دراما رمضان 2020 تحت الحصار.. لا يوجد ضابط فاسد فكلهم “أبطال”
كتبت- كريستين صفوان:
في 23 أبريل المقبل، ينطلق سباق الدراما الرمضانية 2020، في ظل سيطرة محكمة على المحتوي من جانب شركة إنتاج وقنوات تابعة للنظام، فضلا عن “رقابة فجة” من لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام.
قال ممثل شاب مشارك في مسلسل من إنتاج شركة “سنيرجي” ومقرر عرضه في رمضان 2020، إن التعليمات التي تلقوها هذا العام مشابهة لتعليمات العام الماضي، وأبرزها؛ ممنوع إظهار ضابط جيش/ شرطة فاسد يخالف القانون أو ظالم أو “حتى حقود”، مشيرا إلى أن صورة الضابط المطلوبة هي صورة البطل الذي يحمي الوطن من الجماعات المتطرفة والعصابات ويكون في خدمة المواطنين.
وأضاف الممثل الشاب الذي فضل عدم الكشف عن هويته واسم العمل الذي يشارك فيه، أن يسري الفخراني، وهو المشرف العام على المحتوي الدرامي بشبكة DMC، اجتمع بصناع الأعمال الدرامية المقرر عرضها على الشبكة التي يتردَّد أنها مملوكة لأحد الأجهزة السيادية في مصر، وأبدى ملاحظاته على بعض الأعمال.
بحسب الممثل الشاب، طلب الفخراني من القائمين على الأعمال الدرامية المقرر عرضها على شبكة DMC، عدم الإساءة لمؤسسات الدولة أو إظهار ضباط الجيش والشرطة على نحو غير لائق، وشدد على ضرورة عدم استخدام الألفاظ الخارجة، والتقليل من مشاهد التدخين والحشيش وشرب الخمور والرقص والعري.
مصدر آخر، من طاقم عمل مسلسل “دهب عيرة”، أكد لنا اجتماع “الفخراني” بصناع الأعمال الدرامية المقرر عرضها على شبكة DMC في رمضان 2020، إلا أنه لم يوضح بالتحديد ما إن كان الاجتماع مع المؤلفين أم المخرجين. لكنه أكد على المحظورات سالفة الذكر، وقال إن هذه الرقابة السابقة لعملية التصوير، يتبعها رقابة أخرى بعد التصوير من قبل الشبكة للتأكد من من عدم مخالفة ضوابطها.
في تصريحات صحفية، قال الكاتب يسري الفخراني، إنه منذ فترة ليست بالبعيدة تراجعت سيناريوهات عددا من مسلسلات الدراما التي يتم تقديمها للمواطنين في شهر رمضان وغيره؛ غير أنه وبعد خروج فضائية “DMC” إلى النور عكف القائمون عليها على تبني الأفكار الجديدة والحوار الجيد أثناء التمثيل.
واعتبر المشرف العام على المحتوي الدرامي بشبكة DMC، أن الحوار الجيد بين ممثلي العمل الفني كان غائبا، حيث قال “كان عندنا مناقشة مهمة، نتكلم بلغة الشارع ولا نتكلم باللغة اللي المفروض الشارع يتكلم بيها”.
وأوضح الفخراني خلال استضافته بالفقرة المفتوحة لاحتفالية “DMC” بعيدها الثالث، أن القائمين على الشبكة انحازوا إلى اللغة الجيدة في الأعمال الفنية التي تقدمها: “كل لفظ أو معني عايزة توصليه للناس السهل إنك تكتبيه بلغة الشارع، والصعب تكتبيه بلغة أدبية أو فنية أرقى، فالناس تستوعبه وتحبه ويتعلموا منه”
في رمضان 2019، هيمنت شركة “سينرجي” المملوكة للمنتج تامر مرسي، على معظم الأعمال الدرامية التي عُرضت على شاشات القنوات الفضائية المصرية، وتسبَّب احتكارها لغالبية الأعمال الفنية الدرامية في سباق رمضان الماضي إلى خروج عدد من شركات الإنتاج أهمها شركة “العدل جروب”.
لكن “سينرجي” التابعة لشركة “إيجل كابيتال” للاستثمارات المالية، التي يتردد أنها مملوكة لأحد الأجهزة السيادية، تريد أن تتدارك أخطاء العام الماضي، خاصة بعد الانتقاد الكبير الذي تعرضت له في رمضان 2019، بحسب أحد العاملين في مسلسل “دهب عيرة”، للنجمة يسرا، وهو من إنتاج مشترك لـ”سينرجي” و”العدل جروب”، الذي يوضح سبب التعاون بين الشركتين هذا العام.
يذكر أن “سنيرجي” تأسست عام 2003 كشركة إعلانات، قبل أن تدخل مجال الإنتاج التلفزيوني بإنتاج بلغ 12 عملاً تليفزيونيًا في عام 2017 فقط. وقال تامر مرسي، رئيس الشركة في مايو 2018، إن “سينرجي” تسعى إلى ضبط سوق الإنتاج الدرامى، وتعزيز القدرات الإبداعية للعاملين فى المجال الفنى.
ونفذت شركة “سنيرجي” في العام 2018 بعضًا من توصيات لجنة الدراما فيما يتعلق بالأعمال الحصرية وميزانية شراء المسلسلات ونفقات الدعاية، والتي تم تقليصها بالفعل خلال موسم دراما 2018، كما أجلت شبكة قنوات ON عرض ثلاثة مسلسلات كانت ضمن خارطة شهر رمضان هي “أهو ده إللي صار” بطولة روبي، ومسلسل “أرض النفاق” للفنان محمد هنيدي، ومسلسل “لدينا أقوال أخرى” للفنانة يسرا، دون إبداء أسباب واضحة، وفق مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
ويرجع نشطاء سيطرة “سينرجي” على سوق الدراما إلى رغبة الرئيس عبد الفتاح السيسي في السيطرة على صناعة الدراما بدعوى الحفاظ على الذوق العام، مستندين إلى تصريحات له في عام 2017، انتقد خلالها رداءة الذوق العام للمسلسلات، وأشار إلى أن الدولة تحاول أن تستعيد نشاطها في كافة المؤسسات والمجالس، والتي من ضمنها مجالس الإعلام والصحافة، وستكون الأخيرة معنيَّة بـ«الحفاظ على الذوق العام»
وكان السيسي قد سبق وطالب في العام 2015 من الإعلام والفنانيين ببث الأمل في المجتمع حيث قال مخاطبا الفنان أحمد السقا والنجمة يسرا اللذين كانا بين الحضور في احتفالية عيد الشرطة: “محتاجين تبقى تجربتنا ثرية، بقول تاني لينا كلنا حتى للإعلام والتليفزيون والأفلام والمسلسلات مين هيتصدى لده، مين هيعمل الوعي.. يا أستاذ أحمد أنت واستاذه يسرا والله هتتحاسبوا على ده”.
ولا تلاقي الأعمال الدرامية المصرية التي تنتجها شركات أخرى غير “سينرجي” ومقرر عرضها على فضائيات غير مصرية، الضوابط التي يريد النظام في مصر فرضها على المسلسلات الرمضانية، بحسب أحد طاقم عمل مسلسل “أسود فاتح” المقرر عرضه على شبكة “MBC” في رمضان 2020، وهو للمنتج البناني صادق الصباح، مالك شركة “سيدرز آرت برودكشن”.
وفق المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لم يجتمع بهم أحد من جانب السلطات المصرية. ويشار إلى أن مجموعة قنوات شبكة “MBC”، تبث جميعها من خارج مصر، وبالتالي لا تخضع برامجها ومسلسلاتها لسلطة الرقابة المصرية لا من حيث العرض ولا الشكل ولا المحتوى.
وتحدث مصدر آخر، عن أن شركة “سينرجي”، تفرض على نجوم أعمالها أجورا أقل مما كانوا يحصلون عليه في السابق، ومن يرفض “يقعد في بيته”، مشيرا إلى أن الفنان عادل إمام لم يظهر في رمضان 2019 بسبب خلال حول الأجر. ولم يتثنى لنا التأكد من هذه المعلومة من مصدر آخر.
وفي هذا السياق يجدر الإشارة إلى أن رئيس “سينرجي” قد تحدث في حوار سابق بعد توليه رئاسة مجلس إدارة “إعلام المصريين” عن أن لديه ملاحظات على التعاقدات التى أبرمتها الإدارة السابقة من الناحية الفنية، ومن ناحية أسعارها، لافتا إلى أن الإدارة السابقة تعاقدت على أعمال درامية كثيرة تفوق طاقة المحطة وميزانيتها دون وجود دراسة جدوى.
ويشار إلى أن الاتجاه نحو السيطرة على الدرما في مصر تحت بدأ منذ سنوات، وبالتحديد عام 2017، وقد أشارت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقرير لها بعنوان “رقباء الشاشة الصغيرة.. قيام وانهيار لجنة الدراما” صدر في ديسمبر من العام 2018، عن إجراءات تقييد حرية الإبداع في مصر.
وقالت “حرية الفكر” إنه “منذ تولَّى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014، بدأت على نحوٍ متتالٍ تغيرات كبيرة تحدث في المشهد الإعلامي والثقافي في مصر. استغلت السلطة الحالية شعبية احتجاجات 30 يونيو والحرب على الإرهاب، وبدأت في إقرار التشريعات واستحداث بعض الهيئات والجهات وتوسيع صلاحيات أخرى، وذلك بهدف السيطرة على المشهد الإعلامي والثقافي، بحيث تتقلص مساحات التعبير الواقعة خارج سيطرة أجهزة الدولة والتي خلفتها ثورة 25 يناير.
وقد تطرق الرئيس السيسي كثيرًا إلى الثقافة والفنون، ودائمًا ما سعى إلى التأكيد على الدور الذي تلعبه في شعور المواطن بالانتماء وفي تشكيل وعيه، ولذلك كان يحث دائمًا العاملين بالمجال الإعلامي والثقافي على الالتزام برؤية الدولة أثناء التناول، بل طالب بمشاركتهم هم وأفراد المجتمع في رصد المخالفات والإبلاغ عنها كلًّا حسب موقعه وسلطته، وفق ما تقول “حرية الفكر والتعبير”
وفي تقرير أصدرته، مؤسسة حرية الفكرة والتعبير في أبريل من العام 2019 بعنوان “تحت الحصار.. محاولات جديدة للرقابة على الدراما”، وصفت لجنة الدراما التابعة للمجلس اﻷعلى للإعلام، بأنها أداة لحصار اﻷعمال الدرامية، مشيرة إلى وضع اللجنة ما سمّته “أولويات العرض الدرامي”، ومن بينها “الحصول على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية في كل مراحل الإنتاج من كتابة السيناريو وحتى المُنتَج النهائي”.
وبعد صدور هذا التقرير، مارست لجنة الدراما التابعة للمجلس اﻷعلى للإعلام “رقابة فجة” على دراما رمضان 2019، وهو ما دفع المؤلف محمد صلاح العزب، مؤلف مسلسل “شقة فيصل” للسخرية من رقابتها.
وقال مؤلف “شقه فيصل” عبر حسابه الشخصي علي “فيس بوك” قائلاً: “في اختراع خزعبلي كده اسمه “لجنة متابعة ورصد دراما رمضان”، ودي لجنة منبثقة من “لجنة الدراما” المنبثقة من “المجلس الأعلى للأعلام”.. الشيء اللي اسمه لجنة المتابعة ده بقى طلع تقرير عن أول حلقتين في مسلسلات رمضان ورصد فيه الألفاظ الخادشة والماجنة والإيحائية ونشرها في الجرايد”.
وتابع: لمحاسن الصدف إنه خد مسلسلي “شقة فيصل” اللي بيتعرض على إم بي سي مصر، نموذج للفسق والمجون”.
وأنهي حديثه: “صقفة جامدة يا جماعة للجنة حماية الدراما.. ده إيه الفسق والمجون ده كله.. دي قالت لها انتي بوز فقر.. مفروض نقيم عليها الحد بقى.. ازاي تقول كده، هنبقى نعمل لكم مسلسلات كرتون بعد كده اللي يزعل من التاني يضربه بالمصاصة ويقوله أنا مخاصمك يا وحش”.