القصة الكاملة لأزمة غلاف «روزاليوسف»: غضب كنسي وبيانان لـ«الوطنية للصحافة» وحملة تضامن.. والمؤسسة تستبدل الغلاف
كتب – عبد الرحمن بدر
أثار غلاف مجلة روز اليوسف، لعدد اليوم السبت، الجهل المقدس العديد من ردود الفعل بعد إعلان الكنيسة غضبها لوضع صورة الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، بجوار صورة محمد بديع مرشد جماعة الإخوان الإرهابية، وأعلن عدد من الصحفيين وأعضاء بمجلس النقابة تضامنهم مع المجلة، مؤكدين أن حق الرد مكفول بالقانون، وأن المجلة تناولت الموضوع محل الانتقاد بمهنية وفق قواعد المهنة، وطالبوا برفع سقف الحريات، وأن يعمل الصحفيون في جو صحي بعيد عن إرهابهم والتضييق عليهم رافضين ما وصفوه بمحاكم التفتيش.
وفي إجراء عاجل قررت الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة الكاتب الصحفي كرم جبر إحالة رئيس تحرير مجلة روزاليوسف للتحقيق، بسبب ما تضمنه غلاف العدد الأخير للمجلة من إساءة للكنيسة، ووقف المحرر المسئول عن الملف القبطي إلى حين الانتهاء من التحقيقات.
وقررت الهيئة تقديم اعتذار للكنيسة، وأن تقوم المجلة في العدد القادم بالاعتذار عن الإساءة، في ظل العلاقات الطيبة التي تربط الهيئة والصحافة والإعلام بقداسة البابا والأخوة الأقباط، وحفاظاً على التاريخ العريق لمجلة روزاليوسف في الدفاع عن قضايا الوحدة الوطنية، وفتح صفحاتها وقلبها وعقلها منذ نشأتها لشركاء الوطن.
وفي بيان ثاني قالت الهيئة الوطنية للصحافة إن الكنيسة القبطية أشادت بموقف الهيئة الوطنية للصحافة في أزمة غلاف روزاليوسف وأصدرت بيانًا جاء نصه: “تشكر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة كرم جبر، للخطوات الحازمة والسريعة التي اتخذتها، تعاملًا مع المعالجة الصحفية غير المنضبطة المنشورة في مجلة روز اليوسف ( عدد السبت ١٣ يونيو ٢٠٢٠ )، مع تحويل رئيس تحرير المجلة للتحقيق، وتغيير غلاف العدد الذي يحمل الإساءة.
وتأمل الكنيسة في المستقبل مزيدًا من الانتباه و الانضباط المهني والمعالجة الحكيمة في التعامل مع الأخبار الكنسية حفاظًا على التماسك الاجتماعي والمصالح العليا للدولة المصرية التي تحتاج منا جميعًا التضامن والتآخي والدفاع المخلص عنها”.
ويحمل العدد الجديد من المجلة عنوان موضوع صحفي حول الجدل الدائر عن طقس التناول في ظل أزمة تفشي فيروس كورونا وتحركات أساقفة ضد البابا.
وجاء بيان الوطنية للصحافة بعد بيان الكنيسة الذي اعتبرت فيه غلاف المجلة تطاولا عليها ممثلة في شخص أحد أساقفتها ووضع صورته على غلافها أسوة بصورة أحد خائني الوطن، وهو ما اعتبرته لا يعبر عن حرية التعبير، بل إساءة بالغة وتجاوزًا يجب ألا يمر دون حساب من الجهة المسؤولة عن هذه المجلة، بحسب البيان.
وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية استنكارها غلاف العدد الجديد من مجلة روز اليوسف الذي تصدره صورتي الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة سكرتير المجمع المقدس السابق والمرشح البابوي السابق، ومحمد بديع مرشد تنظيم الإخوان، فوق عنوان (الجهل المقدس).
وقالت الكنيسة في بيان لها، إنه بناءً على توجيهات البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، تستنكر الكنيسة القبطية بشدة تطاول إحدى المجلات القومية على الكنيسة الوطنية في شخص أحد أساقفتها ووضع صورته على غلافها أسوة بصورة أحد خائني الوطن.
وأضافت الكنيسة: “لا يعتبر هذا تحت مجال حرية التعبير، بل هو إساءة بالغة وتجاوزًا يجب ألا يمر دون حساب من الجهة المسؤولة عن هذه المجلة، كما أن مثل هذه الأفعال غير المسؤولة سوف تجرح السلام المجتمعي في وقت نحتاج فيه كل التعاون والتكاتف في ظل الظروف الراهنة.. وتنتظر الكنيسة رد الاعتبار الكامل مع احتفاظها بالحق القانوني في مقاضاة المسؤول عن ذلك.. حفظ الله مصر من كل سوء”.
مجلة روزاليوسف غلافها الخاص بعددها الصادر اليوم، وذلك بعد الأزمة التي أثارها الغلاف الذي نشر أمس على صفحات التواصل الاجتماعي.
وتضمن الغلاف الجديد للمجلة، والذي تم تغييره بناء على توجبهات من الهيئة الوطنية للصحافة، صورة محمد بديع مرشد الإخوان فقط وعليها عبارة “الجهل المقدس.. وصايا حمل السلاح من تنظيم الإرهاب الدولي.. ٥ أهداف إخوانية لصناعة قنابل بشرية”.
بدوره قال عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، تحت عنوان حق الرد الغائب في الصحافة، إن أصعب ما تعرضت له الصحافة المصرية خلال السنين الأخيرة هو المنع من المنبع، القمع والصراخ والتهديد والإرهاب المعنوي والنفسي لكل حد بيحاول يكتب أو يفكر أو يجتهد.
وأضاف في تصريح، السبت: “ده بالظبط اللي شفته في موضوع غلاف روزاليوسف اللي أثار ضجة، واتحول بسببه رئيس تحرير المجلة للتحقيق، رغم إن أي حد كان شايف تجاوز أو خطأ ما كان ممكن ببساطة يبعت رد أو تصحيح أو توضيح للمجلة من غير منع وقمع وتحقيق وتفتيش في الضمائر، إحنا مش لسه بنخترع الصحافة النهارده، ولا لسه بنخترع قواعد للتعامل مع الرأي والأفكار المنشورة”.
وتابع بدر: “مناخ المنع ومحاكم التفتيش مرعب وقاتل للصحافة وقدرتها على إنها تتطور أو حتى تستمر، أنا مع حرية الصحافة دائما وأبدا.. وأنا مع حق المختلف في الرد والتوضيح والتصحيح في حالة وجود أي خطأ، متضامن مش بس مع روزاليوسف، لكن مع حقنا إننا نكتب في مناخ أفضل يعلي من قيمة الحوار لا الحصار”.
الزميل الصحفي يوسف شعبان، قال إن موضوع روز اليوسف هو موضوع صحفي بامتياز، متوازن في الطرح والمناقشة، لم يدلس في السرد ولم يخطئ الهدف.
وأضاف: “أما عن قصة الغلاف، فيجب الحكم عليه في إطار الموضوع المنشور والسياسة التحريرية للمجلة، المعروفة عبر تاريخها الممتد بمناقشتها للقضايا الجدلية، والغلاف أولا وأخيرا رؤية فنية، زادها وزوادها حرية التفكير، وإلا مات الإبداع”.
وتابع: “لا ينكر أحد أن حساسية الموقف داخل الكنيسة، وإختلاف التيارات الفكرية داخل الكنيسة وأبرزهم قطعا الأنبا رافائيل، كان له دور مهم في رد فعل المقر البابوي على ما نشرته المجلة، ثم كان رد فعل الهيئة الوطنية للصحافة بإحالة رئيس التحرير والزميلة وفاء وصفي للتحقيق، وهو قرار لا يخلو من اعتبارات لا علاقة لها بقواعد العمل الصحفي”.