ماذا بعد منح الثقة لحكومة الفخاخ؟ تونس تنتظر مراجعات صندوق النقد والإصلاح وثقة المعارضة
وافق البرلمان التونسي، اليوم، على منح الثقة لحكومة ائتلافية يقودها إلياس الفخفاخ بعد مشاحنات سياسية استمرت شهورا وعطلت جهود البلاد لمواجهة المصاعب الاقتصادية.
وصوت مجلس النواب التنوسي لصالح حكومة الفخاخ بأغلبية 129 صوتا، بينما صوت 77 نائبا ضد منح الثقة في حين امتنع نائب واحد عن التصويت.
وكان فوز الفخفاخ، بعدما أعلنت عدّة كتل برلمانية وازنة أنّها ستصوّت لها، وهي حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي (54 نائبا) و الكتلة الديمقراطية (41 نائبا) وحزب تحيا تونس (14 نائبا)، في حين قرّرت كتل أخرى عدم نيتها منح الثقة لها، أبرها حزب قلب تونس الذي تم إقصاؤه من المشاورات الحكومية (38 مقعدا) والحزب الحر الدستوري (17 مقعدا).
وأفاد الناطق الرسمي لحزب “قلب تونس” محمد الصادق جبنون في تصريح لموقع “الصباح” التونسي، بأنن كتلته التزمت بما قرره المجلس الوطني ولم تصوت لحكومة الفخفاخ يوم امس وبذلك يكون “قلب تونس” قد أعطى مثالا في الالتزام البرلماني ، على حد تعبيره .
وواصل محدثنا القول بان قلب تونس اليوم موجود في المعارضة وسيمارس دوره لإيجاد حلول للخروج من الازمة الاقتصادية الراهنة والتي تزيد مخاطرها الان مع الانعكاس السلبي على الاقتصاد الدولي جراء فيروس كورونا ، وسيكون “قلب تونس” مدافعا عن قيم الجمهورية ومبادئ الدستور.
وكان الفخفاخ قد أعلن الأسبوع الماضي عن تركيبة حكومته، التي قال إنها تهدف إلى “إعادة الأمل والثقة للشعب التونسي”، وتتألف من 30 وزيراً وكاتبين للدولة، 17 منهم مستقلون، بينما ينتمي البقيّة إلى حركة النهضة (6 وزراء)، وحزب التيار الديمقراطي (3 وزراء)، وحركة الشعب (وزيران)، وحزب تحيا تونس (وزيران)، وكتلة الإصلاح الوطني (وزيران)، وتضمّ 6 نساء، فيما لا يتجاوز مُعدل أعمار أعضائها 53 عاما.
وكان رئيس الوزراء التونسي الجديد، البالغ من العمر 47 عاما، وزيرا للسياحة في أواخر 2011 قبل أن يصبح وزيرا للمالية في ديسمبر 2012 وهو منصب استمر فيه حتى يناير 2014.
وفي كلمته أمام البرلمان، قال الفخفاخ، إنه “يقف أمام البرلمان ونوابه مع فريق حكومي طالبا نيل ثقة المجلس مع إحساس بثقل المسؤولية”، مضيفا أنه “لا يطلب فقط الثقة للحكومة وإنما يطلب التعاون مع البرلمان في هذه اللحظات التاريخية”، مؤكدّا أن “إصلاح تونس يتطلب العمل اليد في اليد بين الحكومة والبرلمان ويستوجب أن يبتعد المسؤولون عن المحسوبية”.
وأشار الفخفاخ إلى أن الأولويات التي ستعمل عليها حكومته هي مقاومة الجريمة والعبث بالقانون ومقاومة غلاء الأسعار وتقديم الدعم للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتفكيك شبكة الفساد.
ويودي رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وأعضاء حكومته، اليوم، اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، في قصر الرئاسة بقرطاج.
ومن المتوقّع أن تسلّم حكومة تصريف الأعمال بقيادة يوسف الشاهد، السلطة لحكومة الفخفاخ، غدا، لتباشر مهامها رسمياً، وتبدأ بمعالجة حزمة من التحديات التي تنتظرها، خاصة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وحتّى السياسية.
وينصّ الدستور التونسي على أنّه “عند نيل الحكومة ثقة المجلس يتولّى رئيس الجمهورية فوراً تسمية رئيس الحكومة وأعضائها”، و”يؤدّي رئيس الحكومة وأعضاؤها أمام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية”. وبذلك يصبح الفخفاخ (47 عاماً) ثامن رئيس للوزراء في تونس منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد هدد الأسبوع الماضي بحلّ البرلمان وبالدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة في حال فشلت الحكومة بنيل ثقة البرلمان.
وتواجه تونس مجموعة من التحديات الاقتصادية الصعبة أدى تأخر تشكيل الحكومة الجديدة إلى بطء جهود الدولة لحلها، حيث يقول مسؤولون تونسيون إن صندوق النقد الدولي كان ينتظر تسلم الحكومة الجديدة مهامها ليبدأ محادثات معها بشأن مراجعة سادسة لبرنامج إقراض تونس.
وتقول تقديرات إن البلاد تحتاج إلى حوالى 3 مليار دولار في 2020 حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية، كما جاء منح الثقة للحكومة الجديدة، في وقت ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت بسبب أزمة سياسية بين الحكومة ومعارضيها، وفي مقدمتهم حزب نداء تونس الحاكم الذي يطالب بتغيير شامل للحكومة.