نادر تادرس خبير المشاركة الشعبية بواشنطن في حوار عن تركة ترامب: العنف والانقسام وتنامي العنصرية تحديات تواجه بايدن
ترامب شجع العنصريين على الصعود وأوجد للعنف مكاناً في المجتمع الامريكي بتشجيعه على حمل السلاح
المؤشر الرابع من مؤشرات تداعيات حالة الانقسام التي خلقها ترامب وهو هدم عامل الثقة في النظام كله والتشكيك في قواعد الدمقراطية
سياسات ترامب سحبت المجتمع للطائفية والتخوين فرغم علمانية المجتمع الامريكي إلا أنه جره للطائفية بخطاب كراهية ضد المسلمين
حوار – حنان فكري
اثارت حالة الانقسام الحاد التي صاحبت الانتخابات الامريكية مخاوف قطاع عريض من المواطنين الامريكان، ويتساءل كثيرون بعد فوز جو بايدن على منافسه دونالد ترامب، هل تعود الحياة في امريكا كما كانت ام يظل تاثير حالة الانقسام والاستقطاب عالقاً في النفوس والعقول، للاجابة على هذا التساؤل.
يؤكد نادر تادرس خبير المشاركة الشعبية المقيم بواشنطن:”هناك تداعيات كثيرة، على المستوى الزمني القريب والمتوسط والبعيد، فعلى المدى المنظور حالة الاحتدام والانقسام وصلت اقصاها، وعلى المستوى المتوسط المخاوف لها ادلة ومؤشرات، منها تنامي النظرة العنصرية، وظهور مجموعة تمثل البيض، نظمت مظاهرات ضد كل من لا ينتمي لجنس البيض، ما شجعهم على ذلك ان الرئيس السابق ترامب، فاقم العنصرية ضد السود في امريكا، وسيستمر هذا التفاقم لفترة، حتى بعد خسارته، ودلالة ذلك ايضا ما بدأ به حينما كان مرشحاً في 2015 ، جاءت بداية كلمته كمرشح للرئاسة – انذاك- عن القادمين من المكسيك ووصفهم بانهم لصوص ومغتصبي الاعراض وبعضهم قد يكون جيد وهو خطاب وصفه البعض بالعنصري.
ترامب شجع العنصريين على الصعود للسطح، ايضا وجد العنف مكاناً له في المجتمع الامريكي، فترامب شجع على حمل السلاح، فالجمهوريين -انصار ترامب- يؤيدون الحق المطلق في حمل السلاح وتكوين الميلشيات، بينما يرى الديمقراطيين وجوب وضع ضوابط لهذا الحق لتحجيم العنف، والامر خضع لجدال كبير.
يضيف نادر قائلاً:” انصار ترامب كانوا يجوبون منطقتي للدعاية في قلب فيرجينيا، فوق عربات نصف نقل مكشوفة، حاملين السلاح، فما الداعي لحمل السلاح وعلم ترامب في ذات الوقت بالرغم من انها منطقة مزدحمة بانصاره، وهو ما يكشف طبيعة التداعيات التي قد تتفاقم لاحقا، وستترك اثارا بعيدة المدى، مما يدفع الناس للتساؤل هل ترامب غذى ذلك ام انه فقط منحهم فرصة الصعود الى السطح وفي الحالتين المجتمع الامريكي امام ازمة.
مؤشر ثالث يتحدث عنه تادرس موضحا:”انتهك انصار ترامب قواعد الحظر الصارمة المتبعة في ميتشيجان وفيرجينيا، تجاه كوفيد19، وكانت ضد سياسة ترامب التى اتجهت ناحية الفتح مهما كانت نتائج تفشي الفيروس، خوفاً من تراجع الاقتصاد، لكن انصار ترامب نظموا احتجاجات شديدة امام مكتب حاكما الولايتين، حينها صرح ترامب عبر تويتة، على حسابه، قائلاً حرروا ميتشجان وحرروا فيرجينا، وهو ما يدفع لتأليب الشعب على حاكمي الولايتين، ومؤشر رابع ظهر قبل الانتخابات باسبوعين حينما اكتشفت الأجهزة، مؤامرة تم تنظيمها لتنفيذ عميلة خطف لحاكمة ولاية ميتشجان وتم القبض علي المخططين متلبسين باسلحة، وهذا ما لم نسمع عنه فى امريكا من قبل خلال أية عملية انتخابية، الأمر الذى احدث تداعيات سلبية على مؤيدي ترامب من الجمهوريين وحول موقفهم السياسي الى الضد. “طبقا للراديو الوطني العام لواشنطن “
ازمة الانتخاب بالبريد
يتابع تادرس موضحاً المؤشر الرابع من مؤشرات تداعيات حالة الانقسام وهو هدم عامل الثقة في النظام كله قائلاً:” حينما اتخذ عدد من الولايات قرار تلقي بطاقات الاقتراع من الناخبين بالبريد –عبر تشريع جديد- مثل بنسلفانيا، عارض ترامب ذلك، متهما النظام كله بالتزوير، بالرغم من اتباع هذا النظام في ولايات اخرى منذ زمن مثل اريزونا، لكنه لم يتمكن من ايقافه بسبب استقلال كل ولاية في قراراها، حتى انه ذهب الى القضاء ورفع دعوى ضد حاكم بنسلفانيا، وتم رفض الدعوى لان التشريع حق لكل ولاية. حتى انه طالب بوقف فرز التصويت هناك.وهو ما تعجب له الجمهوريين ذاتهم من انصار ترامب.
