مستندات| بعد فصلهم تعسفيًا.. شركة “سيجما” للصناعات الدوائية ترفض سداد مستحقات العمال المالية رغم الأحكام القضائية
كتب – أحمد سلامة
في واقعة تسلط الضوء على تعقيدات القضايا القانونية وصعوبة تحصيل الحقوق المستحقة في ظل نظام قضائي قد تعرقله آليات التنفيذ، يبرز مثالٌ جليٌّ على معاناة العمال المفصولين تعسفيًا، حيث واجه عدد من عمال شركة “سيجما” للصناعات الدوائية تحديات عديدة في تنفيذ أحكام قضائية صادرة لصالحهم.
وعلى الرغم من صدور حكمين قضائيين بإلزام الشركة بدفع مستحقاتهم المالية، إلا أن التنفيذ ما زال عالقًا منذ عام 2020، مما يفتح الباب للتساؤل حول آليات احترام حقوق العمال في مواجهة المؤسسات الكبرى.
بدأت تفاصيل النزاع عندما تعرض نحو 60 موظفًا وعاملاً لفصل تعسفي من وظائفهم في شركة سيجما للصناعات الدوائية. ونتيجة لذلك، لجأ العاملون إلى القضاء لتأكيد حقهم في التعويض عن هذا الإجراء التعسفي.. ففي عام 2019، رفع الموظفون قضية أمام محكمة عمال شبين الكوم برقم 1563، والتي أصدرت حكمًا لصالحهم يُلزم الشركة بدفع مبلغ 11,620 جنيهًا مصريًا كتعويض للمتضرر جراء ما لحق به نتيجة الفصل التعسفي. إلا أن الحكم، الذي كان بمثابة خطوة أولى لتحقيق العدالة، لم يجد طريقه إلى التنفيذ.
ومع استمرار المعاناة، قرر العاملون الاستمرار في المعركة القانونية لاسترداد حقوقهم، فتم استئناف القضية أمام القضاء في ديسمبر 2020. وكان الحكم الثاني أكثر إنصافًا، حيث ألزمت المحكمة شركة سيجما للصناعات الدوائية بدفع مبلغ 101,969 جنيهًا مصريًا، وهو تعويض يمثل القيمة الإجمالية لمستحقات العامل المالية، بما يشمل تعويض الفصل التعسفي والرواتب المستحقة. ورغم وضوح القرارات القضائية، فإن التنفيذ ظل معلقًا، ما دفع العمال إلى اتخاذ خطوات متعددة لمحاولة تحصيل حقوقهم، بما في ذلك تحرير محاضر حجز متكررة على ممتلكات الشركة.
وعلى الرغم من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك إعلان الشركة رسميًا بالحكم وإخطارات متعددة منذ عام 2020، فإن المماطلة من جانب الشركة أدت إلى عرقلة التنفيذ، ما وضع العمال في حالة من اليأس والإحباط.
وقال أحد العاملين، في تصريح لـ”درب”، إن التأخير المستمر يمثل انتهاكًا صريحًا لحقوقه التي كفلها القانون، مشددًا على أهمية تدخل الجهات المختصة لضمان احترام الأحكام القضائية وتنفيذها على أرض الواقع.
وفي سياق متصل يعكس التحديات ذاتها، شهدت محكمة قوص الجزئية مؤخرًا عددًا من القضايا المماثلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية والحجز الإداري. تناولت إحدى الجلسات تنفيذ حكم صادر بحق الشركة وتوقيع الحجز الإداري على أموالها وممتلكاتها لضمان استيفاء الديون المستحقة. ورغم ذلك لم يتم تسليم المستحقات المالية.
تعكس هذه القضايا معضلات أوسع نطاقًا بشأن تنفيذ الأحكام القضائية، خاصة تلك المتعلقة بحقوق العمال أو النزاعات المالية بين الشركات. فالتأخير في تنفيذ الأحكام لا يقتصر على الأضرار المالية التي تلحق بالطرف المتضرر، بل يهدد أيضًا الثقة العامة في النظام القانوني ويثير تساؤلات حول كفاءة آليات التنفيذ الحالية.
يطرح هذا الواقع تحديات أمام الدولة والمؤسسات القضائية لتحسين منظومة تنفيذ الأحكام. فالعمال، الذين غالبًا ما يكونون الطرف الأضعف في هذه النزاعات، يعانون ليس فقط من ضياع مستحقاتهم، بل من التكاليف النفسية والاجتماعية المترتبة على طول الإجراءات القضائية وتعقيداتها. الأمر الذي يستدعي توفير آليات تنفيذ أكثر فعالية وضمان التزام المؤسسات بالقرارات القضائية الصادرة بحقها.
ويطالب العديد من المتضررين، بمن فيهم موظفو شركة سيجما للصناعات الدوائية، بتدخل سريع من الجهات المعنية لضمان تنفيذ الأحكام القضائية بشكل عادل وسريع. كما دعوا إلى تعزيز الرقابة على الشركات لضمان احترامها لحقوق العمال والالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية دون مماطلة. فالمماطلة لا تؤثر فقط على الأطراف المتضررة، بل تشكل سابقة خطيرة قد تدفع الآخرين إلى التشكيك في قدرة النظام القضائي على تحقيق العدالة.
في النهاية، تعكس هذه النزاعات المستمرة بين العمال والشركات معركة طويلة لتحقيق الإنصاف في ظل نظام قضائي يواجه تحديات متزايدة. ومع استمرار معاناة الموظفين والعمال في تحصيل حقوقهم، يبقى الأمل معقودًا على جهود إصلاحية تضع مصلحة الطرف الضعيف في مقدمة أولوياتها، وتضمن تحقيق العدالة بشكل حقيقي وملموس للجميع.