مع قرب انطلاق كأس العالم.. العفو الدولية: إصلاح نظام العمل في قطر لم يكتمل والتعويضات لم تُدفع بعد
رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمنظمة: مهمة حماية العمال الأجانب من الاستغلال لا تزال في منتصف الطريق.. والتعويض على أولئك الذين تعرّضوا للانتهاكات بالكاد بدأ
ستيف كوكبيرن: قطر والفيفا لم يتزحزحا عن موقفهما أبدا برغم الدعم الهائل والمتنامي في صفوف المشجعين واتحادات كرة القدم والجهات الراعية للتعويض على العمال الأجانب
قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه ينبغي على السلطات القطرية أن تجدد التزامها بالوفاء الكامل بالإصلاحات الموعودة المتعلقة بنظام العمل، الآن وإلى ما بعد انتهاء مباريات كأس العالم.
وكشف تقرير المنظمة الموجز الأخير السابق لانطلاق المباريات، حول أوضاع العمال الأجانب، أن الانتهاكات لا تزال متفشية في شتى أنحاء البلاد. ومع بقاء شهر واحد فقط حتى انطلاق المباريات، كررت منظمة حقوق الإنسان مرة أخرى دعوتها للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وقطر إلى إنشاء صندوق تعويضات من أجل العمال الأجانب الذين انتُهكت حقوقهم.
وقال ستيف كوكبيرن، رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة العفو الدولية إنه “مع أن قطر قد خطت خطوات كبيرة ومهمة في مجال حقوق العمال خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أنه من الواضح جدًا أنه ما زال أمامهم طريق طويل؛ إذ لا يزال آلاف العمال عالقين في دوامة الاستغلال والانتهاك المألوفة بسبب الثغرات القانونية والتنفيذ غير الكافي”.
وأضاف: “بينما تلوح بطولة كأس العالم في الأفق، فإن مهمة حماية العمال الأجانب من الاستغلال لا تزال في منتصف الطريق، في حين أن التعويض على أولئك الذين تعرّضوا للانتهاكات بالكاد بدأ. كذلك يتحتم على قطر الالتزام بتحسين الأوضاع على المدى الطويل. فلا يجوز أن يتوقف التقدم عندما يغادر استعراض كأس العالم الدوحة”.
وفي الشهر الفائت، كشف استطلاع عالمي للرأي أُجري بتكليف من منظمة العفو الدولية وجود دعم ساحق في أوساط الجمهور العام ومشجعي كرة القدم على السواء للتعويض على العمال الأجانب الذين تعرضوا للمعاناة خلال التحضيرات لبطولة كأس العالم لعام 2022.
وتؤيد النتائج التي توصل إليها الاستطلاع حملة #فلتدفع_الفيفا #PayUpFIFA التي أطلقها تحالف لمنظمات حقوق الإنسان – بينهم منظمة العفو الدولية – ومجموعات المشجعين ونقابات العمال في مايو 2022 والتي تدعو الفيفا والسلطات القطرية إلى إنشاء برنامج شامل للتعويضات للتعويض على العمال ومنع وقوع الانتهاكات في المستقبل.
وقال ستيف كوكبيرن: “إن قطر والفيفا لم يتزحزحا عن موقفهما أبدًا برغم الدعم الهائل والمتنامي في صفوف المشجعين واتحادات كرة القدم والجهات الراعية للتعويض على العمال الأجانب. ومع بقاء شهر واحد فقط على موعد بدء المباريات، فإن الوقت المتاح أمامهما لفعل الصواب يشارف على الانتهاء بسرعة”.
وشدد قائلا: “إن غض الطرف عن الانتهاكات التي تعرّض لها آلاف العمال الأجانب على مدى سنوات يتعارض تمامًا مع الواجبات والمسؤوليات الدولية المترتبة على كل منهما. ويجب عليهما أن يتعاونا لضمان عدم التخلي عن أولئك الذين عانوا الأمرين لجعل إجراء البطولة ممكنًا”.
