د. أحمد حسين يحقق في: بروتوكولات العلاج في مستشفيات العزل المصرية” وسلامة إدارة التجارب السريرية
هل تشارك مصر في إجراء تجارب سريرية .. وما هي الضوابط التي تتبعها .. أما اننا تحولنا لحقل تجارب (الفارق كبير)؟
مسئول أكد حصول المستشفيات على موافقة المرضى قبل بدء العلاج.. ولكن هل هذا ما يحدث على أرض الواقع فعلا؟
أطباء بمستشفيات العزل أكدوا لي عدم الحصول على موافقة المرضى قبل بدء بروتوكول علاج كوفيد-19
طبيب بـ”النجيلة” أبلغني: لا نعطي للمرضى “هيدروكسي كلوروكين”.. وأخر بـ”أبو خليفة”: اعطيناهم “كلوروكين” منذ اليوم الأول!
جميع أطباء العزل الذين تواصلت معهم نفوا تناولهم دواء “كلوروكين” كوقاية من كورونا باستثناء طبيبين بـ ملوي وإسنا
رغم أنك تصطدم بملصقاتها عند دخولك المستشفيات أو المراكز الطبية، إلا أنك لن تجدها لو بحثت عنها بموقع وزارة الصحة الرسمية، ولن تظهر لك على تطبيق جوجل الشهيرة سوى في الدول الأخرى
أما ما سيظهر لك من روابط مصرية تحوي جملة (حقوق التمريض) ستكون في لائحة آداب مهنة الطب
ومن ضمن حقوق المريض أن يعلم طبيعة مرضه و أعراضه وطبيعة العلاج المقدم له و الأعراض الجانبية وأحقيته في الموافقة أو رفض العلاج وكذلك عن الفحوصات الطبية المختلفة.
في النسق التقليدي يعتبر ذهاب المريض إلى المستشفى أو عيادة الطبيب موافقة ضمنية على العلاجات و الفحوصات المقدمة له،أما عندما يتعلق الأمر بمرض جديد لم يُكتشف له بعد علاج صرحت به و اعتمدته الجهات المعنية مثل “كوفيد 19 ” المسبب له فيروس كورونا ،فالوضع هنا يختلف.
الأدوية المُستخدمة لعلاج كورونا في مستشفيات العزل المصرية بحسب ما صرحت وزيرة الصحة في 20 مارس الماضي:
فمصر تستخدم الأدوية المتداولة لمرضى كورونا منذ أول يوم ظهرت به حالات إيجابية، وقد أصدرت الوزارة بروتوكول علاجي للفريق الطبي بمستشفيات العزل يتضمن أنه ( في حالة تم حجز المريض في مستشفيات العزل المخصصة لحجز الحالات المشتبه بها يعطي المريض سوائل و مضاد حيوي من عائلة السيفالوسبورين و عقار التاميفلو حسب التقييم الطبي، و إذا تم ظهور تحليل PCR ايجابي يتم تحويل المريض لمستشفيات العزل المخصصة لعلاج الحالات المؤكد إصابتها، إن كانت أعراض المرض حرجة يتم دخول المريض العناية المركزة و إن كانت شديدة فيعطي المريض أدوية تاميفلو و أدوية الملاريا”الكلوروكين” و في حالة وجود موانع لاستخدام الاخير يتم استخدام مزيج من عقارين لوبينافير و ريتونافير”يستخدما لمرضى الإيدز”،أما لو كانت الأعراض بسيطة إلى متوسطة فيُعطى أيضاً نفس الأدوية و لكن مع عدم ذكر استخدام المزيج)
أشاد دكتور حسام حسني أستاذ الأمراض الصدرية بطب قصر العيني و رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا قائلًا نصًا ” إحنا نسبة الشفاء عندنا الحمد لله، و الحمد لله البروتوكول العلاجي بتاعنا في منتهى القوة الي في الدنيا”
يضيف حسام حسني “إحنا عندنا بروتوكول يُطبق على جميع مستشفياتنا هو نفس البروتوكول، اكتشفنا أنه في دول كثيرة، كل مستشفى أو مجموعة مستشفيات لها بروتوكول خاص بها، لكن إحنا عندنا في مصر لو فيه مثلًا 20 مستشفى عزل،كلهم بيطبقوا نفس البروتوكول و يتم تدريب الأطباء على هذا البروتوكول قبل ما يدخلوا مستشفيات العزل”
و في حوار دكتور جمال عصمت أستاذ الكبد و الأمراض المعدية و مستشار منظمة الصحة العالمية مع قناة BBC حول الدراسات و التجارب على علاجات كورونا
قال أنه في الدراسات الإكلينيكة يتم شرح العلاجات للمريض و يتم أخذ موافقته عليها، أكد نصًا في نفس الحوار أن”مصر مشتركة مع حوالي 40 دولة أخرى على مستوى العالم من خلال منظمة الصحة العالمية لتقييم بروتوكولات العلاج لكوفيد 19 حتى قبل حصولها على موافقة هيئة الأغذية و الأدوية الأمريكية”.
