لجنة حماية الصحفيين: مقتل 278 صحفيا خلال 10 سنوات بسبب عملهم.. مرتكبو 81% منها أفلتوا من العقاب

استهداف 22 صحفياً بالقتل في 2020.. والرقم قابل للزيادة في 2021

 3 بلدان عربية في قائمة مؤشر الإفلات من العقاب.. وجنوب السودان وأفغانستان في المرتبتين الرابعة والخامسة

كتب- محمود هاشم: 
كشفت لجنة حماية الصحفيين عن مقتل 278 صحفياً في جميع أنحاء العالم بسبب عملهم خلال فترة السنوات العشر الماضية، وفقا للمؤشر العالمي للإفلات من العقاب لعام 2021 الذي أصدرته اللجنة، والذي يسلط الضوء على البلدان التي يُستهدف فيها الصحفيون بالقتل ويظل مرتكبو الجرائم أحراراً طلقاء.
كانت الفترة عصيبة تضمّنت حرباً أهلية في سوريا، واحتجاجات واسعة النطاق ضد الحكومات العربية، وهجمات ضد العاملين الإعلاميين شنتها جماعات متطرفة وعصابات الجريمة المنظمة.

وأوضحت اللجنة في بيان، أنه في 226 من هذه الحالات، أو 81% منها، سجّلت لجنة حماية الصحفيين إفلاتاً تاماً من العقاب.

وعلى صعيد العالم، استُهدف ما لا يقل عن 22 صحفياً بالقتل في عام 2020 انتقاماً منهم على عملهم، بزيادة تفوق ضعفي مجموع جرائم القتل التي وقعت في عام 2019. أما في عام 2021، فإن عدد جرائم قتل الصحفيين يقترب تدريجاً من عدد الجرائم التي وقعت في عام 2020، بيد أن التقلب السياسي في أفغانستان وغيرها من البلدان التي يرتفع فيها مستوى الخطر تجعل من الصعب توقع المجموع النهائي لجرائم القتل في عام 2021.

كانت لجنة حماية الصحفيين قد أصدرت في عام 2014 تقريراً بعنوان “الطريق نحو العدالة” للبحث في أسباب الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين، ولتحديد حلول محتملة لهذه الظاهرة، وقد وجدت اللجنة آنذاك أن القتلة أفلتوا من العقاب في 9 من كل 10 جرائم قتل بين عامي 2004 و2013.

وما يُبرِز الطبيعة المزمنة لهذا النقص في المساءلة، أن جميع البلدان الـ 12 التي تظهر على المؤشر هذا العام ظهرت عليه عدة مرات منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بتصنيف البيانات للمرة الأولى في عام 2008، وظهر 7 من هذه البلدان على المؤشر في كل سنة صدر فيها.

وظل الصومال أسوأ بلد من حيث جرائم قتل الصحفيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها، وفقاً للمؤشر العالمي للإفلات من العقاب الذي تصدره لجنة حماية الصحفيين سنوياً، 
ولم يُظهِر المؤشر سوى تغييراً ضئيلاً من السنة السابقة، فقد تبِعَ الصومال كل من سوريا والعراق وجنوب السودان، على التوالي، واحتلت هذه البلدان أسوأ 4 مرتبات على القائمة، فقد أدت النزاعات، والاضطرابات السياسية، وضعف الآليات القضائية إلى إدامة حلقة العنف ضد الصحفيين.

وتغطي آخر البيانات الفترة ما بين 1 سبتمبر 2011 حتى 31 أغسطس 2021، إلا أنها لا تعكس على نحو كامل الخطر المتزايد الذي يواجهه الصحفيون في أفغانستان. 
واحتلت أفغانستان المرتبة الخامسة، وهي المرتبة نفسها التي احتلتها في السنتين السابقتين. وبينما لم تتغير مرتبة البلد على المؤشر، إلا أن الوضع على الأرض تدهور بسرعة للمراسلين الصحفيين في عام 2021 بعد أن سيطرت حركة طالبان على البلد في منتصف أغسطس أثناء انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي وفرار الرئيس أشرف غني. 
وفر مئات الصحفيين من البلد بسبب خشيتهم من السجل الوحشي لحركة طالبان في مجال حرية الصحافة، وما قد يعنيه حكم هذه الحركة بالنسبة لأمن الصحفيين.
كان أمر تحقيق العدالة للصحفيين الـ17 الذين قتلوا في أفغانستان في فترة المؤشر الممتدة 10 سنوات أمراً صعب المنال أصلاً، وقد يصبح إفلات الجناة من العقاب راسخاً بقدر رسوخه في الصومال والبلدان الأخرى التي تتصدر المؤشر.
وحسب اللجنة، أخذ النظام القضائي في أفغانستان بالانهيار، وثمة تقارير من أفغانستان تفيد بأن المحاكم مغلقة، والمحامين يفرون من البلد، والقاضيات النساء يُجبرن على الاختباء. بالإضافة إلى ذلك، تبدو قيادة حركة طالبان أقل اهتماماً من الحكومة الأفغانية السابقة بالاستجابة للدعوات المحلية والدولية بإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في البلد بخصوص الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.
وتبيّن بعد بضعة أيام من فرض حركة طالبان سيطرتها على البلد بأن الوعود التي أطلقها قادة الحركة بحماية حرية الصحافة هي وعود فارغة من المعنى، إذ ارتكب مقاتلو الحركة عشرات الانتهاكات ضد العاملين الإعلاميين، بما في ذلك الضرب والاحتجاز القسري. وبما أن اثنين على الأقل من الصحفيين الخمسة الذين قُتلوا في عام 2020 – المراسل الإذاعي إلياس داي والمراسل المستقل رحمة الله نكزاد – تلقيا تهديدات من حركة طالبان قبل مقتلهما، فتبدو الفرصة ضئيلة بأن الحكومة الأفغانية الجديدة ستسعى لمحاسبة القتلة.
وظل الصحفيون الأفغان مهددين أيضاً بالاستهداف من مقاتلي تنظيم داعش، وأعلن التنظيم عن مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف الإعلام في أبريل 2018 وأدى إلى مقتل 9 صحفيين على الأقل.

