مكاسب مصر من ترسيم الحدود مع اليونان| تحجيم أطماع أنقرة وإبطال اتفاق “أردوغان – السراج” وباب مفتوح على “كنز المتوسط”
محمود هاشم
فتح توقيع وزير الخارجية سامح شكري نظيره اليوناني نيكوس دندياس، أمس، على اتفاق حول تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين في شرق البحر المتوسط، التي تضم احتياطات واعدة للنفط والغاز.
وقال شكري، خلال مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة مع نظيره اليوناني، إن الاتفاق يتيح للبلدين المضي قدما في تعظيم الاستفادة من الثروات المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة، خاصة احتياطات النفط والغاز الواعدة.
ونقلت وكالة “رويترز” عن دبلوماسيين يونانيين قولهم إن الاتفاق أبطل فعليا اتفاقا بين تركيا والحكومة الليبية المعترف بها دوليا، وفي العام الماضي، اتفق الجانبان على الحدود البحرية في صفقة وصفتها مصر واليونان بأنها غير قانونية وتمثل انتهاكا للقانون الدولي، وتعتبرها اليونان اعتداء على جرفها القاري وتحديدا قبالة جزيرة كريت.
وأظهرت خريطة أرسلتها وزارة الخارجية المصرية لرويترز خط ترسيم الحدود البحرية اليونانية والمصرية الذي يبدو أنه لا يترك أي إمكانية لربط بين تركيا وليبيا، وقال دندياس: “الاتفاق مع مصر هو في إطار القانون الدولي”.
وأضاف أنه “على النقيض تماما من مذكرة التفاهم غير القانونية والباطلة التي لا أساس لها من الناحية القانونية، والتي تم توقيعها بين تركيا وطرابلس، بعد توقيع هذه الاتفاقية ينتهي الأمر بالمذكرة التركية الليبية التي لا وجود لها إلى حيث تستحق من البداية، في سلة المهملات”.
ومن المتوقع أن ينهي الاتفاق الأطماع التركية في منطقة شرق المتوسط، ويبطل اتفاق أنقرة مع حكومة السراج، كما يتيح لمصر حرية التنقيب عن ثروات النفط والغاز في حدودها البحرية الغربية.
وجاءت تصريحات الوزير بعد ساعات من تصريح اليونان بأنها جاهزة للبدء في محادثات استكشافية بخصوص ترسيم المناطق البحرية مع تركيا في أقرب وقت هذا الشهر، والتوتر متصاعد بالفعل بين اليونان وتركيا بشأن استكشاف موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط.
وهناك خلاف بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي على مجموعة من القضايا تمتد من تحليق الطائرات فوق بحر إيجه إلى المناطق البحرية في شرق البحر المتوسط وقبرص المقسمة على أساس عرقي، ولمصر، وهي منافس إقليمي لتركيا، علاقات وثيقة مع اليونان وقبرص.
وقالت الخارجية التركية أمس، إن المنطقة التي شملها الاتفاق بين اليونان ومصر تقع في نطاق الجرف القاري التركي، وذكرت أنها تعتبر الاتفاق لاغيا وباطلا، مضيفة أنه ينتهك أيضا الحقوق البحرية الليبية.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ على تويتر عن رد فعل تركيا: “من المستغَرب أن تصدر مثل تلك التصريحات والادعاءات عن طرف لم يطلع أصلا على الاتفاق وتفاصيله”.
وفي يونيو، وقعت اليونان وإيطاليا اتفاقا بشأن ترسيم الحدود البحرية وتأسيس منطقة اقتصادية خالصة بين البلدين، وفي وقت سابق من هذا الشهر قالت مصر إن جزءا من عمليات المسح الزلزالي الذي تقوم به تركيا في منطقة شرق البحر المتوسط قد يتعدى على المياه التي تعتبرها القاهرة منطقة خالصة لها.
وتأمل مصر أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة مع النمو السريع في إمدادات الغاز الطبيعي فيها، وكونت مع دول أخرى ما يسمى منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط بهدف تطوير سوق الغاز في المنطقة، وتركيا ليست عضوا في المنتدى الذي يضم أيضا اليونان وقبرص وإسرائيل وإيطاليا والأردن.
وفي أول رد فعل على الاتفاق، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة، أن بلاده ستستأنف عمليات التنقيب في شرق المتوسط، كما اعتبر أن اليونان لم تلتزم بتعهداتها تجاه تركيا بوقف عمليات التنقيب في شرق المتوسط.
لكن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، جدد تأكيده أن بلاده لن تخضع للابتزاز التركي في مناطقها في البحر المتوسط، وشدد على أن لا سبيل أمام أنقرة سوى الحوار أو المحكمة الدولية، في إشارة إلى الخلاف المحتدم، بينهما حول الحدود البحرية وعمليات التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط.
في نوفمبر الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، توقيع مذكرة تفاهم بشأن الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، بشأن “السيادة على المناطق البحرية في البحر المتوسط”.
واتفق وزراء خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس دندياس وقبرص نيكوس خريستودوليدس، على عدم وجود أي أثر قانوني للإعلان عن توقيع الجانب التركي مذكرتيّ التفاهم مع فايز السراج.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، إن شكري، أجرى اتصالا هاتفيا ب نظيريه اليوناني والقبرصي واتفقوا على عدم الاعتداد بهذا الإجراء، لكونه يتعدى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الليبي، وفقاً لاتفاق الصخيرات، فضلاً عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال.
كما رفضت اليونان الإعلان التركي، ووصفته بأنه أمر مناف للعقل من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي.
وتعليقاً على الإنذار الملاحى بتنفيذ سفينة تركية بتنفيذ أعمال مسح سيزمى فى الفترة من 21 يوليو إلى 2 أغسطس، أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، عن اعتراض مصر على تداخل النقطة رقم (8) الواردة بالإنذار الملاحى مع المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية.
وأكد حافظ أن ذلك الإجراء لا يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ويخالف أحكام القانون الدولي، بل يشكل انتهاكاً واعتداءً على حقوق مصر السيادية في منطقتها الاقتصادية الخالصة فى البحر المتوسط، مشدداً على أن مصر لا تعترف بأي نتائج أو آثار قد تترتب على العمل بمنطقة التداخل.
ونوه المتحدث باسم الخارجية إلى أن مصر قد أودعت إعلاناً لدى الأمم المتحدة بشأن ممارسة مصر لحقوقها فى المياه الاقتصادية الخالصة وفق المادة 310 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فى 11 يوليو 1983.