العفو الدولية: الجيش والأمن اللبناني ومجهولين بملابس مدنية أطلقوا النار على المتظاهرين.. ويجب إجراء تحقيق شامل في هذا السلوك العنيف
كتب – أحمد سلامة
قالت منظمة العفو الدولية إن الجيش وقوات الأمن اللبنانية –بالإضافة إلى رجال مجهولين يرتدون ملابس مدنية– أطلقوا النار على الحشود العزّل خلال الاحتجاجات التي جرت في بيروت في الأيام التي أعقبت انفجار المرفأ الأخير.
وأضافت المنظمة في بيان أصدرته “لقد راقبت المنظمة الاحتجاجات التي جرت في 8 أغسطس وكانت بمعظمها سلمية، حيث أطلق الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وكريات معدنية تطلق من بنادق آلية التلقيم، بلا تمييز على الحشود. وجمعت المنظمة شهادات من الضحايا، وشهود العيان، والأطباء، ومقاطع فيديو مثبتة تُظهر قوات الأمن وهي تستخدم القوة بطريقة متهورة وغير قانونية”.
وقالت لين معلوف مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية إن “الآلاف الذين دُمرت حياتهم وما زالوا يترنحون من الصدمات الجسدية والنفسية الناجمة عن الانفجار؛ نزلوا إلى الشوارع في لبنان مطالبين بالعدالة. وبدلاً من الحصول على العدالة، أطلقت قوات الدولة عليهم الرصاص والغاز المسيل للدموع، وبدلاً من الوفاء بمسؤولياتها الأساسية تجاه آلاف الأشخاص الذين تُركوا بلا مأوى وتأثروا بالانفجار، يبدو أن الدولة اللبنانية تشن هجوما على شعبها”.
واستكملت “لقد أوقعت قوات الأمن اللبنانية عدة إصابات خطرة، وقضت أكثر فأكثر على ثقة شعب يواجه أصلاً أزمات متعددة. ويجب إجراء تحقيق شامل مع جميع المسؤولين عن هذا السلوك العنيف والمروع ومحاسبتهم على أعمالهم الجرميّة”.
وحسب المنظمة فإن مقاطع الفيديو التي تحقق منها مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة بيّنت استخدامًا عقابيًا للقوة بإطلاق نار يرمي إلى إلحاق الأذى، ما يؤشر إلى أن السلطات استهدفت معاقبة المحتجين وثني الآخرين عن القيام باحتجاجات. كما أكد التحليل أن أفراد قوات الأمن الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية أطلقوا النار على الحشود.
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع ستة محتجين كانوا في وسط بيروت في 8 أغسطس عندما تصاعدت حملة القمع. وذكروا جميعهم -حسب بيان المنظمة- أنهم شاهدوا أفراد قوات الأمن والجيش وهم يطلقون الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على الجموع على مستوى الصدر ومن مسافة قريبة، ما يشير إلى أنهم كانوا يفعلون ذلك بهدف الإيذاء. وذكر المحتجون أيضاً أنهم أصيبوا بجروح تسببت بها الكريات المعدنية التي أُطلقت من مصدر مجهول.
وكما ذكرت المنظمة فقد أشار الأطباء إلى وجود ما لا يقل عن ست حالات لإصابات في الأعين، وتراوحت أعمار جميع المصابين بين 18 و21 عاماً، وقد أصيبوا بالكريات المعدنية في أعينهم. وأزال الفريق الطبي في قسم طب العيون بمستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت عين شاب بالكامل، في حين فقد آخرون نظرهم بدرجات متفاوتة.
وقال أحد الأطباء لمنظمة العفو الدولية: “أجرينا ست عمليات للعين المفتوحة يوم الثلاثاء عقب الانفجار، وست عمليات للعين المفتوحة يوم السبت عقب الاحتجاجات. وفي العمليات الست الأولى أصيبت الأعين بالزجاج، وفي العمليات الست الثانية بالكريات المعدنية”.
وذكّر بيان المنظمة بأنه بموجب المبادئ التوجيهية الدولية لا يجوز استخدام الرصاص المطاطي إلا كأداة تهدف إلى ضبط الأشخاص الذين يمارسون العنف، ولا يجوز بتاتاً إطلاقه بلا تمييز على الحشود لأنه يمكن أن يتسبب بإصابات بليغة. وبالإضافة إلى ذلك، لا يجوز تصويبه بتاتاً إلا على الجزء الأسفل من الجسد بغية التقليل من الإصابات إلى أدنى حد.
وقالت لين معلوف إن “قوات حفظ الأمن اللبنانية أطلقت مجموعة من الأسلحة بهدفٍ وحيد هو إلحاق الأذى بالناس. إن القيام بذلك إثر وقوع مأساة وطنية هو فعل قسوةٍ لا تُصدّق”.
وتابعت أنه “من غير المشروع قانونياً استعمال الغاز المسيل للدموع إذا كانت العبوة ستُطلق على شخص مباشرةً. ولا شك في أن الجروح المروعة التي أصيب بها المحتجون ناجمة عن سعي قوات الأمن إلى إيذاء الناس عمداً”.
واستكملت أن “الأطباء والعاملون على تقديم المساعدات تحملوا أسبوعاً صادماً إلى حد كبير؛ إذ عملوا بلا كلل على إنقاذ الأرواح عقب الانفجارات. والآن يجدون أنفسهم في وضع لا يتعين عليهم معالجة الإصابات الناجمة عن عنف الدولة فحسب، بل أيضاً يتعرضون لإطلاق النار والضرب. فأين هي اللياقة الإنسانية الأساسية؟”.
وشددت على أنه “ينبغي على السلطات اللبنانية التعاون مع تحقيق دولي في الانفجار، والتركيز على كشف الحقيقة، وتحقيق العدالة، وتقديم التعويضات إلى الضحايا الكثر”.