مخاوف من أزمة دستورية بعد إرسال ترامب قوات إلى مدن ديمقراطية رغم اعتراض السلطات المحلية: إلى أين يمكن أن يقود ذلك؟

درب

حذّرت شبكة «سي إن إن» الأمريكية من أن خطوة الرئيس دونالد ترامب لنشر قوات من الحرس الوطني في مدينتي بورتلاند وشيكاغو، رغم اعتراض حكومتي الولايتين، قد تدفع البلاد نحو أزمة دستورية غير مسبوقة، وسط اتهامات له بالسعي إلى عسكرة الشوارع الأمريكية وتجاوز حدود صلاحياته التنفيذية.

وقالت الشبكة في تقرير موسع إن ترامب أذن رسميًا، الاثنين، بإرسال ما لا يقل عن 300 عنصر من الحرس الوطني إلى شيكاغو لمدة 60 يومًا، فيما بدأ مئات من جنود الاحتياط بالتحرك من تكساس إلى المدينة بعد وضعهم تحت السيطرة الفيدرالية.. في المقابل، رفعت سلطات الولاية والمدينة دعاوى قضائية لوقف العملية، بينما أوقف قاضٍ فيدرالي تعيينه ترامب مؤقتًا محاولة الرئيس للسيطرة على قوات الاحتياط في ولاية أوريجون أو نقلها إلى بورتلاند.

ووفقًا لـ«سي إن إن»، حذّر ترامب من أنه قد يلجأ إلى «قانون التمرد» لتجاوز أحكام القضاء، وهو تشريع نادر الاستخدام يتيح للرئيس نشر الجيش داخل البلاد في حال حدوث تمرد أو عصيان مسلح.. وقال من المكتب البيضاوي: «إذا اضطررت إلى ذلك، فسأفعل».

وتشير الشبكة إلى أن محاولات ترامب المتكررة لتصوير مدن مثل بورتلاند وشيكاغو كمناطق «خارج السيطرة» تأتي في إطار حملته لتبرير إجراءات أمنية متشددة تحت شعار «استعادة القانون والنظام»، رغم أن الوقائع الميدانية تُظهر أن الاحتجاجات في بورتلاند محدودة ومحصورة في نطاق منشأة تابعة لإدارة الهجرة والجمارك.

ونقلت «سي إن إن» عن السيناتور الديمقراطي عن ولاية أوريجون، جيف ميركلي، قوله إن الرئيس «يسعى إلى خلق انطباع بالفوضى لتبرير خطوات استثنائية»، داعيًا المتظاهرين إلى عدم «الوقوع في فخ العنف».. فيما اتهمت عمدة إحدى ضواحي شيكاغو، كاترينا تومسون، القوات الفيدرالية بـ«إثارة الفوضى» عبر استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ضد المحتجين والصحفيين.

وفي المقابل، دافع النائب الجمهوري بات هاريجان عن قرار ترامب، واعتبر أن «الحديث عن تجاوز الصلاحيات مبالغ فيه»، مشيرًا إلى أن مهمة القوات «محدودة بحماية المنشآت الفيدرالية فقط».

لكن التقرير يرى أن جوهر الأزمة يتجاوز الخلافات الحزبية، إذ يختبر هذا التصعيد قدرة الدستور الأمريكي على احتواء رئيس «يُظهر نزعة سلطوية متزايدة»، وفق تعبير محللي الشبكة.

ويشير التقرير إلى أن استخدام الجيش في الداخل لطالما اعتُبر خطًا أحمر في دولة قامت على الثورة ضد الحكم المطلق، وأن تجاوزه «قد يفتح الباب أمام تحولات خطيرة في التوازن بين السلطات».

ويضيف التقرير أن الخطاب التصعيدي للبيت الأبيض، الذي يصور المدن الديمقراطية كمناطق حرب، يتزامن مع تزايد نشر محتوى دعائي من وزارة الأمن الداخلي يتبنى خطابًا يمينيًا متطرفًا ضد المهاجرين والمعارضين السياسيين، ما يعزز المخاوف من أن الإدارة تستخدم الأمن الداخلي لتعزيز أجندة سياسية انتخابية.

ويختم تقرير «سي إن إن» بالقول إن ترامب، الذي يسعى إلى تنفيذ أكبر حملة ترحيل جماعي في تاريخ البلاد، يواجه الآن اختبارًا حقيقيًا حول حدود سلطته، وسط انقسام سياسي حاد ومعارضة قضائية متصاعدة.

وتساءلت الشبكة في ختام تقريرها: «هل ينجح ترامب في كسر المحرمات المتعلقة باستخدام الجيش داخل المدن الأمريكية؟ وإذا فعل، فإلى أين يمكن أن يقود ذلك الجمهورية الأمريكية؟».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *