مقترح تعديل تشريعي من المركز المصري لمواجهة إشكاليات التعويض العمالي في ظل أزمة التضخم (ورقة سياسات)
المقترح يتضمن منح العامل التعويض المقضي به لصالحه مضافة إليه فوائد مرنة من تاريخ المطالبة به مرتبطة بنسبة التضخم
أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم الأحد 15 يناير 2023، ورقة سياسات تحت عنوان ” قضاء التعويض العمالي في ظل أزمة التضخم”، تتضمن حلولا تشريعية مقترحة لإشكاليات قضايا التعويضات العمالية، في ظل أزمة التضخم وهبوط سعر العملة المحلية.
وأوضح المركز أنه مع بدء تطبيق سياسة سعر الصرف المرن، تراجعت قيمة العملة الوطنية لتفقد حوالي 50% من قيمتها، وتشهد البلاد بالتوازي مع ذلك موجة من ارتفاع الأسعار، ما يقتضي وجود تدخلات تشريعية عدة – بالإضافة إلى إجراءات أخرى – لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، أو الفئات المعرضة للمصير ذاته، وعلى رأسها العمال المفصولون.
وأشار إلى أنه تحت تأثير تطبيق سياسة سعر الصرف المرن فإن العملة معرضة لفقد جزء أو أجزاء من قيمتها تؤثر على القوة الشرائية لهذا المبلغ وعلى قيمته الفعلية، فإذا كان التعويض المقضي به للعامل في ظل سعر صرف يساوي فيه الدولار 15 جنيها مصريا، فإن تنفيذ هذا الحكم بالمبلغ ذاته عقب انتهاء مراحل التقاضي وإتمام الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم الآن يعني فقدان هذا المبلغ 50% من قيمته أو قوته الشرائية، وبالتالي فإن هذا الوضع يشكل انتقاصا من حقوق العامل في التعويض، وتحويل مسألة التعويض لمسألة شكلية، في ظل ضعف مبالغ التعويض بها في الغالب الأعم من القضايا العمالية الناتج عن تدني هياكل الأجور في قطاعات واسعة من القطاع الخاص.
وتطرقت الورقة إلى نصوص مهدرة في قانون العمل 12 لسنة 2003، لافتة إلى أنه بالرغم من أن المادة 71 من قانون العمل تنص في فقرتها الخامسة على أن “تقضي المحكمة العمالية – بصفة مستعجلة وبحكم واجب النفاذ – بتعويض مؤقت للعامل يعادل أجره الشامل لمدة 12 شهرا إذا جاوزت مدة عمله سنة كاملة، فإن كانت أقل من ذلك كان التعويض المؤقت بقدر أجره الشامل عن مدة عمله إذا طلب منها ذلك….”.
ويشكل النص مخرجا جيدا من هذه الأزمة، إلا أنه طبقا لما جري عليه العمل بالمحاكم العمالية، لم تعد المحاكم تقضي للعمال بطلبهم هذا منذ العمل بهذا القانون إلا لماما، ويعد إعمال النص وحده كفيلا بإيجاد حلا ومخرجا جزئيا من هذه الإشكالية، خاصة في ظل الظروف الطارئة الحالية، لكنه لا يطبق على أرض الواقع رغم وجود سند تشريعي واضح.
وقدم المركز مقترحا بتعديل تشريعي بالإضافة لمعالجة هذه الإشكالية، قائلا إنه حتى لو طبقت المحاكم العمالية النص السابق فيما يتعلق بالتعويض المؤقت للعامل المفصول تعسفيا، تظل إشكالية القيمة الفعلية للتعويض النهائي المقضي به قائمة، ونظرا لعدم وجود سند تشريعي لمعالجة هذه الأزمة، يكون من المنطقي أن يتدخل المشرع بتعديل تشريعي على قانون العامل يكفل للعامل أن يحصل على التعويض المقضي به لصالحه مضافا إليه الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة به، على أن يكون تحديد سعر هذه الفائدة بموجب آلية تضمن ألا تتحول هي الأخرى إلى رقم ثابت يمكن أن يكون موازيا أو أقل أو أكثر من نسبة التضخم، ويمكن تحديد تلك النسبة بشكل ربع سنوي أو نصف سنوي بواسطة إدارة مختصة بوزارة العدل أو بالبنك المركزي، على أن تكون قراراتها واجبة التنفيذ.
وبحسب المركز المصري، قد يواجه هذا المقترح رفضا من قطاعات واسعة من أصحاب الأعمال لكنه أصبح أمرا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل التقلبات الحالية، حيث يتماشى مع فلسفة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بحماية الفئات الضعيفة، ويتماشى أيضا مع فلسفة المشرع المصري الذي حرص على ضمان حد أدنى من الحقوق العمالية للعاملين بالقطاع الخاص، بموجب القانون رقم 12 لسنة 2003 الذي لم يشهد تدخلا أو تعديلا منذ العام 2008 بالقانون رقم 180 لسنة 2008.
وتابع: “أثناء تداول الدعاوى العمالية لن يكون مستغربا أن نفاجأ بأن أجور العمال المتقاضين أقل بالفعل من الحد الأدنى المنصوص عليه بموجب قرار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الصادر في 28 ديسمبر 2022 برقم 103 لسنة 2022، والذي نص في مادته الأولى على أن: “يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص (2700 جنيه) ألفين وسبعمائة جنيه مصري فقط لا غير، اعتبارا من 1 يناير 2023 ومحسوبا على أساس الأجر المنصوص عليه في البند (ج) من المادة رقم (1) من قانون العمل)، وبالتالي يجب ألا يقل التعويض المقضي به، والذي يقدر حده الأدنى بأجر شهرين من آخر أجر شامل عن كل سنة من سنين الخدمة عن الرقم المحدد كحد أدنى للأجر الشهري، وهو ما يحتاج أيضا لتدخل تشريعي بالإضافة لنص المادة 122 من قانون العمل.
وعبر المركز المصري عن أمله أن تجد ورقة السياسات صدى لدى المشرعين وصانعي القرار من أجل تجنب آثار السياسات النقدية على القيمة الحقيقية للمبالغ المحكوم بها في القضايا العمالية، مراعاة للأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد، وتتأثر بها جميع فئات المجتمع.
للاطلاع على الورقة كاملة بصيغة PDF من هنا:
http://ecesr.org/wp-content/uploads/2023/01/التعويض-العمالي-1.pdf