مجلة التحالف| المجلس الوطني للتعليم نيو لوك لبضاعة قديمة.. عن هيكلة منظومة التعليم
بقلم / محب عبود
بدأ منحنى التدهور فى التعليم يبصره الجميع منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى، ثم ازداد تسارع معدلات سقوط التعليم مع مطلع القرن الحادى والعشرين، لتزداد أوضاع التعليم تدهوراً بما لا يقاس خلال العقد الأخير وحتى الآن.
هذا السقوط يؤشر إلى عيوب عميقة فى التعليم، أحدها ما نسميه الاستحواذ! وهو لعب وزارة التربية والتعليم ثلاث أدوار تتضارب فيها المراكز القانونية، مما يتناقض مع معايير الحوكمة الرشيدة.
وزارة التربية والتعليم هي التي تضع السياسات الاستراتيجية التي تحدد رغبات القوى السياسية والاجتماعية وما يريدونه من التعليم في فترة زمنية معينة، الوزارة هنا تنتحل صفة هذه القوى وتفرض رؤيتها الأحادية على المجتمع! ولهذا وجدنا سياسة تسليع التعليم أي أنك تتعلم بقدر ما تدفع من نقود! ووجدنا الإلغاء الفعلى لمجانية التعليم!
أما الدور الثاني فهو التنفيذ أي ترجمة السياسات المشار إليها في الفقرة السابقة إلى خطط وبرامج ومشروعات! وأحسب أن ذلك الدور هو الوظيفة الحقيقية لوزارة التربية والتعليم باعتبارها ممثل السلطة التنفيذية في مجال التعليم، ولأنها هي التي وضعت السياسات وجدنا هذا الإهمال الجسيم للتعليم الحكومى عامة والتعليم الفنى خاصة.
الدور الثالث هو الرقابة على مدى التزام الوزارة بما تم إقراره من سياسات، فالوزارة التي تنفذ هي نفسها التي تقيم مدى جودة التنفيذ، ولهذا رغم سوء الأحوال الشديد في مجال التعليم لا نجد وزير واحد تمت محاسبته على هذا التردي، ليس فقط الوزير ولكن أي من قيادات الوزارة أو وكلاء الوزارات في المديريات، الوحيد الذي يخضع للمحاسبة والعقاب هو المعلم!
السؤال الآن هل مشروع قانون المجلس الوطني للتعليم والتدريب يستطيع معالجة هذا الأمر، فلنقرأ معاً المادة 4 من مشروع القانون والتي تحدد اختصاصات هذا المجلس! البند 1 يتحدث عن إعداد وصياغة الاستراتيجية، والبند 2 وضع آليات متابعة وتنفيذ الاستراتيجية، ونجد في هذه السطور القليلة إعادة إنتاج لنفس العيب الذي فصلناه في الفقرات السابقة.
ولأن فلسفة الاستحواذ لازالت تسيطر على عقلية المشرع، نجده استبدل وزير التربية والتعليم الموجود الآن باعتباره الممثل للسلطة التنفيذية، بمجلس وزراء مصغر كما أطلقت عليه د. ناديه جمال الدين، يتكون من 12 وزير، برئاسة رئيس الوزراء شخصياً، وعضوية كل من وزير الدفاع والانتاج الحربى، ووزير الصحة والسكان، ووزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزير المالية، ووزير الداخلية، ووزير الاتصالات وتتكنولوجيا المعلومات، ووزير التضامن الاجتماعى، ووزير التعليم العالى والبحث العلمى، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، لاحظ معى الترتيب المتاخر للوزيرين المسؤلين عن التعليم، ووزير الهجرة وشئون المصريين بالخارج، ووزير التجارة والصناعة، ووزير القوى العاملة، لا يعرف أحد لماذا تم استبعاد باقى الوزراء مثل وزير السياحة مثلاً من هذه الحفلة الوزارية، ثم أضاف المشرع 6 هيئات حكومية أيضاً أخرى مثل وكيل الأزهر الشريف ورئيس جامعة الأزهر، وقد يسأل سائل لماذا وكيل الأزهر الشريف ولا يوجد ممثل للكنيسة القبطية؟ لا توجد إجابة! ولماذا بالتحديد رئيس جامعة الأزهر وترك رئيس جامعة القاهرة أو الاسكندرية أو عين شمس مثلاً؟ أيضاً لا توجد إجابة! وأضاف المشرع لهؤلاء نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد فى التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى، بدلاً ماكان الناس يحاسبون وزير واحد عن تدهور التعليم اصبح عليهم محاسبة رئيس الوزراء و 12 وزيرا آخر يتقدمهم وزير الدفاع والانتاج الحربى! والسؤال اين الخبراء من التربويين وعلماء المجتمع؟ قرر المشرع ضم 8 خبراء يختارهم رئيس مجلس الوزراء ليكونوا بين 18 تنفيذى.