في اتصال شخصي بدكتور جمال عصمت بعد إذاعة الحلقة بأيام أكد لي على حرية المريض والعاملين بالمستشفيات في قبول أو رفض تناول الأدوية في بروتوكول علاج كوفيد 19 ، و في اتصال لي بعضو في اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة أكد لي نصًا ( لازم يتعمل للمريض فحص قلب و رمد علشان دواء”الكلوروكين” ).
ولكن هل هذا ما يحدث على أرض الواقع، وهل تلتزم مصر بمدونات حق المريض خاصة في مرحلة التجارب السريرية؟
الواقع في مستشفيات العزل
من مستشفى النجيلة أكد لي أكثر من طبيب في فترات العمل المختلفة منذ بداية استقبال المستشفى لمرضى كورونا في أول فبراير الماضي أنهم لم يعطوا للمرضى هيدروكسي كلوروكين” أدوية الملاريا” و أن المستخدم فقط التاميفلو و المضادات الحيوية .
ومن مستشفى أبو خليفة بالأسماعيلية يقول لي طبيب ” طول فترتي كانوا بيعطوا المرضى”كلوروكين”،مفيش موافقة بتتاخد من المريض،و كان فيه أعراض جانبية كثيرة مثل الإسهال و القيء، فيه مرضى مكنوش بيأخدوا العلاج من الممرضة أو بيرموه 95% من المرضى لم تكن عليهم أعراض و لكن كانوا بيأخدوا كلوروكين علشان تحليلهم إيجابي، كانت بتتعمل الفحوصات الروتينية زي وظائف الكبد و الكلى و صورة الدم لكن مش بيتعمل فحص قاع عين، و لو لاحظنا إن فيه سرعة أو بطء في ضربات القلب بنعمل رسم قلب،لكن غير كده لا ، التحاليل المعملية فقط الي بتتعمل يومي”.
من مستشفى ملوي قال لي طبيب عمل في الفوج الأول بالمستشفى أنهم أوقفوا إعطاء الهيدروكسي كلوروكين للمرضى في أخر يومين له بالمستشفى بتعليمات من المدير الذي أرجع ذلك لوجود أعراض جانبية،في حين أكد لي طبيب في الفوج الثاني بالمستشفى أنهم عادوا أخرى لإعطاء المرضى ال”كلوروكين”،أما بمستشفى الشيخ زايد آل نهيان فقد أجمع أكثر من طبيب على “إعطاء الهيدروكسي كلوروكين لجميع المرضى ما عدا الأطفال و أن معظم المرضى ممن أعراضهم بسيطة أو متوسطة تتحول تحاليلهم من إيجابي لسلبي في فترة متوسطها 10 أيام ،و كذلك الأطفال الذين لا يتناولون الكلوروكين فحالتهم تتحسن” .
وعن الفحوصات التي تجرى للمرضى إحترازًا من الهيدروكسي كلوروكين بمستشفى الشيخ زايد يقول طبيب “بناخد التاريخ المرضى من المريض، وبعدها بنعمل رسم قلب للمرضى الي عندهم خطورة مش كل المرضى، و مفيش تخصص رمد أساسًا بالمستشفى علشان نعملهم عرض رمد، أنا كنت بوفر”مونيتور”للمريض اللي يأخذ هيدروكسي كلوروكين مع الكلاسيد أو زيثرومايسين”.
