قادت الحراك ضد توجهات الجماعة والرئيس الأسبق المنتمي لها محمد مرسي، وتعرض في سبيل ذلك للاعتداء ومحاولة اغتيال من عدد من أنصار الجماعة، لكن موقفه من الجماعة لم يشفع له أمام النظام للقبض عليه بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية.
“العمل الصحفي/العمل العام”، ثنائية كان كفيلة بإلقاء داوود خلف القضبان باتهامات رأى البعض أنها واهية.. ففي الوقت الذي يعاني فيه عدد كبير من الصحفيين بسبب التضييق والمطاردة والحبس، وفي الوقت الذي يعاني فيه النشطاء من الملاحقات والاتهامات.. جمع الصحفي خالد داوود إلى جانب مهنته رؤى سياسية دفعته إلى معارضة النظام القائم كما عارض النظام السابق.
يشغل داوود منصب مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلي، كما أنه أستاذ في كلية الإعلام بالجامعة الأمريكية، التي تخرج فيها عام 1989، وحصل منها على الماجستير في الإعلام في السنة اللاحقة، كما حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة لندن.
بعد تخرجه عمل داود مراسلا للأهرام في العاصمة الأمريكية واشنطن، لمدة ما يقارب 4 سنوات حتى 2006، كما كان مراسلا لقناة الجزيرة في الأمم المتحدة منذ 2006 حتى 2011، فضلا عن عمله مع العديد من المؤسسات الإعلامية الدولية وعلى رأسها: رويترز، وبي بي سي، والجارديان.
كما شغل داوود منصب رئيس حزب الدستور قبل قراره الاستقالة من منصبه، كما أنه المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، التي تجمع عددا من الكيانات الحربية والسياسية والشخصيات العامة المنتمية للتيار المدني المعارض، والتي يقبع العديد من أعضائها إلى جانب داود داخل السجون حتى الآن.
مُدافعًا عن الحريات من خلال عمله الصحفي، ومُدافعًا عن قيم الديمقراطية؛ انطلق خالد داوود مُسببًا (الإزعاج) المرفوض لدى البعض، لكن إزعاجه لم يتوقف حتى بعد حبسه.. فمنذ القبض عليه تقدم خالد داوود بعدة شكاوى للنيابة من سوء أوضاع احتجازه في سجن ليمان طره، حيث عانى لشهور من منع دخول أي متعلقات شخصية أو ملابس، وأكد المحامي محمد عبدالعزيز عدم وجود أي إجراء قانوني يمكن اتخاذه في قضية الزميل – الذي يجدد حبسه الآن كل 45 يوما- سوى الانتظار حتى عودة الجلسات مرة أخرى.
لم تنقطع حملات التضامن مع خالد داوود منذ محبسه، أبرزها ما صدر عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي طالب بالإفراج عنه، مشددًا في بيان أصدره على أنه “يجب الإفراج عن داود وكل سجناء الرأي السياسيين والقيادات الحزبية للقوى الديمقراطية، والكف عن استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة سالبة للحرية”.
وتساءل الحزب “ما جريمة خالد داود الحقيقية التي يعاقب عليها؟ وعن الحبس الاحتياطي المطول الذي يُتخذ كعقوبة سالبة للحرية؟ وعن مغزى حبس السياسيين المنتمين لأحزاب شرعية وفقاً للدستور؟ إلى متى تستمر مطالبتنا دون جدوى بفتح المجال العام وإتاحة المشاركة في الحياة السياسية والحزبية دون ملاحقة أمنية؟”.
في عيد ميلاده، يوليو الماضي، أرسل عدد من أصدقاء خالد داود رسائل تطالب بالإفراج عنه يقول المحامي الحقوقي أحمد فوزي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي، عنه ”النهاردة عيد ميلاد الصديق العزيز خالد داود، أنا عاشرت خالد سنوات طويلة فى جبهة الإنقاذ فترة حكم الإخوان، ثم جمعتنا أعمال تنسيقية ومهام حزبية مشتركة، ثم فترة الحركة المدنية الديمقراطية، وحملة خالد علي”.
