موقع “الحرة” الأمريكي يتساءل: ما موقف القوى المدنية من الاشتباكات في السودان وأثرها على الاتفاق الإطاري؟
وكالات
أصدر موقع “الحرة” الأمريكي، الأحد، تقريرًا قال فيه إنه طوال الشهور الأخيرة، خاض الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، والقوى السياسية المدنية، مناقشات عدة، أدت إلى التوصل إلى “اتفاق إطاري” يفترض أن تبدأ به البلاد مرحلة انتقالية جديدة بقيادة مدنية.. غير أنه تقرر، مطلع شهر أبريل الجاري، تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد، بسبب خلافات بين قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأضاف التقرير “واليوم تثور تساؤلات عدة بشأن موقف القوى المدنية من الاشتباكات المسلحة بين أكبر قوتين عسكريتين في السودان، التي لم يسلم منها المدنيون بعدما سقط منهم قتلى خلال يومين”.
ونقل التقرير عن عضو المجلس المركزي لحزب المؤتمر السوداني، القيادي في قوى الحرية والتغيير، فؤاد عثمان قوله إن “الاتفاق الإطاري كان يسير في الإطار الصحيح لحل كل المشكلات، ومن بينها تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، والعدالة الانتقالية، وتقييم اتفاق سلام جوبا مع كل أصحاب المصلحة، وقضية إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
وأضاف في حديثه مع موقع “الحرة”: “بينما كنا نحل تلك القضايا للتوصل إلى توقيع الاتفاق النهائي كان فلول النظام البائد وأنصار البشير يقرعون طبول الحرب ويعملون بكل جهدهم لقطع الطريق على الوصول لاتفاق نهائي وكانوا يجرون البلاد إلى الحرب لمواجهة شاملة بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأقر بأنه كانت هناك عقبات بالفعل بين طرفي الصراع الحالي، تتعلق بنقطتين في ملف دمج الدعم السريع في الجيش.. مضيفا “نحن في القوى المدنية نرى أنه حتى يكون لدينا جيش مهني، يجب علينا أن ننهي ظاهرة تعدد الجيوش، ويتم دمج الدعم السريع في القوات المسلحة”.
وأوضح أنه “كان هناك خلاف في المدة الزمنية التي يجب دمج فيها الدعم السريع في الجيش، حيث كان البرهان يرى أنه يجب أن يحدث الدمج خلال الفترة الانتقالية أي خلال سنتين، أما حميدتي فكان يرى أنه يجب ان تكون عشر سنوات، وكان هناك حوار عميق بين المؤسستين لحل الخلاف”.
وتابع: “برزت مشكلة تخص القيادة والسيطرة للقوات النظامية، إذ كان الجيش يطالب أن تكون قوات الدعم السريع تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة وليس القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس مجلس السيادة في المرحلة الانتقالية، الذي كان من المفترض أن يكون مدنيا”.
واستكمل “كدنا أن نصل لحلول بخصوص هذه المسائل، واقترحنا تأجيلها إلى ما بعد تشكيل حكومة مدنية، لكن انطلاق الرصاص، وهو أمر مؤسف، حال بين توقيع الاتفاق النهائي، وهو ما يحتم علينا أن نعمل بكل جهد لوقف إطلاق النار فورا ووقف التصعيد”.
أما القيادي بقوى الحرية والتغيير، نور الدين بابكر فيرى أن “سيناريو الحرب هو الأسوأ للسودان في ظل تعقد الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وليس هناك من حل سوى وقف إطلاق النار ،والعودة مرة أخرة لطاولة التفاوض والحوار”.
وكشف أن “قوى الحرية والتغيير تعمل حاليا مع قوى الاتفاق الإطاري في مبادرة تتواصل بشأنها مع طرفي الصراع والأطراف الدولية والإقليمية، للتدخل من أجل الضغط لوقف إطلاق النار والمضي قدما في عملية سياسية تنزع فتيل الأزمة وتعيد الحوار”.
ويقول عثمان، حسب التقرير، إنه “منذ تفجر الصراع، السبت، ما بين الجيش وقوات الدعم السريع، قمنا في حزب المؤتمر السوداني مع القوى المدنية وقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، بمناشدة طرفي الصراع بالوقف الفوري لإطلاق النار وتحكيم وإعلاء صوت العقل والحكمة لتجنيب البلاد مزالق الانهيار والتشقق، لأنه إذا اندلعت الحرب فستحدث مشاكل اجتماعية واقتصادية وإنسانية وانقسامات كبيرة، والأفضل أن أي مشكلة تحل عبر طاولة الحوار والنقاش”، مضيفا أن “المبادرة تشمل شقا سياسيا وآخر إنسانيا، بحيث يسيران في مسارين متوازيين”.
وأوضح أن “الشق الإنساني يشمل فتح ممرات آمنة خاصة للعمليات الطبية الطارئة والعالقين بالقرب من مواقع الاشتباكات الذين لم يصلوا إلى بيوتهم منذ بدء الصراع”.
واسترسل “من الواضح أنه ليس هناك استجابة للشق السياسي حتى الآن، لكن بدأت بوادر استجابة للشق الإنساني، من خلال إعلان الجيش السوداني (وقوات الدعم السريع” قبوله بمقترح أممي بفتح ممرات آمنة للمدنيين لمدة ثلاث ساعات يوميا، ونحن ندفع حاليا لأن تطول إلى ست ساعات لإجلاء الجرحى والمصابين إذا لم نتمكن من وقف هذا الصراع اليوم أو غدا”.
ويرى بابكر أن أن الموقف شهد مؤخرا “تصعيدا شديدا من الطرفين وأصبحت هناك عقبات كبيرة أمام التهدئة، لكن نرى استجابة من الرباعية الدولية من خلال دعوتهم للحوار، فضلا عن أنه سيكون هناك ضغط داخلي من الشعب الرافض للحرب”.
ويشير عثمان إلى أن “القوى السياسية المدنية على تواصل مع الفاعلين الدوليين والإقليميين في الوساطة الرباعية والآلية الثلاثية وبعض الفاعلين الإقليميين والدوليين لحث الطرفين على تجنب الصراع المسلح وإيقاف صوت الرصاص، لأن الحرب مكلفة على مستوى الوطن والمواطنين، حيث أن أفراد الدعم السريع والجيش مواطنون سودانيون في النهاية، كما أكدنا أن عدم استقرار السودان سيؤي إلى زعزعة واضطراب الإقليم ككل”.
ويؤكد بابكر أن “سيناريو حسم المعركة لأي من الطرفين أمر مستبعد، وحتى لو حدث ذلك في العاصمة الخرطوم، ستنتقل المعركة إلى أقاليم السودان المختلفة، ولذا فإن خيار الحرب تكلفته مرتفعة جدا على المدنيين والعسكريين، ونتمنى أن يحكموا صوت العقل”.