رماد فوق النار| مصر تفضل الحل السياسي بليبيا.. وتنسيق روسي – تركي لوقف القتال.. والبعثة الأممية تبحث استئناف الحوار
محمود هاشم
هدأت حدة التصريحات بشأن نشوب حرب وشيكة ين طرفي الصراع الليبي – الجيش الوطني – وحكومة الوفاق – في منطقتي سرت والجفرة، بتأكيد عدد من الأطراف الداعمة للجبهتين سعيها لوقف إطلاق النار، على الرغم من استمرار وصول التعزيزات العسكرية لمعسكري الطرفين، استعدادا للاشتباك في أي وقت.
وبحث وزير الخارجية سامح شكري، تطورات الأوضاع في المشهد الليبي، في اتصاليّن هاتفييّن مع كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان، ووزير خارجية ألمانيا هايكو ماس.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ، إن الاتصالين الهاتفييّن تناولا بإسهاب كبير وأهمية العمل نحو الدفع قدماً لتحقيق التسوية السياسية هناك، حيث أكد شكري على الموقف المصري من الأوضاع في ليبيا، مشدداً على الأولوية التي يوليها الجانب المصري للعمل على وقف إطلاق النار وللتوصل إلى حل سياسي تفاوضي ليبي/ليبي.
وأشار الوزير إلى أن إعلان القاهرة، الذي يأتي مكملاً لمسار برلين، يهدف لتعزيز فرص تحقيق مثل هذا الحل الذي يحافظ على الدولة الوطنية الليبية ووحدة أراضيها، ويسمح بمواصلة جهود القضاء على الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة حتى ينعم الشعب الليبي الشقيق بالأمن والاستقرار.
كما أكد أن النجاح في التوصل للحل السياسي المنشود يقتضي التصدي بحزم لانتشار التنظيمات المتطرفة في الأراضي الليبية والتدخلات الخارجية على نحو لا يهدد المصالح المصرية فحسب وإنما يمس أمن الدول المطلة على البحر المتوسط بل والاستقرار الإقليمي والدولي بشكل عام.
وعقد مجلس النواب، جلسته السرية السابعة على مدار تاريخه الإثنين الماضي، ووافق بإجماع آراء أعضائه على تفويض الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال الميلشيات “الإجرامية” المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم الأربعاء، بعد اجتماع في موسكو مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم، أن البلدين متفقان على ضرورة حل كافة النزاعات بالطرق السلمية، مشدداً على أن “أي حل ثابت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يجب أن يتم عبر الحوار”.
وفي الشأن الليبي، قال لافروف: “ليس هناك خارطة طريق روسية جزائرية خاصة بالأزمة الليبية”، مضيفاً أن “مخرجات مؤتمر برلين تحدد خطوات الحل السياسي الليبي وتوقيتها”.
وأكد أن روسيا تتواصل مع جميع الأطراف الليبية للتوصل لوقف لإطلاق النار، مضيفاً: “نتطلع مع تركيا لتشكيل مجموعة عمل لوقف إطلاق النار في ليبيا”.
كما اعتبر أن روسيا “لم تراهن على أي طرف ليبي على عكس القوى الخارجية الأخرى”، كما انتقد حلف شمال الأطلسي “الناتو” وحمّله مسؤولية ما يجري اليوم في ليبيا، معربا عن أمله في “أن تلعب دول الجوار الليبي دورا في إرساء الحل السياسي فيها”.
من جهته، أكد بوقادوم على “وحدة ليبيا وسيادة الليبيين على بلادهم، واتخاذ المسار السياسي لحل الأزمة”، معتبراً أنه “لا بد من وقف النار بأقرب وقت للبدء بالحل السياسي في ليبيا”.
وشدد وزير الخارجية الجزائري على أن “الحل السياسي الليبي يجب أن يبنى على مخرجات مؤتمر برلين”، مضيفاً أن “لا حل بلغة الدبابات والمدافع للأزمة الليبية بل بالجلوس على طاولة المفاوضات”.
وذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحث في اتصال هاتفي مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مساء أمس، قضايا الأمن الإقليمي بما في ذلك ”أهمية خفض التصعيد في ليبيا من خلال إخراج القوات الأجنبية“.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قد أكد مؤخراً أن بلاده “لا ترغب في تصعيد التوتر ومواجهة مصر في ليبيا”، إلا أنه شدد في نفس الوقت على دعم حكومة الوفاق في طرابلس.
وأظهرت صور لتتبع حركة الطيران، نشرها موقع الرصد العسكري «فلايت رادار»، أمس، وصول طائرة شحن عسكرية تركية إلى قاعدة الوطية الجوية، القريبة من طرابلس، في خطوة تؤكد استمرار تركيا في نقل الأسلحة والمقاتلين لدعم حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، في ظل تصاعد المؤشرات حول قرب انطلاق عملية عسكرية في سرت.
وأرسلت تركيا راجمات صواريخ إلى ليبيا لدعم الميليشيات في حربها ضد الجيش الوطني الليبي، حسب تقرير لصحيفة ملييت التركية، بالتزامن مع استمرار تدفق المرتزقة السوريين إلى طرابلس عن طريق تركيا.
وأوضح تقرير الصحيفة التركية أن أنقرة مستمرة في إرسال الدعم اللوجستي والمعدات العسكرية إلى الميليشيات وتحديدا إلى مصراته وقاعدة الوطية، عن طريق طائرتي شحن تابعتين للقوات الجوية التركية.
وأكد التقرير أن راجمات الصواريخ التي وصلت إلى ليبيا نصبت بالقرب من سرت، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وحسب التقارير، فإن هذا الطراز من الصواريخ استخدم بشكل فعال في العمليات العسكرية التي شنها الجيش التركي في شمال سوريا.
كما نشر نشطاء في موقع “تويتر” صورا قيل إنها تظهر تجربة صاروخ سوفيتي مضاد للسفن من قبل البحرية التابعة “للجيش الليبي” قرب سواحل طبرق باستخدام منصة محلية الصنع.
وأفادت تقارير روسية بأن الصاروخ الذي تم تجربته، سوفيتي الصنع مضاد للسفن من طراز “P-15 Termit”، ومداه يصل إلى 80 كيلو مترا، ما رأى فيه البعض بمثابة تحذير موجه إلى تركيا بإمكانية استهداف سفنها الحربية في البحر، إذا اندلع القتال حول سرت والجفرة.
وفي وقت سابق، أكدت تقارير أخرى أن عشرات العربات التابعة لمليشيات طرابلس انتقلت من مصراتة باتجاه سرت، وعلى متنها 300 من المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا، كما وصل عدد المرتزقة السوريين، الذين أرسلتهم تركيا إلى طرابلس، إلى أكثر من 16 ألفا، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وهو ما أكدته واشنطن في تقرير حديث للبنتاجون كشف عن نقل تركيا آلاف المرتزقة من سوريا إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من العام الحالي.
وجددت البعثة الأممية لدى ليبيا مساعيها لاستئناف الحوار السياسي بين الليبيين، بعد انخفاض حدة التوتر العسكري حول مدينة سرت، وقالت ستيفاني ويليامز، الرئيسة المؤقتة للبعثة، إنها بحثت في لقاء افتراضي مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ونائبيه، سبل استئناف الحوار السياسي، طبقاً لمخرجات «مؤتمر برلين».
وأضافت في بيان لها، مساء أول من أمس، أنها عرضت نتائج المحادثات التي أجرتها مؤخراً مع الأطراف الليبية والخارجية، كما جددت التهنئة لأعضاء رئاسة المجلس بالثقة التي مُنحت لهم.
ودعا الاتحاد الأوروبي، في بيان صدر عنه أمس الثلاثاء، الدول التي شاركت في “مؤتمر برلين” حول ليبيا إلى “الوفاء بالتزاماتها تجاه الليبيين”، مشددا على ضرورة تعبئة كافة الجهود من أجل إيجاد حل سياسي في ليبيا.
كما دعا “الأطراف الإقليمية” إلى “وقف التصعيد في ليبيا”، معتبراً أن “التهديد بالتدخل العسكري خطير ويؤجج النزاع بين الأطراف الليبية”.