5 مبادرات لمواجهة تصفية الحديد والصلب.. دعوات لتدخل قانوني واكتتاب عام وعروض بإعادة استغلال الأصول وخطة من العمال (تكاتفوا لوقف الهجمة)
الخميسي يطلق مبادرة لطرح اكتتاب عام لشراء أسهم الشركة.. وكمال عباس: خطة بأيدي مهندسي وخبراء الشركة
أحمد النجار: من الممكن إعادة هيكلة واستغلال أصول الشركة في الغرض الذي تأسست من أجله وفي أغراض أخرى
محسن البهنسي: أناشد كل الشرفاء الطعن على قرار تصفية الحديد والصلب والدفع لاسترداد الشركة
كتب- درب
استيقظ المصريون، صباح اليوم الثلاثاء، على خبر “كارثي” بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية صاحبة الـ70 عاما من العمل والإنتاج، قرار يحمل معه نهاية حلم بوجود شركة وطنية تقدم صناعات ثقيلة، ولكن جاء القرار قاتلا لهذا الحلم.
وخلال الساعات القليلة الماضية عقب القرار، انطلقت العديد من المبادرات المجتمعية والعمالية لحل الأزمة ومحاولة إصلاح ما أفسده قرار التصفية، سواء بسلك المسار القانوني ضد القرار أو بشراء أسهم الشركة وإعادتها للعمل، ما استقبله الناس بدعم وتأييد.
وطرح الكاتب الصحفي أحمد الخميسي، مبادرته لوقف تصفية الشركة، تشمل طرح اكتتاب عام على مستوى الجمهورية لشراء أسهم الشركة، بواقع 100 جنيه للسهم، في سبيل إنقاذها من التصفية. وقال الخميسي في تصريحات لـ”درب” إن المبادرة “عملية وبسيطة، وبرزت بعد صدور قرار تصفية الشركة، وهي مقترح طرحه كثير من المهتمين بالصناعة الوطنية المصرية، لوقف مخططات هدم قلاع الصناعة الوطنية”.
وأضاف: “الفكرة ليست جديدة في التاريخ المصري، فالشركة نفسها أسست بسندات وتبرعات وجهود المصريين، الأمر ذاته في جامعة القاهرة – جامعة فؤاد الأول سابقا – وضريح سعد زغلول، وغيرها من المنشآت الوطنية، لافتا إلى أن سهم الشركة مطروح في البورصة المصرية بـ3.5 جنيهات، بينما تقترح المبادرة شراءه بـ100 جنيه، في سبيل الحفاظ على هذا الكيان الوطني من الاندثار”.
حتى الآن، تخطى عدد العروض التي ابدت استعدادها للشراء ضمن المبادرة 15 ألف سهم خلال ساعات، بما يزيد عن 1.5 مليون جنيه، بحسب الخميسي، الذي يأمل في طرح أوسع للفكرة إعلاميا وفي أوساط القوى الاجتماعية الحية من الأحزاب والمؤسسات والقوى المدنية.
ويبحث الخميسي حاليا التنسيق مع لجنة من المحامين لدراسة سبل التحرك القانوني نحو تنظيم وتنفيذ مقترح الاكتتاب، فضلا عن لجنة من الخبراء الفنيين والاقتصاديين لتقييم وضع الشركة، بحث حلول إنقاذها. ويتابع: “في جميع الأحوال إذا لم نستطع تنفيذ المقترح على أرض الواقع، سنكون قد نجحنا في تجميع عدد ضخم من الأصوات يبرز الاعتراض الشعبي على تصفية المصنع، ويظهر لنا ما يمكننا عمله معا”.
بدوره، طرح كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، مبادرة عبر “درب”، لإنقاذ الشركة، تتضمن الدعوة إلى دائرة حوار ومناقشة علمية بحضور مهندسي وخبراء الحديد والصلب وخبراء اقتصاديين، لوضع خطة للإنقاذ خلال فترة زمنية معينة، مع التعهد بتمويلها شعبيا بالتبرعات والاكتتابات دون تحميل خزينة الدولة أي أعباء مالية، على أن يكون عمال الحديد والصلب الموجودين على قيد الحياة على رأس المكتتبين.
وأوضح أن آخر خطة لإصلاح الحديد والصلب كانت في عهد آخر رئيس مجلس إدارة لـ”الحديد والصلب” من أبناء الشركة، وهو المهندس سامي عبدالرحمن، دون أي تكلفة على الدولة، حيث كانت قائمة على بيع بعض الأراضي المملوكة للمصنع التي ليست هناك حاجة لها، بالإضافة إلى الاستفادة من بيع الخردة، وإعادة تأهيل العنابر، وغيرها، وكانت النتيجة لمقترحه أنه تم التخلص منه بعدها.
وأضاف: “كان هناك عدد كبير من المقترحات والمشروعات المطروحة لإنقاذ صناعة الحديد والصلب في مصر، من بينها خطة سامي عبد الرحمن، ومقترح من هيئة الحديد والصلب البريطانية، وأخرى من روسيا وأوكرانيا، لذا فإن الحديث عن تبرير قرار تصفية الشركة بعدم تحقيقها مكاسب غير منطقي، فهي الأكبر في مجالها في الشرق الأوسط، وتم إنشاؤها منذ عام 1954 واكتمل بناؤها في أواخر السبعينات، على أيدي أجيال وأجيال دفعت حياتها وعرقها في سبيل خروج المصنع للنور”.