ويكمل نادر تادرس خبير المشاركة الشعبية موضحا:”اتهم الديمقراطيون ترامب بانه اعترض بسبب مخاوفه من ارتفاع نسبة المشاركة الانتخابية عبر البريد، وهو ما يهدد فرصه في النجاح بسبب تراجع شعبيته، عقب تصريحات بدت مندفعة حتى لانصاره من الساسة، وحينما بدأ الفرز في الولايات بخطابات البريد، التي جاء معظمها مؤيداً لبايدن، بدت المؤشرات لصالح بايدن مما حفز ترامب على اتهام حكام الولايات بالتزوير ضده، فمثلا في ولايتي جورجيا وفي ويسكونسن، بدأت الاصوات لصالح ترامب، لانهم بدأوا بفرز التصويت بالحضور، ثم تابعوا الفرز للخطابات فتحولت نسبة التصويت لصالح بايدن، مما دفع ترامب لرفع دعاوى ضد حكام الولايتين رغم انهما من الجمهوريين –مؤيدو ترامب- بالاضافة لدعوة ضد حاكم ولاية بنسلفانيا يتهمه بالتزوير لانه من الديمقراطيين- معارضي ترامب- ووصف ما يحدث بانه سرقة للانتخابات منه.
اتهامات بلا سند
اثارت الاتهامات حفيظة الديمقراطيين الذين اعلنوا للشعب انه ما من سند على اتهاماته، ومن حقهم رفع دعاوى مضادة، وهو ما يضعه بعد خسارته في مازق المحاكمة لعدة اسباب اهمها التهرب الضريبي وتوجيه اتهامات لحكام الولايات بالتزوير والتلاعب في اصوات الانتخابات بلا سند، والتحرش الجنسي، طبقا لقائمة الدعاوى المرفوعة ضده والمنشورة في صحيفة “بلومبرج نيوز”.
والأزمة في اتهام ترامب للحكام بالفساد والغش والتزوير يضع العملية الديمقراطية المستقرة في أمريكا في خطر، لانه يضرب عامل الثقة في النظام نفسه، والمراقبة المستقرة له منذ زمن طويل، طبقا لتوازنات القوى التي تتيح المتابعة الرقابية بلا سلطة مباشرة على المسؤولين، وهو ما يجافيه سلوك ترامب السياسي تجاه من يخالفوه الرأي، فطبقا للخريطة الحضارية للعالم التي وضعها العالمان انجلهارت وويلزل، فان اي ديمقراطية تقوم على عامل الثقة الذي اذا سقط تقع الديمقراطية، وتكسير عامل الثقة يكسر الديمقرطية، وهو ما يبث الخوف من التحول للعنف في بعض الولايات بخسارة ترامب.وبسبب موقفه في ازمة كورونا من الاجراءات الاحترازية فيما يتعلق بالاغلاق.
ويتابع نادر متحدثا عن المؤشر الخامس قائلاً:” سحب المجتمع للطائفية والتخوين كان اخطر ما فعله ترامب،اذ اكمل ترامب في منهج التقسيم، فبرغم علمانية المجتمع الامريكي إلا أنه جر المجتمع الى الطائفية بخطاب كراهية ضد المسلمين، الامر الذي دفع بايدن للعب في الانتخابات على هذا الوتر، فضلاً عن أنه وجه خطابه كرئيس للجمهوريين ولم يتحدث ابدا كرئيس للكل معارضة ومؤيدين،واتهم المختلفين بالخيانة، ففصل مدير مكتب المباحث الفيدرالية “FBI” لفتحه تحقيق في قضايا علاقة ترامب بالروس، اجبر وزير العدل على الاستقالة بعدما طلب منه وقف التحقيقات الخاصة بحملة ترامب الاولى بروسيا فحينما قال له انه لن يستطيع خاصة ان اسم وزير العدل ورد فى التحقيقات مما دفعه لطلب التنحى عن التدخل، لكن بعدها اعلن ترامب ان وزير العدل خذله بالرغم ان الوزير يعمل عند الشعب الامريكي وليس عند الرئيس. جميعها عوامل ساهمت فى انقلاب بعض الجمهوريين من انصاره ضده، فضلا عن ان الديمقراطيون يريدون رئيساً اكثر عقلانية واستقرارا، لان ترامب حينما جاء غير ملامح الحزب الجمهوري ودفعه الى الميل للشعبوية، واتبع استقطاب اطراف على حساب .
الجدير بالذكران اعلى نسبة للتصويت، في عام 1882 كانت 82% ، وفي 1908 كانت نسبة التصويت 65,7% ممن لهم حق الانتخاب، واستمرت النسبة تتتأرجح حول هذا الرقم حتى اليوم، لا يوجد احصاء حتى الان عن نسب التصويت الحالية، لكن الخبراء يؤكدون ان عدد من ادلوا باصواتهم لم يحدث منذ مائة عام.