كيف تناولت وسائل الإعلام العالمية حادث كنيسة إمبابة: مخاوف من إجراءات الأمن والسلامة.. وأزمة بناء الكنائس تطل كأحد الأسباب
نيويورك تايمز: الكنيسة كانت في حالة سيئة مثل العديد من دور العبادة .. والمأساة جددت الانتقادات للحكومة حول معايير السلامة وضعف الرقابة
أ ف ب: شهود عيان أكدوا أن سيارات الإسعاف كانت بطيئة في الوصول على عكس تصريحات السلطة
أسوشيتد برس: المسيحيون لجأوا للبناء بشكل غير قانوني بسبب رفض السلطات منح تصاريح بناء الكنائس في أغلب الأوقات
مسئول حكومي لـ أسوشيتد برس: سنراجع جميع إجراءات السلامة في الكنائس خاصة الموجودة في الأحياء الفقيرة
كتب – أحمد سلامة
اهتمت الصحف ووكالات الأنباء العالمية، خلال الساعات الماضية، بحادث كنيسة أبي سيفين الذي وقع في حي إمبابة بمحافظة الجيزة وأسفر عن وفاة 41 مواطنا وإصابة 14 آخرين، حسب الإحصاءات الرسمية، مشيرة إلى أنه بات هناك مخاوف تتعلق بـ”السلامة والأمان” بعد اندلاع هذا الحريق المميت.
وفي تقرير لـ”بي بي سي”، قال الموقع الإخباري إن “ما لا يقل عن 15 طفلا من بين 41 شخصا قتلوا عندما شب حريق في كنيسة قبطية مسيحية في حي إمبابة -المكتظ بالسكان والذي يضم كثير من المنتمين للطبقة العاملة- خلال احتفالهم بالقداس صباح ذلك اليوم”، لافتة إلى أنه كان هناك العديد من الأطفال الذين يحضرون دروسًا”.
ونقلت “بي بي سي” عن وزارة الصحة قولها إن معظم الوفيات نجمت عن استنشاق الدخان وكذلك تدافع عندما اندفع الناس للفرار من الكنيسة عبر مخرج مغلق، مشيرة إلى أن المحققين يعتقدون أن الحريق بدأ بعد ماس كهربائي.
من جانبها، نقلت “نيويورك تايمز” وقائع الحادث، كما نقلت تصريحا لـ القس موسى إبراهيم المتحدث باسم الكنيسة قال فيه إن جميع الأطفال الذين ماتوا يوم الأحد تتراوح أعمارهم بين 5 و 13 عاما، مُشيرًا إلى أن الحريق نشأ عن مولد كهربائي يستخدم في الكنيسة.. لكن الصحيفة أضافت أن الكنيسة “مثل العديد من دور العبادة القبطية، كانت في حالة سيئة”.
وتابعت “لطالما اشتكى الأقباط من كونهم ضحايا للتمييز على أساس ديانتهم. أحد جوانب هذا التمييز هو القيود الحكومية على بناء وترميم وإصلاح الكنائس في الدولة ذات الأغلبية المسلمة. أدت هذه القيود إلى ترك العديد من المباني في حالة سيئة وجعلتها من مخاطر الحريق، ومع ذلك، فإن خلل الأسلاك أمر شائع أيضًا في مصر، وكذلك الحرائق المدمرة. وبتأكيد شهود عيان فإنه لا توجد مخارج حريق طارئة على ما يبدو في الكنيسة، وهو ما قد زاد عدد القتلى”.
وتستكمل الصحيفة “في الحي الفقير المترابط في القاهرة حيث اندلع الحريق، كان السكان المسلمون من بين أولئك الذين ساعدوا في إنقاذ الناجين من الحريق. وقال سكان مسلمون إن جيرانهم المسيحيين كانوا جزءًا مهمًا من المجتمع، وأعربوا عن أسفهم لسقوط ضحايا يوم الأحد، والتي شملت الأسقف الذي كان يردد القداس في الخدمة، عبد المسيح بخيت”.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول “أثارت المأساة تساؤلات في بلد تعرضت حكومته منذ فترة طويلة لانتقادات بسبب تراخي معايير السلامة وضعف الرقابة”.
أما “أ ف ب” فقد قالت في تقرير أصدرته أن الحريق كان أكثر الحوادث دموية في مصر في السنوات الأخيرة، فيما ألقت السلطات باللوم في الحريق على ماس كهربائي في وحدة تكييف الهواء، لكن شهود عيان أشاروا أيضا إلى عطل في مولد كهرباء استخدمته الكنيسة أثناء انقطاع التيار الكهربائي.
ونقل التقرير عن شهود عيان قولهم إن سيارات الإسعاف كانت بطيئة في الوصول، مما تسبب في المزيد من الوفيات، على الرغم من أن السلطات قالت إن أول سيارة إسعاف وصلت في غضون دقائق بعد الإبلاغ عن الحريق.
