“كابوس نريده أن ينتهي”.. زوجة خالد صادق المحبوس في “أحداث مجلس الوزراء” تروي معاناة غيابه وحلمها بالعفو عنه: عايزينه يرجع لحضننا
الزوجة شيماء المقدم: خالد صادق ضحية في الأحداث.. رموه في المستشفى بعد الضرب والتعذيب وتمت كلبشته في رجله رغم إصابته بنزيف
المهندس خالد صادق مقبوض عليه منذ أغسطس 2021 وصدر ضده حكما بالسجن 7 سنوات في إعادة المحاكمة بعد الحكم الغيابي بالمؤبد
أريد أن يعود خالد مرة أخرى لحياته وبيتنا البسيط وطفله التي تحتاجه في حياتها.. بيتنا دايما كان مفتوح لكل الناس والناس تحب تجيلنا
الزيارة الوحدة بتكلفنا 3 ألاف جنيه غير الانتظار لـ7 ساعات حتى نزوره 10 دقائق فقط بخلاف مصاعب الطريق لوادي النطرون كل زيارة
كتب- درب
“كابوس نريده أن ينتهي، وأريد أن يعود خالد إلى حضني وحضن ابنته”.. هكذا وصفت شيماء المقدم، زوجة المهندس خالد صادق، المحبوس في قضية أحداث مجلس الوزراء، حياتها وحياة طفلته بدونه منذ القبض عليه قبل عام تقريبا وإعادة محاكمته وحبسه.
معاناة تعيشها الزوجة منذ شهور طويلة، بين فقدان زوج وشريك حياة ومصاعب زيارات وانتقالات لزيارة لا تتجاوز الـ10 دقائق، فضلا عن آلم الغياب وصعوبة الحياة في وجود طفلة تحتاج لوالدها لكي يربيها ويدعمها.
هذا ما حكت عنه الزوجة في رسالة إلى “درب”، متمنية إدراج اسم زوجها الصادر ضده حكما بالسجن 7 سنوات في إجراءات محاكمته بعد حكم غيابي سابق بالسجن المؤبد 25 عاما، حيث استغاثت بالجميع لترى اسم زوجها في قوائم العفو عن المحبوسين.
وتعود أحداث مجلس الوزراء إلى ديسمبر 2011 بعد أن قام عدد من القوى السياسية والمتظاهرين بالاعتصام أمام مجلس الوزراء بوسط القاهرة، فيما قامت بعد ذلك قوات الأمن بفض الاعتصام والقبض على عدد من المتظاهرين ومحاكمتهم عقب ذلك.
وصدرت أحكام لعدد من المتهمين في القضية وصلت إلى المؤبد 25 عاما والمشدد 15 عاما، فيما يتم إعادة محاكمة أي شخص يتم القبض عليه ضمن إجراءات إعادة المحاكمة خاصة وأن أغلب الأحكام في القضية صدرت غيابيا لعدم وجود المتهمين.
وقالت شيماء المقدم، زوجة المهندس خالد صادق، إن زوجها تم القبض عليه في أغسطس 2021، أي بعد 10 سنوات من أحداث مجلس الوزراء، وتمت وقتها إعادة الإجراءات في المحاكمة التي انتهت في فبراير 2022 بالسجن 7 سنوات على خالد وغيره من المحبوسين في القضية.
ونقلت الكاتبة الدكتورة أهداف سويف، في مقالها المنشورة بتاريخ 18 ديسمبر 2014 على صحيفة الشروق، شهادة تعرض المهندس خالد صادق للضرب والانتهاكات عقب القبض عليه آنذاك وأيضا وفاة أحد المقبوض عليهم معه والذي جمعه به كلبش واحد.
وتنقل د. أهداف عن خالد قوله “كنا في حالة إعياء شديدة ونزيف، وتم نقلنا أنا وشاب يدعى (محمد محيي) في كلبش واحد إلى النيابة، ولكنني عرفت بعد ذلك أنه فارق الحياة متأثرا بجراحه ونزيفه طوال الطريق”.
وقالت الزوجة: “خالد مش مع رقية في عيدها الثالث، كما تعودنا منذ أن كانت نطفة في بطني.. اتفقنا إننا هنربيها سوا، وأننا نعلمها كل حاجة من سلوكيات وصح وخطأ وعدل ومساواة بين البشر، تعرف ايه حقوقها وواجباتها.. والأصول وصلة الرحم، كل ده اختفى ف لحظة ما، منذ ما يقرب من سنة.. وتحديداً في عصر ١١ اغسطس ٢٠٢١، لما جه ضابط قسم شرطة السيدة زينب خد خالد قدام عين رقية ومن ايدي عشان ينفذ حكم المؤبد وبعد مرور ١٠ سنوات على قضية سياسية انتهت قبل حكم الإخوان، حضروا عشان يقولولنا كفاية كده عليكوا الأيام الحلوة اللي كنتوا عايشنها سوا”.