يذكر أن الإصلاحات التي أصدرتها قطر منذ عام 2017 تشمل قانونًا ينظم أوضاع العمل المتعلقة بالعاملات المنزليات اللواتي يعشن في مكان عملهن، وإنشاء محاكم عمل لتسهيل الوصول إلى العدالة، وصندوق لمساندة سداد الأجور غير المدفوعة، ووضع حد أدنى للأجور.
كذلك صادقت قطر على معاهدتين دوليتين هامتين لحقوق الإنسان، ولكن من دون الاعتراف بحق العمال الأجانب في الانضمام إلى نقابة عمالية.
أيضا وضعت الهيئة المنظمة لبطولة كأس العالم في قطر، اللجنة العليا، معايير عمل محسّنة للعمال، لكن فقط في مواقع المباريات الرسمية، مثل الملاعب، إلا أن الملاعب لا تشمل إلا نسبة ضئيلة من العمال العاملين في المشروعات الضرورية لبطولة كأس العالم، ونسبة 2% فقط من القوى العاملة في قطر، بحسب تقرير منظمة العفو الدولية.
وقالت منظمة العفو الدولية إنه في حين تُقر بأهمية هذه الإصلاحات، فإن التقرير الموجز الذي أصدرته يقدم خطة عمل لمعالجة الإخفاقات المستمرة في عشر مجالات، لافتة إلى أنه “في سبيل هذه الغاية تحض المنظمة السلطات القطرية على إنفاذ وتعزيز إجراءات حماية العمالة، وتمكين العمال، وضمان دفع الأجور لهم، وضمان حصولهم على العدالة والتعويض”.
وأكدت أن العمال الأجانب الذين يعملون في المشروعات المتعلقة وغير المتعلقة ببطولة كأس العالم يواجهون انتهاكات على نطاق كبير في قطر، ولا يزال العديد من العمال، لاسيما في القطاعين المنزلي والأمني، يتعرضون لأوضاع ترقى إلى مستوى العمالة القسرية، حيث لا تزال العاملات المنزليات يعملن عادة ما بين 14 و18 ساعة يوميًا بدون الحصول على يوم راحة أسبوعيًا، ويُعزلون في المنازل الخاصة.
وأضافت: “كذلك غالبًا ما يُحرَم حراس الأمن على نحو متكرر من أيام راحتهم ويُرغمون على العمل تحت التهديد بالعقوبات، مثل الخصم التعسفي من رواتبهم أو أحيانًا مصادرة جوازات سفرهم، برغم أن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا للقانون القطري”.
ونقل التقرير عن جوشوا (اسم مستعار) – وهو عامل أمن في القطاع الخاص من كينيا غادر قطر مؤخرًا قبل انتهاء عقده بسبب أوضاع العمل – قوله إن “البقاء في الشركة التي أعمل فيها أصبح لا يطاق بسبب المعاملة والعبء المفرط للعمل. ففي أربعة أشهر تحصل على يوميْ راحة فقط. وهناك رواتب تُدفع بصورة متأخرة ويُخصم منها العديد من الغرامات على نحو غير ضروري.. وقد حجزت الشركة تأشيرتي حتى لا أتمكّن من العودة [إلى قطر] إذا حصلتُ على وظيفة مع شركة أخرى”.
وتظل وفيات آلاف العمال الأجانب في العقد الماضي وما بعده – في مشروعات تتعلق ببطولة كأس العالم أو غيرها – بلا تفسير، بحسب منظمة العفو، التي قالت إنه “من المرجح أن تكون المئات من هذه الوفيات على الأقل ناجمة عن العمل في درجات حرارة مفرطة”.
ورأت “العفو الدولية” أن التشريع الجديد المتعلق بدرجات الحرارة يُشكل تحسنًا، لكن يجب تعزيزه لجعله متماشيًا مع المعايير الدولية ولتقديم حماية وافية للعمال الذين يعملون في العراء.
وشددت المنظمة على أن السلطات القطرية لم تفعل إلا القليل للتحقيق في وفيات العمال الأجانب أو التصديق عليها أو التعويض عنها، على عكس ما تقتضيه أفضل الممارسات الدولية برغم توفر أدلة واضحة على أن الإجهاد الناجم عن الحرارة يشكل خطرًا شديدًا على الصحة.