مراسلون بلا حدود تطالب بالتحقيق في اعتداءات “السبت الأسود” بتونس: اعتداءات جسدية ولفظية وتحرش ضد 29 صحفيا وصحفية
النقابة التونسية تحمل حركة النهضة المسؤولية: 29 صحفيا تعرضوا للاعتداء بينهم 15 صحفية ثلاثة أكدن تعرضهن للتحرش
كتب- محمود هاشم:
طالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بفتح تحقيق جدي في حالات التحرش الجنسي والاعتداءات الجسدية واللفظية التي كان ضحيتها صحفيون تونسيون، خلال تظاهرة مساندة للحكومة في العاصمة تونس، نظمها حزب النهضة الإسلامي، صاحب الأغلبية في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، في 27 فبراير الماضي، مطالبة بكشف حقيقة كل هذه الوقائع وتحقيق العدالة.
وأعلنت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تعرض 29 صحفيا على الأقل إلى الاعتداء، من بينهم 14 صحفيا و15 صحفية، ثلاثة منهن أكدن تعرضهن إلى تحرش جنسي، خلال التظاهرة.
وهذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها نساء صحفيات إلى هذا النوع من الاعتداء. وتبين مقاطع فيديو بُثت على شبكات التواصل الاجتماعي هذه الاعتداءات التي ارتكبت أمام أعين الأمن وقيادات النهضة دون أن يتدخل أيا منهم، رغم طلب مراسلين تدخل بعض قيادات الحزب دون جدوى.
وتم تعنيف ودفع الصحفية يسرى الرياحي، التي تعمل لموقع بيزنس نيوز والمصور الصحفي المرافق لها مروان الساحلي، بعنف من طرف أعضاء لجنة التنظيم التابعة لحزب النهضة، حين كانا يعملان على تغطية كلمة راشد الغنوشي، رئيس الحزب، مما تسبب في كسر معدات المصور الصحفي. وقد عمد أحد أعضاء لجنة التنظيم إلى لف ذراعيه حول الصحفية متعمدا ملامسة أعضاء حساسة من جسده. كما تمّ دفع العديد من المراسلين من قبل أعضاء لجنة التنظيم. وأكدت يسرى الرياحي أنّ من بين زميلاتها من كانت في حالة انهيار بعد أن تم التحرش بهن جنسيا.
وأكدت جهان علوان، الصحفية بالإذاعة الوطنية، أنه وقع استهدافها أيضا، ومنعها من تغطية المظاهرة واستقبالها بالشتائم (إعلام العار، تتقاضون أجوركم من أموال الضرائب من أجل لا شيء…) كما تم التحرش بها جنسيا. وتقول: “لأول مرة يعيش الصحفيون العاملون على تغطية المظاهرات هذا الخوف، وكل اعتداءات العنف حصلت أمام أنظار الشرطة وقيادات النهضة، لكنهم لم يتدخلوا”، وتواصلت “هرسلة” الصحفية على شبكات التواصل الاجتماعي من أنصار حركة النهضة بعد المظاهرة.
وتعرض أغلب الصحفيين الذين غطوا المسيرة تعرضوا إلى عنف جسدي أو لفظي من عناصر لجنة التنظيم أو من قبل الشرطة والمتظاهرين، حسب إفادة الصحفية جهان علوان، وأكد شهود أن ثلاثة صحفيين تم منعهم من التغطية، ولم يتوفر للصحفيين أي فضاء خاص للعمل مما جعلهم أكثر عرضة للمخاطر.
وأدانت النقابة هذه الأحداث بشكل كامل، مؤكدة أنها ستلجأ إلى القضاء واصفة لجنة التنظيم بـ “الميليشيا”، وحمّلت حركة النهضة مسؤولية ما طال منسوبيها من اعتداءات، ووصفت صمت قياداتها بالتواطؤ الواضح والتشجيع على هذه الممارسات، وطالبت الحركة باعتذار رسمي عمّا اقترفه أنصارها من اعتداءات في حق مختلف ممثلي وسائل الإعلام، وأكدت أنها ستلاحق اللجنة المنظمة التي خالفت القوانين الضامنة لحرية عمل الصحفيين.
وقال أنطوني بيلانجي، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين: “يجب على حركة النهضة إجراء تحقيق شامل وتحمل كامل مسؤولية الاعتداءات بحق زميلاتنا وزملائنا الصحفيين، وندعو الحركة إلى معاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات لضمان عدم تكرارها مستقبلا”.
وحشدت حركة النهضة، وهي أكبر حزب سياسي في البرلمان التونسي، عشرات الآلاف من أنصارها الذين قدموا من أنحاء البلاد إلى العاصمة التونسية يوم 27 فبراير، للمطالبة بـ”الوحدة الوطنية واحترام الدستور والاستقرار السياسي والدعوة إلى الحوار والتوافق.
واعتذرت حركة النهضة، في بيان إعلامي صادر عنها يوم 28شباط عن التجاوزات التي سجلت بحق الصحفيين خلال المسيرة وأكدت أن التجاوزات التي وقعت بحقهم من قبل بعض المشاركين في مسيرة السبت، لا تمثل موقف الحركة في تعاملها مع الصحفيين والإعلاميين.
وقال صهيب خياطي، مدير مكتب شمال أفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود، إن “الاعتداءات على الصحفيين ووسائل الإعلام تضع حرية الصحافة في خطر، وهي المكسب الأثمن للثورة وعمادُ الديمقراطية.
وتم الاعتداء على عدد من الصحفيين من أمنيين، على غرار المصور الصحفي المستقل محمد طاطا الذي تم تعنيفه وتهشيم آلة تصويره لمّا كان بصدد التغطية لفائدة قناة ميدي 1 المغربية. ولما حاول المصور الصحفي إسلام الحكيري نجدة زميله، تعرض بدوره إلى العنف.
كما تعرض فريق إكسبرس أف أم المتكون من الصحفيتين سلمى هلالي وريم الحسناوي والمصورة الصحفية فاطمة الطرابلسي إلى اعتداءات لفظية وجسدية.
وتمت محاصرة المصور الصحفي عبد الكريم البُرني، الذي كان يقوم بالتغطية لفائدة قناة الميادين اللبنانية، من قبل أمنيين وعناصر لجنة التنظيم ومتظاهرين وقاموا بإبعاده لما حاول مساعدة زميلته ريم الحسناوي، وتحتل تونس المرتبة 72 من بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تُصدره مراسلون بلا حدود.