نتنياهو يصرّ على غزو غزة بالكامل وسط تمرد أمني واتهامات بالسقوط في فخ استراتيجي

درب ووكالات

كشفت وسائل إعلام عبرية عن تصاعد حدة الانقسامات داخل المجلس الوزاري المصغر للاحتلال (الكابينت)، في ظل ضغوط رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لدفع الجيش نحو احتلال كامل لقطاع غزة، رغم معارضة رئيس الأركان إيال زامير، وتحذير جهات أمنية من “فخ استراتيجي” قد يُكلّف المحتجزين الإسرائيليين حياتهم.

ووفقًا للتقارير، يعقد نتنياهو اجتماعًا مغلقًا مع كبار المسؤولين الأمنيين لمناقشة “تحقيق الأهداف الثلاثة للحرب”، وسط مؤشرات على أنه يدفع باتجاه تنفيذ عملية عسكرية شاملة تشمل كافة مناطق القطاع، بما فيها المناطق التي لم تدخلها قوات الاحتلال حتى الآن.

وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن نتنياهو أبدى رغبة واضحة في “تعزيز احتلال غزة”، دون أن يوضح ما إذا كان المقصود اجتياح بري كامل.. إلا أن المصادر رجّحت أن يتناول الاجتماع المقبل مناقشة اقتحام مناطق يُعتقد بوجود المحتجزين فيها.

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قد ذكرت أن ثلاثة خيارات مطروحة على طاولة الكابينت: احتلال غزة بالكامل، تطويق المدن الرئيسية، أو الاستمرار في مسار المفاوضات المتعثر، فيما تشير التقديرات إلى أن نتنياهو حسم موقفه لصالح الخيار الأول، رغم التحذيرات الأمنية.

وبحسب قناة “الغد”، فإن نتنياهو رفض عقد اجتماع للكابينت خلال الأسبوعين الماضيين، في انتظار التنسيق مع الإدارة الأمريكية، خصوصًا بعد زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، وتفاقم خلافه مع رئيس الأركان.

ويقتصر اجتماع نتنياهو، الذي يعقد اليوم، على مشاركة كل من وزير الجيش، رئيس الأركان، رئيس شعبة العمليات، ووزير الشؤون الاستراتيجية، مع استبعاد الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

ويرى محللون أن نتنياهو يحاول تصدير صورة حاسمة لتعويض الفشل السياسي والعسكري، خصوصًا في ظل الضغط المتزايد بعد بث فصائل المقاومة مشاهد لأسرى الاحتلال وهم يعانون ظروفًا قاسية، ما أثار ضجة في الأوساط اليمينية، ودفع وزراء مثل بن غفير وسموتريتش إلى مهاجمة قرار إدخال المساعدات لغزة، واعتباره “هدية لحماس”.

وفي محاولة للحصول على غطاء دولي لأي خطوة تصعيدية، أعلنت وحدة “منسق أعمال الحكومة” لدى الاحتلال أنها ستسمح تدريجيًا بإدخال البضائع إلى غزة، في خطوة تهدف إلى تخفيف الاعتماد على المنظمات الدولية، وإظهار “حسن نية” مزعوم، رغم استمرار الحصار والدمار.

من جانبها، رأت صحيفة “يديعوت” أن هذا القرار يندرج ضمن خطة سياسية-عسكرية تهدف إلى كسب الشرعية الدولية قبيل تنفيذ اجتياح شامل.

ورغم تزايد التحذيرات من داخل المؤسسة الأمنية، إلا أن نتنياهو -بحسب مصادر عبرية- وجّه رسالة لرئيس الأركان زامير مفادها: “إذا لم يناسبك القرار، فعليك الاستقالة”.. بينما أكدت قناة “14” أن نتنياهو يصرّ على أن “القرار اتُّخذ.. سندخل غزة”، وهي تصريحات عززها الصحفي عاميت سيجال، المعروف بقربه من دوائر القرار، حين نقل عن مسؤول بمكتب نتنياهو قوله: “لن تفرج حماس عن الأسرى دون استسلام كامل، وإن لم نتحرك الآن سيموتون جوعًا”.

من جهتها، حذّرت صحيفة “جيروزاليم بوست” من أن التوسع في العمليات سيعني دخول المناطق التي يُعتقد وجود المحتجزين فيها، ما قد يعرضهم للموت أو الإخفاء.. فيما نقلت “نيويورك بوست” عن مصادر عسكرية أن احتلال غزة بالكامل قد يستغرق “سنوات” ويتطلب عمليات دهم معقّدة في مناطق مدنية مكتظة.

وفي خضم التصعيد العسكري، تتصاعد أيضًا الأزمات الداخلية؛ إذ تعيش حكومة الاحتلال حالة من الفوضى بعد التصويت بالإجماع على إقالة المستشارة القانونية بهاراف ميارا، وهي خطوة جُمّدت لاحقًا بقرار من المحكمة العليا.

كما أقال الكنيست رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، بناء على طلب أحزاب الحريديم، ما يكشف حجم الابتزاز السياسي الذي يواجهه نتنياهو في سبيل بقاء ائتلافه المتطرف.

في ظل عجز الاحتلال عن حسم المعركة منذ أكثر من عشرين شهرًا، يطرح مراقبون تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان الجيش تنفيذ رؤية نتنياهو، أم أن ما يحدث هو مجرد استعراض سياسي يهدف لصرف الأنظار عن الإخفاقات المتراكمة على كافة الأصعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *