من تصريحات المحافظ حول الخصخصة حتى العمومية الطارئة.. القصة الكاملة لاعتصام شركة “الدلتا للكيماويات”
أحد العمال لـ”درب”: الجمعية العمومية غير العادية أكدت تمسكها بتطوير المصنع على أرضه وعدم نقل المقر.. وتعليق الاعتصام لحين طرح كراسة الشروط
كتب – أحمد سلامة
“لا لتشريد العمال.. ولا للصفقات”، “لا للبيع.. نعم للتطوير”، “يا محافظ صح النوم أرض الدلتا مش للبيع”.. لافتات وهتافات نقلت غضب عمال شركة الدلتا للصناعات الكيماوية على مدى اليومين الماضيين بعد الاتجاه نحو بيع المصنع وخصخصة الأراضي المقام عليها.
نحو ألف عامل وإداري بمصانع الشركة نظموا وقفة احتجاجية للتعبير عن رفضهم لمساعي محافظ الدقهلية أيمن مختار لنقل المصنع وبيع الأرض المقام عليها، والتي برزت من خلال تصريحات تحدث خلالها عن مساحة الأرض البالغة 150 فدانًا وقيمتها التي تصل لنحو 12 مليار جنيه، حيث أشار المحافظ في تصريحاته إلى أنه سيتم توزيع قيمتها بعد البيع على المحافظة وخزينة الدولة، والشركة.
* آخر التطورات.. اجتماع عمومية وتعليق اعتصام
أحد العمال قال، في تصريح لـ”درب”، الاثنين، إنه تم عقد جمعية عمومية غير عادية صباحا لمناقشة ما طُرح من مساعٍ لنقل مقر المصنع.. مشددًا على أن العمال رفضوا تماما ما طُرح من محافظ الدقهلية وأبدوا تمسكهم بتطوير المصنع على أرضه.
وأكد العامل، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن العمومية أبدت تمسكها ببيان الشركة القابضة للصناعات الكيماوية والذي أكدت من خلاله أن قامت بعرض دراسة مقارنة لجميع البدائل سواء كانت تطوير الشركة في مكانها أو نقلها إلى أرض بديلة تخصصها المحافظة في منطقة قلابشو، وأنها وبعد استعراض المميزات والعيوب والمدة الزمنية والتكلفة المتعلقة بتنفيذ كل بديل من البدائل فقد توصل مجلس إدارة الشركة القابضة إلى أن البديل الأنسب هو تطوير الشركة في موقعها.
ولفت العامل إلى أن العمال قرروا تعليق الاعتصام في الوقت الحالي، انتظارا لما ستسفر عنه التفاوضات الجارية مع المسئولين لاتخاذ القرار الأنسب، بالإضافة إلى انتظار طرح كراسة الشروط المزمع إصدارها نهاية الأسبوع الجاري من أجل التعاقد مع شركة تقوم بتطوير المصنع وتحديثه وفق الخطة الموضوعة.
*خسائر متعمدة ودعم غائب وتعليمات ببيع أرخص من السوق
أحد أبرز الأسباب التي ارتكزت عليها تصريحات محافظ الدقهلية هو الخسائر التي مُنيت بها الشركة، لكن أحد العمال أكد أن “تصنيع السماد لا يخسر أبدا، لكن الشركة كانت تبيع الأسمدة بأقل من سعرها في السوق لصالح الفلاح بتعليمات من الدولة ببحفاظ على ثبات الأسعار وستمرار الإنتاج الزراعي”، مشيرًا إلى أن المصنع يعمل به نحو 2500 عاملة مباشرة، و7 آلاف عمالة غير مباشرة من سائقين وومبيعات وغيرهم.
وتساءل العامل “لصالح من خراب الشركة وتسريح العمال خاصة في ظل موافقة الدولة منذ شهور قليلة على تطوير المصنع وشراء معدات جديدة صديقة للبيئة”.
عامل آخر قال لـ”درب”، “كان هناك نية مُبيّتة لتعريض المصنع للخسائر من قبل العديد من الجهات منذ فترة طويلة”، مدللا على ذلك بأن المصنع توقف عن العمل منذ شهر أبريل الماضي، بعد حدوث حريق في أحد المحركات الرئيسية، ولم يستجب أحد لمطالب العمال بضرورة إصلاح العطل لعودة العمل مرة أخرى.
ولفت العامل إلى أن المصنع أنشئ منذ عشرات السنوات، وبه ماكينات قديمة افتتحها السادات، وأصبح ركنًا أساسيا في دعم الفلاح ووزارة الصناعة، وفي عام 2013 و 2014 تم عمل صيانة للمصنع كلفت ما يقرب من 330 مليون جنيه، وأصبح من أهم المصانع في إنتاج الاسمدة، إلا أن بعض المسئولين لديهم مصالح في الاستيلاء على الأراضي المقام عليها المصنع لتحويلها لناطحات سحاب، إضافة إلى قيمة الأرض والمصنع التي تبلغ 12 مليار جنيه، ستحصل المحافظة منها على 2 مليار، والباقي سيذهب للشركة القابضة.