و يقول لي طبيب عناية مركزة عمل بمستشفى عزل اسنا بالأقصر “كنا بندي الهيدروكس كلوروكين لكل المرضى في العناية والأقسام، لكن المرضى بدون أعراض مش بياخدوه من الأول، في العناية كان بيحصل متابعة و فحوصات مستمرة و كان بيتوقف الكلوروكين فورًا لو عمل أي أعراض جانبية مع المريض.”
وعن مستشفى العجوزة يؤكد لي طبيب أمراض صدرية عمل بها “كنا بندي الهيدروكسي كلوروكين لكل المرضى الي عندهم أعراض،لكن المرضى الي عندهم مشاكل في العين أو القلب مكناش بنديهم من الأصل”..
يُذكر أن مستشفى النجيلة لم تُسجل أية حالات وفاة منذ بداية عملها سوى حالتين إحداهما كانت لمريضة مسنة تعاني من أمراض بالقلب و الثانية لأمين مخزن المستشفى من الطاقم العامل بها.
“كلوروكين”.. وقاية للعاملين؟!
أصدر مساعد وزيرة الصحة لشئون مشروعات ومبادرات الصحة العامة، منشورًا مؤرخا في 13 أبريل الماضي وموجه إلى مديري مستشفيات العزل، يتضمن التنبيه بمتابعة صرف جرعات “وقائية” من عقار”هيدروكسيكلوروكين” للعاملين بالمستشفيات والمباشرين للحالات الإيجابية لفيروس كورونا المستجد، ويتضمن الخطاب تحديد الجرعات مع التنبيه بضرورة مراعاة موانع الإستعمال للدواء.
حول الأساس العلمي لإعطاء الكلوروكين كوقاية من كورونا سألت دكتورة “مها الرباط” وزيرة الصحة الأسبق ومستشار منظمة الصحة العالمية التي أكدت لي أنه لا توجد سوى دراسة واحدة تمت في الهند أعطوا فيها الهيدروكسي كلوروكين،هي نفسها الدراسة التي أرسلها لي صديقي استشاري طب الحالات الحرجة بالأمارات العربية المتحدة مؤكدً لي عدم تناول الفريق الطبي هناك أية أدوية كوقاية من كوفيد 19 في حين يوضح البروتوكول العلاجي الذي أرسله لي أن مستشفيات الإمارات العربية تعطي”كلوروكين فوسفات” لمرضى كورونا.
سألت زملائي الأطباء والتمريض العاملين بمستشفيات العزل عن تناولهم دواء “الكلوروكين”كوقاية، كان النفي إجابة جميع من سألتهم سوى طبيب بمستشفى عزل ملوي وأخر بإسنا أكدا أنهما بدأ أخذ الجرعات الوقائية ، فيما قال لي طبيب عمل بمستشفى اسنا (أنا مش مقتنع بموضوع الجرعات الوقائية، إحنا شوفنا مصابة بكورونا كانت بتأخد “هيدروكسي كلوروكين”منذ 8 سنوات لأن عندها روماتويد،فمن باب أولى كان عمل لها وقاية من كورونا).
وعن هذا المنشور والجرعات الوقائية قال لي عضو اللجنة العلمية بوزارة الصحة”إحنا اعطينا للأطباء موانع الإستعمال للكلوروكين، قلنا لهم يعملوا ايه، الدكتور لو مخالط مع مريض مشتبه أو مؤكد إصابته بالكورونا يقدر يأخده بالإجراءات الموجودة مع مراعاة انزيمات الكبد تكون كويسة وميكونش مريض كُلى و الرؤية تكون كويسة مفيش مشاكل في العيون علشان انفصال الشبكية، في الحالة دي يقدر يأخذها بالجرعات المكتوبة اللي هي قرصين كل 12 ساعة في أول مرة و بعد كده كل اسبوع قرص كل 12 ساعة ” و عندما سألته إن غادر عضو الفريق الطبي مستشفى العزل و عاد بعد فترة للعمل بها فأجاب ” ممكن يكرر الجرعات الوقائية، زي لما الواحد بيسافر دولة علشان الملاريا الحاجات دي ، كل ما بيكون مسافر بياخد الجرعات بتاعة الوقاية”..
أما العالم و أستاذ الأمراض المتوطنة و المناطق الحارة بطب القصر العيني و الحاصل على جائزة النيل للعلوم دكتور أحمد علي الجارم فقال لي نصًا ” مفيش مرجع علمي لاستخدام هيدروكسي كلوروكين، مش هنجرب يعني، لازم أساتذة الفارماكولوجي والمعامل يبحثوا بطريقة علمية مضبوطة الجزئيات الي ممكن تأثر على الفيروس ده، إنما مش هنشحت من الماضي ونقول ده هينفع و ده مش هينفع ، أنا قريت الكلام ده، إنما مش موافق عليه، أنا لا أنصح بال”هيدروكسي كلوروكين” سواء في الوقاية أو غيره، الفيروس ده نسبيًا جديد فمش معروف هل الأجسام المضادة له تحمي من تكرار الإصابة و لا لا، وفي الغالب مش بتمنع من تكرار الإصابة ..فلازم يتم دراسة الجزئيات أكثر و كويس أوي و بعدين يجربوا الأدوية، زي ما حصل في فيروس”سي” قعدنا يجي 20 سنة عقبال ما طلعوا الأدوية بتاعته”
تأثير الكلوروكين..على كورونا والمرضى
تواصلت مع د.هاني فتحي استشاري جراحة العيون و أمراض الرمد بسوهاج عن أدوية الملاريا فقال” مع الاستخدام المزمن قد تتسبب في Maculopathy”اعتلال القرنية”علشان كده بيتعمل للمرضى الي بياخدوه فحص قاع عين كل3-6 شهور، والمفروض يتم قبل بداية تناوله عمل فحص قاع عين لتحديد إذا ما كان المريض يعاني من أمراض في الشبكية أم لا و التسجيل و ابلاغ المريض و أهليته و بعدها يتم فحص دوري كل سنة لمدة 5 سنوات يشمل قاع العين و مجال الابصار،و ذلك لأن إصابات الشبكية منه غير مرتجعة و تسبب تأثير شديد على الرؤية لا يتحسن و لكن يتوقف التدهور عند مرحلة اكتشافه و عليه يتم الاختيار بين الاستمرار مع معرفة ضرره الشديد على العين أو وقفه و تأثيره على تطور المرض المناعي و حدة أعراضه” .
وعن الأعراض الجانبية على القلب يقول دكتور عمرو عبد الباقي طبيب القلب بأمريكا “هيدروكسي كلوروكين” قد يُسبب سكتة قلبية إذا كانت هناك إضطرابات في كهرباء القلب لذا هناك ضرورة لإجراء رسم قلب قبل تناول الدواء و أيضًا بعد تناوله بأيام قليلة.
أما عن فاعلية الدواء أو تأثيره على فيروس كورونا فقد أكدت منظمة الصحة العالمية عدم التأكد من فاعلية اي دواء ضد كورونا ، ونشرت في 22 أبريل عن دراسة أمريكية
أثبتت فشل “كلوروكين” في علاج كورونا و توقعت حدوث أضرار لأعضاء أجسام المرضى الذين تناولوا الدواء ، في حين حذرت وكالة الأدوية الفرنسية من الأثار الجانبية لهذا الدواء
علاج أم حقل تجارب
سبق أن طرحت سؤال عن الأدوية المستخدمة في مستشفيات العزل، وهل تستخدم لعلاج أم اشتراكًا في تجارب على المرضى
و بعدها بأيام في 30 مارس أعلن مسوؤل منظمة الصحة العالمية، أن مصر وافقت على المشاركة في التجارب السريرية
أما أول تصريح لمسوؤل مصري كان لوزير التعليم العالي في 14 أبريل في خبر ينقصه الكثير من التفاصيل عن نوع الأدوية و أماكن التجارب و حقوق المرضى المشاركة فيها، فقط تضمن الخبر موافقة لجنة البحث العلمي بجامعة عين شمس على”7 أبحاث في مرحلة التجارب السريرية”.
