ماتوا من البرد.. تقرير: اكتشاف 3 جثث لمراهقين مصريين لاجئين قرب الحدود في بلغاريا
وكالات
توفي ثلاثة مهاجرين قصّر مصريين جراء البرد الشديد وسط تساقط الثلج قرب مدينة بورغاس جنوب شرق بلغاريا القريبة من الحدود، واكتشفت جثثهم في الأيام الأخيرة لـ2024. واتهمت عدة منظمات إنسانية عاملة في المنطقة شرطة الحدود بالتلكؤ في إنقاذهم، إلا إن وزارة الداخلية البلغارية اعترفت بالوفيات وأنكرت المناشدات وتحديد الإحداثيات الجغرافية للتمكن من إنقاذهم.
ووفقا لموقع “مهاجر نيوز”، أصدرت “مجموعة طرق البلقان” بيانا صحفيا الاثنين 6 كانون الثاني/يناير، اتهمت فيه شرطة الحدود البلغارية “بمنع إنقاذ ثلاثة قصر مهاجرين في خطر يهدد حياتهم” رغم تنبيهها السابق إلى وجود “ثلاثة قصر غير مصحوبين يواجهون خطر الموت الوشيك، ربما نتيجة انخفاض حرارة الجسم، بالقرب من مدينة بورغاس في جنوب شرق بلغاريا”.
وكان هذا التبليغ حدث في 27 كانون الأول/ديسمبر 2024، واكتشفت الجثث في اليومين اللاحقين. وتناقلت هذه المأساة العديد من الصحف المحلية والإيطالية والإنكليزية.
وأوضحت المنظمات التي تداولت البيان والعاملة في المنطقة أن “الجثث التي تركت في الغابات المغطاة بالثلوج والتهمتها الحيوانات جزئيا، تم العثور عليها واستعادتها لاحقا بواسطة ‘مجموعة طرق البلقان‘ ومنظمة ‘مطبخ بلا اسم‘”. وأنها تعود لثلاثة قصر من مصر أعمارهم تتراوح بين 15 و17 عاما.
كما اتهمت هذه المنظمات السلطات البلغارية بأنها “عرقلت عمليات الإنقاذ التي ينفذها الناشطون” بتقديم المساعدة الطبية أو الطعام للمهاجرين.
وتجمع “Collettivo Rotte Bacaniche”، هو إحدى المنظمات العاملة في المنطقة وهو تجمع إيطالي يتطوع فيه أشخاص من إيطاليا ومن فرنسا، الذي بدوره يساعد الجمعيات المحلية والدولية الموجودة في المكان من أجل التكفل بالمهاجرين الذين يكونون بوضع صعب، خاصة عندما يمشون مسافات طويلة لعبور الحدود قادمين من تركيا.
يضاف إليه “No Name Kitchen” و”حركة مستقلة تعمل مع الناس أثناء تنقلهم في البلقان وإيطاليا وفي سبتة” حسب تعريفها لنفسها على فيسبوك، والتي كانت قد نقلت أيضا شهادة أحد المتطوعين فيها، سيب، عن الحادثة والذي ندد “بتخلي” السلطات البلغارية عن المهاجرين الذين “تجمدوا حتى الموت”.
وكذلك “Mission Wings Foundation” وهي مؤسسة غير ربحية “لتمكين ودعم طالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين على طول رحلة حياتهم في بلغاريا”.
واشتكت الجمعيات من تعرضها للعنف من السلطات، مثل التهديدات والإجبار على المشي لساعات في ليلة متجمدة، وأخذ الناشطين في صندوق سيارة الشرطة، والاحتجاز في غرف بدون مراتب، فيما تقول إنها ممارسات ترصدها منذ صيف 2023، وإنه سجلت خمس حوادث بحقهم من هذا النوع منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
من جهتها، اعترفت المديرية العامة لشرطة الحدود بوزارة الداخلية في معرض تصريحها لإذاعى بورغاس الوطنية، بوجود جثث “مغطاة بالثلوج” لشبان مصريين قرب الحدود إلا إنها أنكرت قيام الجمعيات بإعطاء إحداثيات دقيقة للقيام بمساعدتهم، قائلة إن التقارير الأولى التي أعطاها التجمع بشأن المهاجرين في 27 كانون الأول/ديسمبر “كاذبة ومضللة”، وأضافت أن “جثث المهاجرين الذين تم العثور عليهم يومي 28 و29 ديسمبر 2024 كانت في مواقع مختلفة عن النقاط” التي حددت في اليوم الأسبق.
