منظمة العفو الدولية: حقوق الضحايا يجب أن تقود المرحلة الانتقالية في سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد
كتب – أحمد سلامة
قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعيّن على السلطات السورية الجديدة أن تجعل حقوق الناجين وعائلات الضحايا محور المرحلة الانتقالية، بمناسبة مرور عام على سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، مشددة على ضرورة تحقيق العدالة، وكشف الحقيقة، وجبر الضرر، وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع.
وأكدت المنظمة أن آثار عقود من القمع والانتهاكات الممنهجة التي ارتكبت خلال حكم الأسد لا تزال عميقة، وسط استمرار معاناة الضحايا والناجين في الحصول على حقوقهم في الحقيقة والعدالة. وأشارت إلى أن الحكومة الجديدة، التي تشكلت في 29 مارس الماضي بقيادة الرئيس أحمد الشرع، اتخذت بعض الخطوات نحو المساءلة، لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة أنياس كالامار إن تعامل السلطات مع الانتهاكات التي وقعت منذ توليها الحكم، بما فيها عمليات القتل ذات الطابع الطائفي في المناطق الساحلية والجنوبية، سيشكل اختباراً حاسماً لمدى التزامها بالعدالة والمساءلة، لافتة إلى ارتكاب جماعات مسلحة مناهضة للحكومة انتهاكات جسيمة شملت القتل والخطف وإحراق المنازل.
وطالبت المنظمة السلطات السورية باتخاذ خطوات حاسمة لبناء مستقبل يحترم الحقوق، والالتزام الصارم بالإجراءات القانونية الواجبة والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإيصال رسالة واضحة بعدم التسامح مع أي انتهاكات جديدة.
وأفادت المنظمة بأن أكثر من 100 ألف شخص ما زالوا في عداد المفقودين في سوريا بين عامي 2011 و2024، غالبيتهم تعرضوا للاختفاء القسري على يد النظام السابق، فيما اختطفت جماعات مسلحة معارضة آلافاً آخرين.
ولفتت إلى أن الحكومة الجديدة أنشأت هيئتين وطنيتين: هيئة للمفقودين لإعداد قاعدة بيانات وتحديد المصير وتقديم الدعم للأسر، وهيئة للعدالة الانتقالية لوضع استراتيجيات الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار.
وأشارت إلى أن السلطات أحالت خمس قضايا تشمل مشتبهين من مناصب عليا إلى القضاء، فيما يجري احتجاز نحو 100 مشتبه به بانتهاكات جسيمة، مع توقع مزيد من التقدم في الأسابيع المقبلة.
وفي ما يتعلق بالانتهاكات الأخيرة، قالت المنظمة إنها وثقت عمليات قتل غير مشروع وإعدامات خارج نطاق القضاء استهدفت أفراداً من الأقلية العلوية والطائفة الدرزية، ارتكبتها قوات حكومية وقوات موالية لها، إضافة إلى انتهاكات من جماعات مسلحة في محافظة السويداء.
وأوضحت أن لجنة تقصي حقائق شكّلها الرئيس للتحقيق في أحداث الساحل حددت قائمة بنحو 500 مشتبه به، بينما بدأت محاكمات 14 متهماً، ولا يزال عشرات آخرون قيد الاحتجاز بانتظار المحاكمة.
وشددت المنظمة على ضرورة إنشاء آلية تدقيق تمنع بقاء أو تعيين أي عناصر أمنية يشتبه بارتكابها انتهاكات جسيمة في مناصب تمكّنها من تكرار الجرائم، مؤكدة أن التحقيقات الجارية، رغم أهميتها، لا تزال غير كافية وحدها.
وتطرقت المنظمة إلى اتساع الحيز المدني في عدد من المناطق السورية خلال العام الماضي، مع استمرار شكاوى من منظمات المجتمع المدني بشأن اشتراط موافقات مسبقة على الأنشطة والتجمعات، داعية السلطات إلى الامتناع عن فرض قيود تعسفية وضمان حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وختمت منظمة العفو الدولية بيانها بالتأكيد على أن حماية الحيز المدني شرط أساسي لإنجاح المرحلة الانتقالية، داعية المجتمع الدولي إلى دعم جهود العدالة الانتقالية، وتوفير التمويل والخبرة الفنية، وضمان مشاركة فعالة للضحايا والناجين ومنظمات المجتمع المدني.