وتابع العامل “ليس هناك مراعاة لكون هذا المصنع من أهم المصانع التي تنتج الأسمدة والتي توفر دعما حقيقيا للفلاح، بالرغم من أنها -مقارنة بمنافسيها- لا تحصل على دعم الغاز الذي توفره الحكومة لباقي شركات القطاع الخاص، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يكون هناك خسائر في الشركة ولكنها خسائر (بفعل فاعل)”.
* تطوير أم بيع.. الخيار الأنسب والبديل الأفضل
التوجه نحو بيع المصنع لم يكن أمرًا مفاجئا للعاملين فحسب ولكن للإدارة أيضًا، فحسب تصريحات صحفية سابقة، قال المهندس عبدالواحد الدسوقي، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للأسمدة “سبق أعلنا موافقة وزارة قطاع الأعمال والشركة القابضة للكيماويات على إحلال وتجديد مصنع سماد طلخا بتكلفة إجمالية 150 مليون دولار بما يعادل حوالى 2.5 مليار جنيه من البنوك سيتم سدادها من الأرباح، إلا أننا فوجئنا في الفترة الأخيرة بمن يتحدث عن بيع المصنع”.
الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أصدرت بيانا، أكدت من خلاله أنه تم صباح الاثنين عقد جلسة بلجنة الزراعة بمجلس النواب حضرها رئيس الشركة ورئيس مجلس إدارة شركة الدلتا وعدد من النواب عن محافظة الدقهلية.
وقال البيان إنه “وخلال هذا الاجتماع صرح المحاسب عماد الدين مصطفى رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بأن اللجنة المشكلة لدراسة مشروع تطوير شركة الدلتا للأسمدة “سماد طلخا” قد قامت بعرض دراسة مقارنة لجميع البدائل سواء كانت تطوير الشركة في مكانها أو نقلها إلى أرض بديلة تخصصها المحافظة في منطقة قلابشو.
وأضاف رئيس مجلس إدارة الشركة -حسب البيان- أنه وبعد استعراض المميزات والعيوب والمدة الزمنية والتكلفة المتعلقة بتنفيذ كل بديل من البدائل فقد توصل مجلس إدارة الشركة القابضة إلى أن البديل الأنسب هو تطوير الشركة في موقعها.
وشدد المحاسب عماد مصطفى على أن كراسة الشروط الفنية والقانونية أصبحت جاهزة للطرح قبل نهاية الأسبوع الحالي، موضحًا أن تكلفة عملية التطوير تقدر بنحو 300 مليون دولار وذلك لتطوير وحدة الأمونيا وتحديثها بالكامل بالإضافة إلى استكمال تطوير وحدة اليوريا وتطوير وحدات حامض النترات بالإضافة إلى إمكانية إضافة وحدة تحبيب لليوريا.. مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الشركة تعهدت بسداد مبلغ 4 مليارات جنيه تمثل مديونية الشركة لحساب شركة بتروتريد.
*”النشاط العقاري”.. وتفاوضات مع الأمن والمسئولين
عضو مجلس الإدارة المنتخب بمصنع الدلتا للكيماويات، محمود صبري، قال لـ”درب” إن العمال بدأوا في اعتصام مفتوح منذ صباح الاثنين احتجاجا على تصريحات محافظ الدقهلية باعتزام تصفية الشركة.
وأضاف صبري، أن العديد من القيادات الأمنية متواجدة داخل مقر الشركة للتفاوض مع العمال.. مشددًا على أن العمال لن ينهوا اعتصامهم قبل التوصل إلى اتفاق واضح ومحدد حول استمرار عمل الشركة، ووقف قرار التصفية وضخ أموال لإعادة تشغيل الشركة مرة أخرى.
لم يتوقف الأمر عند حد تفاوض القيادات الأمنية مع العمال، لكنه امتد إلى غير ذلك، فحسب “مصادر بقطاع الأعمال العام” أدلت بتصريحات لبعض الصحف المصرية، فإن شركة الدلتا للأسمدة، التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، تواصلت بشكل مباشر مع الدكتور أيمن مختار، محافظ الدقهلية، وذلك في محاولة لمنع خطة نقل المصانع إلى منطقة أخرى.
المصادر أشارت إلى حملة العاملين بالشركة والمقدر عددهم بنحو 2500 عامل للضغط على نواب البرلمان لمنع قرار نقل المصانع، بعدما أرسل محافظ الدقهلية تصورا لوزير التنمية المحلية والذى بدوره أرسله لوزير قطاع الأعمال العام للاستفادة من موقع الشركة الحالي في النشاط العقاري.
واعتبر عدد من العاملين أن قرار النقل غير مفيد للشركة، وسيكون بداية لفتح المعاش المبكر للعاملين في الشركة في الوقت الذي يمكنه تطوير الشركة بنحو 150 مليون دولار، ومن خلال قرض يمكن للشركة تسديده من إيراداتها الشهرية.
العمال المحتجون، من جانبهم، طالبوا الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنقاذهم ورفع يد المحافظ عن الشركة خاصة بعد تصريحاته الأخيرة، كما طالبوا بالتزام المسئولين بوعودهم على مدار سنوات بتطوير المصنع وإعادته لما كان عليه.