مركز القاهرة يوصي بآلية دولية للمسائلة الجنائية في الانتهاكات ضد الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين باليمن
المركز يدعو لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأقليات: يتعرضون لترهيب واعتداءات واحتجاز تعسّفي
أوصى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فريق الخبراء الأمميين المعني باليمن، بمواصلة التحقيق في الانتهاكات المرتكبة في اليمن ودعم جهود المساءلة والمحاسبة عنها، وشدد على أهمية تشكيل آلية دولية للمساءلة الجنائية، كأولوية قصوى لدى المجتمع الدولي، من أجل جمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا، والتواصل مع ضحايا الانتهاكات والجرائم الجسيمة، بمن فيهم الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، تمهيدًا لمحاسبة الجناة مرتكبي الجرائم في البلاد.
كما دعا المركز، في تقرير له، المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي، لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان حماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات والأقليات، ضد أعمال الترهيب والاعتداءات والاحتجاز التعسّفي، من بين انتهاكات أخرى، مرتكبة من مختلف أطراف النزاع. والتعاون والتواصل الفعال والمنتظم مع المجتمع المدني اليمني، والتمويل المستدام له لتمكينه من مواصلة عمله الضروري، بما في ذلك رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
وحدد التقرير مجموعة من الإجراءات الواجبة على سلطات الأمر الواقع في مختلف أنحاء اليمن امتثالاً لواجباتها بموجب القوانين الدولية، ودورها في حماية المدنيين، على رأسها وقف الانتهاكات والإفراج عن المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في التظاهر والتعبير، وإعادة النظر في أوضاع السجون المتردية ووضعها تحت المراقبة الأممية، وضمان الإفراج عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 “فيروس كورونا المستجد”.
واستعرض التقرير نماذج للانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين، بمن فيهم الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن خلال النصف الأول من العام الجاري.
ففي سياق النزاع المسلّح وتفشي الإفلات من العقاب، ما يزال وضع الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن محفوفًا بالمخاطر ومعرضًا للتدهور في ظل الاقتتال المستمر، وتفشي وباء كوفيد –19، إذ يضطروا لدفع أثمانٍ باهظة كنتيجة مباشرة لممارسة عملهم.
وعكست القائمة غير الشاملة للحالات المعروضة في التقرير (في الفترة من يناير وحتى يونيو 2021) أمثلة لأنماط استهداف وانتهاكات متعددة، بحق نساء ورجال من فئات عمرية مختلفة، وفي مواقع جغرافية متفرقة في اليمن (صنعاء وحضرموت وعدن)، تحت سيطرة أطراف مختلفة من أطراف النزاع، الأمر الذي يشير لتورط كافة أطراف النزاع في ارتكاب مثل هذه الانتهاكات.
وقالت سارة العريقي، الباحثة المختصة بشئون اليمن بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “بشكل عام تتنوع الانتهاكات التي يجابهها الصحفيون والحقوقيون والأكاديميون والمعارضون السياسيون، بين القتل والاعتقال التعسّفي والإخفاء القسري والاعتداءات الجسدية والتهم الملفقة أو التضييق على أعمالهم، فضلًا عن القيود المفروضة على حقوقهم، خاصة حقهم في حريّة التعبير، وذلك في محاولة لخنق المعارضة السلمية.”
وأضاف المحامي الحقوقي اليمني عبد المجيد صبرة أن هذه القضايا بحق الصحفيين والحقوقيين “تصنف باعتبارها قضايا أمن الدولة وتفتقد المحاكمة فيها أدنى معايير المحاكمة العادلة، فلا تأكد من مشروعية الأدلة ولا من مصداقيتها ولا صحتها، بينما يعجز القضاء المحلي عن محاسبة الجناة الحقيقيين مرتكبي الجرائم الخطيرة في اليمن.”
ناقش التقرير عدد من الممارسات القمعية المرتبطة بممارسة الحق في التظاهر والتجمع السلمي والحق في حرية التعبير، محذرًا بشكل خاص من تصاعد حدة هذه الانتهاكات المرتكبة من جميع أطراف النزاع في ظل تحدّيات متعدّدة المستويات مرتبطة بالحرب المستمرة منذ 7 سنوات في اليمن، بما في ذلك؛ انتشار وباء كوفيد- 19، وتردي الأوضاع الإنسانية والصحية في أماكن الاحتجاز، ومجاعة تلوح في الأفق، وأمراض وأوبئة، ونظام صحي متهالك، والانهيار الاقتصادي، ونقص التمويل الإنساني، والانقسامات السياسية للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية.