لعبة “التشكيك” و”التجسس”.. لقاحات كورونا تصعد الخلافات بين أمريكا وروسيا والصين (حرب كلامية)
محمود هاشم
أشعل التسابق على التوصل للقاح ضد فيروس كورونا المستجد، الحرب الكلامية بين المسؤولين في الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، حيث تشكك واشنطن، في مدى صحة وفعالية اللقاحات التي تجري موسكو اختباراتها عليها، وتتهم بكين بمحاولة التجسس على شركة تعمل على تطوير لقاح محتمل، وتتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، في الوقت الذي تنفي الدولتان الاتهامات الأمريكية، وتؤكدان أنهما ستكونان في طليعة مطوري العلاجات المحتملة من الفيروس.
وأعلن وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو، انتهاء التجارب السريرية في مركز جامالي للقاح ضد فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى “إعداد الوثائق الضرورية لتسجيل اللقاح رسميا”.
ووفقا للوزير، سيتم استخدام هذا اللقاح بعد تسجيله، لتطعيم العاملين في القطاع الطبي وفي المدارس في المقام الأول، حيث أكد أن عملية الإنتاج التجاري للقاح ستبدأ في أكتوبر المقبل.
وكشف الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أن 250 ألف شخص (ربع مليون) سجلوا أسماءهم في موقع إلكتروني تابع للمعاهد الوطنية للصحة للمشاركة في تجارب لقاح ضد كورونا.
وبدأت دراسة فعالية اللقاح هذا الأسبوع على 30 ألف شخص، بينما تعتزم الحكومة الأمريكية القيام بمزيد من الدراسات على لقاحات أخرى شهريا حتى نهاية الخريف المقبل، وفق ما نقلت “أسوشيتد برس”، أمس، وتعد الدراسات محورية لتأسيس سلامة وفعالية اللقاحات. ولا يتم قبول كل من يتطوع للتجارب الإكلينيكية.
وشكك فاوتشي، في سلامة اللقاحات التي يتم تطويرها حاليا في روسيا والصين، حيث قال فاوتشي في جلسة استماع أمام الكونجرس الأمريكي، أمس: “آمل حقا في أن يختبر الصينيون والروس لقاحاتهم قبل استخدامها على أي فرد”.
وأضاف أن “الإعلان عن تطوير لقاح يمكن توزيعه حتى قبل اختباره يطرح في رأيي مشكلة لكي لا أقول أكثر من ذلك”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تضطر للاعتماد على لقاحات تطورها دول أخرى.
وشبه كيريل ديميترييف، رئيس الصندوق السيادي الروسي الذي يمول تطوير أحد اللقاحين، السباق الحالي لإيجاد لقاح لكوفيد-19، باستكشاف الفضاء.
وقال لشبكة CNN إن الأمريكيين فوجئوا عندما سمعوا إشارة “سبوتنيك” أول قمر اصطناعي أطلقه الاتحاد السوفييتي في 1957، وأضاف: “سيكون الأمر نفسه مع اللقاح، سنكون في الطليعة لتطويره”.
وتوصلت الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة إلى صفقة تصل إلى 2.1 مليار دولار مع صانعي الأدوية “سانوفي” و”جي أس كاي” (GlaxoSmithKline) في إطار مساعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لتوفير لقاح لفيروس كورونا على نطاق واسع بحلول عام 2021.
وهذه هي أكبر صفقة لقاح لكوفيد-19 تعقدها الحكومة الأميركية حتى الآن، إذ تجاوز الاتفاق الذي أبرمته الأسبوع الماضي، بقيمة 1.95 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة من لقاح Pfizer وBioNTech، وفق مجلة فوربس، وهذا هو سادس لقاح مرشح ينضم إلى محفظة عمليةWarp Speed ، وأكبر صفقة لقاح حتى الآن.
وكانت الحكومة الفيدرالية الأمريكية أبرمت من قبل صفقات مماثلة مع كل منAstraZeneca ،Johnson & Johnson ، Moderna،Novavax ، Pfizer، وسيتم توجيه الأموال نحو التجارب السريرية، وزيادة التصنيع وشراء 100 مليون جرعة من اللقاح.
وحتى الآن، تمت دراسة لقاح “جي آس كاي- سانوفي” فقط في التجارب قبل السريرية، ومن المتوقع أن تبدأ الدراسات البشرية للقاح في سبتمبر المقبل.
وقال مسؤول أمني أمريكي يتعقب التسلل الإلكتروني الصيني، لوكالة “رويترز”، إن متسللين مرتبطين بحكومة بكين استهدفوا هذا العام شركة “مودرنا” للتكنولوجيا الحيوية التي تطور أبحاث لقاح مضاد لفيروس كورونا، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، في محاولة لسرقة المعلومات، وهو ما نفته بكين.
وفي الأسبوع الماضي، كشفت وزارة العدل الأمريكية عن اتهام اثنين من مواطني الصين بالتجسس على الولايات المتحدة، بما في ذلك 3 أهداف لم تُذكر أسماؤها تتخذ من الولايات المتحدة مقرات لها وتجري أبحاثا طبية لمكافحة فيروس كورونا المستجد.
وجاء في الاتهام أن المتسللين الصينيين ”أجروا استطلاعا“ في يناير استهدف شبكة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بشركة تكنولوجيا حيوية في ولاية ماساتشوستس معروفة بالعمل لإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا.
وفي تصريحات لرويترز، أكدت “مودرنا” ومقرها ماساتشوستس، التي أعلنت في يناير أنها تطور لقاحا مضادا لفيروس كورونا، أنها اتصلت بمكتب التحقيقات الاتحادي، وأنها أحيطت علما ”بأنشطة استطلاع معلومات“ يشتبه أن المجموعة المتسللة المذكورة في لائحة الاتهام قامت بها.
ويقول خبراء الأمن الإلكتروني إن أنشطة الاستطلاع يمكن أن تشمل سلسلة من العمليات من بينها تحديد جوانب الضعف في المواقع الإلكترونية العامة والوصول إلى الحسابات المهمة بعد دخول شبكة ما.
وقال المتحدث باسم الشركة راي جوردان رافضا الخوض في التفاصيل ”لا تزال مودرنا متيقظة بدرجة كبيرة للتهديدات الإلكترونية المحتملة وتحتفظ بفريق داخلي وأجهزة دعم خارجية وعلاقات عمل مهمة مع السلطات من أجل التقييم المستمر للتهديدات وحماية معلوماتنا القيمة“.
ولم يقدم المسؤول الأمني الأمريكي، الذي تحدث إلى رويترز شريطة عدم نشر اسمه، المزيد من التفاصيل، ورفض مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية الكشف عن الشركات التي استهدفها المتسللون الصينيون.
ولقاح مودرنا المحتمل أحد أوائل وأهم اللقاحات التي تراهن عليها إدارة ترامب لمكافحة الجائحة، كما تعمل الصين أيضا من أجل تطوير لقاح من خلال جهود مشتركة للشركات التابعة للدولة والجيش والقطاع الخاص لمكافحة المرض الذي أودى بحياة أكثر من 660 ألف شخص حول العالم.
ونفت الصين بشدة أي دور لها في تسلل إلكتروني، وقال وانغ ون بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بكين إن الاتهام “لا أساس له”.