وزارة الخارجية تكلف السفارة المصرية في تل أبيب بتقصي الحقائق بشأن مقبرة جماعية لجنود مصريين تحت حديقة سياحية إسرائيلية
كلفت وزارة الخارجية السفارة المصرية في تل أبيب بمطالبة السلطات الإسرائيلية بتوضيح حقيقة ما نشرته وسائل إعلام عبرية بشأن مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جنديًا مصريًا على أيدي جنود العدو الإسرائيلي، في خلال فترة نكسة عام 1967، وأقيمت فوق جثامينهم حديقة سياحية.
وأشارت وزارة الخارجية، عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، اليوم الأحد، إلى أنه رداً على سؤال بشأن ما تردد في الصحافة الإسرائيلية اتصالاً بوقائع تاريخية حدثت في حرب عام ١٩٦٧، ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ بأنه تم تكليف السفارة المصرية في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية لتقصي حقيقة ما يتم تداوله إعلامياً.
وأوضح المتحدث الرسمي للوزارة أنه تم تكليف السفارة المصرية في تل أبيب بالمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية هذه المعلومات وإفادة السلطات المصرية بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة، كما تواصل السفارة المصرية في إسرائيل متابعة هذا الموضوع.
كشفت صحف عبرية، اليوم الجمعة، عن مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جنديًا مصريًا على أيدي جنود العدو الإسرائيلي، في خلال فترة نكسة عام 1967، وأقيمت فوق جثامينهم حديقة سياحية.
وذكر الصحفي يوسي ميلمان في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، إن الجنود المصريين “أُحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية بدون علامات قرب القدس”، ونشر الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت، فضلا عن موقع “جيروزاليم بوست”، وغيرهما، تفاصيل مشابهة لما ذكره ميلمان.
وكتب ميلمان: “بعد 55 عاما من الرقابة الشديدة، يمكنني أن أكشف أن ما لا يقل عن 20 جنديًا مصريًا قد أحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية، لم يتم وضع علامات عليها، ودون تحديد هويتها، مخالفًا لقوانين الحرب، في دير اللطرون (قرب القدس)”، وأضاف: “حدث ذلك خلال حرب الأيام الستة”، أي حرب 1967.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال، إن عشرات الجثامين تعود لجنود من قوات النخبة المصرية مدفونة في المقبرة، وفوق المقبرة أقيمت حديقة “ميني يسرائيل” -إسرائيل صغيرة- قرب اللطرون، وهي قرية فلسطينية مهجرة بين القدس ويافا.
وحول أسباب تواجد الجنود المصريين في تلك المنطقة، أشار ميلمان إلى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان قد وقّع قبل أيام من نشوب الحرب، اتفاقية دفاع مشترك مع ملك الأردن الراحل حسين بن طلال، الذي كان يسيطر على الضفة الغربية.
وفي هذا الصدد قال ميلمان: “نشرت مصر كتيبتين من الصاعقة في الضفة الغربية بالقرب من اللطرون، كانت مهمتهم هي الهجوم داخل الأراضي المحتلة والاستيلاء على اللد والمطارات العسكرية القريبة”.
وتقع اللطرون على الطريق الواصل بين القدس ويافا، وتبعد نحو 25 كيلومترًا غرب القدس، وعقب حرب عام 1948، تم الاتفاق بين إسرائيل والأردن على جعلها منطقة محرمة، وفي حرب عام 1967، احتلت إسرائيل اللطرون، وضمتها، وهي اليوم من ضواحي مدينة القدس الغربية.
وأضاف ميلمان، موردا تفاصيل ما جرى: “وقع تبادل إطلاق النار مع الجنود الإسرائيليين وأعضاء كيبوتس نحشون (تجمع زراعي تعاوني)؛ هرب بعض الجنود المصريين، والبعض أُخذوا كأسرى، وقاتل البعض بشجاعة”.
وتابع: “عند نقطة معينة، أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف هاون وأضرمت النيران في آلاف الدونمات غير المزروعة من الأدغال البرية في الصيف الجاف”، وأكمل ميلمان: “مات ما لا يقل عن 20 جنديًا مصريًا في حريق الأدغال”.
ونقل الصحفي الإسرائيلي عن زين بلوخ (90 عاما) والذي كان في ذلك الوقت القائد العسكري لكيبوتس نحشون، (كيبوتس يساري) قوله: “لقد انتشر الحريق سريعًا في الأدغال الحارة والجافة، ولم يكن لديهم فرصة للهروب”.
وأضاف مواصلا النقل عن بلوخ: “في اليوم التالي جاء جنود إسرائيليون مجهزين بجرافة إلى مكان الحادث وحفروا حفرة ودفعوا الجثث المصرية وغطوها بالتربة”.
وتابع ميلمان: “بلوخ وبعض أعضاء (كيبوتس) نحشون شاهدوا برعب الجنود (الإسرائيليين) ينهبون ممتلكاتهم الشخصية (للمصريين) ويتركون المقبرة الجماعية بدون علامات”.
وأكمل الصحفي الإسرائيلي: “الآن، وبعد رفع الرقابة العسكرية يضيف بلوخ أن حجاب الصمت يناسب الجميع؛ القلة الذين عرفوا لم يرغبوا في الحديث عنه؛ شعرنا بالخجل؛ ولكن قبل كل شيء كان قرار الجيش الإسرائيلي في خضم الحرب”.
وأشار ميلمان في تغريداته إلى إن الوثائق العسكرية الرسمية غير السرية، تحذف “مأساة اللطرون من سجلاتها”، ولم يُصدر الجيش الإسرائيلي تعقيبا فوريا على ما ذكره ميلمان.
يُذكر أن حديقة “ميني يسرائيل” افتُتحت في عام 2000، وهي تحتوي على نسخ مصغرة من المباني التي أنشأها الاحتلال، إضافة إلى معالم تاريخية وأثرية ودينية، من بينها المسجد الأقصى، وكذلك قاعات اجتماعات ومطاعم واستراحات.
وفي حرب 1967، هزم جيش العدو الإسرائيلي الجيوش العربية، واحتل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (كانت تحت السيطرة الأردنية) وقطاع غزة (كان تحت السيطرة المصرية)، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.