كما أعلنت الجماعة عن مسؤوليتها عن القتل الانتقامي الذي استهدف صحفيين من بينهم الصحفية ملالا مايواند في أواخر عام 2020. وفي الأسابيع التي تلت سيطرة حركة طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021، أعلن تنظيم الحركة الإسلامية في خراسان أنه مسؤول عن سلسلة اعتداءات فتاكة – بما في ذلك اعتداء في مطار كابول واعتداءات أخرى استهدفت حركة طالبان.
وتحتل المكسيك المرتبة السادسة على المؤشر للسنة الثانية على التوالي. ورغم صدور أحكام إدانة رئيسية في جريمتي قتل الصحفي خافيير فالديز كارديناس والصحفية ميروسلافا بيرتش فيلدوسيا في عامي 2020 و 2021، ظلت وسائل الإعلام مُستهدفة وبمستوى مثير للقلق. فلغاية 31 أغسطس، وجدت أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن ثلاثة صحفيين على الأقل قُتلوا في المكسيك بسبب عملهم في عام 2021 وأفلت الجناة من العقاب إفلاتاً تاماً؛ وكان أربعة صحفيين قد واجهوا المصير نفسه في عام 2020، وهذا العدد يأتي في الترتيب الثاني بعد أفغانستان.

تحسنت مرتبة بنغلاديش بمرتبة واحدة على المؤشر في هذا العام واحتلت المرتبة 11، بسبب أحكام الإدانة التي صدرت في فبراير بخصوص جريمتي قتل وقعتا في عام 2015 وذهب ضحيتهما المدون العلماني أفيجيت روي، وناشره فيصل أرفين ديبان. فقد صدرت أحكام إعدام بحق عدة أفراد منتسبين للجماعة المتطرفة المحظورة أنصار الإسلام، وذلك بسبب دورهم في جرائم القتل هذه. (لا تؤيد لجنة حماية الصحفيين عقوبة الإعدام، وقد ناشدت السلطات البنغالية أن تصدر إحكاماً “إنسانية” أثناء دعوى الاستئناف.)
شهد عام 2021 أيضاً إصدار أحكام أو تطورات إيجابية في قضيتي قتل معروفتين تتضمنان بلداناً غير واردة على المؤشر. ففي مالطا، وجّهت السلطات في أغسطس اتهامات لرجل الأعمال يورغين فينتش بسبب دوره المزعوم في جريمة قتل الصحفية الاستقصائية دافين كاروانا غاليزيا في عام 2017، فيما يُعتبر “نقطة تحول في السعي لتحقيق العدالة”، على حد تعبير كورين فيلا، شقيقة الصحفية القتيلة.

وفي سلوفاكيا، ألغت المحكمة العليا في يونيو أحكام البراءة التي صدرت بحق متهمين في جريمة القتل التي وقعت في عام 2018 وذهب ضحيتها الصحفي الاستقصائي جان كوسياك وخطيبته، مما يُعد تصويباً لتراجع في تحقيق العدالة لهذا الصحفي الذي استُهدف بالقتل – مثل الصحفية دافين كاروانا غاليزيا – بسبب تغطيته للفساد في الاتحاد الأوروبي.
ولا يتضمن هذا المؤشر حالات قتل الصحفيين أثناء الأعمال الحربية أو حالات الوفاة التي تحدث أثناء أداء مهمات خطرة مثل تغطية الاحتجاجات في الشوارع التي تتحول إلى العنف.
وتُعد الحالات بأنها لم تُحل عندما لا يتم الوصول إلى حكم إدانة ضد مرتكبي الجريمة، حتى لو تم تحديد المشتبه بهم واعتقالهم. أما الحالات التي يُدان فيها بعض مرتكبي الجريمة، ولكن ليس كلهم، فتُصنَّف بأنها إفلات جزئي من العقاب. كما تُصنف الحالات التي يُقتل فيها المشتبه بهم أثناء القبض عليهم بأنها إفلات جزئي من العقاب أيضاً. ويقتصر المؤشر على جرائم القتل التي تمت بإفلات كامل من العقاب. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *