النازحات في مخيمات الكونغو الديمقراطية أمام خيارين: الجوع أو الاغتصاب
أ ف ب
هؤلاء النساء ضحايا أزمة إنسانية كبيرة تسبب بها متمردو حركة “إم23” الذين سيطروا على مساحات واسعة من إقليم شمال كيفو منذ أن شنّوا هجوما أواخر 2021.
تدعم رواندا حركة إم-23 بقيادة التوتسي، حسبما تقول العديد من دول الغرب مثل الولايات المتحدة وفرنسا، فيما تنفي كيغالي ذلك.
ومعظم سكان مخيمات النزوح فروا من دون أمتعة، ورغم الجهود الإنسانية لا يصلهم سوى القليل من المواد الغذائية.
فرت باتريسيا وعائلتها من المعارك في شمال كيفو في وقت سابق هذا العام، وتعرضوا لمضايقات وأعمال سلب وهم في طريقهم إلى مخيم روسايو قرب غوما، والذي يعد آمنا نسبيا.
وتروي والدة باتريسيا “أرسلتها لإحضار البطاطس من قريتنا بسبب الجوع”، فيما كانت الشابة تخفي وجهها بمنديل. وأضافت “اعتقدت أنها ماتت”.
لكن باتريسيا، وهو اسم مستعار استخدمته وكالة فرانس برس لحماية هويتها، عادت في أواخر سبتمبر حاملا.
وقالت إن مقاتلين من إتنية الهوتو قبضوا عليها. واغتصبها أحدهم طيلة أسابيع. وتمكنت باتريسيا ذات صباح من الهرب بعد أن تظاهرت بأنها تحضر الماء.
وكثيرا ما تقع أعمال عنف جنسي في مناطق شرق الكونغو الديموقراطية حيث تعيث مجموعات مسلحة الفوضى منذ 30 عاما.
وأصغت ساندرا كافيرا وهي عاملة إغاثة كونغولية من منظمة أطباء بلا حدود، لرواية والدة باتريسيا.
وقالت كافيرا (28 عاما) إنها سمعت مئات الروايات المماثلة منذ أن بدأت العمل في مخيم روسايو في يوليو، وأضافت “تردنا 10 قضايا جديدة يوميا، حتى طفلات بعمر أربعة أعوام أو جدّات يناهزن الثمانين”.
وتستذكر مديرتها في المنظمة أرميل زادي، قصة امرأة أصبحت طريحة الفراش ولم تتمكن من المشي بعد أن تعرضت لثالث عملية اغتصاب جماعي.
وقالت زادي “لم يكن أمام ابنتها من خيار سوى العمل في الدعارة لإطعام العائلة” مضيفة “النساء أسيرات دوامة بؤس”.
وإذا كانت أخبار العنف الشديد كثيرة فإن حجم الاعتداءات الجنسية في محيط غوما هائل بدوره، وقال براين مولر، منسق حالات الطوارئ لدى منظمة أطباء بلا حدود في غوما، إن حوالى 70 ضحية يأتين إلى منشآت المنظمة يوميا للعلاج، أو حوالى 2000 امرأة وفتاة شهريا.
وأضاف “هذه الأرقام تمثل مجرد جزء من الحقيقة” موضحا أن بياناتهم لا تغطي سوى المناطق التي تعمل فيها المنظمة الخيرية.
وتحمل الشابة شارمانت (18 عاما) رضيعة تسندها على ركبتها، وتشرح الوالدة التي غيرت وكالة فرانس برس اسمها، أن رجلا بملابس عسكرية اغتصبها عندما غادرت روسايو. وكانت تعتزم جمع الحطب لبيعه لإطعام إخوتها.
وقالت “عندما انتهى لم اتمكن من السير، أحضرني أصدقائي إلى المخيم”، واثنتان من صديقاتها وشقيقتها (19 عاما) اغتصبن أيضا عندما تركن المخيم، حسبما تقول الوالدة الشابة.
بعد أسبوع على محنتها اكتشفت شارمانت إنها حامل في عيادة أطباء بلا حدود. وولدت طفلتها كوين بعد أشهر قليلة، ليزداد عدد الأشخاص الذين يتعين عليها إطعامهم.
وجميع النسوة اللاتي تحدثت إليهن فرانس برس قلن إنهن كنّ أمام خيارين، الجوع أو مغادرة المخيم ومواجهة خطر الاغتصاب.
لم تكن حالة روز البالغة 43 عاما استثناء عنهن، فقد سارت لثلاثة أيام مع أطفالها السبعة للوصول إلى روسايو في نوفمبر الماضي.
كانت روز تدرك مخاطر مغادرة المخيم، فقد تعرضت لاغتصاب جماعي من قبل في 2017، لكنها أرغمت على المغادرة في يونيو مع ثلاث صديقات، وقالت “تعرضنا جميعا للاغتصاب” موضحة أن المهاجمين كانوا أربعة رجال بملابس عسكرية.
عندما عادت إلى المخيم، ضربها زوجها لأنها اغتُصبت ثم اختفى، كما قالت، وكانت الدموع تملأ عيونها وهي تروي قصتها وتمسك بطفلها البالغ أربع سنوات.
وقالت روز “في المخيم، من الصعب الحديث عن الأمر … لكن هنا نرى جاراتنا، فتيات نعرفهن، ونقول في أنفسنا: آه أنتِ أيضا؟”.