وأضاف فوزي “في كل المحطات دي أكثر ما لفت انتباهى هو أنني قدام شخص طيب القلب بطريقة تفرس، إنسان متصدقش من كتر طيبة قلبه والخير اللي جواه انه فى السن ده أو الخبرة دي، و أن لسه فى ناس كده، وتحس أنه بيستعبط مثلا، لكنه فعلا طيب وصادق وعلى نياته وشجاع وجسور، والله واحشني منكفاتي معاك يا خالد والفرسة اللي كنت بتفرسها لى بطيبتك وسماحتك وفطرتك الطيبة، كل سنة وانت جدع ويارب الأيام الجاية يفرجها عليك انت وزياد وحسام وهشام وعمرو إمام واسراء ونهى وعبد الناصر وقصاص وباقر وعلاء ودومة وكل الطيبين اللي المفروض مكانهم مش في السجن”.
وفي 29 سبتمبر الماضي، وبمناسبة مرور عام على حبسه، نشرت صفحة حزب الدستور فيديو تضامني في ذكرى مرور عام على حبس رئيس الحزب السابق الزميل الصحفي خالد داوود في إطار حملة للمطالبة بالإفراج عنه.
شارك في الفيديو المهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامي الذي قال أخي وصديقي خالد داوود ما زلت أتذكرك يوم الاعتداء الغاشم عليك من جماعة الإخوان المتأسلمين وكيف تعرضت للضرب وتكسير عظام وكنت في حالة سيئة للغاية بالإضافة إلى ما تعرضت له سيارتك وهذا يمكن أن يكون رد على ما يقول عليك من التعاون مع جماعة إرهابية.
كما قال علي جودة في الفيديو في رسالة إلى خالد داوود حشتنا قوى وحشتنا القعدة معاك، أنت مصري حتى النخاع بتخاف على البلد ومعتقل ظلم ومن اعتقلك عرف إنك مظلوم.
وقال حمدين صباحي المرشح الرئاسي الأسبق: أخي وصديقي وحبيبي خالد داوود كل يوم يمر عليك في السجن قيمتك بتزداد تضحيتك بسنة من عمرك من أجل هذا البلد أن يعيش في حرية وعيش وعدالة اجتماعية هذا العطاء لن يذهب سدى.
وقالت المهندسة سحر إبراهيم العضو بحزب الدستور: خالد داوود الصحفي والإعلامي المعروف وزميلنا في حزب الدستور معتقل من سنة وبدون محاكمة مثل كثيرين محبوسين بدون محاكمة لأنهم قالوا رأيهم، رأي عادي لم يحض على إرهاب أو عنف أو كراهية.
وقال علاء الخيام: خالد داوود وحشتني جدا جدا وأتمنى فعلا اقابلك، أنت بتدفع التمن نيابة عننا كلنا بسبب تمسكك بمبادئك ودفاعك عن ثورة 25 يناير، الحق هيظهر في يوم من الأيام، والعدل أكيد جاي.
وشارك جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في القيديو قائلا: خالد داوود بقاله سنة في السجن وده جيل المستقبل اللي كلنا بنراهن عليه، يجب الإفراج عن خالد داوود لأنه شخصية محترمة ومعملش حاجة تستاهل إنه يتسجن المدة دي كلها.
وقال حزب الدستور: في ذكرى مرور عام على حبس خالد داوود رئيس الحزب السابق و في إطار الحملة المطالبة بالإفراج عنه نشكر كل من ساهم وندعو كل المؤمنين بالحرية التضامن معنا للمطالبة بالإفراج عن كل سجناء الرأي والتوقف عن استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة.
وأضاف سنظل مستمرين في مطالبتنا لفتح المجال العام للمشاركة في الحياة السياسية بشكل آمن لبناء دولة ديمقراطية حقيقية يسودها العدل.