مسمار جحا |العربية: صفقة لتفويض شركة تركية مجهولة للتحكم في واردات وجمارك ليبيا لمدة 8 سنوات تجدد تلقائيا
قالت قناة العربية إن وثائق مسرّبة كشفت عن تفاصيل اتفاقية جديدة بين حكومة الوفاق وتركيا، تتيح لأنقرة مراقبة كافة واردات ليبيا والتحكم فيها وفي إدارة الجمارك، عبر شركة مملوكة لرجل أعمال مقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأشارت العربية إلى أنه حسب العقد المبرم بين وزير مالية الوفاق فرج بومطاري ورجل الأعمال التركي محمد كوكاباشا، والذي نشرت تفاصيله وسائل إعلام ليبية، قرّرت حكومة الوفاق تسليم إدارة الجمارك إلى جهة خارجية وهي شركة “أس سي كي” التركية التي أصبحت بمقتضى الاتفاق، المسؤول الأول عن مراقبة جميع البضائع المستوردة إلى العاصمة طرابلس عن طريق البحر والإشراف عليها، كما منحتها تفويضا غير مسبوق للتحكم بواردات البلد.
ووفقا لقرار مجلس الوفاق الرئاسي عدد 396 لسنة 2020 والذي صدر الشهر الماضي، يمنح الإذن بالتعاقد مع الشركة التركية “أس سي كي” التي يقع مقرها الرئيسي في اسطنبول ويملكها صديق أردوغان محمد كوكاباشا، لتتولّى مهام إنشاء وإدارة نظام إلكتروني وتوفير البيانات والإحصائيات لكل البضائع الموردة إلى ليبيا.
وبحسب ما تضمنه العقد، فإن هذه الاتفاقية سارية لمدة 8 سنوات، ولا يجوز لأحد طرفيها إنهاؤها بإرادته المنفردة، وإذا لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد، قبل نهاية العقد في غضون 6 أشهر من تاريخ الانتهاء، فإن العقد يعتبر قد تجدد تلقائيا لمدة 8 سنوات أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، ستجني الشركة التركية فوائد مالية كبيرة، حيث تسمح حكومة الوفاق للشركة باقتطاع نسبة 70% من إجمالي الإيرادات في أول 5 سنوات على أن تقتطع 60% من إجمالي إيرادات الـ3 سنوات المتبقية في العقد، كما تسمح لها بإنشاء مقر في ليبيا لممارسة نشاطها.
وأثار هذا الاتفاق غضب مسؤولي الجمارك في ليبيا، الذين اعتبروا أن تمكين جهة خارجية من إدارة أعمال مصلحة الجمارك والإشراف على البضائع الواردة إلى البلاد ومراقبتها وبشروط مجحفة، فيها ضرر اقتصادي ومالي على ليبيا، وبمثابة عقد تأميم لأهم المرافق الحيوية الليبية لصالح تركيا.
وفي هذا السياق، عبرت غرفة الملاحة البحرية في مراسلة وجهتها إلى رئيسي المجلس الأعلى للوفاق والمجلس الرئاسي، عن تفاجئها بقرار التعاقد مع شركة تركية لإدارة مصلحة الجمارك، ورأت أن “الإصرار على هذا العقد يثير الشك والريبة ويبعث على التخوّف من الفساد المصاحب لهذه العملية”.
وأشارت الغرفة إلى أن دخول طرف أجنبي للتحكم في الجهات السيادية الليبية يجعل من السهولة السيطرة على قاعدة البيانات والإحصائيات التجارية الخاصة بالمخزونات الاستراتيجية للسلع والبضائع، واعتبرت أنّها معلومات يحظر تداولها إلا من طرف الجهات السيادية ذات العلاقة.
كما تابعت أن الشركة التركية المتعاقد معها مجهولة وليس لها انتشار واضح إلا في بعض الدول الإفريقية غير المستقرة والتي تمر بمراحل تخبط وفساد اقتصادي لغرض جباية الرسوم عل السلع الواردة دون وجه حق من أجل جني مئات الملايين سنويا مقابل لا شيء إلا توفير بيانات للسلع الموردة.
وتبعا لذلك، دعت الغرفة إلى ضرورة إيقاف قرار التعاقد مع هذه الشركة إلى حين عقد وتنظيم ورشة عمل تحت إشراف الدولة دون تدخل وسطاء وسماسرة وشركات وهمية من الخارج، وذلك لتفادي شبهات الفساد ومنع تسرب المعلومات الخاصة بالمخزونات الاستراتيجية للدولة إلى جهات خارجية.
كما يقف العقد عقبة أمام إرادة أي حكومة ليبية وطنية في إنهاء عقد الشركة التركية مستقبلا في حال إخفاقها. وسيكلف ليبيا مبالغ ضخمة حال قررت إنهاء العقد.