السلطات الدينية العراقية تعتمد “بيان الأديان” للتبرؤ من عنف داعش والاعتراف بمعاناة ضحايا العنف الجنسي
كتبت/ حنان فكري
قال كريم خان، المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة المعني بتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها داعش في العراق، أن الزعماء الدينيين تحدثوا، عبر بيان اسموه “بيان الاديان” ووصف خان البيان ب “التاريخي” لما حققه من توحد الاصوات فى الاقرار بالمعاناة الهائلة التي تعرض لها أفراد مجتمعاتهم نتيجة العنف المبني على الجنس.
يأتي “بيان الأديان” بعد جهد حثيث قام به خان وفريقه في الميدان مع السلطات المحلية والدينية. كما يتزامن مع زيارة أداما ديانج، وكيل الأمين العام ومستشاره الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية، إلى العراق، الذي جال على المعنيين، مؤكدا دعم الأمم المتحدة لهم في سعيهم إلى تحقيق العدالة للضحايا والناجين وعائلاتهم ومجتمعاتهم.
ويؤكد خان ان هذا البيان يمثل الأرضية المشتركة بين الأديان، والتي حولها يمكن أن تتجمع الجماعات الدينية الرئيسية في العراق على الأقل من الشيعة والسنة والكاثوليك والإيزيديين، لتقول وبصوت واحد لا لبس فيه، إن العدالة ضرورية للضحايا والناجين، وإن احترامهم ضروري، وإن المساءلة شرط أساسي لتحقيق الاستقرار.
ويشير خان الى ان النقاط الرئيسية مفادها أن جميع الأديان تنبذ وتندد أيديولوجية تنظيم داعش باعتبارها تتعارض تماما مع التعاليم الدينية الأساسية التي تمثلها (تلك الأديان). إنه التقاء بين الأديان المختلفة التي ترفض، بكل إيمانها، أيديولوجية داعش باعتبارها مضادة تماما، ليس فقط لهذا الإيمان، بل للقيم الأساسية للإنسانية. كما ان بيان الأديان يشدد على ضرورة احترام الناجين ودعمهم حتى يتمكنوا من الاستمرار في حياتهم على الرغم من الندوب التي يحملونها والصدمات النفسية التي يعانون منها.
الاعتراف بضحايا العنف الجنسي
ايضا تم الاعتراف بمعاناة جميع الضحايا، ولكن بشكل خاص ضحايا العنف الجنسي. والتأكيد على أن وصمة العار يجب ألا تعلّق على صدر هؤلاء الناجين على الإطلاق، بل ينبغي أن يوصم بها مرتكبو تلك الأعمال الشنيعة.
كما اتفق الزعماء الدينيين حول مبدأ أن الأطفال يولدون أبرياء -بغض النظر عن الكيفية التي جاءوا بها أو كيف تأثروا بجرائم داعش-، إنه الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للقانون الدولي بأن يُعاملوا بلطف ومحبة.
كما أكد البيان على أهمية عودة المجتمعات النازحة التي أجبرت على الفرار. وهي خطوة إيجابية للغاية تتمثل في أن هؤلاء القادة الدينيين (البطريرك ساكو، بابا الشيخ الإزيديين، الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه، سماحة الشيخ عبد المهدي) – قد شددوا على ثقتهم في يونيتاد وولايتها لتحقيق العدالة. أعتقد أن هذا جانب مهم من بيان الأديان.
البيان ارضية وليس سقفاً
من ناحية اخرى -على حد تعبير شيخ كربلائي- يمثل بيان الأديان أرضية حقوق، وليس سقفا. والمجال مفتوح للمجموعات الدينية سواء كانت الكنيسة الأرثوذكسية أو الكاكا فالبيان مازال مفتوحا. يمكن للآخرين التوقيع عليه. هو ليس وثيقة مغلقة.لذلك يجب أن يتردد صداه على نطاق أوسع من العراق، لرفض أيديولوجية شنيعة زائفة تم تبنيها باسم الدين الذي اسمه “سلام”.- طبقا لكريم خان- الذى يعتزم القيام بموجة ثانية من التوقيعات.
ويوضح كريم :”نحن بحاجة إلى بناء الثقة في مجتمعات الضحايا، سواء كانوا مسيحيين أو إيزيديين أو كاكيين أو شباك أو تركمان، بصرف النظر عن العرق، سواء كانوا أكرادا أم عربا. وفي النهاية ما نؤكده أن الأشخاص لا يعيشون في عزلة عن بعضهم البعض. لا يمكن لأي شخص أن يكون متفرجا عندما ترتكب جرائم بهذا الحجم وبهذه الطبيعة، جرائم مزقت روح الإنسانية. وكل فرد وكل مجتمع، مهما صغر أو كبر، له دور مهم في إسماع هذا الصوت، هذا المطلب الجماعي للعدالة. وأعتقد أن هذا يتطلب استخدام جميع الطرق ضمن التحقيقات المكلف بها وبناء القضايا، ومساعي التواصل، ووضع شواغل الناجين في الصدارة، وليس على هامش عملنا، للتأكد من أن يتم إعطاء الأولوية لجرائم ضد الأقليات والنساء والرجال والأطفال بغض النظر عن التوجه أو الجنس، بموجب ولاية السيد أداما ديانج، وهي منع الإبادة الجماعية. لأجزاء أخرى من الأمم المتحدة بطبيعة الحال تفويضات خاصة بها ونحن بحاجة إلى العمل، حيث أكد الأمين العام ببلاغة وبشكل متكرر على أن نحاول كأمم متحدة أن نكون خدما للبشرية ولشعب العراق، حتى يكون الغد أفضل من الأمس.”