كما أعلنت الوزارة عزمها القيام بإجراءات قانونية بشأن “مكالمات كاذبة لطلب المساعدة” دون تحديد إن كان ذلك مرتبط بهذه القضية، وتجاه “إصدار خمس استدعاءات لعدم الامتثال لأمر الشرطة والتواجد بالقرب من موقع استراتيجي للأمن القومي دون إذن” وكذلك إعداد “بروتوكالات تحذيرية فيما يتعلق بجرائم الهجرة غير الشرعية” من دون تحديد الفترات الزمنية المرتبطة بذلك.
وردت مجموعات الناشطين في المجال الإنساني على تعليقات وزارة الداخلية بالنفي ودحض الأقوال بخصوص تحديد مواقع الضحايا، وكتبت “Mission Wings Foundation” على صفحتها إنها “ادعاءات سخيفة” وإن جثث الضحايا وجدت “في المواقع التي قدمت بداية للسلطات” وأن الطبيب الشرعي ذكر أن “الوفاة حدثت حوالي 36 ساعة قبل تدخلهم في وحدة الطب الشرعي”، وذلك يأتي “تزامنا مع وقت الإشارات التي تم إعطاؤها على الخط الساخن” في البداية. واستنكرت أن وزارة الداخلية “لم يكن لديها الشجاعة للاعتراف بالأخطاء وتحمل مسؤولية أفعالها لتحسين هياكلها”.
كما أكدت أنها تمكنت “من تحديد عائلات الأولاد الثلاثة مع بلد المنشأ مصر” وقدمت المعلومات لسلطات التحقيق، ولامت المؤسسات البلغارية أنها “لم تتواصل معنا لأكثر من عشرة أيام للحصول على معلومات لتنسيق العمل”. كما شكرت “القنصلية المصرية على الاستجابة” وأشارت إلى أنه “حاليا مستمرين في التفاعل معنا وتقديم المساعدة الكاملة في حالات فريقنا والأسر المكلومة”.
وأكد أحد المتطوعين في تجمع “Collettivo Rotte Balcaniche” لمهاجر نيوز على أن ما قالته وزارة الداخلية “خاطئ”، وأن هناك “أدلة كافية على إعطاء التجمع الإحداثيات الجغرافية نفسها يوم 27 ديسمبر حيث وجدت الجثث يومي 28 و29” من نفس الشهر.
وغالبا ما يعبر المهاجرون غير النظاميين الحدود بين تركيا وبلغاريا سيرا على الأقدام، مستعينين بخدمات المرشدين الذين وفرهم المهربون في تركيا. وبعد عبور الحدود، يتنقلون إلى الحدود البلغارية الصربية أو البلغارية الرومانية.
وغالبا ما يدفع المهاجرون مبالغ كبيرة للمهربين كي يتمكنوا من الوصول إلى بلدان أوروبا الغربية.
وسُجلت حالات لوفيات مهاجرين تجمدا على طريق البلقان هذا في السابق، وإحداها وفاة شاب مصري وجد ضمن مجموعة من عشرة مهاجرين في نهاية عام 2023، وكان هذا على أطراف العاصمة صوفيا.
ووفقا لبحث أجراه فرع مؤسسة ARD في فيينا بالتعاون مع Lighthouse Reports وDer Spiegel وRFE /RL و Solomon and inews، مات ما لا يقل عن 93 شخصا اختاروا المرور عبر بلغاريا في عامي 2023 و2022 فقط. ووثق فريق البحث العديد من مقاطع الفيديو والصور للاجئين، يقفون بجانب رفاقهم في السفر وهم يُحتضرون، ويحاولون تغطيتهم وإسعافهم، ثم يضطرون إلى تركهم ملقون على الأرض في الغابة.
يذكر أنه تتزامن مأساة وفيات المهاجرين القصر الثلاثة هذه مع دخول قرار ضم بلغاريا إلى منطقة شنغن حيز التنفيذ اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2025، بعد انتظار دام 13 عاما رغم استعدادها هي ورومانيا للخطوة منذ 2010، إلا إن بعض دول الاتحاد الأوروبي اعترضت خوفا من زيادة الهجرة ثم غيرت موقفها لاحقا.