وتحت عنوان “مخاوف تتعلق بالسلامة بعد اندلاع حريق مميت في كنيسة في مصر” كتبت واشنطن نقلت واشنطن بوست عن شهود أنهم رووا مشاهد مروعة لأشخاص يقفزون من النوافذ، وتدافع في القاعة الرئيسية للكنيسة والسلالم، والأطفال يرقدون بلا حراك وسط النار والأثاث المحترق، لافتين إلى أن ذلك حدث جزء كبير منه بسبب غياب معايير الأمن والسلامة.
وحسب وكالة “أسوشيتد برس” فقد ألقى الأنبا أنجيلوس، رئيس أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في لندن، باللوم على القيود المفروضة على بناء الكنائس التي أجبرت المسيحيين على تحويل المباني السكنية إلى أماكن للعبادة.
وكتب أن المأساة “هي نتيجة مباشرة لوقت مؤلم لم تتمكن فيه المجتمعات المسيحية من بناء كنائس مصممة لهذا الغرض، وكان يتعين عليها استخدام مبانٍ أخرى سرًا غير مناسبة لهذا الغرض وتفتقر إلى ميزات الصحة والسلامة الضرورية وعمليات الهروب”.. حسبما نقلت أسوشيتد برس.
كان بناء الكنائس على مدى عقود من أكثر القضايا الطائفية حساسية في مصر ، حيث 10٪ من السكان البالغ عددهم 103 ملايين هم من المسيحيين ، ولكن حيث يعارض المتشددون المسلمون بشدة أي شيء يرون أنه يقوض ما يسمونه “الطابع الإسلامي للبلاد”، تضيف الوكالة.
وتستكمل أسوشيتد برس “في الماضي، رفضت السلطات المحلية في كثير من الأحيان منح تصاريح بناء لكنائس جديدة، خوفًا من الاحتجاجات وأعمال الشغب من قبل المحافظين المسلمين المتطرفين. وسط هذه القيود، لجأ المسيحيون إلى البناء بشكل غير قانوني أو إقامة الكنائس في مبان أخرى، مثل قضية الشهيد أبو سيفين”.. مشددة على أن العديد من الكنائس “تفتقر إلى التراخيص ولا تخضع لقانون السلامة”.
ونقلت الوكالة عن من وصفته بـ”المسئول الحكومي الكبير”، يوم الاثنين، أن السلطات بالتنسيق مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ستراجع جميع إجراءات السلامة في الكنائس في جميع أنحاء البلاد وخاصة تلك الموجودة في الأحياء الفقيرة في القاهرة.. لافتة إلى أن المسؤول تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
وألمحت الوكالة إلى التضارب بين تصريحات أقارب الضحايا والمسئولين الرسميين في مصر، حيث نقلت عن ذوي الشهداء والمصابين قولهم إن سيارات الإسعاف ورجال الإطفاء استغرقوا وقتًا طويلاً للوصول، لكن وزير الصحة خالد عبد الغفار قال إن أول سيارة إسعاف وصلت إلى الموقع بعد دقيقتين من الإبلاغ عن الحريق.
كان القمص موسى إبراهيم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، قد قال إن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بدأت منذ مساء أمس الأحد، أعمال ترميم كنيسة أبو سيفين بمنطقة مطار إمبابة، ومن المقرر الانتهاء من الأعمال في وقت قياسي.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية لـ”درب”، أن كنيسة أبو سيفين تضم بالفعل وسائل حماية وسلامة من الحرائق إلا أن تزايد أعداد المصلين، وتزامن الحريق مع يوم القداس، ساهم في زيادة أعداد الضحايا.
وتابع “نعمل في الوقت الحالي على أحد المحاور الهامة لتقليل ضحايا حوادث مشابهة محتملة، عن طريق العمل على زيادة أعداد الكنائس لتقليل الكثافات الزائدة على المنشآت الكنسية الموجودة بالفعل، وهو الأمر الذي تتجاوب معه الدولة بالفعل”.
في سياق متصل، أكد مصدر كنسي صحة واقعة صلاة القمص عبدالمسيح بخيت، في هيكل الكنيسة في أثناء الحريق، موضحا أن الكاهن أكمل الصلاة بعد إخباره بأن الحادث ماس كهربائي بسيط، إلا أنه قطع الصلاة بعد تصاعد الدخان وألسنة اللهب، قبل أن يلقى حتفه تأثرا بإصابته في الحادث.
كان قداسة البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكرازة المرقسية، وبابا الإسكندرية، تطرق في مداخلة تليفزيونية، مساء الاثنين، إلى أثر قلة مساحة كنيسة إمبابة على زيادة أعداد ضحايا الحادث، مؤكدا أنها نقطة جوهرية يجب وضعها في الحسبان.
وأشار في مداخلة أخرى، على قناة مارمرقس القبطية، إلى أنه ظل منذ وقوع الحادث، وعلى مدار اليوم، يتابع مع الآباء أساقفة الجيزة ومع الجهات المعنية بمحافظة الجيزة ووزارة الصحة وغيرها من الجهات كافة التفاصيل والتطورات الخاصة بالحادث، وأنه طلب توزيع الضحايا على أكثر من كنيسة نظرًا لكبر عددهم لتتاح فرصة مناسبة للصلاة عليهم، حيث لن تستطيع كنيسة واحدة استيعابهم جميعًا.