وشدد على أن الأوضاع التي يعاني منها المصنع كان سببها الرئيسي الإهمال الذي تعرض لها على مدار سنوات، خاصة منذ فترة التسعينات، بحسب ما يحكي عباس، بعد الاتفاق بين الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وصندوق النقد الدولي، الذي طلب مسؤولو الصندوق بناء عليه بيع أصول الدولة ومن بينها “الحديد والصلب”، وحينما لم يستطع النظام تصفيته أو بيعه حينها، تركه يموت ببطء على مدى السنوات التالية.
وواصل: “الرسالة الواضحة من تصفية الحديد والصلب، واستهداف شركات الأسمدة والغزل والنسيج وغيرها، تعني أن الدولة لا تريد صناعة وطنية، وإنما تفضل الاعتماد على اقتصاد الخدمات، بدلا من التركيز على أسس التنمية الحقيقية، على الرغم من عدم وجود أي ضغوط داخلية أو خارجية لاتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أن صندوق النقد الدولي صاغ مراجعات داخلية لوقف الضغط على الدول للتخلص من القطاع العام”.
أما المحامي الحقوقي محسن البهنسي، فكانت مبادرته بشأن المسلك القانوني في مواجهة قرار مجلس إدارة الشركة بتصفيتها. وناشد البهنسي، أبناء حلوان والعاملين بشركة الحديد والصلب ومنظمات المجتمع المدني ودار الخدمات النقابية وكل المحامين الشرفاء بالطعن على قرار تصفية شركة الحديد والصلب والدفع ببطلان القرار.
وقال البهنسي في تدوينة عبر صفحته على “فيسبوك”: “مناشدة عاجلة، بدلا من البكاء واللطم على الخدود، أدعو كل أبناء حلوان، والعاملين بشركة الحديد والصلب، ومنظمات المجتمع المدني، ودار الخدمات النقابية، والنقابة الفرعية لمحامين حلوان، وكل محامي شريف للطعن على قرار تصفية شركة الحديد والصلب، والدفع بقوة نحو بطلان القرار واسترداد الشركة، ولو من دمائنا، شركة الحديد والصلب تاريخ ودماء وعمر وصناعة لن نسمح بتصفيتها) مين معانا، وافتح القوس لكل المصربين”.
أيضا قدم الدكتور أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادي البارز ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، عدة حلول اقتصادية حتى يتم التراجع عن تصفية الشركة. وقال النجار “كان من الممكن إعادة هيكلة واستغلال أصول الشركة في الغرض الذي تأسست من أجله وفي أغراض أخرى. كان من الممكن استخدام جزء من الأرض في بناء مشروع إسكان متوسط وشعبي ومدرسة محترمة ومتعددة المراحل ومتنوعة ومركز للتدريب المهني ومستشفى خاص ومركز تجاري لعرض منتجات القطاع العام، التي يقتلها التجاهل الإعلامي، وعرض منتجات القطاع الخاص أيضا ومدينة ترفيهية ومطاعم. وكان هذا الاستغلال الجزئي للأرض سيدر دخلا هائلا على الشركة من مقدمات حجز الوحدات السكنية وحدها”.
وأضاف “من عائد كل تلك المشروعات يتم تحديث الشركة على أعلى مستوى في جزء من الأرض في نفس الموقع أو في أرض عامة مجانية في موقع أبعد قليلا. وهذا الخيار كان سيؤدي إلى الحفاظ على العمالة الماهرة وأسس حياتها، ويضيف طاقة جديدة للاقتصاد المصري عامة وللقطاع العام الذي دمرته قوانين ألزمته باعتبارات اجتماعية في التسعير لسنوات طويلة وبدفع ضرائب هائلة أعفت منها القطاعين الخاص والأجنبي وشركات جهاز الخدمة الوطنية فكان وحده الملزم بما لا يلتزم به الآخرون”.
وحصل “درب” على نص قرارات الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب بحلوان، الذي جاء فيه قرار المساهمين الحاضرين الذين يمتلكون 82.48% من رأس مال الشركة، الموافقة على فصل نشاط المناجم في شركة مستقلة تحمل اسم الحديد والصلب للمناجم والمحاجر، وتصفية نشاط مصنع الشركة في التبين.
وطبقا للقرار فإن الجمعية العمومية غير العادية قررت أيضا تصفية شركة الحديد والصلب بحلوان، متعللة بأن الشركة تعاني من الخسائر المستمرة والتي وصلت وفقًا لقرار الجمعية العمومية الى 8.2 مليار جنيه في 30 يونيو 2020، وهي القيمة التي تمثل 547% من حقوق المساهمين.
وأضافت الجمعية العمومية في تبريرها للقرار أن الشركة لم تستطع على مدار الفترة الماضية الإيفاء بمستحقات العمال من أجور، كما أنها غير قادرة على التطوير، لكن ممثلو العمال في مجلس الإدارة رفضوا قرار التقسيم والتصفية، مؤكدين أنهم سبق وأن تقدموا بمقترحات عديدة لمجلس الادارة والشركة القابضة للصناعات المعدنية من أجل تطوير الشركة ووقف عملية التخسير الممنهج التي كانت تهدف من البداية إلى تقسيم الشركة وتصفيتها.
ويصل عدد عمال الشركة المصرية للحديد والصلب بالتبين إلى 7300 عامل، لم يتطرق قرار الجمعية العمومية إلى مصيرهم بعد قرار التقسيم والتصفية.