في 22 أبريل قال د.حسام حسني رئيس اللجنة العلمية أن أي دواء أثبتت فاعليته بالتجارب في دول أخرى،ستقوم مصر بتجربته حتى تصل بالمواطن المصري لأفضل فرص علاج”
لكنه عاد في مساء نفس اليوم 22 أبريل عبر مداخلة مع أحد البراج وقال نصا” مفيش كلمة علاج،كل الي بيتنشر هو تجارب سريرية على أنواع معينة من الأدوية أملًا في الوصول إلى علاج،فكل ما يُطرح هي تجارب سريرية لم تصل لدرجة أننا نقول أن ده هو العلاج الشافي للمرض)و يضيف في نفس البرنامج(خلينا نتفق كل الأدوية الي أنتم سمعتوا عنها مفيش فيها دواء جديد،هي أدوية كانت تُستخدم لأمراض أخرى زي الايبولا،زي الأيدز،زي الانفلونزا،زي الملاريا،و يعاد استخدامها مرة أخرى”
هل تقوم مصر بتجارب سريرية
في نفس البرنامج يؤكد د. حسام حسني رئيس اللجنة العلمية أنه يوجد بمصر تجارب سريرية و أننا كمصريين فخورون بذلك، و لكن لن يفصح عنها إلا عندما تنتهي، و أكد أن الإنتهاء من تلك التجارب سيكون خلال اسبوعين أو ثلاثة.
كان هذا البرنامج يوم 22 أبريل و في نفس اليوم أكد لي عضو اللجنة العلمية في اتصال هاتفي أنه لم يتم البدء في التجارب السريرية ومنتظرين موافقة أخلاقيات البحث العلمي للبدء بينما أكد بدء استخدام ال”كلوروكين” كعلاج و أنه أتى بنتائج جيدة ،بينما قال دكتور جمال عصمت في حواره المذاع يوم 24 أبريل على BBC أن عقار “الأفيجان” الياباني وصل مصر من خلال وزارة التعليم العالي و بدأ استخدام المرضى في تجارب اكلينيكية”سريرية”، و أضاف أن مرضى كورونا الذين لديهم مشاكل بالرئة و صعوبة في التنفس هم من لهم الأولوية في إعطاء ال”أفيجان”لهم.
وعن فوائد دخول مصر التجارب الاكلينيكية على بعض الأدوية قال: “ستكون لها أولوية في إتاحتها لو احتاجت إليها”.
في اتصال هاتفي لي مع دكتور جمال عصمت يوم 28 أبريل أكد على اشتراك مصر في تجربة سريرية على دواء”هيدروكسي كلوروكين” إضافة إلى عقار ال”أفيجان”، كما أطلعني على تجربة جديدة ستختص مصر بإجرائها و يتم أخذ الموافقة عليها، و هي استخدام مزيج من ال”هيدروكسي كلوروكين”مع ال”سوفوسبوفير” في تجربة علاجية على مرضى كورونا حيث أن الدواء الأخير قد أتى بنتائج جيدة في علاج فيروس “سي” وأضاف ” حتى عقار الريمديسيفير بتاع شركة جلياد اللي جاي مصر اتجرب في أماكن وقالوا نتائجه كويسة، و اتجرب في الصين قالوا نتائجه سيئة”.
العلاجات في الدول الأخرى
بعد أن أكدت المعاهد الوطنية للصحة على موقعها في 13 أبريل الجاري تحت عنوان “معلومات للأطباء عن العلاجات الاستقصائية لمرضى كورونا ” بأنه لا يوجد أدوية أو علاجات أخرى تم إجازتها من إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية لمنع أو العلاج من كوفيد 19 ، أشارت إلى بعض أدوية تُجرى عليها دراسات و تجارب ، فتؤكد أن دواء “ريمديسفير” الذي يؤخذ عن طريق الوريد ما زال تحت الفحص و له نشاط مضاد للفيروسات،فيمنع تكرار الفيروس عن طريق الإنهاء المبكر لنسخ الحامض النووي، و عن أدوية”الكلوروكين” فتؤكد المعاهد الوطنية( تعطى عن طريق الفم و هي أدوية لعلاج الملاريا و بعض الحالات الالتهابية،و تلك الأدوية تحت التحقق في تجارب سريرية لعلاج مرضى مصابين بفيروس كورونا المستجد في مختلف تطورات المرض”بسيط، متوسط، شديد”.
