لقد مسّنا الحلم مرة| في الذكرى الـ 13 لثورة يناير.. احتفالات جماهيرية بالـ 18 يومًا الأفضل: كل سنة وإحنا ما بنزهقش
كتب – أحمد سلامة
مازالت ثورة يناير -رغم محاولات البعض المستميتة- حية في قلوب الثائرين، والحالمين، الذين تطلعوا ذات يوم إلى رؤية مصر تخطو خطواتها الأولى نحو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والعدالة الإنسانية.
بعد فساد 30 عامًا، خرج المصريون ليعبروا عن رغبتهم في التغيير، بعد أن أغلقت في وجههم كل السُبل السلمية، وتجاهلت السلطة مطالبهم مرارا وتكرارا، وتعالمت مع انتقاداتهم باعتبارها “تسلية” وباعتبار الشعب “قاصرًا” لا يملك تحديد خياراته ولا انتقاء قياداته وباعتباره شعبًا غير مؤهل للحداثة ولا للديمقراطية.
بعد 13 عامًا على الثورة، مازالت الاحتفالات “الشعبية” مستمرة، والاحتفاء في قلوب من عاصروها يُجدد الآمال في رؤية مصر تسير على نهج دول حققت نجاحات في مجالات الحريات السياسية والأكاديمية وانتزاع سيطرة بعض الأطراف على مقدرات الاقتصاد.
في الوقت نفسه مازالت ثورة يناير في يد البعض تجسيدًا لـ”الخراب”، وإيذانًا بـ”ركوب الشعب”، ونذير من أوضاع سيئة قد تتكرر، وسببًا في خسائر اقتصادية كبرى كما زعموا.
ولذلك يقول عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إن الدولة فقدت أكثر من 450 مليار دولار خلال ما وصفها بـ”أحداث عام 2011″، ويؤكد أن الصعوبات التي واجهت الدولة في 25 يناير، وخاصة في عملية اقتحام السجون وهروب السجناء، كانت تحدٍ كبيرًا.
وأضاف السيسي، خلال احتفالية وزارة الداخلية بعيد الشرطة الـ72، في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، أن هناك محاولات لتأليب الرأي العام ضد الدولة في ذلك الوقت، وشدد على أهمية تصدي الشعب والحكومة لهذه المحاولات.
وأشار إلى أن محاولة تأليب الرأي العام جاءت من خلال التحريض والإساءة ضد الدولة لتشويه العلاقة بين الشعب ووزارة الداخلية، ُبرزًا أن الدولة قضت سنتين أو ثلاثة في ترميم هذه العلاقة وتحسينها، وأوضح أن مواجهة التحديات والصعوبات تتطلب التضحية والصبر، وحث على الوقوف صفًا واحدًا لمجابهة أي تحديات مستقبلية.
وتحدث السيسي عما وصفها بالتكلفة الباهظة لمكافحة الإرهاب، التي بلغت أكثر من 120 مليار جنيه مصري، مُشيرًا إلى أن مواجهة الإرهاب لم تكن خيارًا بل ضرورة، وأنها تسببت في استقرار الدولة على الرغم من التحديات الكبيرة.
وواصل: “أشيد بتضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة، والمجتمع بأسره، هذه التضحيات كانت ثمنًا كبيرًا لاستقرار وأمان مصر، وأن مواجهة الإرهاب استلزمت توفير موارد هائلة، سواء من الناحية المالية أو البشرية”.
في المقابل، وتجسيدًا لفجوة تبدو عميقة بين السلطة والجماهير، تواصلت احتفالات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بذكرى الثورة، معربين عن تأثرهم الشديد بـ 18 يومًا طوباوية قضوها في الميدان عبر وسم #25_يناير الذي تصدر قائمة الأكثر تداولا، لكن الاحتفالات أيضًا كانت مليئة بالأسئلة.. أسئلة حول الأخطاء وتداركها وكيفية الاستفادة من دروسها.
وكتب الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية عبر حسابه على منصة “إكس”، قائلا “اليوم الذكرى ١٣ لثورة ٢٥ يناير، أهم ثورة ضد الاستبداد في تاريخ مصر الحديث. لم تنتصر الثورة بعد، فمصر اليوم أكثر استبدادا مما كانت عليه قبلها، لكنها لم تمت وستظل حية في ضمير الشعب إلى أن يتخلص نهائياً من الظلم والفساد والاستغلال، لكن هل استوعب الجميع الدرس واستفادوا من أخطائهم؟”.
