“لا أرى جسدي” .. ديوان جديد لـ أشعار عمار علي حسن القديمة (إلى ايام كان فيها الشعر قبلتي)
صدر ديوان “لا أرى جسدي” الذي يحوي أشعار عمار علي حسن القديمة عن “دار الأدهم للنشر والتوزيع”، والتي لم يسع إلى نشرها من قبل، فيما واصل نشر مجموعاته القصصية ورواياته وكتبه في الاجتماع السياسي والنقد الثقافي والتصوف.
وعلى الغلاف الخلفي للديوان أبدى عمار حرصا على توضيح أسباب وملابسات نشر أشعاره في هذا التوقيت قائلا: “بدأت مسيرتي الأدبية شاعرًا، فكتبت قصائد عدة في ميعة الصبا، لم أسع إلى نشرها، وأخذتني القصة القصيرة ثم الرواية من الشعر، وإن كانت روح القصيدة قد حضرت جليًّة بهيًّة في ثنايا سطوري السردية، ولم يفارقني خيال الشاعر وجسارته في سطوري العلمية”.
وأضاف عمار “أجد الآن أنه قد يكون مفيدًا، على الأقل بالنسبة لي، خروج تجربتي الشعرية البعيدة إلى النور، بعد أن هجرتها، وهو هجران يضنيني؛ لأنني من الذين يعتبرون الشعر أكثر ألوان الأدب رسوخًا ورهافة وصعوبة”.
وتابع “هنا قصائد من “أغاني الصبا” نقلتها من ورق قديم، ونقحتها، دون إخلال بمضمونها، كي تبقى كما كانت ناطقة باسمي في زمن جميل مضى، يجرفني الحنين إليه”.
ويحوي الديوان، الذي يقع في نحو مائة صفحة من القطع الصغير، إثنتي عشرة قصيدة، بعضها طويل ينقسم إلى عدة مقاطع، وبعضها دفقات أو ومضات مكثفة، أخذت عناوين هي “لا أرى جسدي” و”هي .. هي” و”ريشة” و”سنبلة” و”سمكة” و”طائرة” و”محاق” و”على عتبات المساء” و”لا” و”موت المسافة” و”صرخة” و”دنياي القديمة”.
وأهدى عمار ديوانه إلى “أيام كان الشعر فيها قبلتي، وخبأته، كأي شيء نفيس جدًا، لكن آن له الظهور على براءته وعفويته التي قام عليها، حتى وإن كنت قد ذهبت بعيدًا عنه”.
ويقول مقطع من قصيدة “لا أرى جسدي” وهي أطول قصائد الديوان: “أسألُ روحي محدِّقاً في عزلتي/ كيف تصيرُ السيوفُ ريشَ حَمَامْ؟/ وكيف تعانقُ الفراشاتُ اللهبْ؟/ وتصادقُ الريحُ السكونْ/وتشربُ البحارُ مَوْجَهَا الهادرْ/ وكيف يُقلع السرابُ عن الكَذِبْ؟/ويُصاحبُ العليلُ السقامَ/ ويَحرسُ الذئبُ الغَنَمْ/ ويصفحُ القتيلُ عمَّن قَتَلْ؟/ في إلحاحً أقول الكلامَ/ وينبت أمامَها شوكُ السُؤالِ/فتلوذُ بصمتٍ طويلٍ طويلٍ/ لا أَرَى إشارةْ/ لا أَرَى أمارةْ/ لا أسمعُ صراخَ الغَضبْ/ ولا هَمْس العَتبْ/ فأمضي كَسِيراً/شَريداً/ طَريداً/ خُطوتي دهرٌ/ ووحدَتِي زِحامْ/لأ أعرفُ فيه مَنْ أقامْ/ ولا مَنْ هَرَبْ”.
ومن قصيدة “هي .. هي” وهي طويلة أيضا، يقول مقطع: “عيناها قهوتي/أحتسيها حين ينضح النور من شرفتي/ويحط فوق مخدعي كضيف ثقيل/ وحين تحاذر شمس الأصيل/ متخفية خلف صبوتي/ وشقوتي/وحرقتي/تاركة أشرعة الليل تبحر/صوب الرحيل/وعند التقاء الأزرق الكيئب/بالأسود الرهيب/ تقع الواقعة/وبين السنان ونارد البارود/ تتراءى أضرحة الحلم العنود .. “.أما الومضات أو الدفقات الشعرية أو القصائد القصيرة جدا فمنها تلك التي أخذت عنوان “سنبلة” وتقول: “ضفيرة رشيقة/ عناق عاشقين/ حبل مجدول/ظل يعارك النور/ وكأس يدور/على سكارى/ يترنحون/ يتخبطون/ فتضرب العظام العظام/ شهيق زفير/ يتماوج على خد طفل ينام/ سرب يمام/ يغالب الريح/ يمنة ويسرة/ يدور في الأقاصي/ يتلوى هابطا إلى الأرض/ ليلتقط حبات مبعثرة/ من سبلات حبلى/ ترفرف على أعناق أعواد يابسة/ وتفر من بين جدران عابسة/ تتهادى أمام حويصلات خاوية/ فتملأها سريعا/ بأقدار مقدرة”.
يشار إلى أن “لا أرى جسدي” هو الكتاب الأدبي الحادي والعشرين لـ عمار علي حسن، عبارة عن عشر روايات وثماني مجموعات قصصية وقصة للأطفال وسيرة ذاتية سردية، إلى جانب ثلاثة كتب في النقد الثقافي، وعشرون كتابا في الاجتماع السياسي والتصوف.