لمعالجة العوار فى منظومة التعليم الذى أشرنا إليه فيما سبق فإننا نقترح إطارًا آخر لهيكلة منظومة التعليم يتشكل على الوجه التالى:-
أولاً إنشاء مجلس أعلى للتعليم يضع السياسات التى تتوافق مع الإرادة الشعبية، ةيجب أن تحددها القوى السياسية والاجتماعية المختلفة فى المجتمع لتكون مساراً ضرورياً لتطوير معارف ومهارات أفراد المجتمع، وهو ما ينعكس على تكوينه كما يلى:
يرأس المجلس الاعلى للتعليم رئيس مجلس الوزراء ، ويكون ثلث اعضائه من النواب ويراعي فيهم تمثيل كافة الفئات الممثلة في البرلمان ويضم ممثلين عن الفئات التالية بواقع ممثل واحد لكل فئة تختارهم الفئة المعنية
1. المجلس القومي لتنمية الموارد البشرية
2. مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة
3. الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان
4. الجهاز المركزي للتعبئة والعامة والإحصاء
5. المراكز البحثية ذات الصلة
6. اتحاد طلاب مصر
7. نقابات المعلمين
8. الغرفة الصناعية
9. الغرفة التجارية
10. اتحادات العمال والفلاحين
11. ممثل عن وزارة المالية
12. ممثل عن وزارة التربية والتعليم
13. ممثل عن الأزهر
14. ممثل عن الكنيسة المصرية
15. ممثل عن هيئة الأبنية التعليمية
ثانيا: عدد مساو للفئات السابقة من الخبراء المشهود لهم بالخبرة والكفاءة يختارهم رئيس المجلس.
ثالثا: تكون اجتماعات المجلس صحيحة بحضور 75% من اعضاءه.
رابعا: يتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة.
خامسا : جميع أعضاء المجلس متطوعون لا يتقاضون اجر على مشاركتهم فيه ولكن يتقاضون بدلات تحددها اللائحة الداخلية للمجلس وذلك فيما يتعلق بالانتقالات والإقامة .
سادسا: يعقد المجلس اجتماعاته بمقر البرلمان.
وتكون اختصاصات المجلس كما يلى:
يهدف المجلس إلى وضع سياسات موحدة للتعليم بكافة أنواعه وجميع مراحله.
وله في سبيل ذلك
1) تحليل البيانات وقواعد المعلومات المرتبطة بكافة أشكال التعليم قبل الجامعي والاستفادة منها.
2) تحديد اهداف المراحل المختلفة للتعليم قبل الجامعي في ضوء الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بالحق في التعليم والتي صادقت عليها الدولة المصرية.
3) تحديد الموازنات الضرورية لإنفاذ الخطط الموضوعة .
4) التعاون مع مايراه من هيئات ووزارات مختلفة من أجل التخطيط ووضع السياسات.
ويقوم المجلس الأعلى للتعليم بعرض ما توصل إليه من سياسات، على مجلس النواب الذى يبت فيها بالتعديل او القبول او الرفض، ويتلقى المجلس تقريراً سنوياً مبين فيه ماتم تنفيذه من خطط وبرامج ومشروعات، مقدم من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ومن الهيئات المعنية، ويقدم تقريراً سنوياً عن حالة التعليم قبل الجامعى بكل انواعه لرئيس الجمهورية وتقريراً عن حالة التعليم قبل الجامعى بكل انواعه للبرلمان وللراى العام كل سنتين.
ثانياً يقوم المجلس الأعلى للتعليم بتكليف السلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة التربية والتعليم، بتنفيذ هذه السياسة، وهى تقوم بترجمة هذه السياسة الى خطط وبرامج ومشروعات على المستويين القومى والمحلى.
ثالثاً إنشاء الهيئة المصرية لشئون التعليم قبل الجامعى التى تقوم بمراقبة مدى التزام الهيئات التنفيذية بتنفيذ الخطط وفقاً للرؤية التى حددها مجلس النواب وذلك برصد المشكلات والعقبات والتجاوزات التي تحدث في التعليم سواء من الجهات الرسمية الإدارية أو السياسية ( من الوزارات المعنية أو المحليات).، ورصد الاحتياجات والمتطلبات الجماهيرية والشعبية فى قطاع التعليم سواء فيما يتعلق بالأداء أو الكفاءة أو النوعية، وايضاً تقوم بمتابعة الأداء التعليمى داخل مؤسسات التعليم بالمراحل المختلفة، وتقييم الأداء التعليمي والعمل على تحسينه بالمواقع التعليمية ، كما تقوم بمراقبة أعمال كافة الصناديق الموجوده فى مجال التعليم، وهى ايضاً تقوم بعمل بحوث يكون من شأنها كشف الأسباب والعوامل التي يمكن أن تؤدى إلى معوقات ومشكلات تعليمية سواءً كانت على المستوى المحلى (محافظات) أو على المستوى الوطني، وتقوم الهيئة المصرية لشئون التعليم بوضع لائحة خاصة تنظم اشكال تسيير العمل بها، وممارستها لدورها، وبصدر قرار من رئيس الوزراء بقواعد وضوابط تشكيلها، على ألا يتضمن تشكيلها أى من المرؤسين للوزير المختص، وتكون هذه الهيئة بديلاً لهيئة ضمان الجودة والاعتماد.