المرصد الأورومتوسطي: غزة على أعتاب مجزرة جماعية جديدة والنظام الدولي شريك في الجريمة
كتب – أحمد سلامة
حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، صباح الثلاثاء، من أنّ أي تصعيد عسكري جديد ينفّذه جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، خصوصًا في حال تنفيذ عملية اجتياح بري شامل، سيؤدي إلى “مذابح جماعية غير مسبوقة بحق المدنيين”، وسيقضي تمامًا على ما تبقى من جهود الإغاثة المنهكة أصلًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المعاصرة.
وفي بيان نشره على موقعه الرسمي، اعتبر المرصد أن “أي توسّع في العمليات العسكرية سيكون بمثابة فصل جديد من جريمة الإبادة الجماعية التي تُنفذ على مرأى من العالم، وتحت غطاء سياسي وعسكري ومالي من المجتمع الدولي، الذي لا يكتفي بالصمت بل يشارك فعليًا في تمكين الجناة”.
وأضاف البيان أن التحركات السياسية والعسكرية التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو خلال الأيام الأخيرة، تُظهر نية صريحة لتنفيذ احتلال كامل لكامل أراضي القطاع، حيث جرى طرح الخطة في اجتماعات مغلقة للكابينت الأمني، وصادق عليها رئيس الحكومة، في خطوة اعتبرها المرصد تصعيدًا مدروسًا ضمن سياسة رسمية ومعلنة.
وأشار المرصد إلى أن هذا التصعيد يأتي بعد شهور من سياسات القتل البطيء، المتمثلة في التهجير الجماعي القسري، وتدمير الأحياء السكنية، والقضاء على أكثر من 84% من المرافق الصحية، وتعطيل كامل لقطاع التعليم، وانهيار شبه تام للبنية التحتية بما فيها شبكات المياه والصرف الصحي، وكل ذلك في مساحة لا تتجاوز 15% من قطاع غزة.
وأكد أن هذه الممارسات “تشكل نمطًا واضحًا من سياسات الإبادة الجماعية”، مستندًا إلى معايير القانون الدولي، واتفاقية منع الإبادة الجماعية، والتي تحظر فرض ظروف معيشية قهرية على مجموعة سكانية بهدف تدميرها جزئيًا أو كليًا.
وبيّن المرصد أن قطاع غزة يمر حاليًا بأسوأ مرحلة إنسانية منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الشامل في أكتوبر 2023، مع نزوح أكثر من 90% من السكان داخل مناطق مدمّرة، وتفاقم حاد في انعدام الأمن الغذائي، ومجاعة بدأت بالفعل بحصد الأرواح، وسط شلل كامل للمنظومة الصحية، ونفاد تام للأدوية والمستلزمات الطبية.
وقال إن “المجزرة القادمة ليست تطورًا مفاجئًا بل نتيجة مباشرة لسياسات معلنة”، محمّلًا المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجرائم، بفعل التخاذل والتواطؤ ودعم أطراف دولية نافذة لحكومة الاحتلال، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وحذّر المرصد من أن أي اجتياح بري في الواقع الحالي سيكون بمثابة “عملية قتل جماعي داخل سجن مغلق”، حيث يُجبر أكثر من 2.3 مليون إنسان على التكدّس في مساحة لا تتجاوز 55 كيلومترًا مربعًا، دون وجود أي ممرات آمنة أو سبل للفرار.
وأكد أن “النساء والأطفال سيشكّلون، كما في كل مرة، أكثر من 70% من الضحايا”، محذرًا من أن العالم بصمته الحالي يشارك عمليًا في شرعنة هذه المجازر.
ولفت المرصد إلى أن سلطات الاحتلال بدأت منذ 26 يوليو تنفيذ ما وصفه بـ”مناورة تضليلية”، عبر الترويج المزعوم لتحسين الوضع الإنساني، في حين لم تتجاوز المساعدات المدخلة 15% من الاحتياجات الأساسية، ويتم استخدام هذه الخطوة لتخفيف الضغط الدولي وامتصاص الغضب الشعبي، وفي ذات الوقت التمهيد لتصعيد أكبر.
وأوضح أن الخطر الحقيقي يكمن في استخدام هذه المساعدات كغطاء لخطة تهجير قسري منظمة، تتمثل في تجميع السكان بمناطق محددة أشبه بـ”معسكرات احتجاز”، تمهيدًا لإعادة تشكيل قطاع غزة ديموغرافيًا وجغرافيًا بما يخدم المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وختم المرصد بيانه بمناشدة المجتمع الدولي والدول الفاعلة والهيئات الأممية بالتحرك الفوري لإجبار إسرائيل على وقف جريمة التجويع، ورفع الحصار عن قطاع غزة، واستعادة وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وكامل، تحت إشراف أممي مباشر.
ودعا إلى نشر مراقبين دوليين مستقلين في الميدان، وضمان إنشاء ممرات إنسانية محمية لإيصال الغذاء والدواء والوقود لجميع أنحاء القطاع، بالإضافة إلى دعم عاجل لقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية، باعتبارهما من المفاتيح الأساسية للتعافي الفوري والمستدام.