وتقول: “كان خالد ضمن المجني عليهم في الأحداث ورموه في المستشفى بعد الضرب والتعذيب وتمت كلبشته في رجله برغم كم الإصابات الموجودة بجسمه والنزيف المتواصل، وآثار العمليات والتعذيب لسه موجودة حتى الآن على جسمه واضحة وضوح الشمس.. وبرغم من ذلك أصبح متهما، وبعد إخلاء سبيل وعدة تأجيلات لجلسات للقضية، حكمت المحكمة غيابيا على من كانوا في القضية منهم خالد صادق بالمؤبد ٢٥ سنة في أول مرة، قبل أن يتم القبض عليه مجددا وإعادة الإجراءات والحكم بالحبس 7 سنوات”.
وأضافت: “بعد صدور الحكم في فبراير ٢٠٢٢ وبعد حوالي شهرين تم تفعيل لجنة العفو الرئاسي من قبل السيد الرئيس في إفطار الأسرة المصرية.. ووعد فيها خروج كل معتقلي الرأي أو سجين لم تتلوث يده بالدماء، ولم يتورط في أعمال إرهابية، ومنذ ذلك الحين، نتوقع في أي وقت وأي مناسبة سماع اسم خالد بين صفوف المفرج عنهم في قوائم العفو، لكن هذا لم يحدث من وقتها”.
وقالت شيماء المقدم أن زوجها خالد خريج كلية الهندسة وعمره ٣٦ سنة، وتزوجا منذ ٢٠١٥، وأنه يعمل مديرا لفريق تطوير البرمجيات والبرامج بإحدى الشركات الكبرى بالقاهرة، ولم يكن يعلم أن ما حدث (من اعتصام سلْمي ومطالبته بمطالب بسيطة) في ٢٠١١ يدفّعه ثمن حياته وعمره خلف السجن”.
وقالت الزوجة: “أريد أن يعود خالد مرة أخرى لحياته وبيتنا البسيط، بيتنا دايما كان مفتوح لكل الناس، والناس تحب تجيلنا عشان تأكل أكلة حلوة من ايدي ومناقشاتنا في مواضيع مختلفة سوا وعشان تشوف روكا بنتنا ويلعبوا معها، وفي آخر اليوم نعمل فيشار ونتفرج على فيلم.. حياة بسيطة خفيفة هادئة، أصبحت الآن محرومة منه.. ترتيب لحياة أخرى.. تحويش كل ما نملك عشان زيارات السجن والباقي يا دوب للأكل والشرب أنا وبنتي”.
وتحكي الزوجة: “هل يعقل شاب في منتصف عمره يضيع منه سبع سنوات بدون اي وجه حق، بعد صدور الحكم في فبراير ٢٠٢٢ وبعد حوالي شهرين تم تفعيل لجنة العفو الرئاسي من قبل السيد الرئيس في إفطار الأسرة المصرية.. ووعد فيها خروج كل معتقلي الرأي أو سجين لم تتلوث يده بالدماء، ولم يتورط في أعمال إرهابية، ومنذ ذلك الحين، نتوقع في أي وقت وأي مناسبة سماع اسم خالد بين صفوف المفرج عنهم في قوائم العفو، لكن هذا لم يحدث من وقتها”.
وروت الزوجة معاناتها مع زيارات السجن، بين مسافة طويلة ومصاريف كبيرة تتكبدها في سبيل إدخال مستلزمات وأكل وأدوات تساعده على الحياة في سجن وادي النطرون القديم على طريق الإسكندرية الصحراوي.
وقالت الزوجة فيما يخص الزيارات: “وقفة في البرد لو شتا أو في عز الحر في الصيف لمدة تتراوح من ٤ لـ ٧ ساعات، بعدين من ساعة لساعة ونص انتظار أدوار للتفتيش، بعدين التفتيش وبعدين انتظار عشان يجولنا، وكل ده في النهاية عشان ١٠ دقائق فقط تسمعوا بعض من ورا السلك اللي بينك وبينه متر ونص.. أو تقعد معه لما شالوا السلك”.
وأكملت: “الزيارة الواحدة بتعدي 3 ألاف جنيه، غير ترتيبات السفر وحجز عربية تودينا وتجيبنا، همه قاعدين في غرفة صغيرة برضه ٢٠ فرد، مفيش خصوصية.. مفيش براح.. مفيش تريض إلا وقت بسيط جدا في اليوم”.
واختتمت الزوجة شهادتها قائلة “نفسي خالد يرجع لي.. نفسي ماروحش هناك ثاني.. نفسي نعيش حياتنا ونلحق نكمل اللي فاضل من حياتنا بشكل طبيعي.. نربي روكا وتشبع من باباها، اللي هي معتقدة لحد دوقتي أنه نزل الشغل ولسه مارجعش، ولما تعلمت الدعاء بقت تقول ربي بابا يجي”.
يذكر أن أحداث مجلس الوزراء والتي وقعت في ديسمبر 2011 شهدت استشهاد 17 متظاهرا، بينهم الشيخ عماد عفت وطالب الطب علاء عبد الهادي وآخرين ممن سقطوا في الاحتجاجات التي شهدها محيط مجلس الوزراء آنذاك.
وألقت قوات الأمن القبض على مئات المتظاهرين وتمت إحالة ما يقرب من 270 متهما إلى المحاكمة الجنائية، بينهم الناشط السياسي أحمد دومة، الذي صدر حكم نهائي بسجنه 15 عاما في القضية نفسها، قضى أكثر من نصفها منذ القبض عليه في 2013.