مصر تتراجع للمرتبة 166 من بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود
المنظمة: أوروبا الأكثر احتراما للصحافة وشمال أفريقيا الأخطر على الصحفيين.. وجائحة كورونا جاءت لتزيد الطين بلة
مراسلون: السودان تقدمت 16 مرتبة منذ سقوط البشير.. مصر والسعودية الأكثر سجنا للصحفيين بعد الصين
كتب- حسين حسنين
تراجعت مصر للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تطلقه منظمة مراسلون بلا حدود سنويا، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي. فيما صعدت السودان للمرتبة (159)، متقدمة 16 مرتبة منذ سقوط نظام عمر البشير
وأطلقت منظمة “مراسلون بلا حدود”، اليوم الثلاثاء 21 أبريل تصنيفها العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، وأكدت المنظمة أن العقد القادم سيكون حاسمًا بالنسبة لمستقبل وسائل الإعلام، وحرية الصحافة حيث جاءت جائحة كورونا لتزيد الطين بلة وتؤجج الأزمات المتعددة التي تهدد الحق في الوصول إلى المعلومات من مصادر حرة ومستقلة ومتعددة وموثوقة.
وقالت المنظمة إن مصر والمملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة 170 متقدمة مركزين عن العام الماضي تحولتا لأكبر سجون في العالم بالنسبة للصحفيين، بعد الصين التي تتربع على الصدارة في هذا المضمار. مشيرة إلى أن مصر، استخدمت مكافحة “الأخبار الزائفة” ذريعة لتبرير حجب الصفحات والمواقع الإلكترونية من جهة، وسحب بطاقات اعتماد الصحفيين من جهة أخرى.
وأوضحت مراسلون بلا حدود أن ثمة ارتباط واضح بين قمع حرية الصحافة خلال جائحة فيروس كورونا ومكانة الدول في التصنيف العالمي. ففي كل من الصين (177) وإيران (173؛ -3)، اللتين تُعتبران من أبرز بؤر تفشي الوباء، فُرضت الرقابة على أوسع نطاق ممكن. وفي العراق (162؛ -6)، علقت السلطات رخصة مكتب رويترز في بغداد لمدة ثلاثة أشهر، بعد ساعات قليلة من نشر الوكالة الإخبارية تقريرًا يطرح علامات استفهام حول الأرقام الرسمية لحالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد. وحتى في أوروبا، طرح رئيس وزراء المجر (89؛ -2) فيكتور أوربان قانونًا باسم “فيروس كورونا” ينص على عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات بتهمة نشر معلومات كاذبة، في خطوة قسرية ذات طابع مفرط تمامًا.
وقال كريستوف ديلوار أمين عام المنظمة إن “الأزمة الصحية جاءت بمثابة فرصة للحكومات الاستبدادية لتطبيق المبدأ الشهير المعروف باسم نظرية الصدمة والمتمثل في استغلال تحييد الحياة السياسية وحالة الهلع بين الناس وضعف التعبئة الشعبية لفرض تدابير من المستحيل اعتمادها في سائر الأوقات. وحتى لا يكون هذا العقد الحاسم عقدًا كارثيًا، يجب على أصحاب النوايا الحسنة، أيًا كانوا، أن يشحذوا الهمم حتى يتمكن الصحفيون من ممارسة هذه الوظيفة الأساسية لكونهم أطرافًا موثوقين داخل المجتمعات، وهو الدور الذي يفترض مسبقًا أن تكون لديهم القدرة على الاضطلاع به”.
وحول الترتيب العالمي لحرية الصحافة قالت المنظمة إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبقى هي الأخطر على سلامة الصحفيين أثناء ممارسة مهنتهم”، بينما مازالت أوروبا هي القارة “الأكثر احتراما لحرية الصحافة” على الرغم من “السياسات القمعية التي تنتهجها بعض دول الاتحاد الأوروبي وبلدان البلقان”.
واشارت المنظمة إلى أن النرويج احتفظت في نسخة 2020، بصدارة الترتيب العالمي لحرية الصحافة للعام الرابع على التوالي بينما جاءت فنلندا في المرتبة الثانية. أما الدنمارك (3؛ +2) فقد ارتقت إلى المركز الثالث، نتيجة تراجع كل من السويد (4؛ -1) وهولندا (5؛ -1)، اللتين تشهدان عودة ظاهرة التنمر الإلكتروني.
أما على مستوى الدول التي جاءت في مؤخرة الترتيب العالمي فلم تطرأ سوى تغييرات طفيفة، حيث حلت كوريا الشمالية (180؛ -1) محل تركمانستان في المركز الأخير، بينما لا تزال إريتريا (178) أسوأ ممثل للقارة الإفريقية في التصنيف العالمي.
وفي المقابل، استفادت ماليزيا (101) وجزر المالديف (79) من التناوب السياسي لتحققا أفضل ارتقاء على جدول تصنيف 2020، حيث تقدمتا بواقع 22 و19 مرتبة على التوالي، ثم يأتي بعدهما السودان (159)، الذي صعد 16 مرتبة منذ سقوط نظام عمر البشير. وفيما يتعلق بأكبر تراجعات نسخة 2020، تقهقرت هايتي بما لا يقل عن 21 مركزًا، لتقبع الآن في المرتبة 83، وذلك في خضم استهداف الصحفيين خلال الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها البلاد منذ عامين. أما التراجعين المهولين الآخرين، فقد سُجلا في القارة الإفريقية، وبالضبط في كل من جزر القمر (75؛ -19) وبنين (113؛ -17)، حيث تزايدت انتهاكات حرية الصحافة.
وشددت المنظمة على أنه رغم السياسات القمعية التي تنتهجها بعض دول الاتحاد الأوروبي وبلدان البلقان، لا تزال أوروبا هي القارة الأكثر احترامًا لحرية الصحافة، متقدمة على منطقة الأمريكيتين (الشمالية والجنوبية)، التي تأتي في المرتبة الثانية، وإن كانت بعض الدول ذات الوزن الثقيل في هذه المنطقة، وتحديدًا الولايات المتحدة والبرازيل، قد أصبحت من النماذج العدائية تجاه الصحافة والصحفيين. كما سُجلت تراجعات كبيرة في إفريقيا، التي تحتل المركز الثالث على صعيد المناطق، علمًا بأن هذا التقهقر يرجع بصفة خاصة إلى زيادة وتيرة الاعتقالات التعسفية طويلة المدى والهجمات عبر الإنترنت.
وقالت المنظمة إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبقى هي الأخطر على سلامة الصحفيين أثناء ممارسة مهنتهم، حيث شكل اعتقال مراسل منظمة “مراسلون بلا حدود” في الجزائر (146؛ -5) مؤخرًا مثالًا صارخًا لاستغلال سلطات بعض البلدان وباء كوفيد-19 لتصفية حساباتها مع الصحافة المستقلة.
وبات مستقبل الصحافة معرضًا للخطر بسبب استفحال الأزمات المتعاقبة، والتي من أبرزها الأزمة الجيوسياسية التي تُذكيها الأنظمة الديكتاتورية أو الاستبدادية أو الشعبوية أو القادة الطغاة على رأس الحكومات، الذين يبذلون قصارى الجهود لقمع وسائل الإعلام وخنق المعلومات وفرض تصورهم الشخصي المتمثل في عالم خالٍ من التعددية والصحافة المستقلة.