يحيى قلاش عن هشام فؤاد الصحفي المخلص “ناشر الأمل”: أن تدفع ثمنا “أكثر ألما وقسوة” لمواقفك وقناعاتك في الحياة
طالب نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش بسرعة الإفراج عن الصحفي والمناضل الاشتراكي هشام فؤاد، الذي قضى ما يزيد عن 3 سنوات في الحبس، في الوقت الذي تنتظر أسرته تحقيق الوعود المتكررة بالإفراج عنه ضمن قوائم عفو رئاسي مرتقبة، بينما تزداد معاناته النفسية والمرضية، التي كان آخرها إصابته بفيروس كورونا المستجد داخل محبسه، وفق ما أكدت زوجته الزميلة الصحفية مديحة حسين، مؤخرا.
وقال قلاش، عبر حسابه على “فيسبوك”، أمس: “أن تدفع ثمنا لمواقفك وقناعاتك في الحياة فذلك من قبيل طبائع الأمور، لكن في بعض الأحيان في مجتمعاتنا تتغلب طبائع الاستبداد فيصبح الثمن أكثر قسوة وألما”.
وأضاف: “في بلادنا كثر مخلصون لما يعتقدون وهم في الحياة مشغولون فقط بالغد، عرفت من هؤلاء الزميل والأخ هشام فؤاد، عندما انخرطت رسميا في العمل النقابي منذ منتصف تسعينات القرن الماضي كان هشام يحط بداياته في المهنة”.
وتابع: “عرف هشام طريقه إلى النقابة ربما قبل طريقه إلى الجريدة التي عمل بها وقيد عليها عضوا، شاب يافع طويل القامة، يملك موقفا صارما وانحيازا لكل مظلوم، ووجها ودودا مبتسما طوال الوقت، يلازمه منشور نقابي يرأس تحريره وتوزيعه ويصدره بانتظام بعنوان “صحفيو الغد”، يتناول فيه قضايا الشأن النقابي وعلاقات العمل وأوضاع المهنة وأصحابها”.
“كان نشر الوعي والمعرفة هدف هشام فؤاد، والأمل في الغد الأفضل بوصلته، التي تحكم حركته وتحدد موقفه والحوار سبيله الوحيد للتواصل، ظل هكذا يكبر ولا يتغير، لكن كبر معه الأمل والحلم بالغد، لا تفارقه ابتسامته، ومعها يزداد حنوا، وقلب أبيض صاف وملامح أبوة مبكرة تحتوي كل مشاكل زملائه، يبحث عن المشترك بين الجميع، ويتقدم الصفوف في كل معارك النقابة، وتعلو قامته دون أن تحجب بساطته وتواضعه ومحبة كل الزملاء له مهما كان خلافهم معه، لأنهم عهدوه صادقا وأمينًا ومخلصًا” يؤكد قلاش.
واستكمل: “هشام كان حرا وسيظل، وهو قادر على أن يجعل من محنة الحبس التي طالت منحة يخرج منها ناشرا الأمل والحب والعطاء، سلامتك يا هشام، هانت وتخرج لأسرتك وأولادك وزوجتك العظيمة قريبًا، وقريبًا جدا بإذن الله”.
تخطى فؤاد ما يزيد عن 3 سنوات خلف القضبان محروما من حريته وأسرته وأحبابه وأبسط معاني الحياة، ليس لشيء سوى حبه للوطن وإخلاصه في “الأمل” بمستقبل أفضل له.
“شقيقة هشام فؤاد لاحظت معاناته من إعياء شديد وارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة، خلال زيارتها له، الأحد الماضي، حيث أخبرها بإصابته بكورونا، وحصوله على مضاد حيوي وأقراص من عقار كونجستال، قبل أن أحضر له البروتوكول الكامل للعلاج من الفيروس”، تقول مديحة لـ”درب”.
تحكي زوجة المناضل الاشتراكي عن معاناته من الانتظار داخل محبسه، مضيفة: “آخر مرة زرته فيها كانت في ثاني أيام عيد الأضحى، وكانت حالته النفسية سيئة، بعد تلقيه معلومات بوجوده ضمن مجموعة المخلى سبيلهم قبل عيد الفطر، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لكننا نتمنى تنفيذ وعود الإفراج عنه قرييا”.
اشتبك فؤاد خلال عمله الصحفي بملف العمال، وكان مهموما بقضاياهم ونقل أصواتهم من خلال تغطية أخبارهم والإضرابات التي يقومون بها من حين لآخر، كما كان صاحب دور بارز في دعم النقابات المستقلة بعد 2006 مثل نقابة “هيئة النقل العام، والبريد”، بجانب دعم وتأسيس “النقابة المستقلة للضرائب العقارية”.
كما شارك في تأسيس حركة كفاية المناهضة لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك التي كانت ضد التوريث، وكان أحد العناصر القيادية بها.
ويقبع المناضل الاشتراكي خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه فجر 25 يونيو 2019 من منزله أمام أطفاله، حيث جرى حبسه على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019، ويعد عيد الأضحى المقبل، هو العيد الثالث الذي يقضيه في الحبس بعيدا عن زوجته وأبنائه.
في 14 يوليو 2019، تقدمت مديحة بمذكرة رسمية لنقيب الصحفيين ضياء رشوان، لتدخل النقابة ومخاطبة النيابة بإخلاء سبيل زوجها بضمان النقابة، وزيارته ومخاطبة إدارة السجن لتحسين ظروفه المعيشية والصحية، والسماح بدخول مراتب ووسادات ومروحة وكتب وأدوية.
وأوضحت أن هشام يعاني من انزلاق غضروفي وتم منع دخول بعض الأدوية، كما طالبت النقابة أيضا بمخاطبة إدارة السجن للسماح له بالتريض كل يوم بحد أدنى ٥٠ دقيقة وفقا للائحة السجون، فخلال مدة احتجازه لم يسمح له بالتريض.
في ١٤ يوليو ٢٠٢١، صدر أمر بإحالة هشام فؤاد وزياد العليمى وحسام مؤنس للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارىء، وتحددت جلسة عاجلة لمحاكمتهم فى اليوم التالى مباشرة.
وأصدرت المحكمة في 17 نوفمبر 2021 حكمها بحبس كل من زياد العليمي 5 سنوات وللصحفيين حسام مؤنس – الذي أفرج عنه مؤخرا بعفو رئاسي – وهشام فؤاد 4 سنوات في القضية رقم 957 لسنة 2021 ج أ د طوارئ مصر القديمة.
ويواجه فؤاد، ومعظم الصحفيين المحبوسين، اتهامات ببث ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، رغم اختلاف القضايا المحبوسين على ذمتها.
وجرت المحاكمة أمام محكمة استثنائية وتخللت المحاكمة التي استمرت أكثر من 4 أشهر العديد من المخالفات بينها رفض المحكمة لجميع طلبات المحامين المقدمة لها ومنها طلب الاطلاع على القضية، وتمثلت أحراز القضية في مجموعة من المقالات ومقاطع الفيديو والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يعود لسنوات.
ورغم طعن المحامين بسقوط الاتهامات وعدم وجود أدلة فنية تؤكد نسب التدوينات المنشورة للمتهمين وطعن المحامين على التلاعب بمقاطع الفيديو فإن المحكمة التفتت عن كل ذلك لتصدر حكمها.
كان المحامون طعنوا بعدم دستورية مواد الإحالة وعدم دستورية محاكمة فؤاد وزملائه أمام محكمة استثنائية منشأة بقانون الطوارئ والذي تم وقف العمل به خلال نظر القضية وهي الدفوع التي تم الالتفات عنها أيضا.
كان الاتحاد الدولي للصحفيين دعا السلطات المصرية ولجنة العفو الرئاسية إلى سرعة الإفراج عن الصحفيين المسجونين، ومن بينهم الصحفي هشام فؤاد، حيث ما يزال 26 صحفياً مسجونين في مصر، في الوقت الذي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي في أبريل، إعادة إطلاق “لجنة العفو الرئاسية”، المكلفة بمراجعة قضايا السجناء والتوصية بالإفراج عنهم.
وأوضح الاتحاد، في بيان له، أنه معظم هؤلاء الصحفيين رهن الاعتقال والحبس المطول وغير المحدود قبل المحاكمة، وهذا هو حال هشام فؤاد، المحتجز منذ 25 يونيو 2019، الذي صدر بحقه حكم قضائي من محكمة استثنائية بالحبس 4 سنوات وتم تمديد بعض هذه الاعتقالات السابقة للمحاكمة إلى ما بعد المدة القصوى التي يسمح بها القانون المصري”.
وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر، إن “جميع هؤلاء الصحفيين تعرضوا لمخالفات إجرائية، بما في ذلك الحرمان من الاتصال بمحاميهم، والاحتجاز لفترات طويلة للغاية قبل المحاكمة، والحرمان من الرعاية الطبية، وعدم الامتثال للإجراءات القضائية، ويجب إطلاق سراح 25 صحفيا آخرين على الفور”.
وفي منتصف نوفمبر 2021، أدانت لجنة حماية الصحفيين الحكم بسجن فؤاد ومؤنس بتهمة نشر أخبار كاذبة، وطالبت السلطات المصرية بالإفراج عنهما على الفور.
وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، إن الحكم الصادر اليوم على الصحفيين المصريين هشام فؤاد وحسام مؤنس بالسجن لمدة 4 سنوات لكل منهما أمر غير مقبول ، وعلى السلطات الإفراج عنهما على الفور ودون قيد أو شرط.
وقالت اللجنة – حينها – إن الحكم يوضح أن السلطات المصرية ستفعل كل ما يلزم لعدم مغادرة الصحفيين السجن حتى بعد مرور أكثر من عامين على حبسهما.
كما طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بالإفراج عن الصحفي هشام فؤاد، مع اقتراب إكماله 3 سنوات في الحبس وبالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو.
وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه “العيد الثالث الذي يقضيه الصحفي هشام فؤاد بعيدا عن زوجته وأولاده بسبب حبسه في قضية تعبير عن الرأي.
وفي وقت سابق، عبر نقيب الصحفيين والمنسق العام الحالي للحوار الوطني ضياء رشوان، عن أمله في خطوات أخرى للإفراج عن المحبوسين غير الملوثة أيديهم بالدم أو المنخرطين في جرائم الإرهاب، وخصوصا زملائنا أعضاء نقابة الصحفيين، الذين لا يملكون لخدمة وطنهم ومهنتهم سوى أقلامهم وكاميراتهم وريشهم، ويلتزمون بكل الواجبات والحقوق التي أوردها الدستور وقوانين البلاد.
وخلال الفترة الماضية، أطلقت قوات الأمن سراح العديد من المحبوسين في قضايا حرية رأي وتعبير، بعد سنوات متفاوتة من الحبس الاحتياطي، بقرارات من نيابة أمن الدولة العليا، لكن ذلك لم يتلاءم مع تطلعات القوى المدنية وأهالي السجناء، مع إعلان لجنة العفو وجود أكثر من 1000 سجين ضمن قوائم مرتقبة.