مجلس النواب يقر قانون اللجوء: ضرورة تنظيمية أم شرعنة للقيود؟
وافق مجلس النواب، في جلسته العامة التي عُقدت اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024، على مشروع قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانب في البلاد، والذي قدمته الحكومة بهدف وضع إطار قانوني شامل لتنظيم أوضاع اللاجئين في مصر، التي تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، وفقًا لبيانات رسمية صادرة في أبريل/نيسان الماضي.
يتألف القانون من 39 مادة تسعى إلى تنظيم جميع الجوانب المتعلقة باللجوء في مصر. وينص القانون على تشكيل لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تابعة لمجلس الوزراء، تكون مسؤولة عن جمع البيانات والإحصاءات المتعلقة بأعداد اللاجئين في مصر والفصل في طلبات اللجوء المقدمة.
وحدد التشريع إطارًا زمنيًا للفصل في الطلبات، بحيث تُنجز خلال ستة أشهر إذا كان دخول طالب اللجوء للبلاد قانونيًا، بينما ترتفع المدة إلى عام إذا كان دخوله غير شرعي. ويمنح القانون الأولوية في البت بالطلبات لفئات محددة، مثل ذوي الإعاقة، والمسنين، والنساء الحوامل، والأطفال، وضحايا العنف الجنسي والاتجار بالبشر.
ومنح القانون اللاجئين حقوقًا متعددة، منها الحماية من الترحيل القسري إلى بلدانهم الأصلية، وحق التقاضي دون أعباء مالية، والتمتع بالتعليم الأساسي، والرعاية الصحية، والعمل، سواء بالقطاع الخاص أو من خلال تأسيس مشروعاتهم الخاصة. كما سمح القانون للاجئين بالتقدم بطلبات للحصول على الجنسية المصرية وفق شروط محددة.
في المقابل، وضع القانون قيودًا صارمة على بعض الأنشطة التي قد يقوم بها اللاجئون، حيث منعهم من ممارسة أي أنشطة سياسية أو حزبية أو نقابية، كما حظر أي تصرف من شأنه تهديد الأمن القومي أو الإخلال بالنظام العام. كما فرض عقوبات تشمل الحبس والغرامة على أي شخص يثبت إيواؤه أو مساعدته لطالب لجوء دون إخطار السلطات المختصة.
تعتمد مصر في هذا التشريع على التزاماتها الدولية بموجب الاتفاقيات التي وقعتها، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967 الخاصين بوضع اللاجئين، بالإضافة إلى اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969. وينص الدستور المصري في مادته الـ91 على منح اللجوء السياسي لأي أجنبي يتعرض للاضطهاد بسبب الدفاع عن حقوق الإنسان أو العدالة. وأثار عددا من نصوص القانون انتقادات حقوقية. فقد أعربت عدة منظمات دولية ومحلية عن قلقها من أن القانون لا يتماشى مع المعايير الدولية لحماية اللاجئين. وأشارت إلى أن التشريع يفتقر إلى ضمانات استقلالية اللجنة المختصة بشؤون اللاجئين، حيث تُشكل من ممثلين للجهات الحكومية، ما يثير المخاوف بشأن الحياد والشفافية.
كما أبدت منظمات حقوقية مخاوفها من غياب مرحلة انتقالية في القانون تتيح نقل المهام من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى اللجنة الوطنية الجديدة، ما قد يؤدي إلى فوضى قانونية وتعطيل خدمات اللاجئين.
انتقدت تقارير حقوقية أخرى تجاهل القانون لحقوق طالبي اللجوء الذين لم تُبت طلباتهم بعد، مما يجعلهم عرضة للانتهاكات. كما أبدت تحفظات بشأن توسع اللجنة في إسقاط صفة اللجوء لأسباب فضفاضة مثل تهديد الأمن القومي، مما قد يُعرض اللاجئين لخطر الترحيل القسري.
ويرى مراقبون أن القانون يأتي في سياق التزامات مصر مع شركائها الأوروبيين، خاصةً في إطار اتفاقيات حوكمة الهجرة وضبط الحدود، حيث كانت الحكومة على تمويلات أوروبية في سياق “تطوير قدراتها في هذا المجال، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان القانون استجابة لضغوط خارجية أكثر من كونه تلبية لاحتياجات داخلية.
ودعت منظمات حقوقية الحكومة والبرلمان إلى مراجعة القانون لضمان توافقه مع المعايير الدولية، وطالبت بتوفير ضمانات شفافة لاستقلالية اللجنة، وحماية بيانات اللاجئين، ودمجهم في المجتمع المصري بشكل يتيح لهم حياة كريمة، بدلًا من فرض قيود إضافية قد تزيد من هشاشتهم.