و أعلنت بعض الدول منها أمريكا عن تجارب و دراسات على أدوية مختلفة
و لكن لم تعلن أيًا منها على التأكد من فاعليتها لعلاج كورونا المستجد و إتاحته للعلاج.
الكلوروكين في أمريكا
صرحت إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية بتوزيع الكلوروكين لإستخدامه لبعض المرضى في المستشفيات و المصابين بكورونا ليوصف الدواء عن طريق الأطباء للمراهقين و البالغين من مصابي كورونا مع الإلزام بتقديم دليل حقائق يقدم المعلومات الهامة عن إستخدام الكلوروكين في علاج كوفيد 19 و كذلك المخاطر و تفاعلات الأدوية التداخلية و أن يكون هذا الدليل متاح لمقدمي الخدمة الطبية و المرضى على السواء.
كيف تكون التجارب السريرية؟
ليست للدواء فقط ،فقد تكون التجارب السريرية لدراسة تأثير جهاز طبي، ومن المسلمات قبل بداية التجربة أن يُحاط المشاركون بها الهدف من التجربة و طبيعة الدواء و أثاره الجانبية والمعلومات المتوفرة عن دراسات سابقة و التأكيد على حق المشارك في الإنسحاب من التجربة و الرعاية الصحية والتعويض في حالة إصابته بمضاعفات و أيضًا الحصول على مقابل مادي لإشتراكه في التجربة
كذلك الباحثون القائمون بالتجربة لا بد أن يكونوا متخصصون و يتقاضون عن ذلك مقابل من المعاهد الوطنية للصحة أو شركات الأدوية الممولة للتجربة ، وتمر التجربة السريرية بأربعة مراحل، تكون المرحلة الأولى تجربة للدواء على عدد محدود من الأشخاص الأصحاء لضمان آمان الدواء
و تجرى المرحلة الثانية على عدد محدود من المرضى فإذا أثبت فاعلية تأتي المرحلة الثالثة بتجربته على عدد أكبر من المرضى ، أما المرحلة الرابعة فتجرى اختباراتها لتقييم المداخلات العلاجية التي سبقت الموافقة عليها والسماح باستخدامها. تُجرى إحدى أنواع اختبارات المرحلة الرابعة للمقارنة بين مُداخلتين علاجيتين أو أكثر، أو لاختبار مداخلة علاجية مسموحة في علاج مرض غير الذي أقر استخدامها لأجله،و عند اختبار مُداخلة علاجية من أجل علاج مرض جديد، فلا حاجة لإعادة المراحل الثلاثة الأولى ..بعد ذلك يطرح الدواء في الأسواق و يتابع نتائجه فإذا وجدت أعراض خطيرة أو غير متوقعة يتم سحبه من السوق.
هذا عن التجارب السريرية للأدوية و الأجهزة الطبية بشكل عام ، أما إن طبقناها على دواء الكلوروكين ،فهو دواء بالفعل مسموح و مصرح به لعلاج الملاريا و خاض التجارب السريرية لإثبات فاعليته ضد هذا المرض ،أما المراد من التجربة حاليًا هو دراسة فاعليته و تأثيره على مرض جديد و هو مرض كوفيد 19 ،لذا لا حاجة لمروره بالمراحل الثلاثة و يتم تجربته مباشرة على المرضى المصابين بالمرض الجديد،و هي مرحلة تمت بالفعل في مصر طبقًا لما رويناه من معلومات مؤكدة عن إستخدامه بمستشفيات العزل ، فالسؤال المنطقي بعدها ،هل تكون تجربة تعميمه على العاملين المخالطين للمرضى بمستشفيات العزل كجرعات وقائية، هي المرحلة الخامسة، فتعتبر إجراء بديل لإستحالة طرحه في الأسواق و الصيدليات العامة لعدة أسباب منها الأعراض الجانبية الفعلية للدواء و أيضًا الخوف من نفاذ الكميات، و إن كانت الإجابة بـ”لا” والتمسك بالتأكيد أن الهدف هو وقاية العاملين لصعوبة إجراء التحاليل لهم جميعًا فالرد البديهي أنه لم يُجاز الدواء فعليًا و كيف هو الموقف في حال كون الفريق الطبي أصحاء لا يحملون المرض!
أين مصر؟
كما أسلفنا، تتسابق دول العالم المختلفة، سواء فرادى أو في تحالفات علمية و بحثية مشتركة ،بإجراء الدراسات و التجارب السريرية لتأثير أدوية و علاجات مختلفة على مرض كوفيد 19 ، و الأعراض الجانبية و كذلك مقارنات بين فاعليات الأدوية المختلفة،تتحدث المعلومات بشكل مستمر و تنشر الدراسات المختلفة منطمة الصحة العالمية حسب البيانات الواردة لها من الدول و الجهات البحثية المختلفة و التي وصل المنشور فقط على موقع المنظمة 1136 دراسة.
في إطار بحثنا بالدراسات المنشورة على موقع منظمة الصحة العالمية و بعض الدول ، لم يتبين لنا وجود اسم “مصر” سواء في دراسة منفردة أو مشتركة مع دولة أخرى لتجربة دواء أو تداخلات علاجية على فيروس كورونا المستجد ، و لم نستدل من بحثنا عن إسم مصر سوى بدراسة استقصائية عن تأثير وسائل التواصل الإجتماعي على نشر المعرفة أثناء تفشي الفيروس،هذه الدراسة مقدمة من باحث بجامعة اسيوط
و دراسة ثانية و أخيرة مقدمة من باحث بجامعة مصر للعلوم و التكنولوجيا عن فاعلية العسل الطبيعي في علاج مرض كوفيد 19
عن سبب عدم نشر إسم مصر في التجارب المنشورة ،قال لي عضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا: الصحة العالمية أعلنت السماح لمصر بالتجارب السريرية مش الاشتراك، إنما مصر هيبقى لها البروتوكول بتاعها و ال “purposal”-قصد-بتاعها، و أنهي دواء الي هينفع و ايه الي موجود علشان نمشي في التجارب دي”
أما دكتور جمال عصمت ففسر لي عدم وجود ذكر لإسم مصر بإحنا داخلين في دراسات مجمعة، الاسم الي بيتكتب بتاع أول واحد اللي بدأ الدراسة، لكن مصر بدل ما في دراسات مجمعة مش بيتكتب اسمها فيها، الدراسات دي كلها منظمة الصحة العالمية هي الي جايباها،إحنا جايبين الدراسة بتاعة اليابان الي هي “أفيجان”،و الدراسة التانية بتاعة منظمة الصحة العالمية هي ال”هيدروكسي كلوروكين”
الأسئلة المطروحة باتت تتضاعف ، فإذا كانت بالفعل مصر تقوم بتجربة سريرية تُشرف عليها منظمة الصحة العالمية، فغير معروف حتى الآن، الدول أو المؤسسات المشتركة معها مصر بالتجارب السريرية ، أيضًا المراحل التي مرت بها وصلت إليها مصر في تلك التجارب، و الأهم من غير المعلوم هل اتبعت الحكومة المصرية القواعد وأخلاقيات البحث العلمي و ضمان حقوق المشاركين في التجارب حسب ما تقتضي القوانين و القواعد العالمية، خاصة أن مصر لم يُصدر بها حتى تاريخه قانون التجارب السريرية و إن كان لسبب ما طُرح منذ أيام في الإنعقاد الجاري لمجلس النواب، و الذي لم تُتيح التصريحات عن تفاصيله سوى جملة عابرة ” سيكون هناك تطبيق للقانون في شكل وجود علماء كيميائيين وليس علاجيين للعمل على الأجسام المضادة بالجسم للخروج بعلاج نهائي يقضي على فيروس كورونا المستجد “
هل ينتظر المواطن المصري من الحكومة توضيح كافة الحقائق أم تتركه للظنون أن مصر وشعبها أصبحوا” حقل تجارب” فالفارق كبير بين هذا المصطلح و بين “التجارب السريرية” قد يكون نفس الفارق بين الإنسان و غيره من الكائنات الحية.