قضية تسجيلات “أمن الدولة الكويتي”.. تورط أفراد من الأسرة الحاكمة.. ومخاوف من تسريب وثائق لجهات غير معلومة
كشفت التحقيقات الجارية في الكويت منذ أسبوعين بشأن قضية تسريب “تسجيلات أمن الدولة”، عن تفاصيل جديدة ومثيرة، تشير إلى تورط بعض أعضاء الأسرة الحاكمة في القضية.
ونقلت صحيفة “الراي” الكويتية عن مصادر مطلعة قولها إن “وزير الداخلية الكويتي، أنس الصالح، أحال ملف التسريبات إلى النيابة العامة بعدما أظهرت التحقيقات التي أجرتها اللجنة الخاصة بوزارة الداخلية تورط 3 ضباط في أمن الدولة متهمين بالتسريب”.
وأشارت المصادر إلى أن “النيابة بدأت التحقيق نهاية الأسبوع الماضي مع أحد الضباط المتهمين بعد تعافيه من انهيار عصبي كان استدعى نقله إلى مستشفى الطب النفسي لتلقي العلاج”، مبينة أن “المعلومات تشير إلى أن الضابط الذي يدعى (ن. ط) اعترف بأنه من قام بنسخ التسجيلات المسربة من داخل جهاز أمن الدولة ووضعها في فلاش ميموري بناء على طلب من أحد أبناء الأسرة الحاكمة المدعو (ف. س) الذي يعمل ضابطا في جهاز أمن الدولة”.
وأضافت المصادر أن “التحريات والتحقيقات كشفت أيضا أن الشيخ (ف.س) كان غادر البلاد إلى لندن بعد 3 أيام من تسلمه الفلاش ميموري الذي يحوي التسجيلات المسربة”، مشيرة إلى أنه “تم استدعاء (ف.س) أمس للتحقيق معه ومواجهته بأقوال الضابط والاستماع إلى إفادته”.
وأبدت المصادر “التخوف من أن تكون المجموعة نفسها تمكنت من تسريب وثائق أو تسجيلات أخرى لجهات غير معروفة”، مرجحة “احتمال تورط وزير سابق من أبناء الأسرة الحاكمة في عمليات تسريب التسجيلات ونشرها وتوزيعها”.
وتشهد الكويت منذ عدة أشهر حالة من الاستنفار عقب الكشف عن عدة قضايا فساد وتبييض أموال دفعة واحدة في مدة زمنية قصيرة، منها قضايا عابرة للحدود، ومن ضمن المتهمين ببعضها شخصيات بارزة في البلاد.
وبدأت قضية “تسجيلات أمن الدولة” بنشر حساب مجهول مقاطع مصورة يعود تاريخها لعام 2018، تضمنت اتهامات لرجال أمن الدولة بالتجسس على حسابات مواطنين ونواب والتواطئ مع متهمي قضية “الصندوق السيادي الماليزي”.
على إثر ذلك، أمرت وزارة الداخلية الكويتية بتشكيل لجنة تحقيق بالتسجيلات وإيقاف ضباط عن العمل، قبل أن تجري إحالة القضية إلى النيابة العامة بعد تدخل من نائب الأمير وولي العهد الشيخ، نواف الأحمد، وتعهده بمتابعة القضية.
في منتصف أغسطس الماضي، أثار تسريب تسجيلات منسوبة لرجال أمن في الكويت، جدلًا واسعًا، نظرًا لما تضمنته هذه التسجيلات من مزاعم حول قيام رجال الأمن، بالتجسس على حسابات مواطنين وشخصيات معروفة في البلاد، عبر مواقع التواصل.
وأكد وزير الداخلية الكويتي، أنس الصالح، أن ”التنصت والتجسس على حسابات المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي مخالفة جسيمة للدستور“، مشددًا على أنه لن يقبل أن تحدث خلال تولي منصب وزير الداخلية.
وقال الصالح، في تغريدة له على حسابه في ”تويتر“ تعليقًا على الأمر: ”وجهت بإجراء تحقيق عاجل تُسلَّم نتيجته خلال 48 ساعة، بشأن تسجيلات 2018، ولن أتوانى عن إيقاف ومحاسبة كل من يثبت تورطه، وهناك لجان تحقيق مستقلة بالتسريبات“.
ونشر حساب عبر ”تويتر“ ما قال، إنه فيديو يظهر جلسة بين شخصين من المسؤولين الأمنيين، خلال الحديث عن مراقبة حسابات بعض الشخصيات في الكويت، ونشر مقطعين لتلك الجلسة.
وتسببت القضية بهجوم نيابي لاذع من عدد من النواب، الذين اعتبروا أن إقالة الوزير أصبحت واجبة، بعد تسريب هذه التسجيلات التي زعمت تجسس رجال الداخلية على هواتف المواطنين، دون إذن من النيابة العامة.
وأثارت تسريبات مزاعم التجسس على النواب والمواطنين، غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد المطالبة بإقالة مجلس الوزراء، والإطاحة بوزير الداخلية، ومعاقبة كل المسؤولين المتورطين.
واتهم النائب في مجلس الأمة، محمد هايف المطيري، وزير الداخلية، بعلمه بالتسريبات، مؤكدًا أنه قام بترقية من قاموا بالتجسس، بهدف تثبيته في منصبه.
وقال النائب: ”وزير الداخلية بعد تغريدتي السابقة، توهم الشارع الكويتي بأنك الليلة فقط، علمت بالموضوع، مع أنك استلمت ملف التسريبات من رئيس الوزراء بتاريخ 19-2-2020، وبدلًا من ان تقوم بمعاقبة من قام بهذا الفعل المشين، قمت بترقيته وتثبيته في منصبه، وهذا ما يوجب الإقالة والمحاكمة لك، وللمتسترين معك“.
واعتبر النائب، ثامر السويط، أن ما حدث انتهاك دستوري وقانوني وأخلاقي فظيع، على حد وصفه، وقال مغردًا: ”الشيخ صباح الخالد، لا تعتقد، ولا يعتقد أحد أن ما ظهر من تسريبات، سيكون سقفه الإطاحة بوزير الداخلية فقط، نحن أمام انتهاك دستوري وقانوني وأخلاقي فظيع، أنتم تأخذون البلد للهاوية، ولن نقف متفرجين أمام هذا العبث، وتجيير البلد ومؤسساته الأمنية وأجهزته لصراعات عبثية لا علاقة للمواطن بها!“.
ووجه النائب عادل الدمخي رسالة إلى الصالح، بأنه سبق ونصحه بشأن قضية التجسس والتسريبات، خاصة فيما يتعلق بقضية الصندوق السيادي الماليزي، إلا أن وزير الداخلية لم يحرك ساكنًا.
وقال: ”سمو رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وبعد عرضي لمسار الإيداعات في قضية الصندوق السيادي الماليزي، قلت لكم في المجلس وخارجه يجب محاسبة من كان يحفظ مراسلات وحدة التحريات في وزارة الداخلية وللأسف رقيتوهم ومكنتوهم والآن #فضيحة_التسريبات_والتجسس توجب عليك يا رئيس الوزراء المحاسبة الفعلية“.