وينبه الإعلامي حافظ الميرازي إلى خطأ الوقوع في إنكار تضحيات رجال الجيش والشرطة في إطار الدفاع عن ثورة يناير ضد مهاجميها.. وكتب الميرازي يقول “يجب ألا يدفعنا تشويه النظام المضاد للثورة في مصر لذكرى ثورة 25 يناير الخالدة إلى التقليل من جانبنا لذكرى تضحيات الشرطة المصرية ودورها الوطني حين كانت مع الشعب ضد المستعمر الأجنبي قبل انقلاب يوليو 1952”.
ويضيف الميرازي “بل حتى خلال ثورة يناير 2011 وقف ضباط شرطة شرفاء مثل اللواء محمد البطران والمقدم عمر الدردير ضد مؤامرة نظام مبارك لفتح السجون وإحداث فوضى لتخويف الشعب، خصوصا من السجناء الجنائيين. ودفعوا ثمن ذلك بحياتهم أو وظيفتهم”.
حساب باسم “أميرة”، أعاد نشر مقطع لاستشهاد أحد الثائرين خلال يناير، وعلّق الحساب على الفيديو “السلام على ثورة يناير و علي من آمن بها ومن مات فداءً لها،
نرددها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. لقد مسَّنا الحُلم مرة وستبقى تلاحقنا دومًا ذكرى ثورة 25 يناير.
المحامية الحقوقية، ماهينور المصري، أعادت نشر تغريدة سابقة لاحتفال سابق بثورة يناير كانت تقول فيها “كل 25 يناير وكل اللي بيحلموا بعالم إنساني وأفضل، بخير وموجودين وعارفين عدوهم وما بيقدوش إنسانيتهم، كل سنة وإحنا شايفين 25 يناير طوبة في بناء كبير هيفضل سنين.. النصر والهزيمة حاجات وقتية واللي حاسس إنه مهزوم النهاردة بكرة يبقى منتصر واللي منتصر النهاردة بكرة يبقى مهزوم، المهم محاولاتنا في الاستمرار وفي الفهم ونفد نفسنا وتطويرها”.
ترافقًا مع التغريدة علقت ماهينور بالقول “كل سنة و احنا ما بنزهقش، ممكن نتعب شوية بس نفضل نحاول، كل سنة و المحاولة بتغلب الهيمنة.. ٢٥ يناير حتفضل رعب للنظام اللي عارف أنه عدو للشعب. ومهما بان في يوم أن في المعادلة الأمل والحلم الأضعف حيفضلوا هما الحل وحنفضل نحاول”.
بينما نشر حساب باسم “أحمد عماد”، مقطع فيديو لعدد من شهداء الثورة، وكتب “عظموا شهداء يناير.. اذكروهم.. احتفلوا بأحداثها انشروا كل فيديوهات يناير.. افتخروا بكل أحداثها.. متخلوش حد يشوه صورتها.. إحنا شاهدين على كل لحظه في يناير.. عرفوا الجيل الصغير أنها كانت أطهر وأنبل حدث في مصر قبل ما تتسرق مننا.. المجد كل المجد لشهداء 25 يناير”.
على المستوى الحزب، إلى جانب المستوى الشعبي، مازالت الاحتفالات مستمرة فحزب التحالف الشعبي الاشتراكي برئاسة مدحت الزاهد يقيم احتفالا يوم السبت 27 يناير بهذه المناسبة يحييها الفنان أحمد إسماعيل، وخلال الاحتفالية يُهدي الحزب “درع شيماء الصباغ” لأحد الشباب/ الشابات المنتمين للثورة والذين لهم دور فاعل في النضال من أجل “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية”.
أما حزب المحافظين فقد أعن عن برنامج لإحياء ذكرى الثورة تشمل فقرات شعرية غنائية وكلمات عن يناير ومشاركات من الجمهور، ويتحدث خلال الاحتفال الكاتب محمد عز الدين، النائب طلعت خليل، الأستاذة كريمة الحفناوي، الأستاذ طارق صدقي، المهندس أكمل قرطام، المهندسة لميس خطاب، الأستاذ حمدين صباحي، المهندس كريم عبد العاطي.
مازالت ثورة يناير حيّة “شعبيًا” في قلوب الحالمين، ويومًا ما ستكون حية “رسميًا”.. فلا يذكر التاريخ أن هناك من استطاع أن يقضي على تطلعات شعب.